كيف تشجّع فريقك على التوقف عن سؤالك في كل صغيرة وكبيرة؟

5 دقائق
تمكين الموظفين من اتخاذ القرارات
استمع الى المقالة الآن هذه الخدمة تجريبية
Play Audio Pause Audio

ملخص: هل يهرع إليك موظفوك ليستشيروك في “كل صغيرة وكبيرة” طوال اليوم؟ إليك 4 استراتيجيات من أجل تمكين الموظفين من اتخاذ القرارات بأنفسهم وتقليل هذه المقاطعات: 1) التركيز على إدارة الانتباه. ابدأ بتحديد ما إذا كانت “سياسة الباب المفتوح” أمراً منصوصاً عليه أو يجري الترويج له في مؤسستك. إذا كان الأمر كذلك، ففسرها وضع لها تعريفاً واضحاً. فلم يكن المقصود من سياسة الباب المفتوح أن تؤدي بحال من الأحوال إلى إتاحة الفرصة أمام كل من هب ودب لمقاطعة الآخرين في أي وقت ولأي سبب. 2) تعزيز الثقة بالنفس لدى موظفيك. ضع حدوداً لموظفيك، وتأكد من فهمهم لمسؤوليات وظائفهم وأنواع القرارات التي يمكنهم اتخاذها ويجب عليهم اتخاذها بأنفسهم والحدود العامة لصلاحياتهم. 3) تبني القرارات الصعبة. إذا كان هناك موظفون لا تثق في حسن تقديرهم للأمور، فحاول أن تعرف السبب حتى تتمكن من إيجاد الحلول المناسبة. 4) التأكيد على فكرة أن الأخطاء ما هي إلا فرص للتعلم. حمّل أعضاء الفريق مسؤولية قراراتهم وتعامل في الوقت نفسه مع الأخطاء باعتبارها فرصاً تعليمية.

أخيراً، بدأت الأفكار تنساب إلى ذهنك بعد طول انتظار، ورحتَ تكتب أفكارك وتحرز تقدماً في وثيقة الاستراتيجية التي لطالما أرّقتك. وإذ بك تتفاجأ بأحد أعضاء الفريق يرسل لك سؤالاً، ثم لا يلبث أن يظهر أمامك سؤال آخر، وهكذا إلى أن تنقضي فترة الظهيرة دون أن تحرز أي تقدم ملموس. هل يبدو هذا مألوفاً؟

إذا أراد المدراء تخصيص وقت للتفكير التأملي، فلا بد من تعزيز استقلالية أعضاء فريقهم. تزداد أهمية هذا الإجراء إذا كان أعضاء فريقك لا يعملون معاً في الموقع نفسه، وذلك لأن “الأسئلة السريعة” المرسلة عبر قنوات الدردشة الجماعية قد تتوارد بلا نهاية.

ابدأ بتحليل المشكلة. ما الأسباب التي تجعل أعضاء فريقك يشعرون بأنهم بحاجة إلى تدخلك الشخصي؟ هل لأنهم لا يملكون الثقة في اتخاذ القرارات بأنفسهم؟ أم لأنهم يخشون الانتقام إذا اتخذوا قراراً “خاطئأ”؟ أم لأنهم غير مؤهلين أو عديمو الخبرة؟ يمكن أن يسهم تصنيف أنواع المشكلات في التعرف على الأنماط واتخاذ الإجراءات التصحيحية اللازمة.

وبمجرد أن تفهم طبيعة القرارات التي يستشيرونك فيها، عليك أن تحدد أسباب لجوئهم إليك خصيصاً والدور الذي تلعبه في حسم تلك القرارات. هل يرجع السبب إلى سلوكك الذي يشجّع موظفيك على استشارتك في “كل صغيرة وكبيرة” طوال اليوم؟ هل يدفعهم إلى الاعتقاد بأنك الشخص الوحيد المنوط بحل المشكلات أو اتخاذ القرارات؟ هل الطريقة التي تتفاعل بها معهم تجعلهم يفتقرون إلى الثقة في حسن تقديرهم للأمور أو تجعل حدود صلاحياتهم غير واضحة المعالم بالنسبة لهم؟ هل لديهم سبب وجيه للخوف من ارتكاب الأخطاء؟

تمكين الموظفين من اتخاذ القرارات

إليك بعض الأفكار التي يمكنك تنفيذها في 4 فئات محددة من شأنها أن تمكّن موظفيك من اكتساب الثقة في أنفسهم بالإضافة إلى تعزيز إنتاجيتك.

