ثلاث استراتيجيات يقوم عليها التسويق التعاطفي

5 دقائق
التسويق التعاطفي
أليكس ابين ماير
استمع الى المقالة الآن هذه الخدمة تجريبية
Play Audio Pause Audio

ملخص: وصل التسويق التعاطفي إلى مفترق طرق عام 2020، عندما أدى تفشي جائحة فيروس كورونا المستجد إلى إرغام الكثير من العلامات التجارية على الاستجابة للمأساة التي داهمت العالم أجمع، وقد استطاع بعضها التعبير عن المشاركة الوجدانية بنجاح، فيما باءت جهود الكثير منها بالفشل الذريع في هذا الصدد. وهذا لا يعني بحال من الأحوال أن العلامات التجارية بحاجة إلى التخلي عن استغلال فكرة المشاركة الوجدانية في عملياتها التسويقية، وذلك لأن المصداقية والتواصل النابعين من القلب باتا أكثر أهمية من أي وقت مضى. ومن هذا المنطلق تنصح كاتبة المقالة باتباع 3 استراتيجيات تساعد العلامة التجارية على التواصل الحقيقي وبصدق مع العملاء: 1) راقب الاتجاهات الجديدة، 2) امنح العملاء إمكانية الاختيار، 3) حدِّد المعايير من خلال التصميم البصري للرسائل.

 

تشكّل المشاركة الوجدانية حجر الأساس في استراتيجيات التسويق الفعَّالة، لكن لا يتم توجيهها دائماً الوجهة الصحيحة. فبعد تفشي جائحة فيروس كورونا المستجد مباشرة، ركب خبراء التسويق موجة “الأوقات غير المسبوقة”، ونشروا رسالة تلو الأخرى لدعم العاملين في الخطوط الأمامية وأعلنوا تكاتفهم وتلاحمهم معهم. لكن بعد مرور عامين من الزمن، فإن هذه النوعية من الرسائل الجماعية تبدو جوفاء في ظل المأساة التي داهمت العالم أجمع. بيد أن هذا لا يعني أن إبداء العاطفة والتواصل من قِبَل القائمين على العلامات التجارية ليسا ضروريين، بل على العكس تماماً.

إذ إن إبداء المشاركة الوجدانية الحقيقية يعني الاتصاف بالصدق، كما يعني أيضاً أن حملات التسويق العاطفية التي تم تدشينها لاغتنام اللحظات الفارقة غير صادقة في أحسن الأحوال ومتلاعبة بمشاعر المستهلكين في أسوأ الأحوال. أمّا المشاركة الوجدانية الصادقة فهي تلك التي تخلق روابط حقيقية بين العلامات التجارية والعملاء.

وقد تميّزت شركتا نايكي وإيكيا بإعلاناتهما التي تقوم على رواية القصص المشحونة بالعاطفة في بداية الجائحة. لكن الكثير من العلامات التجارية الأخرى، بدايةً من شركات الأزياء التي حاولت بيع الملابس الجديدة من أجل قضاء “إجازات محلية” فاخرة وصولاً إلى شركة لون (Loon) التي قدّمت خصماً بنسبة 20% على مشتريات السجائر الإلكترونية مع رمز برمجي ترويجي “ابق آمناً”، على سبيل المثال لا الحصر، قد حاولت بكل قوتها أن تروّج لرسالة مفادها: “نحن نقف معك في المحنة”، غير أنها لم تحقّق إلا القليل من النجاح أو لم تحقّق أي نجاح يُذكَر في هذا السياق.

وتحقيقاً لهذه الغاية، يمكن أن تساعدك الاستراتيجيات الثلاث التالية على إضفاء الطابع الشخصي على رسائلك وإثارة حالة من التعاطف الحقيقي وتكوين علاقات قوية مع العملاء:

1. راقب الاتجاهات الجديدة

إذا كانت السنوات القليلة الماضية قد علمتنا شيئاً، فهو أن الكثير من الأمور يمكن أن يتغير خلال فترة قصيرة من الزمن. وبوضع هذه الحقيقة في الاعتبار، فإنك مُطالب بمواكبة رغبات عملائك واحتياجاتهم وإدراك المشكلات المستعصية عليهم أولاً بأول، وإلا فإنك ستبدو عاجزاً عن ملامسة الواقع الذي يعيشونه.

