هل تقوم بتعديل استراتيجيتك القيادية بحسب نمو شركتك الناشئة؟

5 دقائق
الاستراتيجية القيادية
استمع الى المقالة الآن هذه الخدمة تجريبية
Play Audio Pause Audio

بات إطلاق شركة ناشئة لتقديم منتج جديد أو نموذج أعمال مختلف أمراً بديهياً يحصل طوال الوقت. وعلى رغم أن قادة الشركات الناشئة أسسوا شركاتهم بسبب احتياجات وجدوا أنفسهم قادرين على تلبيتها، إلا أنهم لا يقومون في الوقت ذاته بتطبيق المنطق نفسه على أنفسهم، وهو ما يوقعهم في المشاكل بسبب عدم تبني الاستراتيجية القيادية.

ينبغي على قادة الشركات الناشئة أن يكونوا مستعدين لتعديل نهجهم القيادي، أو سيقوم بذلك مجلس إدارتهم والمستثمرون بالنيابة عنهم، وفي الواقع، تشير التقارير إلى قيام الشركات الاستثمارية باستبدال ما بين 20 إلى 40% من مؤسسي الشركات الناشئة بمدراء أكثر “خبرة ومهارة” لدى وصول نمو الشركة الناشئة إلى نقطة تحول حرجة. ويعود سبب ذلك إلى عدم تمتع المؤسس في حالات عديدة بالمهارات المناسبة لإدارة مؤسسة بحجم أكبر على الرغم من مساهمته في نيل الشركة أول مجموعة عملاء لها عند تأسيسها.

الممارسات القيادية الرئيسة

وقمنا أنا وبروك مانفيل في مقالنا “دليل عمل القائد من هارفارد بزنس ريفيو” بذكر الممارسات القيادية الرئيسة الست، والتي كان من بينها “التعرف على شخصيتك القيادية والعمل على تطويرها”. ويجب تأمل خصائصك القيادية بوضوح، وتلقي الملاحظات حول نقاط قوتك وضعفك لتطوير الأولى وتحسين الثانية. ويجب عليك القيام بذلك بغض النظر عن نطاق عمل الشركة التي تقودها، لكن يتطلب التطور السريع في عمل الشركة الناشئة من فريق إدارتها بالقيام بما سبق بوتيرة أسرع وبمعدل أكبر.

وينبغي أن يتسبب كل إنجاز رئيس تحققه الشركة (أو حتى إخفاق) في إعادة تقييم القيادة لنفسها (الإيرادات، عدد الموظفين، التعريف بمنتج جديد، دخول أسواق جديدة، أعداد العملاء أو شرائحهم، أو غير ذلك). وعليك هنا أن تسأل نفسك: هل نحن أشخاص مناسبون، بالمهارات المناسبة، والوظائف المناسبة لنقل الشركة إلى المرحلة الرئيسة القادمة وإلى المستوى التالي؟ هل تتفق أدوارنا الحالية مع فرص العمل أمامناً؟ هل طريقة عملنا هي الطريقة الصحيحة للفصل القادم من عمل الشركة؟ وإذا لم يكن الأمر كذلك، فما الذي يجب علينا القيام به؟

وإليك فيما يلي قصة لأخذ العبرة منها (تم تعديل تفاصيل القصة لحماية هوية الشركة): قمت على مدى السنوات القليلة الماضية بتقديم المشورة لشركة أجهزة طبية مبتكرة نشأت بمؤسسين اثنين. وبدأت الشركة في تحقيق نجاح عندما نال منتجها الأساسي موافقة على دخول أول بلد أجنبي خارج البلد الأم. لكن، وعندما حدث ذلك، واصل المؤسسان عملهما الاعتيادي (التمويل، والاستراتيجية، والشؤون التنظيمية، والبحث والتطوير، وإدارة المنتجات، وسلسلة التوريد) مع قيامهما في الوقت نفسه بإدارة العمليات ضمن البلد الأجنبي ذاك عن بعد. لكنهما لم يتمكنا من تحقيق أي نجاح هناك مع عدم تحقيق مبيعات قوية في البلد الأجنبي ذاك وعدم وجود قيادة ميدانية تدير العمليات هناك. وكنتيجة لذلك، استعان مجلس الإدارة برئيس تنفيذي للعمل على خفض التكاليف وإدارة الشركة، مع وضع المؤسسين في منصب غامض هو “مخطط استراتيجي”. لكن جاءت تلك الخطوة متأخرة، حيث فقدت الشركة زخمها وبدأت تتعرض لمنافسة من شركات دخلت السوق حديثاً، في أمر بدأ يقلل بدوره من فرص نجاحها.

