كيف تجعل وظيفتك أكثر مرحاً ومتعة؟

5 دقائق
استمع الى المقالة الآن هذه الخدمة تجريبية
Play Audio Pause Audio

ملخص: نقضي جزءاً كبيراً من حياتنا في العمل. فلماذا نقضيه في شيء ليس ممتعاً؟ إذ تشير الأبحاث إلى أن المرح له أثر إيجابي على مستوى اندماج الموظفين وقدرتهم على الإبداع ومعدلات استبقائهم. فكيف تجعل عملك أكثر مرحاً ومتعة؟

  • حوّله إلى لعبة: رتّب المهمات الموجودة في قائمة مهماتك، وحدد مدة معينة لإنجاز كل واحدة منها. وبمجرد الانتهاء من مهمة، كافئ نفسك بشيء صغير، كممارسة السباحة مثلاً أو التنزه أو شراء هدية صغيرة لنفسك.
  • غيّر الأمور من حولك. يمكنك إجراء تغييرات بسيطة، مثل تغيير اسم “قائمة المهمات” لتصبح “قائمة المرح”، حتى تتغيّر نظرتك لها.
  • غيّر مكانك المعتاد: هل تحتاج إلى بعض الإلهام؟ توجَّه إلى مقهى أو مكتبة عامة لإكمال عملك. فقد يؤدي تغيير مكانك مؤقتاً إلى شعورك بالانتعاش.

هل المرح في العمل مهم؟

الإجابة باختصار هي: نعم!

على الرغم من أنه يُعتقد أحياناً أن المرح في العمل يتسبب في تشتيت الانتباه، فقد أثبتت الأبحاث أن له أثراً إيجابياً على مستوى اندماج الموظفين وقدرتهم على الإبداع وإيجاد غاية في العمل والحياة، بما يؤدي في المحصلة إلى زيادة معدلات استبقاء الموظفين وتقليل معدل دورانهم. فعندما نجد أن المهمات مرِحة وممتعة، سنكون أكثر حرصاً على الانغماس فيها وإنجازها على الوجه الأكمل. وعندما نخصّص وقتاً للمرح والضحك، فستزداد قدرتنا على التحمل.

لقد أردت معرفة ما الذي يجعل العمل ممتعاً بالضبط في كتابي الذي ألفته بمشاركة ماريو تامايو بعنوان العمل الممتع يتم إنجازه على الوجه الأكمل” (Work Made Fun Gets Done). وقد درسنا الموضوع في البداية من خلال تحليل المتغيرات المتاحة للجميع التي تستخدمها مؤسسة غريت بليسيز تو وورك (Great Places to Work) لتحديد قائمة أفضل 100 مكان للعمل وترتيبها سنوياً (وتنشرها مجلة فورتشن). ويُدلي العاملون في الشركات التي تتقدم بطلب لإدراج اسمها في هذه القائمة بملاحظات وآراء سرية حول ثقافة مؤسساتهم. إذ يُطلب منهم الرد على 60 عبارة على مقياس من 5 نقاط يصف ما تبدو عليه تجربة الموظف الرائعة في العمل، ويتم قياسها من حيث ارتفاع مستويات الثقة والاحترام والمصداقية والإنصاف والشعور بالفخر والصداقة الحميمة.

ومن الجدير بالذكر أننا وجدنا أن الإحصائيات كانت متشابهة من عام لآخر. فقد وصف 81% من الموظفين، في الشركات المصنَّفة على أنها “رائعة”، بيئات العمل في مقراتهم المكتبية بأنها تتسم بالمرح. في حين أن 62% فقط من الموظفين وصفوا بيئاتهم المكتبية بالوصف ذاته في الشركات التي تقدمت بطلب لإدراج اسمها في هذه القائمة، لكنها لم تُدرج فيها. كانت هذه الفجوة البالغة 19 نقطة مئوية واحداً من أكبر الفوارق التي وجدناها، ما يؤكد نتائج البحث السابق التي تشير إلى أن “المرح” ضروري لترسيخ ثقافة عمل رائعة.

