كيف نتخلص من البيروقراطية في عملية التوظيف؟

4 دقائق
ثقافة التوظيف
استمع الى المقالة الآن هذه الخدمة تجريبية
Play Audio Pause Audio

ملخص: تخشى الشركات اختيار المرشحين غير المناسبين، ولكنها نتيجة لذلك صممت عمليات توظيف بيروقراطية مكثفة. وبالتالي أصبح العلاج أسوأ من المرض نفسه. يمكن للشركات الحد من خسائر عملية التقييم التي تجريها عن طريق تقليل عدد المقابلات، واستبدال ثقافة التوظيف القائمة على الإجماع من خلال منح مدير توظيف واحد حق اتخاذ القرار، ومطالبة المحاورين باستخدام التقييمات العددية بدلاً من التقييمات الانطباعية، وتغيير ثقافتك المؤسسية لمكافأة هؤلاء الذين يكتشفون مرشحين رائعين بدلاً من معاقبة مَن يسيئون الاختيار في بعض الأحيان. لن يكون من السهل تغيير ثقافة التوظيف القائمة على الإجماع في شركتك، لكن الخطوات المذكورة أعلاه يمكن أن تساعدك على اكتساب ميزة تنافسية في قطاعك من خلال تعيين موظفين ذوي إنتاجية عالية يغفل منافسوك عن أهميتهم.

 

قرار التوظيف الخاطئ مكلف؛ فاستبدال أي موظف يكلف الشركات في أي مكان في العالم من آلاف الدولارات إلى مئات الآلاف من الدولارات. وقد يكون هذا مجرد غيض من فيض؛ إذ إن تعيين موظف غير مناسب سيكون له أيضاً تكاليف غير مباشرة، على سبيل المثال فيما يتعلق بالمعنويات وثقافة الشركة.

ولكن سعياً إلى تقليل فرص تعيين موظفين غير مناسبين، اعتمد العديد من الشركات عمليات توظيف مكثفة، وقد وصفها أحدنا (تايلر كوين) والمؤلف المشارك دانيال غروس في كتابنا الصادر حديثاً “المواهب” (Talent) بأنها طريقة بيروقراطية في التوظيف نعتقد أنها شكل مدمر من أشكال عدم الكفاءة بقدر الموظفين غير المناسبين أنفسهم. غالباً ما تتضمن قرارات التوظيف اليوم إجراء جولات متعددة من المقابلات، وقد رأينا قرارات تطلبت ما يصل إلى 16 جولة، بالإضافة إلى عمليات تحقق طويلة من السيرة الذاتية للمرشح، وخطوات أخرى. ولا يوجد دليل قوي على أنها تنجح حقاً. وبالتالي أصبح العلاج أسوأ من المرض نفسه.

في الغالب سيحتاج الموظف الجديد إلى دعم العديد من الزملاء لينجح، خاصة في المؤسسات المتعددة الاختصاصات. لذلك قد يكون من الاحترام أن نسمح لكل من سيكون له دور في نجاح الموظف الجديد أن يبدي رأيه في تعيينه. وبمجرد أن يجري أحد الزملاء مقابلة مع المرشح، فإن تجاهل تحفظاته قد يُعرِّض الشركة لخطر أن ينظر الموظف القديم إلى هذا التصرف على أنه عدم احترام له. ونتيجة لذلك، طور العديد من الشركات ثقافات توظيف قائمة على الإجماع، وغالباً ما تكون متجذرة في حقيقة أن الزملاء لا يريدون جرح بعضهم مشاعر بعض.

أحياناً ما تكون هذه الطريقة البيروقراطية متجذرة في محاولة مدراء التوظيف حماية حياتهم المهنية. فربما رأوا كيف تم تذكير زميلهم بنتيجة عملية التوظيف السيئة التي قام بها، ونتيجة لذلك خسر ترتيبه في التسلسل الهرمي التنظيمي. أو قد يكون ذلك بسبب انحياز تجنب الخسارة؛ وهو انحياز راسخ فحواه أن الألم الناتج عن الخسارة أو ارتكاب خطأ غالباً ما يكون أقوى بمرتين من الناحية النفسية من البهجة التي نشعر بها نتيجة لكسب شيء ما أو اتخاذ قرار صائب. في الواقع، تدمر الطريقة البيروقراطية المتبعة في التوظيف الكثير من القيمة بسبب تضييع فرصة ضم المرشحين الممتازين مع إضافة القليل من القيمة.

هل تكلفة التوظيف بطريقة بيروقراطية تستحق الفوائد المتأتية منها؟

يطرح العدد الكبير الحالي غير المسبوق للوظائف الشاغرة، الذي يُعد أكبر بنسبة 50% من الرقم القياسي السابق، سؤالاً: هل اتباع نهج حذر في التوظيف يستحق العناء إذا كان ذلك يعني الحرمان من بعض المزايا بسبب وجود وظائف شاغرة مدرة للإيرادات؟

إحدى الإجابات المنطقية هي “ربما”. إذا أدى هذا النهج إلى تحسين جودة التعيينات، فقد يستحق الجهد المبذول. ويجب التأكيد على كلمة “إذا”، كما نوصي بشدة باستثمار الوقت والموارد اللازمة لاختبارها. من واقع خبرتنا، غالباً ما يُفترض أن مطالبة المرشحين بالتغلب على الكثير من التحديات ورفض المرشحين بمجرد أن يبدي أحد الزملاء أدنى شك حيالهم يحسن جودة التعيينات، ولكن لا يتم اختبار هذا الافتراض إلا نادراً.

