تقرير خاص

ما الذي تحتاجه المرأة العربية لزيادة تمثيلها في الأسواق المالية؟

4 دقائق
تمكين المرأة
shutterstock.com/Black Kings
استمع الى المقالة الآن هذه الخدمة تجريبية
Play Audio Pause Audio

قادت دعوات تعزيز المساواة بين الجنسين في مكان العمل، وإبراز الدور الإيجابي الذي يعود على الاقتصادات والمجتمعات جراء تمكين المرأة إلى زيادة معدل مشاركتها في سوق العمل مقارنة بالعقود السابقة، ولا سيما مع ثبوت تفوق الشركات التي تضع قضية المساواة على رأس أولوياتها مقارنة بغيرها، إذ يتفوق سعر سهم الشركات التي تضم مجالس إدارتها امرأة أو أكثر بنسبة 26% بحسب تقرير كريدي سويس (Credit Suisse)، وفقاً لمقال عن “الكوتا النسائية في مجالس الإدارة”.

ورغم ذلك، فإن الفجوة لا تزال شديدة الاتساع في قطاعات بعينها مثل القطاع المالي والمصرفي وقطاع الأعمال، واللاتي ما زال الطريق إلى مشاركة النساء فيها بشكل عادل ملغماً بالعوائق التي تحرم المجتمعات من تحقيق النمو المتوقع بعد تحقيق المساواة. فعلى سبيل المثال، أشار بحث أجرته بوسطن كونسلتنغ غروب (Boston Consulting Group) إلى أن مشاركة النساء والرجال حول العالم بنسبة متساوية كرواد أعمال، سيرفع الناتج المحلي الإجمالي العالمي بنسبة تتراوح بين 3% و6%، ما سيعزز الاقتصاد العالمي بما يتراوح بين 2.5 و5 تريليون دولار، كما ورد في مقال بعنوان “الفرصة العظيمة التي يتيحها دعم رائدات الأعمال”.

وفي دراسة منشورة على موقع صندوق النقد الدولي، أفاد الباحثون أن وجود عدد أكبر من النساء بين مستخدمي الخدمات المالية ومقدميها ومنظميها يعزز الاستقرار في النظام المصرفي ويعزز النمو الاقتصادي، ويزيد فعالية السياسة النقدية وسياسة المالية العامة. كما أثبتت دراسة منذ أكثر من 20 عاماً للأستاذ في علم الاقتصاد السلوكي براد باربر أن النساء أفضل أداءً من الرجال في الأسواق المالية إذ إنهن أكثر تأنياً مقابل الثقة المفرطة التي يتمتع بها الرجال، ما يقلل التداول من صافي عائدات الرجال بمقدار 2.65 نقطة مئوية سنوياً مقابل 1.72 نقطة مئوية للنساء.

أظهرت النساء، من ناحيتهن، اهتماماً واضحاً بالدخول في هذه القطاعات، وأثبتن إنه بمجرد إزالة بعض العوائق ذات الطبيعة التمييزية على أساس النوع سيحققن فيه تقدماً ملحوظاً، ويبرزن وجودهن سريعاً، إذ شهدت الأعوام الأخيرة زيادة ملحوظة في العنصر النسائي في الأسواق المالية بالمنطقة العربية، بل وحتى في المستويات القيادية، ففي الإمارات العربية المتحدة، تتولى مريم بطي السويدي، منصب الرئيس التنفيذي لهيئة الأوراق المالية والسلع، كأول امرأة تتولى المنصب في تاريخ الهيئة. وفي السعودية تتولى سارة السحيمي منصب رئيس مجلس إدارة مجموعة تداول السعودية.

مبادرة ياسمين لدعم النساء في قطاع الاستثمارات المالية

انطلقت عدد من الدعوات لدعم المرأة في هذه القطاعات، إلا أن بعض هذه الدعوات ذهبت إلى أبعد منذ ذلك، لتتحول إلى مبادرات فعلية تقدم الدعم لهؤلاء النساء ليضعن أقدامهن داخل القطاع، مثل مبادرة ياسمين (Yasmeen) التي أطلقتها شركة في أي ماركتس (VI Markets)، الممثل الرسمي لشركة ون فايننشال ماركتس المتخصصة بالأسواق العالمية والتداول الإلكتروني في الكويت والشرق الأوسط، لدعم تمكين المرأة في الأعمال التجارية وعالم الاستثمار المالي، لتكون البادرة الأولى من نوعها في الأسواق المالية، مستهدفاً المرأة في كافة الدول العربية.

تقدم شركة في أي ماركتس خدمات تدريبية بشأن دخول الأسواق المالية والاستثمار بها، غير أن الرئيس التنفيذي للشركة، طلال العجمي، لاحظ أن الكثير من النساء أبدين اهتماماً بالتداول، لكنهن كنّ خجولات خلال جلسات التدريب المختلطة، ليؤسس بعدها مبادرة ياسمين في عام 2016.

تقدم مبادرة ياسمين خدماتها للنساء سواء كنّ قادة أعمال جدد لتلقي التوجيه والإرشاد والاستثمار لأفكارهن التجارية الجديدة، أو نساء حديثات العهد بالتمويل ويتطلعن إلى التعلم والمعرفة، أو متخصصات في الاستثمار أو الأعمال التجارية يبحثن عن طريق جديدة لتنويع مواردهن المالية واستثمارها.