ولفهم الموضوع بمزيد من التفصيل، أجرينا بحثاً أولياً نوعياً أجرينا خلاله مقابلات شخصية مع مئات الموظفين في مختلف القطاعات والمراحل المهنية على أمل التوصُّل إلى فهم أدق للمسألة:

  1. ما أهمية أن يحصل الموظفون على المرح في مكان العمل؟
  2. ماذا يفعل الموظفون لجعل عملهم أكثر مرحاً؟
  3. هل يمكن للآخرين محاكاة هذه الأساليب بنجاح؟

وجدنا أنه على الرغم من وجود جوانب معينة خارجة عن سيطرتنا في أية وظيفة، فهناك عدد من الأشياء التي يمكن لأي موظف فعلها لجعل العمل يبدو أكثر مرحاً ومتعة. وقد تبيّن لنا خلال مقابلاتنا أن التحدي الأكبر (والفرصة) يتمثّل في أن تعريف “المرح” يختلف اختلافاً كبيراً من شخص لآخر، كما هي الحال مع الأساليب المستخدمة لإظهاره. وخمّن ما الخبر السار؟ أنه يمكن للآخرين بسهولة اعتناق معظم الأفكار التي أدلى بها المشاركون.

ونظراً لأن نجاح الاستراتيجيات يختلف من شخص لآخر، فيسرنا أن نشارك 4 أساليب شائعة مستمدة من بحثنا. ونأمل أن تناسبك وتناسب أقرانك.

1. حوّل مهماتك إلى لعبة (واحتفل بفوزك)

أخبرتنا اختصاصية التعلم والتطوير، لوري دونيلي: “إذا كان لدي مشروع كبير، فإنني أقسّمه إلى مهمات أصغر من أجل تسهيل تنفيذه. فمن الممتع أن يشطب المرء مهماته الصغيرة واحدة تلو الأخرى (إذ يبدو ذلك أشبه باللعبة!)”.

فعندما تبدأ لوري مشروعاً جديداً، فإنها ترتّب المهمات التي يجب إنجازها ضمن الإطار العام لإتمام المشروع ككل (بدايةً من الموعد النهائي). ولتحويل مهماتها إلى لعبة، فإنها تحدّد لكل مهمة موعداً نهائياً وتخصّص مدة زمنية محدّدة للتركيز عليها. وتهدف من وراء هذا الأسلوب إلى إنهاء المهمة قبل حلول الموعد النهائي. وإذا حقّقت “الفوز” في مساعيها تلك، فإنها تحتفل بمكافأة نفسها بشيء مثل تخصيص وقت لممارسة السباحة أو الرسم بالألوان المائية.

وتحب الكاتبة المستقلة التي قابلناها، كارول باتون، أيضاً تقسيم مهماتها إلى مراحل. وتكافئ نفسها على غرار لوري بمجرد أن تشطب عنصراً من قائمتها لتجعل العمل يبدو أكثر إثارة. فقد قالت: “إذا أنجزتُ جزءاً من المهمة، فيمكنني التنزه أو الاتصال بصديقة أو تناول المثلجات التي أعشق تناولها”.

2. احرص على إجراء تغيير بسيط

غالباً ما يسفر إجراء تغيير بسيط عن تغيير نظرتك للأمور. على سبيل المثال، وصفت مديرة التسويق بإحدى دور النشر، كاتي شيهان، كيف يؤدي تغيير اسم “قائمة المهمات” ليصبح “قائمة المرح” إلى تغيير طريقة تفكيرها من “أحتاج إلى شطب هذه الأشياء من قائمتي اليوم” إلى “سأستمتع اليوم”.

وتستخدم الاختصاصية التعليمية المرموقة بإحدى المؤسسات، سو بورتش، هذه الاستراتيجية أيضاً. فقالت: “الأدوات التكنولوجية رائعة، لكن تجعيد الورق أكثر إرضاءً للنفس من حذف (مستند رقمي)”. وتضع سو مهمات العمل الصعبة على الأوراق اللاصقة حتى تتمكن من سحقها وتحويلها إلى كرات صغيرة ومن ثم إلقائها في سلة المهملات عند اكتمال كل مهمة. إنه عمل بسيط وإجراء سهل، لكنه يجلب قدراً أكبر من المتعة إلى يومها، وهذا يحدث فارقاً كبيراً.

3. لا شيء يضاهي الموسيقى

أخبرتنا المؤلفة شارون جوردان إيفانز: “يرجع سر استمتاعي في العمل إلى سماعات الأذن الصغيرة الرائعة التي تتيح لي إمكانية تشغيل بعض مقاطع موسيقى الجاز المحببة إلى نفسي”.