كانت إحدى الشركات التي عملنا معها تحتاج إلى حوالي 100 مندوب مبيعات داخلية. ويتعين على كل موظف محتمل أن يمر بخمس إلى ست مراحل قبل إجراء مقابلة مع مدير التوظيف الإقليمي في النهاية. وبعد ذلك سيقوم بعض من مدراء التوظيف هؤلاء بتقديم عروض عمل إلى ثلاثة أرباع المرشحين الذين سبق فرزهم بينما سيعرض مدراء التوظيف الآخرون أدوراً على ربع المرشحين فقط. وبعد مراجعة بياناتهم، استطعنا أن نُظهر لهم أن مدراء التوظيف الانتقائيين لم يختاروا أصحاب الأداء الأفضل، كما أنهم تركوا عدداً أكبر من الأدوار شاغرة لفترة أطول. ونظراً إلى أن كل منصب شاغر في قسم المبيعات يكلف الشركة أكثر من 100 ألف دولار من هوامش الأرباح، فقد كان من السهل على الشركة فهم تكلفة هذه الممارسة غير الضرورية.

ذهب رأي معارض إلى أن ممارسات التوظيف الدفاعية قد تساعدك على تجنب توظيف شخص غير مناسب في بعض الأحيان، ولكن في مرحلة ما تكون الفائدة الهامشية قليلة للغاية لدرجة تجعل الأمر لا يستحق العناء. اكتشفت جوجل في أثناء مراجعتها لعمليات التوظيف التي تجريها أنه يمكنها تحصيل 86% من القيمة التي تنتجها المقابلات خلال التفاعلات الأربعة الأولى. وفي حين أن كل مقابلة إضافية ستزيد من دقة التنبؤ بحوالي نقطة مئوية، فإن جوجل قررت أن هذا لا يستحق التكلفة، بما في ذلك خطر خسارة مرشحين جيدين. وقد اتبعت أمازون منطقاً مماثلاً؛ حيث استقرت على أن يحاور كل مرشح 5 محاورين.

ساعد شركتك على الانتقال إلى ممارسات توظيف أفضل

حتى إذا أدركت أن ممارسات التوظيف الدفاعية تضعف فرصك في الحصول على مرشحين رائعين، فقد يكون الحديث عن إجراء تغيير في ممارسات التوظيف بمؤسستك أسهل من تنفيذه. فيما يلي بعض التدابير التي يمكنك اتخاذها لدفع مؤسستك في الاتجاه الصحيح.

  1. قلل عدد المحاورين. إذا كان لديك أكثر من 4 أو 5 محاورين، فمن المحتمل أن تتجاوز التكاليف المرتبطة بزيادة التعقيد في عمليتك الفوائد الناتجة عنها.
  2. كن واضحاً بشأن المسؤولين عن اتخاذ هذا القرار. وجِّه ثقافتك المؤسسية بعيداً عن النهج القائم على الإجماع. أوضح مَن المسؤول عن اتخاذ قرار التوظيف في كل دور، ومَن لديه حق الاعتراض، وأنه لا ينبغي الإساءة إلى المحاورين الآخرين إذا تم تعيين مرشح على الرغم من عدم موافقتهم. ثم استمر في تكرار هذه الرسالة حتى يتأقلم معظم زملائك مع هذا النهج الجديد.
  3. اطلب من المحاورين استخدام تقييمات عددية عند تقييم المرشحين. وجدنا أن القيام بذلك يساعد لجان التوظيف على التركيز على الرؤية الشاملة بدلاً من مجرد تقديم تعليقات سلبية فقط. كما أن إرسال المحاورين تقييماتهم قبل الحصول على آراء زملائهم سيكون له فائدة إضافية تتمثل في تقليل فرص التفكير الجماعي في تقييماتك.
  4. استبعد المحاورين الذين يرفضون معظم المرشحين من لجنة التوظيف. تتبع المحاورين الذين يرفضون معظم المرشحين، وإذا لم يكونوا ماهرين في اختيار مرشحين جيدين، فتواصل معهم وأخبرهم أنه سيتم استبعادهم من لجنة التوظيف إذا لم يصححوا سلوكهم.
  5. غيِّر ثقافتك لمكافأة مَن عينوا موظفين رائعين، وعدم معاقبة مَن ينتهي بهم الأمر أحياناً بتعيين موظفين ضعيفي الأداء. يمكنك تعزيز ذلك من خلال إبراز الفرق بين القرارات الجيدة والنتائج الجيدة. ففي بعض الأحيان تفضي الخيارات المنطقية تماماً إلى نتائج سيئة. وإذا لزم الأمر، واجه هؤلاء الذين ينشرون السلبية.

لن يكون من السهل تغيير ثقافة التوظيف القائمة على الإجماع في شركتك، لكن الخطوات المذكورة أعلاه يمكن أن تساعدك على اكتساب ميزة تنافسية في قطاعك من خلال تعيين موظفين ذوي إنتاجية عالية يغفل منافسوك عن أهميتهم.

تنويه: يمكنكم مشاركة أي مقال من هارفارد بزنس ريفيو من خلال نشر رابط المقال أو الفيديو على أي من شبكات التواصل أو إعادة نشر تغريداتنا، لكن لا يمكن نسخ نص المقال نفسه ونشر النص في مكان آخر نظراً لأنه محمي بحقوق الملكية الدولية. إن نسخ نص المقال بدون إذن مسبق يعرض صاحبه للملاحقة القانونية دولياً.

جميع الحقوق محفوظة لشركة هارفارد بزنس ببليشنغ، بوسطن، الولايات المتحدة الأميركية 2024 .