تواصل حالة عدم اليقين الاقتصادي والاضطرابات الاجتماعية والسياسية والكوارث البيئية والأزمات الصحية العالمية التأثير على الأفراد والشركات في جميع أنحاء العالم. ومع ذلك، يجب على المدراء الحفاظ على حافزهم في خضم كل هذه الزعزعات لضمان نجاح فِرقهم وبقائها في صدارة المنافسة.

وقد شهدنا في العام 2021 بالفعل انهيار الشركات التكنولوجية العملاقة نتيجة سوء الإدارة أو التهور أو الاضطراب الاقتصادي أو نقص الابتكار أو نتيجة مزيج من الظروف غير المتوقعة. لكن ظهر في الوقت نفسه روّاد جدد: الشركات التي وجدت فرصة في عالمنا الذي تسوده حالة من عدم اليقين الدائم والتي اغتنمت الوضع الراهن وأخذت بزمام المجازفة.

في الواقع، يتطلب العالم الرقمي اليوم توخي الحيطة والتحلّي باليقظة. بمعنى آخر، على قادة التكنولوجيا إعداد فرقهم ومؤسساتهم للزعزعة وضمان أن تتسّم منتجاتهم وخدماتهم بالمرونة الكافية للتكيّف مع التغييرات المجهولة في المستقبل. وبما أن القوى العالمية والوجودية ليست المسبب الوحيد للزعزعة، على مدراء التكنولوجيا التغلب أيضاً على الضغوط التنظيمية الجديدة، والتهديدات السيبرانية غير المعروفة، والفجوات المتزايدة في مهارات تكنولوجيا المعلومات، والضجة التكنولوجية الناشئة، وغيرها من الضغوط.

وفيما يلي خمسة دروس استخلصها عالم التكنولوجيا عام 2022 حول الزعزعة والابتكار والتغيير المستمر، إضافة إلى الدروس المستفادة للمدراء التي تتيح لهم دفع عجلة النمو من خلال التحوّل هذا العام.

وضع استثمارات رقمية بشكل استراتيجي لتجاوز حالة عدم اليقين الاقتصادي.

يشكّل التضخم والركود الاقتصادي تحدياً للشركات في جميع أنحاء العالم، لدرجة أن الفكر السائد دعا إلى خفض التكاليف عندما يضعف الاقتصاد أو يتداعى، لا سيّما الإنفاق على التكنولوجيا. ومع ذلك، تُظهر بيانات شركة غارتنر أن الإنفاق على تكنولوجيا المعلومات سيستمر في الزيادة (على الرغم من انخفاضه نتيجة التضخم)، إضافة إلى احتمال زيادة الإنفاق على التوقعات التكنولوجية بأكثر من 5% في العام الحالي؛ فالاندماج العميق لقطاع التكنولوجيا في الاقتصاد العالمي يفرض عليه المساهمة في الاستجابة للاضطرابات الاقتصادية والركود المحتمل ومرحلة التعافي. في الواقع، كانت تكنولوجيا المعلومات تكلفة يمكن خفضها في التسعينيات من القرن الماضي لاقتصارها على “مكاتب الدعم”. لكنها تولّد اليوم كلاً من الكفاءات والإيرادات، ولا يمكن خفض تكلفتها دون إلحاق ضرر بأداء الأعمال.

لكن لا يعني ذلك أن يشعر المدراء بالأمان إذا كانت ميزانيات شركاتهم ثابتة؛ فالضغوط الاقتصادية تزيد من الرغبة والإلحاح لإبراز قيمة الاستثمارات الرقمية وفعاليتها، فضلاً عن الضغوط التي يفرضها المسؤولون التنفيذيون لزيادة الإيرادات المتأتية من الإنفاق على التكنولوجيا. وتوفر الظروف الاقتصادية الحالية فرصة للشركات لاستثمار مواردها في الحلول التكنولوجية بشكل استراتيجي. وعلى المدراء ضمان تعظيم عوائد شركاتهم من خلال عمليات نشر التكنولوجيا بصفتهم المسؤولين عن هذا الإنفاق التكنولوجي.