وللتخلص من أية ضغوط وجعل عملها ممتعاً، تحرص مستشارة المهارات القيادية، هودسا غازفينيان، على عمل شيء مماثل. فعند عملها في مشاريع صعبة، تحرص على تشغيل مقاطع موسيقية لفنانيها المفضلين في الخلفية. “أجد المطربين لاعبين رائعين عند ظهورهم على الشاشة، فهم يمدُّون جماهيرهم بالمتعة والطاقة. وعندما أستمد منهم هذه الطاقة، أشعر بأنني في أفضل حالاتي. أشعر بالشجاعة والطاقة والسعادة”.

تستخدم لوري دونيلي أيضاً الموسيقى من وقت لآخر، ولكن على سبيل التشجيع. إذ تستمع إلى أداء العازف يويو ما عام 2015 لمقطوعة “ستة أجنحة تشيلو غير مصحوبة” (Six Unaccompanied Cello Suites) للموسيقار المعروف باخ. كان يويو ما يعزف المقطوعة لمدة تقارب الساعات الثلاث بالاعتماد على الذاكرة فقط، مع الاستراحة لمدة قصيرة لمرة واحدة فقط. وقد وجدت أنها تستمد الإلهام من الاستماع إليه ومشاهدته وهو يعزف برشاقة أمام جمهور يبلغ تعداده 8,000 مشاهد، على الرغم من المهمة الشاقة التي كان يؤديها. وقالت لوري معلّقة على هذه النقطة: “عندما أستمع إلى هذا العزف في أثناء العمل، أتخيل أن قوته تنتقل إلى يديَّ”.

4. غيّر مكانك

قد يؤدي تغيير مكانك المعتاد إلى جعل عملك يبدو أكثر مرحاً ويجدد طاقتك وحيويتك. يقول الرئيس التنفيذي للموارد البشرية بإحدى الشركات، ألبرت فرازيا، إنه “يخرج من مكانه المعتاد” أحياناً لممارسة العمل أو التفكير في شيء ما. فعندما كان يعيش في نيويورك، كان مكانه المفضل هو حديقة “براينت بارك” في وسط مانهاتن. كان جمال الطبيعة يشكّل لوحة تتباين بشكل لطيف مع المحيط العام للمدينة، وفي فصليّ الربيع والصيف، كان يتم وضع الكراسي والطاولات على العشب لزوار الحديقة. وقال: “لقد وجدت أن عملية تغيير المكان بصورة مؤقتة مفيدة وتعزز إنتاجيتي بشكل كبير”.

قالت لنا لوري دونيلي أيضاً: “عندما أكون في المكتب، أمشي إلى متحف الفن المعاصر في لوس أنجلوس وأتخيل طرقاً لإكمال عملي في تصميم المناهج التعليمية كما لو كان عملاً فنياً سيتم تعليقه في المتحف”. وكانت تمشي في أيام أخرى إلى المكتبة العامة وتقرأ نصاً كلاسيكياً لمدة 10 دقائق. تضيف لوري قائلة: “تسهم قراءة الصفحات المطبوعة في تحسين القدرة على الفهم والاستيعاب، وأستمد منه الإلهام”. وإذا لم يكن هناك وقت للذهاب إلى مكان ما، فكانت لوري تجد أن طباعة مشاريعها والجلوس في الخارج لمراجعتها تحقق نتائج رائعة في لمح البصر.

يقضي معظمنا جزءاً كبيراً من يومه في العمل. وسنقضي من حياتنا ما يقرب من 90,000 ساعة في العمل على الأرجح. يمكننا كذلك الاستمتاع بعملنا، أليس كذلك؟ جرّب الاقتراحات المذكورة أعلاه، واعرف ما إذا كان بإمكانك تحويل العمل إلى مرح ومتعة.

تنويه: يمكنكم مشاركة أي مقال من هارفارد بزنس ريفيو من خلال نشر رابط المقال أو الفيديو على أي من شبكات التواصل أو إعادة نشر تغريداتنا، لكن لا يمكن نسخ نص المقال نفسه ونشر النص في مكان آخر نظراً لأنه محمي بحقوق الملكية الدولية. إن نسخ نص المقال بدون إذن مسبق يعرض صاحبه للملاحقة القانونية دولياً.

جميع الحقوق محفوظة لشركة هارفارد بزنس ببليشنغ، بوسطن، الولايات المتحدة الأميركية 2024 .