بحث: ما الذي يجعل الموظفين يشعرون أن بإمكانهم التعبير عن آرائهم؟

4 دقائق
تعبير الموظفين عن آرائهم
استمع الى المقالة الآن هذه الخدمة تجريبية
Play Audio Pause Audio

ملخص: يتفهم معظم المدراء أن تمكين الموظفين من التعبير عن آرائهم يمكن أن يساعد الشركات على الابتكار واكتشاف أوجه قصورها. ولكن لا يبدو أن هذا الفهم يُترجَم إلى أفعال. إذ تُظهر البحوث حول تعبير الموظفين عن آرائهم أن أكثر من 85% من الموظفين يلتزمون الصمت إزاء الأمور الحاسمة لأنهم قلقون من أن يُنظر إليهم نظرة سلبية. إذاً، كيف يمكن للمدراء تشجيع الموظفين على التعبير عن آرائهم في العمل؟ كشف بحث جديد أجراه المؤلفون عن طريقة جديدة لتشجيع الموظفين على التعبير عن آرائهم: إرساء ثقافة تؤكد فكرة الاختيار. ووجدوا أن الموظفين كانوا أكثر ميلاً إلى مشاركة أفكارهم وآرائهم في الشركات التي شددت ثقافتها على فكرة أن الموظفين يتمتعون دائماً بحرية الاختيار.

 

ريتشارد برانسون، الرئيس التنفيذي لشركة “فيرجن إنتربرايزيز” (Virgin Enterprises)، له مقولة شهيرة: “تُعد حرية الاختيار مصدر تمكين للموظفين، كما أنها تزيد من رضا قوة العمل وسعادتها”. وتشتهر هذه الشركة أيضاً باستماعها إلى أفكار الموظفين وآرائهم. ففي عام 2015، لاحظت بيثان باتفيلد، وهي موظفة في الخطوط الأمامية في شركة “فيرجن ترينز” (Virgin Trains)، أن الشيف الشهير برين ويليامز أصبح عميلاً دائماً يسافر من وإلى لندن. اقترحت باتفيلد أن تعقد شركة “فيرجن” شراكة مع ويليامز لتجديد قائمة الطعام غير الملهمة التي تُقدَّم على متن القطارات. وفي النهاية، وضعت “فيرجن” وويليامز قائمة جديدة لاقت استحسان العملاء بشكل كبير. فهل هناك علاقة بين تركيز “فيرجن” على الخيارات وتركيزها على رأي الموظف؟

تعبير الموظفين عن آرائهم

يتفهم معظم المدراء أن تمكين الموظفين من التعبير عن آرائهم يمكن أن يساعد الشركات على الابتكار واكتشاف أوجه قصورها. ولكن لا يبدو أن هذا الفهم يُترجَم إلى أفعال. إذ تُظهر البحوث أن أكثر من 85% من الموظفين يلتزمون الصمت إزاء الأمور الحاسمة لأنهم قلقون من أن يُنظر إليهم نظرة سلبية. إذاً، كيف يمكن للمدراء تشجيع الموظفين على التعبير عن آرائهم في العمل؟

يتأثر احتمال تعبير الموظفين عن آرائهم بكل من شخصياتهم المستقلة والثقافة المؤسسية التي ينغمسون فيها. ولكن الأهم من ذلك، أن الثقافة المؤسسية مؤثرة للغاية لدرجة أنها يمكن أن تلغي الدور المهم للشخصية في تشكيل آراء الموظفين. بعبارة أخرى، حتى هؤلاء الذين من غير المرجح أن يعبروا عن أفكارهم بحكم طبيعتهم قد يتحمسون ويعبرون عن آرائهم في البيئة المناسبة. وبالتالي، فإن إرساء ثقافة مؤسسية مناسبة هو عامل رئيسي لتشجيع الموظفين على التعبير عن آرائهم.

كشف بحثنا، الذي نُشر مؤخراً في مجلة “وقائع الأكاديمية الوطنية للعلوم” (Proceedings of the National Academy of Sciences)، عن طريقة جديدة لتشجيع الموظفين على التعبير عن آرائهم: إرساء ثقافة تؤكد فكرة الاختيار. فوجود خيارات يجعل الموظفين يشعرون بالتمكين وأن لديهم القدرة على السيطرة على بيئتهم. وتشير البحوث إلى أن الشعور بالسيطرة هو مطلب أساسي لتعزيز الشعور بالملكية والانتماء في العمل. وضعنا هذا الاقتراح موضع اختبار من خلال إجراء 3 تجارب في الولايات المتحدة والهند وسنغافورة. ووجدنا أن الموظفين كانوا أكثر ميلاً إلى مشاركة أفكارهم وآرائهم في الشركات التي شددت ثقافتها على فكرة أن الموظفين يتمتعون دائماً بحرية الاختيار.