وتتوقف الطرائق التي تتفاعل بها مع العملاء لجمع هذه المعلومات على عدد من العوامل المختلفة، ومن أهمها القطاع الذي تعمل فيه وإذا ما كانت مؤسستك تعتمد على التعامل التجاري بين الشركات أو شركة تجارية موجهة للمستهلك. لكن عليك أن تتأكد من تحقيق التوازن بين ما يسمى “البيانات السردية” (أي الأدلة المستندة إلى التفضيلات الشخصية المُعلَنة بدلاً من البيانات السلوكية في العالم الحقيقي) والبيانات المتعلقة بالقرارات الفعلية التي يتخذها الأفراد.

وتختلف التفضيلات الحقيقية للأفراد في بعض الأحيان عن تفضيلاتهم المُعلَنة لأن البشر يميلون إلى الإجابة عن الأسئلة من منطلق سماتهم الشخصية المثالية. لذا قد يدعي أحدهم أنه شغوف بالاستماع لشبكة الراديو الوطنية الأميركية العامة إن بي آر (التفضيل المُعلَن) عندما يستمع إلى إحدى أغنيات بريتني سبيرز في أثناء تنقلاته الصباحية (التفضيل السلوكي).

على سبيل المثال، إذا كنتَ تدير شركة للتجارة الإلكترونية تركز على مُنتَج أو نشاط معين، فيمكنك توظيف مجموعات مركزة وتطلب من المستخدمين إجراء استقصاءات للرأي، ولكن يجب عليك أيضاً مراقبة سلوك مستخدمي الموقع الإلكتروني الفعلي للشركة ومقارنة النتائج. بالإضافة إلى ذلك، احرص على التفاعل مع عملائك لمعرفة المزيد عن عاداتهم في التصفح والشراء. إذ تُعتبَر القدرة على فهم تصورات الطرف الآخر ورؤاه بشكل حقيقي حجر الأساس للتسويق التعاطفي. وحينما ترى العالم من وجهة نظر المستخدم، فإنك بذلك تضع العميل في بؤرة استراتيجيتك وتجعله المحور الحقيقي لطريقة تنفيذها.

2. امنح العملاء إمكانية الاختيار

تُعد الحملات التسويقية خلال العطلات طريقة قيّمة لنشر علامتك التجارية وإبراز شخصيتها. لكن للأسف، قد تكون العطلات، مثل عيد الأم وعيد الأب، بمثابة ذكرى مؤلمة لبعض الأشخاص تذكّرهم بأحبائهم الذين رحلوا عن دنياهم أو انفصلوا عنهم. لذا فإن فرق التسويق للعلامات التجارية، بدايةً من باندورا وصولاً إلى اللجنة الوطنية للحزب الديمقراطي، تعكف مؤخراً على دراسة إرسال رسائل البريد الإلكتروني التي تقدّم خيار “إلغاء الاشتراك” في التذكير بالعطلات الرئيسية. ولك أن تنظر مثلاً إلى هذه الرسالة من شركة إتسي:

“نحن نتفهم أن عيد الأم قد يكون مناسبة غير سعيدة للبعض. وإذا كنت تفضّل عدم تلقي رسائل بريد إلكتروني منا بخصوص عيد الأم هذا العام، فأخبرنا عن طريق إلغاء هذه الخاصية أدناه. وسنحرص على إطلاعك بشكل دائم على آخر المستجدات التي نعتقد أنها ستنال إعجابك، لكن دون إرسال رسائل التذكير بعيد الأم”.

وعلى الرغم من أن البعض قد يجادل بأن تقديم خيار إلغاء الاشتراك قد يكون أكثر تحفيزاً للذكريات من رسائل البريد الإلكتروني التسويقية التقليدية التي يتم إرسالها عادةً، فإنني أؤمن إيماناً راسخاً بأن السماح للعملاء باختيار كيفية تفاعلهم معك هو السلوك المثالي للتسويق التعاطفي. بالإضافة إلى ذلك، فقد تطورت تكنولوجيا التسويق بدرجة كافية، بحيث أصبح من السهل تقسيم جمهورك إلى قطاعات مختلفة وإرسال رسائل محددة لكل قطاع منهم أو حجبها.