هناك 3 خطوات فعالة لزيادة مشاركة النساء في قطاع الأسواق المالية، تتبعهم مبادرة ياسمين، وهم التدريب، وتقديم المشورة، ومشاركة القصص والخبرات.

1. تقديم التدريب

عندما يتعلق الأمر بتدريب الموظفين بشكل عام، فإن الرجال والنساء الذين يعملون في المكان نفسه لا يتعرضون لهذه الفرص بالطريقة نفسها، وفقاً لاستطلاع رأي أجرته شركة ديزاين تو ليرن (D2L). وفي القطاعات المالية بشكل خاص، تفتقر النساء إلى التأهيل اللازم، والمهارات والمعرفة المطلوبة. فعلى سبيل المثال، 49% فقط من النساء في المملكة المتحدة يعرفن كيف تعمل الفائدة المركبة، مقابل 75% من الرجال، بحسب تقرير لمنظمة التعاون الاقتصادي والتنمية.

تنظم ياسمين ندوات ودورات تدريبية على نحو أسبوعي، سواء في مقر المبادرة أو عبر منصات الإنترنت، حتى أثناء انتشار جائحة (كوفيد-19). وتدور الندوات والدورات حول التجارة والأسواق المالية العالمية لتلبية احتياجات النساء الناشطات في الشرق الأوسط اللائي يديرن أعمالهن الخاصة أو يقمن بإدارة استثماراتهن الخاصة. فعلى سبيل المثال، كانت الجلسة الأولى في 2017 بعنوان “كيف تخطط لحياتك”، وتوالت التدريبات مثل “التخطيط للتمكين”، “مبادرة أسلوب حياة”. ويجدر بالذكر أن هذه التدريبات تستهدف النساء في المنطقة العربية بين الكويت والبحرين وعمان ومصر وغيرهم.

2. تقديم المشورة

تعاني النساء من الأمية المالية أكثر من الرجال، مما يؤثر على قدرتهن على اتخاذ قرارات مالية سليمة، والمشاركة في سوق الأوراق المالية، والتخطيط للتقاعد، وبناء الثروة. إذ خلصت ورقة بحثية إلى وجود فجوة في الأمية المالية بين الجنسين، ويمكن تفسير ثلثها من خلال افتقار النساء إلى الثقة. بالإضافة إلى ذلك، فإن النساء في جميع أنحاء العالم المتقدم لديهن قدر غير متناسب من الديون، بما في ذلك ديون الطلاب، كما أن المؤسسات المالية تفرض على النساء معدلات فائدة أعلى، ويتلقين مشورة مالية أقل جودة.

وتدعم مبادرة ياسمين نمو المعرفة الاستثمارية للنساء في الشرق الأوسط، وتدعمهم من خلال التوجيه والإرشاد وتقديم المشورة للنساء المهتمات بقطاعات الأعمال والاستثمار.

3. مشاركة الخبرات

إحاطة النساء بالمرشدين وسماعهن تجارب غيرهن يشعرهن أنهن جزء من حركة أكبر نحو المساواة المالي. إذ أن الاستماع إلى النجاح الاستثنائي لشخص آخر يمكن أن يحفز الآخرين، وفقاً لدراسة منشورة عبر منصة (Academy of Management Discoveries). كما أن قصص الفشل يمكن أن تزيد أيضًا من الدافع للتعلم، وفقاً لدراسة أخرى.

تسمح ياسمين للنساء بمشاركة خبراتهن في مجال الأعمال، لتمكينهن من متابعة طموحاتهن المهنية من خلال التعلم من تجارب أولئك الذين واجهوا تحديات مماثلة بأنفسهم. إذ يعتبر الرئيس التنفيذي للشركة طلال العجمي أن التعليم هو المصدر الرئيسي للدافع للاستمرار، وجوهر التعليم الجيد هو مشاركة الخبرة الشخصية ومناقشة الردود والاستجابات التي يمكن أن تثيرها.

ساعدت هذه المبادئ الثلاثة المبادرة على تمكين آلاف النساء، إذ وصلت نسبة النساء إلى أكثر من 30٪ من إجمالي عدد المتداولين النشطين المسجلين في شركة في أي ماركتس نتيجة لهذه المبادرة.

لم تعد مشاركة النساء مطلباً خاص بتطبيق المساواة وتكافؤ الفرص فقط، أو لضمان حياة كريمة ومستقرة للنساء، وإنما أصبح ضرورة لنمو الاقتصاد، وازدهار القطاعات. والخبر الجيد أن خطوات تمهيد الطريق للنساء في هذه القطاعات ليست بالأمر العسير، وإنما أثبتت تجارب مثل ياسمين أن إزالة عوائق مثل قلة الخبرة وضعف التأهيل يسرّع من تمكين المرأة في كل قطاع.

تنويه: يمكنكم مشاركة أي مقال من هارفارد بزنس ريفيو من خلال نشر رابط المقال أو الفيديو على أي من شبكات التواصل أو إعادة نشر تغريداتنا، لكن لا يمكن نسخ نص المقال نفسه ونشر النص في مكان آخر نظراً لأنه محمي بحقوق الملكية الدولية. إن نسخ نص المقال بدون إذن مسبق يعرض صاحبه للملاحقة القانونية دولياً.

جميع الحقوق محفوظة لشركة هارفارد بزنس ببليشنغ، بوسطن، الولايات المتحدة الأميركية 2024 .