1. التركيز على إدارة الانتباه

ابدأ بتحديد ما إذا كانت “سياسة الباب المفتوح” أمراً منصوصاً عليه أو يجري الترويج له في مؤسستك. إذا كان الأمر كذلك، ففسرها وضع لها تعريفاً واضحاً.

من المهم بالطبع أن يشعر أعضاء فرق العمل بأن قادتهم سيلبون النداء كلما احتاجوا إليهم. لكن ينبغي ألا تجيء “تلبية النداء” على حساب مقاطعة المرء في أثناء تأدية مهمات عمله بشكل غير متوقع طوال اليوم. فلم يكن المقصود من سياسة الباب المفتوح أن تؤدي بحال من الأحوال إلى إتاحة الفرصة أمام كل من هب ودب لمقاطعة الآخرين في أي وقت ولأي سبب. ويمكن تنفيذ هذه السياسات بصورة أفضل من خلال توضيح أنه يجب اعتبار كل فرد في مؤسستك متاحاً، ولكن ليس بالضرورة أن يكون متاحاً باستمرار. وعلى كل أعضاء الفريق أن يعلقوا لافتات تحدد وقت الفراغ الذي يمكن مقاطعتهم فيه وكذلك الوقت الذي لا يمكن مقاطعتهم فيه. ويجب أن تدعم الثقافة المؤسسية فكرة عدم تشيت الموظفين خلال وقت العمل.

واحرص في الأوضاع الافتراضية على تشجيع الفريق على ممارسة إدارة الانتباه من خلال إغلاق برامج “البريد الإلكتروني” بشكل دوري وتشغيل خاصية الوضع الصامت لهواتفهم وإخفائها بعيداً عن الأنظار وضبط أدوات الدردشة الخاصة بهم على خاصية “عدم الإزعاج”. يجب أن تبدأ بنفسك وتكون نموذجاً يُحتذى به في الالتزام بهذا السلوك لأنك إذا لم تلتزم به، فلن يلتزم به فريقك أيضاً، مهما قلت.

واحرص على تحديد أوقات عدم الإزعاج في المقرات المكتبية باستخدام اللافتات أو شيء من هذا القبيل، بحيث يعلم الجميع أنك لا تريد أن يقاطعك أحد خلال هذا الوقت، وشجّع فريقك على فعل الشيء نفسه. يمكنك استخدام لافتة عدم الإزعاج أو علم صغير مكتوب عليه “ممنوع الإزعاج” أو سماعات الرأس، على سبيل المثال لا الحصر. ويجب أن يعرف الجميع اللافتات المستخدمة ومعانيها. واختر الوقت المناسب لتعليقها حينما تريد العمل دون التعرض للتشتيت، واختر الوقت المناسب أيضاً عند إنزالها حينما تكون على استعداد للسماح بالمقاطعات.

قد تبدو هذه السيناريوهات مستحيلة في مؤسستك. في هذه الحالة يجب أن تلقي نظرة على طريقة تدفق التواصل. ركز على إرساء ثقافة تدعم التواصل غير المتزامن الذي تكون فيه المحادثات غير “مباشرة” دائماً ولكن يمكن للجميع استخدامها إذا كان ذلك أفضل لسير عملهم. وتقدم أداة التعاون الجماعي المفضلة لديَّ والمعروفة باسم “تويست” (Twist) دليلاً إرشادياً رائعاً لكيفية فعل ذلك.

2. تعزيز الثقة بالنفس لدى موظفيك

ضع حدوداً لموظفيك، وتأكد من فهمهم لمسؤوليات وظائفهم وأنواع القرارات التي يمكنهم اتخاذها ويجب عليهم اتخاذها بأنفسهم والحدود العامة لصلاحياتهم. ثم شجعهم على التوصل إلى حلول المشاكل اليومية بأنفسهم. وبدلاً من الإجابة عن الأسئلة، حاول استخدام عبارة “أثق في حسن تقديرك للأمور”. وكلما نجح مرؤوسوك المباشرون في حل مشاكلهم بأنفسهم، زادت ثقتهم في أنفسهم. تعتبر هذه الطريقة فرصة رائعة لتطوير أعضاء فريقك بالإضافة إلى زيادة فرصك في أداء العمل المنوط بك دون التعرض لأي مشتتات.

الشيء الوحيد الذي يمكن أن يتعارض مع استقلالية فريقك هو أن تكون من نوعية المدراء الذين يحبون التحكم في كل شاردة وواردة والمشاركة في كل قرار. يمثل هذا النوع من الإدارة التفصيلية عبئاً عليك ويعطّل نمو فريقك. إذ لا يمكنك القيام بعمل الجميع نيابة عنهم، ويجب عليك ألا تحاول القيام بذلك. احرص على تمكين أعضاء فريقك من اتخاذ قراراتهم بأنفسهم. وإذا لم تكن متأكداً مما إذا كنت تتبع منهجية الإدارة التفصيلية، فاطلب من زميل محل ثقة أو موظف سابق أن يُبدي رأيه في هذه المسألة بصدق ودون أي تحيّز.