على سبيل المثال، قد تُفيد أتمتة العمليات المالية الرامية إلى تسهيل تحليل البيانات بسرعة ودقة في دعم الشركات عند اتخاذ قرارات مالية سليمة في أوقات عدم اليقين. وقد يؤدي الانتقال إلى خدمات البنية الأساسية المستندة إلى السحابة والتطبيقات السحابية الأصلية إلى تحسين تكلفة تكنولوجيا المعلومات وتعزيز الكفاءة التشغيلية. كما قد يسفر توسيع مبادرات تطوير الموظفين باستخدام أدوات غير برمجية أو أدوات برمجية بسيطة إلى دعم المرونة وسرعة العمل بين الإدارات. ومن المهم مراعاة مجالات استخدام التكنولوجيا لإعادة تنظيم تدفقات الإيرادات، أو تغيير التدفق النقدي، أو إنشاء عروض قيمة جديدة ضمن مختلف أقسام الشركة. ويمكن للمدراء من خلال الرقمنة الاستراتيجية مساعدة مؤسساتهم على تجاوز حالات الزعزعة الاقتصادية بشكل أقوى وأكثر رشاقة وإبداعاً.

تقلّبات سوق العمل تعيق الابتكار

لا يُعتبر مدراء التكنولوجيا غرباء عن تقلبات سوق العمل، إذ إن قوة العمل في مجال التكنولوجيا دائمة التغيّر نتيجة عدة عوامل، كالاستقالة الكبرى عام 2021 وما بعده، وعمليات التسريح الجماعي في الشركات الرقمية العملاقة التي هيمنت على عناوين الأخبار في الأشهر الأخيرة. ويواصل بعض الموظفين تقديم استقالاتهم لشعورهم بالاحتراق الوظيفي أو لانخفاض معدلات رضاهم الوظيفي. ويواجه المدراء صعوبة في توظيف المواهب التكنولوجية المهمة بالفعل، وحتى عندما ينجحون في ملء الشواغر في فرقهم، تسفر طلبات زيادة الرواتب عن زيادة الضغوط على الميزانيات، ما يؤدي إلى تسريح العمال في النهاية. ولا يتوافق هذا النوع من الزعزعة المستمرة مع الابتكار. وتوقع محللو شركة غارتنر أن يؤدي تقلّب العمالة بحلول عام 2025 إلى إبلاغ حوالي 40% من المؤسسات عن خسارات مادية، ما يؤدي إلى تحوّل في استراتيجية المواهب من الاستحواذ إلى الاستبقاء. بعبارة أخرى، أصبح استبقاء المواهب أمراً بالغ الأهمية اليوم، مثل هوامش الربح أو استبقاء الزبائن في الميزانية العمومية.

ويستند نجاح المؤسسات التي حلّت بالفعل مشكلة تقلّب المواهب إلى بحثها عن المواهب التكنولوجية التي تحافظ على التزامها بالعمل بدلاً من البحث عن “المواهب المتميزة”. أي أنها بدلاً من أن تركّز على الخبرات التكنولوجية المتميزة، تبحث عن الأشخاص ذوي المهارات الأساسية التي تحتاج إليها والمهتمين بعملياتها التجارية بالفعل. فالموظفون الذين يواصلون العمل في المؤسسة لمدة خمس سنوات (أو أكثر) قادرون على تحقيق قيمة تجارية أكبر بكثير من الموظفين المتميزين الذين قد يغيّرون وظائفهم خلال 18 شهراً. كما أن توظيف المواهب المناسبة واستبقاءها يخلق دورة محمودة، حيث ستزداد رغبة أصحاب المواهب المتميّزة في العمل لصالح المؤسسات المبتكرة. وفي استقصاء حديث أجرته شركة غارتنر، أفاد أكثر من 50% من الموظفين برغبتهم في المساهمة في عمل هادف يقود إلى تغييرات جوهرية.

وعلى مدراء التكنولوجيا في العام الحالي توظيف مواهب تلتزم بالعمل وقادرة على المساهمة في تحقيق القيمة على المدى الطويل. بمعنى آخر، ابحث عن المرشحين الذين يرغبون في تعلم كيفية سير الأعمال وترك أثر، والذين يُبدون حماسهم واستعدادهم لتعلم مهارات جديدة، ويتمتعون بالمرونة والقدرة على التكيّف للنمو مع المؤسسة، والقادرين على تطوير أدوارهم استجابة لبيئة الأعمال المتغيرة. وقدِّم في الوقت نفسه عرض قيمة يتيح لك استبقاءهم. وصنِّف العوامل المهمة لاستبقاء أفضل المواهب بحسب الأهمية، بما فيها الأجر التنافسي والقدرة على المساهمة في عمل هادف والمرونة الوظيفية.