في إحدى التجارب، طلبنا إلى عاملين أميركيين بالغين أداء دور أشخاص متقدمين لوظائف. وقدمنا لهم كتيبات تعريفية بالشركات، بعضها شدد على فكرة الاختيار في ثقافة الشركة، وبعضها الآخر لم يشدد عليها. على سبيل المثال، ذُكر في الكتيب التعريفي الذي يركز على حرية الاختيار:

هنا في [اسم الشركة]، يجب أن نذكّر أنفسنا بأننا نمتلك دائماً حرية الاختيار. وسواء كان الأمر يتعلق بالتوسع في أسواق جديدة أو إطلاق منتج جديد أو تغيير الطريقة التي نؤدي بها أعمالنا، فلدينا دائماً خيار آخر… باختصار، بدلاً من تقبُّل الظروف على أنها حتمية، يتخذ موظفونا خيارات تساعدنا على الازدهار في السوق.

ولم يذكر الكتيب التعريفي الآخر فكرة الاختيار.

نتيجة الاختبار

سألنا المشاركين عن مدى استعدادهم لمشاركة الأفكار الجديدة حول تحسين عمليات الشركة وإبداء آرائهم حول المسائل المتعلقة بالعمل حتى إن كان رأيهم مختلفاً عن آراء الآخرين. وقيّمنا أيضاً احتمالية التعبير عن آرائهم وتشجيع الآخرين على المشاركة في النقاش حول الأمور التي أثرت على الشركة. ووجدنا أن المشاركين كانوا أكثر استعداداً لمشاركة آرائهم وأفكارهم في الشركة التي أكدت أن حرية الاختيار جزء لا يتجزأ من ثقافتها.

بالإضافة إلى ذلك، كان المشاركون مهتمين بالعمل لدى المؤسسة التي أكدت حرية الاختيار أكثر من اهتمامهم بالعمل لدى المؤسسة التي لم تذكر ذلك. وبالتالي، فإن تسليط الضوء على حرية الاختيار قد يسمح للمؤسسات بتعزيز اندماج الموظفين ومشاركتهم وقد يجعل لها الأفضلية في جذب المواهب.

ثم طرحنا السؤال التالي: ما الذي يدفع الموظفين إلى تغيير سلوكهم تحديداً إذا مُنحوا حرية الاختيار؟ وجدنا أن التفكير في الخيارات المتاحة يجعل الأشخاص يشعرون أنهم أكثر قوة وتأثيراً، وهو أمر منطقي لأن عملية الاختيار تسمح للأشخاص بالتأثير في بيئتهم في أثناء التعبير عن تفضيلاتهم وقيمهم ومعتقداتهم. على سبيل المثال، من خلال الممارسات البسيطة المتمثلة في اختيار رسائل البريد الإلكتروني التي يجب الرد عليها أولاً والمشاريع التي يجب التركيز عليها والاجتماعات التي يجب حضورها، لا يعبر مَن لهم حق الاختيار عن أولوياتهم وأهدافهم فحسب، بل يحددون أيضاً ما يجب إنجازه (وما يمكن تجاهله أو تأجيله). وبالتالي، فإننا نقول بأن التأكيد على حرية الاختيار يجعل الموظفين أكثر استعداداً للتعبير عن آرائهم لأن الاختيارات تعزز إحساسهم بذواتهم كأفراد أقوياء ومستقلين يمكنهم تقرير مصائرهم والتأثير على العالم من حولهم.

على الرغم من أن حرية الاختيار قد تبدو كأنها سلعة لا تشوبها شائبة، كما هو الحال مع العديد من البرامج والمبادرات في مكان العمل، فإن البحوث أظهرت أنه في مرحلة ما قد لا يكون من الأفضل بالضرورة توفير خيارات كثيرة. فالخيارات الكثيرة للغاية يمكن أن تكون مربكة، وبالتالي يمكن أن تطغى على الشعور بالتمكين والقوة الذي تسعى المؤسسات إلى تعزيزه. ومع ذلك، يمكن للمؤسسات العمل على خلق ثقافة تؤكد فكرة الاختيار دون إثقال كاهل الموظفين بمئات الخيارات.

بوجه عام، إذا أرادت الشركات تشجيع موظفيها على التعبير عن آرائهم، فعليها خلق بيئة تشجع تعبير الموظفين عن آرائهم. وقد كشف بحثنا عن سمة بسيطة ولكنها فعالة من سمات الثقافة المؤسسية يمكن أن تساعد المدراء والمؤسسات على القيام بذلك؛ وهي التأكيد على قيمة حرية الاختيار.

تنويه: يمكنكم مشاركة أي مقال من هارفارد بزنس ريفيو من خلال نشر رابط المقال أو الفيديو على أي من شبكات التواصل أو إعادة نشر تغريداتنا، لكن لا يمكن نسخ نص المقال نفسه ونشر النص في مكان آخر نظراً لأنه محمي بحقوق الملكية الدولية. إن نسخ نص المقال بدون إذن مسبق يعرض صاحبه للملاحقة القانونية دولياً.

جميع الحقوق محفوظة لشركة هارفارد بزنس ببليشنغ، بوسطن، الولايات المتحدة الأميركية 2024 .