3. تبني القرارات الصعبة

إذا كان هناك موظفون لا تثق في حسن تقديرهم للأمور، فحاول أن تعرف السبب حتى تتمكن من إيجاد الحلول المناسبة. هل تنقص الموظفين بعض المهارات الأساسية؟ هل يمكن تطويرها بالتدريبات الإضافية؟ هل الموظف حديث العهد بالمؤسسة؟ ربما كانت هناك حاجة إلى مزيد من الوقت “لتعلم كيف يؤدي مهمات عمله بإتقان”. ربما كان جديراً بك أن تخصّص له موجهاً أو “زميلاً مساعداً” في الفريق، ولكن عليك أن تحدد مهلة زمنية لهذه الإجراءات.

وقد تكتشف في بعض الأحيان أنك ارتكبت خطأ بتعيينك لشخص معين. وأصعب الأسئلة التي يجب مواجهتها هي ما إذا كنت قد عينت الشخص المناسب في المنصب الخطأ، أو ما إذا كان الشخص يفتقر إلى الملاءمة الوظيفية وفق معايير المؤسسة. لا تتباطأ في هذه الجزئية، وبادر إلى إسداء صنيع لك وللموظف من خلال مساعدته على العثور على منصب آخر يلائم مؤهلاته في مؤسستك، أو ساعده على إيجاد وظيفة أخرى في مكان آخر. سيمكّنك هذا الإجراء من تقليل الخسائر، بالإضافة إلى الإسهام في تحسين سمعة شركتك كمكان جيد للعمل.

4. خلق بيئة آمنة لارتكاب الأخطاء

إذا كانت هناك عواقب خطيرة وغير سارة للأخطاء غير المقصودة، فهذا يعني أن مؤسستك لديها “ثقافة التهرب من المسؤولية”، بمعنى أن الموظفين لا يلجؤون إليك لأنهم يريدون رأيك، بل لأنهم يبحثون عن طريقة لتحميلك مسؤولية أي خطأ قد يثبت حدوثه في المستقبل. سيؤدي هذا إلى خنق أي فرصة للنمو وحرمان مؤسستك من القدرة على التأقلم مع المتغيرات. وتذكر القول المأثور: “امدح في العلن، وانتقد في السر”. تحدّث مع أعضاء الفريق على انفراد حينما يثبت أن حلولهم لا تحقق أفضل النتائج. وأكد فكرة أن الأخطاء ما هي إلا فرص للتعلم. حمّل أعضاء الفريق مسؤولية قراراتهم وتعامل في الوقت نفسه مع الأخطاء باعتبارها فرصاً تعليمية. واجذب الانتباه إلى الدروس المستفادة، وتأكد من استيعابهم لها، ولكن إذا كان القرار يمس الجوانب الأخلاقية وتم اتخاذه بحسن نية، فأظهر دعمك وتعاطفك.

احرص على تنفيذ هذه الاستراتيجيات الأربع من أجل تمكين الموظفين من اتخاذ القرارات، وحينها ستتمكن من تقليل المقاطعات من مرؤوسيك المباشرين، وستخلق المزيد من الفرص للتركيز على الأعمال الأساسية التي تمليها عليك طبيعة منصبك القيادي. وبهذه الطريقة ستلهم أعضاء فريقك وتبُث فيه الثقة بالنفس وتنمّي فيهم روح الابتكار والإبداع. وعندما تشجّع أعضاء فريقك على العمل بشكل أكثر استقلالية، فإنك ستتحسن كقائد، وستسهم في النهاية بشكل أكبر في نجاح المؤسسة ككل.

تنويه: يمكنكم مشاركة أي مقال من هارفارد بزنس ريفيو من خلال نشر رابط المقال أو الفيديو على أي من شبكات التواصل أو إعادة نشر تغريداتنا، لكن لا يمكن نسخ نص المقال نفسه ونشر النص في مكان آخر نظراً لأنه محمي بحقوق الملكية الدولية. إن نسخ نص المقال بدون إذن مسبق يعرض صاحبه للملاحقة القانونية دولياً.

جميع الحقوق محفوظة لشركة هارفارد بزنس ببليشنغ، بوسطن، الولايات المتحدة الأميركية 2024 .