الاستدامة هي أهم الأولويات التكنولوجية

صرح الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريس، في مؤتمر الأطراف السابع والعشرين (COP27) قائلاً: “نحن على درب التدهور المناخي”. ومع تزايد الحلول السياسية لأزمة تغيّر المناخ العالمية، من المتوقع أن يؤدي قطاع التكنولوجيا دوراً رئيسياً في معالجتها.

ولتكنولوجيا المعلومات تأثير كبير على البصمة الكربونية للمؤسسات بالفعل، إذ يسهم الكربون الكامن في أجهزة الكمبيوتر والهواتف المحمولة وعدد لا يحصى من الأجهزة الأخرى المستخدمة في المؤسسات في زيادة نسبة انبعاثات الغازات الدفيئة. وتستهلك تكنولوجيات مثل السحابة والذكاء الاصطناعي بالفعل كميات هائلة من الطاقة التي تزداد عندما تكتسب هذه التقنيات قوة الحوسبة. في الواقع، تتوقع شركة غارتنر أن يستهلك الذكاء الاصطناعي طاقة أكثر من قوة العمل البشرية بحلول عام 2025 إن لم تتبنَّ المؤسسات ممارسات الذكاء الاصطناعي المستدامة.

ومن المفارقات أن تطبيق هذه التكنولوجيات هو ما سيحدد فرص الأعمال المستدامة ويعزز جهود استدامة المؤسسات. كما أن الاقتصاد الدائري لتكنولوجيا المعلومات في تنامٍ أيضاً، حيث يبدي المسؤولون التنفيذيون اليوم اهتمامهم بتقليل عدد أجهزة الكمبيوتر والأجهزة المحمولة وغيرها من المعدات الإلكترونية وإعادة استخدامها وإعادة تدويرها. وبرزت بالفعل بعض ممارسات الذكاء الاصطناعي المستدامة، مثل استخدام أجهزة متخصصة لتقليل استهلاك الطاقة، والترميز البرمجي الموفر للطاقة، ونقل التعلّم، وتقنيات البيانات الصغيرة، والتعلم الآلي التجميعي وغير ذلك. ويقود مزودو الخدمات السحابية الفائقة قطاع تكنولوجيا المعلومات فيما يتعلق بالاستدامة البيئية، فهم يديرون منشآتهم وفق أساليب الكفاءة في استخدام الطاقة على مستوى العالم ويتبنّون عمليات محايدة كربونياً بالفعل بسبب تزايد طلبات الزبائن ولتعزيز سمعتهم العامة وجذب المستثمرين وارتفاع تكاليف الطاقة وظهور سياسات تنظيمية جديدة.

وأظهر استقصاء حديث أجرته شركة غارتنر أن 87% من قادة الشركات يتوقعون زيادة استثمارات مؤسساتهم في الاستدامة خلال العامين 2023 و2024. ووجد الاستقصاء نفسه أن 86% من قادة الشركات يرون أن الاستدامة هي استثمار يحمي مؤسساتهم من الزعزعة. كما أفادت نسبة 83% منهم بأن أنشطة الاستدامة خلقت قيمة قصيرة وطويلة الأجل لمؤسساتهم بشكل مباشر، في حين أشار 80% آخرون إلى أن الاستدامة ساعدت مؤسساتهم على تحسين التكاليف وخفضها. ويوفر الاستثمار المستدام “نتيجة مزدوجة” تتمثّل في دعم الاستهلاك المسؤول وتحقيق المنفعة للشركات في الوقت نفسه. وقد تعزز التكنولوجيا تلك الجهود بالفعل.

وعلى المؤسسات وضع إطار عمل تكنولوجي مستدام جديد يزيد من كفاءة الطاقة والمواد فيما يتعلّق بخدمات تكنولوجيا المعلومات، ويعزز استدامتها من خلال تبنّي تكنولوجيات مثل إمكانية التتبع والتحليلات المحوسبة والطاقة المتجددة والذكاء الاصطناعي، وينشر حلولاً لتكنولوجيا المعلومات لمساعدة الزبائن على تحقيق أهداف الاستدامة. وعلى المدراء قيادة تلك المهمة من خلال مناصرة حلول الاستدامة التكنولوجية وممارساتها ضمن فرقهم.

تزايد تعقيد الأمن السيبراني في بيئة الأعمال السريعة الخطى.

