كيف تتدخل إذا كان أحد المدراء يتلاعب بالموظفين؟

4 دقائق
تلاعب المدراء بالموظفين

ملخص: قد يحاول شخص ما اكتساب سلطة على الآخرين والتحكم بهم عن طريق دفعهم للشك بأنفسهم، وهذا التلاعب هو أحد أشكال الإساءة النفسية. والسماح بنجاح مدير يتلاعب بالموظفين سيؤدي إلى نفور الجيد منهم وابتعاده عن الشركة. التدريب القيادي هو جزء من الحلّ ليس إلا، ويجب على القائد التدخل وتحميل المدراء التابعين له المسؤولية إذا لاحظ أنهم يتلاعبون بالموظفين. تقدم المؤلفة 5 إجراءات حول موضوع تلاعب المدراء بالموظفين يمكن للقائد اتخاذها عندما يشكّ بأن أحد مدرائه يتلاعب بالموظفين.

 

أرسل إلي نائب الرئيس التنفيذي في الشركة التي كنت أعمل فيها رسالة تقول: “افتقدناكِ في اجتماع فريق القيادة. قدم مديرك عرضاً ممتازاً، وقال إنك لن تحضري الاجتماع. أتطلع للتواصل معك قريباً”.

كان مديري قد قال بحماس في اجتماعي الفردي الأخير معه إنه من الضروري أن أقدم (بنفسي طبعاً) العرض الذي عملتُ عليه لأسابيع، وبعد ذلك أرسلت له أكثر من مرة في طلب دعوة لحضور الاجتماع وتحققت من صندوق البريد الوارد والرسائل النصية أكثر من مرة في انتظار رده، لكنه لم يرسل أي ردّ وقدّم العرض وحده من دوني.

كانت تصرفات هذا المدير تمثل إشارات تحذيرية في علاقتي معه، إذ كان يقصيني من الاجتماعات ولا يشركني في برامج تطوير القدرات القيادية في الشركة، وكان يقول لي إني في طريقي للحصول على ترقية وفي نفس الوقت يذمّ أدائي أمام أقرانه والقيادة العليا. استمر تلاعبه هذا وازداد إلى أن استقلت من الشركة.

يعدّ التلاعب بالآخرين ودفعهم للشك بأنفسهم واحداً من أشكال الإساءة النفسية، إذ يحاول الشخص المتلاعِب اكتساب سلطة عليك والتحكم بك، يكذب عليك ويتعمّد التسبب بفشلك، ويقول أشياء ويفعل أموراً ثم ينكرها تماماً، ويحطّ من شأنك ويتلاعب بك ويقنعك بأن المشكلة تكمن فيك أنت. هذا ما حدث معي، وفي العمل ينطبق هذا الوصف على المدير الذي يسيء استخدام منصبه ونفوذه للتلاعب بموظفيه.

الحد من تلاعب المدراء بالموظفين

تسارع المؤسسات على جميع أحجامها لتطوير قادتها وتنفق أكثر من 370 مليار دولار سنوياً حول العالم على برامج التدريب القيادي. ومع ذلك، تبين الأبحاث أن نحو 30% من المدراء سامّون. التدريب القيادي هو جزء من الحلّ ليس إلا، ويجب على القائد التدخل وتحميل المدراء التابعين له المسؤولية إذا لاحظ تلاعباً بالموظفين، وفيما يلي أقترح 5 إجراءات يمكن للقائد اتخاذها عندما يشكّ بأن مديراً تابعاً له يفعل ذلك.

صدّق الموظفين عندما يخبرونك بما يجري

الهدف من التلاعب هو غرس الشك بالذات، وعندما يمتلك الموظف الشجاعة للمواجهة والتحدث عما يمرّ به يجب على القائد البدء أولاً بالاستماع إليه وتصديقه. فقد يلجأ الموظف إليك لأنه يشعر بالأمان معك، وربما كان مديره بارعاً في الإدارة ويقدم نفسه على أنه القائد الشامل في حين أنه يسيء معاملة الموظفين، أو قد يلجأ الموظف إليك لأنه لا يملك أي خيار آخر.

لا تقلل من شأن ما يقوله لك ولا تنكره أو تشكك في صحته، واشكره لثقته بك التي دفعته للتحدث معك عن مشكلته، واسأله عن الطريقة التي تمكّنك من مساعدته في التقدم.

كن متنبهاً لما يدلّ على التلاعب

لان فان هي المؤسِسة والرئيسة التنفيذية لشركة “كوميونيتي أوف سيفن” (community of SEVEN)، وتعمل في تدريب المسؤولين التنفيذيين ضمن مجموعات منظمة بعناية، تقول: “إذا صمت الموظف صاحب الأداء المتميز ثم تم تصنيفه على أن أداءه ضعيف، فمن واجبنا كقادة في مؤسساتنا أن نفهم السبب، إذ قد يكون تلاعب مديره سبباً أساسياً في تراجع أدائه المفاجئ، ومع مرور الوقت سيؤدي التلاعب تدريجياً إلى تقويض ثقته بنفسه وتقديره لذاته”.

وعلى الرغم من أنك كقائد لن تكون حاضراً دائماً لتشهد التلاعب الذي يحدث في فريقك فبإمكانك دائماً البحث عما يدل عليه. وإذا تحدث إليك أحد الموظفين عن تجربته، فمن الضروري أن تبقى متنبهاً كي تلاحظ الإشارات الدقيقة، واحرص على الانتباه إلى أنماط التلاعب الذي يحدث في أثناء المحادثات والمراسلات المكتوبة والأنشطة التي تقام خارج أوقات العمل.