وأخبرني وقتها أحد المؤسسين أنه يعتقد أنه كان عليهما إعادة النظر في أدوراهما القيادية عندما نالت الشركة الموافقة على دخول منتجها تلك الدولة. أضاف أنه يؤمن بأنه لو قاما بذلك فعلاً، لكان أحدهما على الأقل سافر إلى تلك الدولة لترسيخ أنشطة الشركة فيها مع استقدام موظفين كبار آخرين للقيام بالأنشطة ذاتها التي كانوا يقومون بها في البلد الأم. كلفت هذه الفرصة الضائعة قيادة المؤسسين للشركة، وربما حتى وجود الشركة ذاتها.

كما عملت مع شركة أخرى، وهي شركة مدفوعات مالية مبتكرة، نشأت على يد مؤسسين اثنين (تم تغيير بعض التفاصيل في هذه القصة أيضاً). وعندما بدأت الشركة تنمو بشكل سريع، استقطب المؤسسان مدراء ذوي خبرة من شركات قائمة لإدارة خدمة العملاء وتطوير المنتجات والتسويق والتمويل والموارد البشرية (وظائف كانا يشرفان عليها، لكنها لم تكن من نقاط قوتهما). واستمر المؤسسان، على مدار عدة سنوات، في إعادة تشكيل هذا الفريق وتطويره، حيث جلبا قادة جدد، وأقالا أولئك الذين قل عطاؤهم، واستحدثا مناصب جديدة (من قبيل منصب “رئيس تحليلات البيانات”) عند الحاجة. وكانت مناصب المؤسسين تختلفان بدورها وفقاً لذلك، فعلى سبيل المثال، وبمجرد وصول الشركة إلى حجم معين، يبدأ أحدها في التركيز بشكل خاص على القيم والثقافة وعمليات التواصل الداخلية، في حين يتخلى الآخر عن مسؤولياته التشغيلية ويجلب “مدير تنفيذي مشارك” لإدارة العمليات اليومية بينما يقوم هو بالتركيز على الابتكار طويل المدى. ولم يكن تطور قيادتهما يحدث بالضرورة بشكل متواز وكان من المؤلم أحياناً لأحدهما التخلي عن شيء يحب القيام به، لكن سمح هذا الأمر للشركة بالوصول إلى نقطة تمكنت فيها من إثبات نفسها كشركة رائدة في سوقها، لتقوم بعدها بالاندماج مع شركة منافسة، ثم البدء بطرح عام أولي. وتمكّن المؤسسان، من خلال تأمل استراتيجيتهما القيادية وتعديلها بانتظام، من بناء مؤسسة مستدامة رغم بقاء ثقافة الشركة كشركة مبتكرة.

مبادئ تغيير الاستراتيجية القيادية

وعليك بأخذ المبادئ التالية بعين الاعتبار عندما تسأل نفسك عن السبل الكفيلة بتغيير نهج قيادتك ليتناسب مع تطوّر شركتك:

ستتغير المهام القيادية بشكل أسرع من المسميات الوظيفية

قد يكون توصيفك الوظيفي محدداً وواضحاً اليوم، إلا أنه من المحتمل أن تتغير مسؤولياتك الحقيقية مع نمو الشركة أو تطورها (مع عدم نيلك في الوقت نفسه لزيادة راتب أو توصيف وظيفي جديد). فعلى سبيل المثال، ستكون إدارة فريق يخدم بضع عشرات من العملاء مختلفة بشكل هائل عن إدارة فريق يخدم المئات وذلك على الرغم من أن المسمى الوظيفي لكليهما هو نفسه “مدير قسم خدمة العملاء”.