أصبح الأمن السيبراني أولوية تجارية قصوى. ففي استقصاء حديث أجرته شركة غارتنر، أفاد 88% من أعضاء مجلس الإدارة أنهم يعتبرون الأمن السيبراني خطراً تجارياً وليس خطراً تكنولوجياً، ما يدل على أن الأمن هو جزء من سلسلة قيمة المؤسسة. ويمثّل الأمن السيبراني في قطاع تكنولوجيا المعلومات مصدر قلق كبير بالفعل؛ فقد صنّف الرؤساء التنفيذيون للمعلومات الذين شملهم استقصاء شركة غارتنر الأمن السيبراني وأمن المعلومات باعتباره المجال الأول الذي عليهم زيادة استثماراتهم فيه العام الحالي، ومن المتوقع أن يشهد الإنفاق على أمن المعلومات ارتفاعاً بمعدل عشري العام الحالي.

لكن حتى مع تزايد إنفاق المؤسسات على الأمن السيبراني وتزايد اهتمامها به، قد تؤدي الوتيرة السريعة للأعمال وتسريع التحوّل الرقمي إلى تزايد الأخطاء. وتتوسع مجالات الهجوم عندما تؤدي المخاطر المرتبطة باستخدام الأنظمة الفيزيائية الإلكترونية، وإنترنت الأشياء، والرموز البرمجية المفتوحة المصادر، والتطبيقات السحابية، وسلاسل التوريد الرقمية المعقدة، ووسائل التواصل الاجتماعي، إلى تعقيد قدرة المؤسسة على حماية أنظمتها بنجاح. لكن المؤسسات لم تستعد بعد لإدارة المخاطر الناجمة عن التكنولوجيات الناشئة مثل الذكاء الاصطناعي، إذ وجد الاستقصاء الذي أجرته شركة غارتنر أن 41% من المؤسسات قد تعرضت في السابق لانتهاك أو حوادث أمنية في خصوصية الذكاء الاصطناعي. وفي الوقت نفسه، تتطور الجهات الفاعلة في مجال التهديد السيبراني لتبقى متقدمة بخطوة. وقد أبرزت الانتهاكات الرئيسية بالفعل تقنيات الهجوم الجديدة والناشئة، في حين لا تزال التهديدات المعروفة مثل لوغ 4 جي (Log4j) تؤرق المؤسسات منذ أشهر وربما لسنوات لاحقة.

والخلاصة الرئيسية لقادة التكنولوجيا هي أنه من غير الممكن توفير الحماية المناسبة من خلال الإفراط في الإنفاق. وبدلاً من محاولة حماية الأنظمة من كل تهديد، بما فيها التهديدات الجديدة وغير المعروفة، على الشركات إعطاء الأولوية للإنفاق السيبراني الذي يحمي نتائج الأعمال. كما أن محاولة التغلب على الجهات الفاعلة المهددة دون اتباع نهج استراتيجي لاتفاقيات مستوى الحماية هو حل فاشل.

وعلى المدراء في مختلف الأقسام إدراك أن الأمن يمثل مشكلة عامة، وليس مشكلة تتعلق بتكنولوجيا المعلومات فقط. وفي الواقع، غالباً ما يتأثر مستوى الاستعداد الأمني بقرارات الأعمال غير المرتبطة بالأمن بالفعل، وقليل من المؤسسات تدرك ذلك. باختصار، الأمن السيبراني هو خيار؛ وعلى المؤسسات اختيار مستويات الحماية في أنظمتها واستثماراتها لتحقيق التوازن بين الحاجة إلى الحماية والحاجة إلى إدارة الأعمال. وعلى المدراء خارج قسم تكنولوجيا المعلومات أن يفهموا حقيقة أن الحفاظ على أمن مؤسساتهم يرتبط بالقرارات التي يتخذونها لصالح فرقهم وشركاتهم كل يوم وأن يتقبّلوا تحمّل تلك المسؤولية بالفعل.

حصاد ثمار الاستثمار المسؤول في التكنولوجيات الناشئة بات قريباً.

لطالما ولّدت التكنولوجيات الناشئة الضجة. وقد وصفت الشركات التكنولوجية العمالقة والشركات الناشئة عام 2021 تكنولوجيا الميتافيرس بأنها المسبب الرئيس للزعزعة التالية. فقد أدت التكهنات الإعلامية وضجة المورّدين إلى دفع الشركات إلى حالة من جنون التوقع بشأن هذه التكنولوجيا الرقمية المثالية الغامرة، حيث يعد قادة القطاع مثل مارك زوكربيرغ وإريك شميت وساتيا نادالا بتحقيق تحوّل كامل للتجارب الرقمية والفرص غير المسبوقة للمنضمين إلى ركبهم. لكن تكنولوجيا الميتافيرس لم تُطرح بعد، على الأقل في شكلها الكامل.