إليك بعض الإشارات التحذيرية: يمكن أن يقصي المدير المتلاعب موظفيه من الاجتماعات، أو يحرمهم من الفرص لتقديم عملهم، أو يقصيهم من فرص التعارف والمناسبات الخاصة بالعمل وبرامج التطوير المهني والقيادي، أو يتكلم عنهم بالسوء أو يسخر منهم، وأخيراً من الممكن أن يخلق رواية سلبية عن أدائهم ويبثها بين أقرانه والقيادة العليا سراً وفي الاجتماعات العامة.

تدخّل في اللحظة الحاسمة

دي مارشال هي الرئيسة التنفيذية لمؤسسة “دايفرس آند إنغيجد إل إل سي” (Diverse & Engaged LLC)، وهي تقدم الاستشارات لشركات مجموعة “فورتشن 100” حول استراتيجيات التنوع والمساواة والشمول الاجتماعي، تقول: “التدخل في لحظة وقوع التلاعب أمر حاسم. فبصفتك قائداً يمكنك الاستفادة من سلطتك لتضعف المدير المتلاعب، وبذلك سيفهم أنك تراه وتدرك ما يفعله وأنك وضعته تحت الملاحظة.

إذا لاحظت أن المدير أقصى أحد موظفيه من اجتماع ما، فاحرص على دعوة الموظف وتوضيح أنك وسّعت نطاق الدعوة. وإذا اختلق المدير رواية سلبية عن أداء الموظف في جلسات التخطيط للمواهب، فواجهه في نفس اللحظة واطلب منه أمثلة مستندة إلى الأدلة، واطلب مساعدة الآخرين الذين يملكون أمثلة عن أداء الموظف القوي. وثّق ما تلاحظ أن الموظف المستهدف بالتلاعب يواجهه.

اعزل المدير المتلاعب

إذا كان هذا المدير يتلاعب بالموظف حالياً، فعلى الأرجح أنها ليست المرة الأولى، لذلك اطلب من الموارد البشرية مساعدتك ومراجعة معدلات الإنهاك في فريق هذا المدير وبيانات مقابلات ترك الخدمة. ادعم الموظف الذي يعاني من تلاعب المدير حين يتحدث عما يمرّ به إلى الموارد البشرية، وذلك يشمل تقديم وثائقك الرسمية التي أعددتها بنفسك.

في المؤسسات الأصغر التي تتمتع بسرعة أكبر في الحركة تتكرر عملية إعادة الهيكلة الضرورية للتوسع والاستجابة للسوق، استفد من هذه العملية لعزل المدير المتلاعب عن طريق تقليص مجال نفوذه وتحويله إلى مساهم فردي لا يشرف على أي موظف، واحرص على أن تعكس مراجعات الأداء الخاصة به المواضيع التي عملت أنت وغيرك على توثيقها (وتأكد من عدم ذكر هوية أي شخص يقدم أي معلومات أو تعليقات بهذا الخصوص). قد يغادر المدير الشركة من تلقاء نفسه في نهاية المطاف مع تقلص مسؤولياته ومجال نفوذه، وبإمكانك أن تعمل على نحو موازٍ مع الموارد البشرية على تطوير خطة خروج المدير من الشركة.

ساعد الموظفين في العثور على فرص جديدة

وفي هذه الأثناء ساعد الموظف المستهدف بالتلاعب ليعثر على فرص جديدة، واستعن برأسمالك الاجتماعي والسياسي لإتاحة فرص له في فرق أخرى. في حالتي، كان المدير الذي تلاعب بي يتمتع بمجال نفوذ كبير وكانت خياراتي في مغادرة فريقه محدودة، إذ منعني من ترك فريقه للعمل لدى مدراء آخرين عندما تقدمت لوظائف داخلية شاغرة، ولم يكن في الشركة أيّ قائد قادر على مناصرتي والدفاع عني ونقلي إلى فريق آخر، فأجبرتُ في نهاية المطاف على مغادرة الشركة.

في بعض الحالات، لن يبقى الموظف حتى إذا تمكنت من العثور على فرصة داخلية له، وسيختار الفرصة الخارجية كي يحظى ببداية جديدة ويتعافى من التلاعب الذي مارسه مديره عليه. لذا، ابق على تواصل معه وكن مستعداً لتعيينه من جديد عندما يكون الوقت مناسباً له، وإذا عينته فعلاً فيما بعد، فاحرص على أن يعمل هذه المرة لدى مدير يعزز مساره المهني ويطوره ويعامله بما يستحق من اللطف.

في أثناء فترة “الاستقالة الكبيرة” حظي الموظفون بما يكفي من الوقت والمساحة للتفكير في أكثر ما يهمهم، والسماح بنجاح مدير يتلاعب بالموظفين سيؤدي إلى نفور الجيد منهم وابتعاده عن الشركة، وسيختار العمل لدى مؤسسة أخرى تثمن مساهماته وتحترم شخصه، ولهذا علينا معرفة كفيفية التعامل مع تلاعب المدراء بالموظفين بشكل عام.

تنويه: يمكنكم مشاركة أي مقال من هارفارد بزنس ريفيو من خلال نشر رابط المقال أو الفيديو على أي من شبكات التواصل أو إعادة نشر تغريداتنا، لكن لا يمكن نسخ نص المقال نفسه ونشر النص في مكان آخر نظراً لأنه محمي بحقوق الملكية الدولية. إن نسخ نص المقال بدون إذن مسبق يعرض صاحبه للملاحقة القانونية دولياً.

جميع الحقوق محفوظة لشركة هارفارد بزنس ببليشنغ، بوسطن، الولايات المتحدة الأميركية 2024 .