أما إذا كان ثمة شخص ما في الفريق غير مستعد لتغيير نفسه بشكل دوري ومستمر، فقد يحتاج إما إلى تولي منصب جديد أو الرحيل عن الشركة. (وأدعو ذلك “الارتقاء أو الانتقاء أو عدم الاستبقاء”). قد يكون هذا أمراً يصعب على القادة الناجحين فهمه، لكنه يشبه نوعاً ما بيانات الإفصاح المالي للشركة: إذ لا يمثل الأداء السابق للشركة، بغض النظر عن مدى أهميته، ضماناً لنجاح الشركة مستقبلاً.

يصعب عليك تطوير نفسك بمفردك

خاصة في بيئة عمل مكثفة يبذل فيها الجميع الغالي والرخيص في سبيل إنجاح الشركة (وقد لا يرغبون في التفكير في احتمالية أن مهاراتهم لم تعد ملائمة للشركة). بالتالي يحتاج الفريق إما إلى العمل معاً أو جلب مساعدة خارجية لتحديد التحولات اللازمة والقيام بها.  وقد يعني هذا إجراء تقييمات منتظمة لقدرات بعضهم البعض كفريق قيادي، واقتصار عملهم على القدرات التي هم فيها الأنجح أو الأفضل أداءً. كما يمكن استقدام مدرب متخصص للعمل مع مدراء تنفيذيين محددين أو مع الفريق ككل، وأيضاً يمكن إجراء “تقييم 360 درجة” ضمن فواصل زمنية منتظمة لتقييم فريق القيادة واستخدام البيانات الصادرة عن التقييم لإصدار قرارات مطلعة فيما يتعلق بالمناصب العليا.ويمكن أيضاً إعداد مراجعات فصلية (أو بتواتر أكبر) للشركة، يمكن فيها للجميع التحدث بصراحة حول الأمور الناجعة وتلك التي لم تحقق نجاحاً.

آخر العلاج الكي

قد يكون من الصعب تحديد نهج القيادة الخاص بك واتخاذ قرارات قاسية حول مهاراتك القيادية أو مهارات الآخرين. وأدرك مدير تنفيذي لشركة طبية أخرى بدأت العمل معها مؤخراً حاجته إلى استبدال رئيس قسم البحث والتطوير، وهو صديق له كان ذي دور أساسي في إطلاق الشركة. وكان هذا الشخص أفضل حالاً في العمل وحيداً مقارنة بإدارة المختبرات ودعم الزملاء والتعاون مع خبراء خارجيين. وشعر الرئيس التنفيذي بالضيق لاضطراره إلى إقالة صديقه على الرغم من اقتناعه بوجوب القيام بذلك، الأمر الذي جعله متردداً لفترة 6 أشهر. وعندما وجد مديراً تنفيذياً ذا خبرة كبديل وأجرى المحادثة الصعبة مع صديقه، كان أسفه الوحيد هو أنه لم يقم بإجراء التغيير في وقت أبكر، وهو أمر كان ليجنّب الفريق الكثير من القلق، وينقل المنتجات إلى المرحلة التالية بسرعة أكبر بكثير (كما أثبت المدير الجديد).

وبينما يمكن أن يكون القيام بهذا النوع من التغيير مؤلماً (لك أو للآخرين) في أحيان كثيرة، إلا أن قيامك بذلك بانتظام وفقاً لنمو شركتك قد يمثل أيضاً فرصة مبهجة لك ولفريقك للتعلم ولتطوير أنفسهم لبناء الاستراتيجية القيادية، الأمر الذي قد يؤدي بشكل هائل إلى زيادة فرص شركتك في تحقيق مستويات جديدة من النجاح في المستقبل.

اقرأ أيضاً: 

تنويه: يمكنكم مشاركة أي مقال من هارفارد بزنس ريفيو من خلال نشر رابط المقال أو الفيديو على أي من شبكات التواصل أو إعادة نشر تغريداتنا، لكن لا يمكن نسخ نص المقال نفسه ونشر النص في مكان آخر نظراً لأنه محمي بحقوق الملكية الدولية. إن نسخ نص المقال بدون إذن مسبق يعرض صاحبه للملاحقة القانونية دولياً.

جميع الحقوق محفوظة لشركة هارفارد بزنس ببليشنغ، بوسطن، الولايات المتحدة الأميركية 2024 .