وفي استقصاء حديث أجرته مؤسسة غارتنر، أفاد أكثر من نصف الرؤساء التنفيذيين أنه من غير المرجح أن يستخدموا تكنولوجيا الميتافيرس لتطوير أعمالهم. علاوة على ذلك، صنّفت دورة ضجيج التكنولوجيات الناشئة التي أعدتها شركة غارتنر الميتافيرس ضمن تكنولوجيات المراحل الأولى من التطوير، متوقعة أن يستغرق تبنيها على نطاق واسع أكثر من عقد. وليست تكنولوجيا الميتافيرس الوحيدة في بلوغ هذه المرحلة بصفتها تكنولوجيا ناشئة واعدة ومثيرة للضجة، بل انضم إلى هذه المرحلة الأولى من التطوير أيضاً الويب 3 والرموز غير القابلة للاستبدال والتطبيقات الفائقة والذكاء الاصطناعي التوليدي والعديد من الابتكارات الأخرى التي يُحتمل أن تُحدث زعزعة هائلة على الأعمال التجارية. وشهدنا عام 2022 الضرر الذي أحدثته الضجة التكنولوجية بالفعل، كالانهيار المفاجئ لعملة ستيبل كوين في شهر أبريل/نيسان أو الانهيار الحديث والإفلاس اللاحق لبورصة العملات المشفرة إف تي إكس (FTX)، فقد زعزعت هذه الانهيارات السوق المتهاوي بالفعل وأدت إلى تقوّض الثقة بين المشاركين في السوق، تاركة سوق العملات المشفرة في وضع حرج ومستقبل غير مؤكد.

ومع ذلك، يجب ألا تمنع هذه الضجة الاستثمار في التكنولوجيات الناشئة. فخلال طفرة الويب، فشلت شركة بتس دوت كوم (Pets.com) وآخرون مثلها بسبب نماذج الأعمال المعيبة، لكن التجارة عبر الإنترنت ازدهرت في النهاية. وبالمثل، على الرغم من الضجة والعجز في السوق، تواصل التكنولوجيات الناشئة اليوم تقدمها.

وبالعودة إلى مثال الميتافيرس، حققت الشركات نجاحاً باستخدام التقنيات المتجاورة للميتافيرس مثل منصات البث المباشر الغامرة عبر الإنترنت، وأجهزة الواقع الافتراضي المثبتة على الرأس، والقفازات اللمسية من خلال التركيز على حالات الاستخدام المستهدفة. على سبيل المثال، ساعدت البيئات الغامرة دوائر الشرطة في التدرب على تقنيات الحد من التصعيد والتدخل في الأزمات. وجربت مؤسسات التصنيع عرض تعليمات دون تدخل في عدسات نظارات السلامة التي يرتديها العاملون. وبينما يدرس السوق كيفية الاستفادة من خدمات الميتافيرس، توفر هذه التجارب الداخلية المتجاورة دروساً فورية وعملية للمؤسسة.

وتنجح تطبيقات التكنولوجيا الناشئة هذه بالفعل لأنها مستهدفة ومدروسة، والأهم من ذلك أنها تقدم قيمة أفضل من البدائل غير الرقمية. ولا ينبغي الاستثمار فيها لمجرد حداثتها، بل لأن حالات الاستخدام عالية القيمة هذه توفر فرصاً تجارية جديدة وابتكارات لم تكن ممكنة من قبل. يستسلم عدد كبير جداً من القادة لفكرة الخوف أن يفوتهم شيء ما، لا سيّما عندما تظهر توجهات تقنية جديدة ويطالبون بتنفيذ فكرة ما، وأي فكرة حتى، باستخدام التكنولوجيا الجديدة على الفور، ما يؤدي إلى هدر الاستثمارات، وضياع الفرص، وخيبة الآمال بشأن الوضع الجديد. وبما أن التكنولوجيات الناشئة بالغة الأهمية وتتطلب كلاً من الاهتمام والاستثمار الكافيين، على المدراء التحلي بالصبر وتجنب الوقوع ضحية الضجة التكنولوجية. ويتمثّل الحل في الاستكشاف الواعي.