وعلى الرغم من أن هذه كانت السنة الأولى التي تعرض فيها العلامة التجارية لشركة أواي (Away) لحقائب السفر خيار إلغاء الاشتراك في رسائل البريد الإلكتروني لعيد الأم والأب، فإنها لن تكون الأخيرة. ووفقاً لممثلي الشركة، فقد اختار أكثر من 4,000 مشترك في البريد الإلكتروني للشركة الانسحاب من خدمة رسائل البريد الإلكتروني الخاصة بالعطلات، وأرسل 250 مشتركاً آخر رسائل للشركة عبَّروا فيها عن شكرهم لتفهُّم موقفهم. ومن المتوقَّع أن يحذو المزيد من العلامات التجارية حذوها.

3. حدِّد المعايير من خلال التصميم البصري للرسائل

يجب أن تحرص كل الحرص على ألا يشعر الجمهور المستهدف بضحالة أو زيف رسائلك التي تحاول من خلالها إبداء مشاعر المشاركة الوجدانية. ولتقليل احتمالية ظهور ضحالة رسائلك، استخدم التصميم البصري الذي يحدِّد المعايير. وأياً كان ما تفعله، فتأكد من توافقه مع الرسالة الأساسية لعلامتك التجارية.

ومن أبرز الأمثلة على تصميم رسائل بصرية صادقة ما فعلته شركة إرنست آند يونغ للخدمات المهنية. وقد يبدو الموضوع مبتذلاً نسبياً، ولكن عندما تزور موقعها الإلكتروني، فإنك ترى صوراً للتنوع والطبيعة والتطلعات، وكلها تتوافق تماماً مع العبارة الترويجية للعلامة التجارية التي تنمُّ عن إبداء المشاركة الوجدانية: “بناء عالم أفضل في العمل”.

بالإضافة إلى ذلك، اسأل نفسك: هل يمكنك إعادة النظر في التصميم البصري لرسالة علامتك التجارية لتكون أكثر ملاءمة ولباقة؟ ويستخدم ثلاثة أرباع الأفراد نوعاً من تصحيح الرؤية، وفقاً لرابطة مجلس الرؤية (The Vision Council) غير الربحية. ومن ثم فإن اتباع نهج أكثر ملاءمة لتصميم الرسائل، بحيث يخلو من الفوضوية ولا يجهد الأعين، يمكن أن يجعل شركتك شركة قادرة على إبداء المشاركة الوجدانية وروح التعاون.

وأعود وأكرر أن المصداقية هي كلمة السر. فاحرص على التخلُّص من التصميم البصري الذي يعزز الإيجابية الضارة (التي تبدو مفتقدة للحساسية) وتجنَّب بالتأكيد اللقطات المخزنة في أرشيف الفيديو. وتأكد أن التصميم البصري لعلامتك التجارية يمثل الخبرات المتنوعة التي قد يمر بها الأفراد، سواء كانت جيدة أو سيئة أو قبيحة.

ولطالما كانت القدرة على فهم تصورات الآخرين ورؤاهم ذات أهمية قصوى في العملية التسويقية، وينطبق هذا بشكل خاص على المواقف التي نشعر فيها بأن المأساة التي داهمت العالم ستبتلعنا جميعاً. ولتنفيذ التسويق التعاطفي على نحو صحيح، يجب إضفاء الطابع الشخصي والمصداقية على رسائلك. ولا مجال هنا لفكرة اصطناع السلوك حتى تتقنه، لذا ابدأ العمل بكل جدية.

تنويه: يمكنكم مشاركة أي مقال من هارفارد بزنس ريفيو من خلال نشر رابط المقال أو الفيديو على أي من شبكات التواصل أو إعادة نشر تغريداتنا، لكن لا يمكن نسخ نص المقال نفسه ونشر النص في مكان آخر نظراً لأنه محمي بحقوق الملكية الدولية. إن نسخ نص المقال بدون إذن مسبق يعرض صاحبه للملاحقة القانونية دولياً.

جميع الحقوق محفوظة لشركة هارفارد بزنس ببليشنغ، بوسطن، الولايات المتحدة الأميركية 2024 .