إلى جانب الاجتماعات ومقابلات العمل وحتى المناسبات الاجتماعية، دخلت عمليات تسريح العاملين العصر الافتراضي. لقد كان شيئاً لا مفر منه. فقد أجرت شركة ماكنزي (McKinsey) مؤخراً دراسة، أفاد 35% من المشاركين فيها بأنهم كانوا قادرين على العمل عن بُعد بدوام كامل. وبحكم المنطق فإن الشخص الذي يعمل عن بُعد، يمكن تسريحه عن بُعد أيضاً.

لكن هذا لا يعفي المدراء وقادة الشركات من ضرورة التعامل مع الأمر بشيء من الحساسية وبطريقة لا تخلو من التعاطف، بل العكس هو الصحيح في واقع الأمر. وكما هو مألوف لدى معظمنا الآن مع المنصات الإلكترونية العديدة، مثل زووم وويبيكس (Webex)، فإن الكثيرين منا لا يستطيعون التعبير عن مشاعرهم وطمأنة الآخرين بسهولة. وهذه مشكلة كبيرة؛ لأن تسريح الموظفين يضع الكثير من الأمور على المحك.

وإذا كان فريقك القيادي يستعد للإعلان عن تسريح العاملين في اجتماع افتراضي، فمن الأهمية بمكان أن يتخذ أفراده كافة التدابير الضرورية لضمان الإعلان عن الخبر بالطريقة الصحيحة. فهذا الاجتماع ليس ككل الاجتماعات الافتراضية الأخرى التي يتم عقدها عبر منصة زووم، ذلك أنه سيشهد الإعلان عن قرارات تمسُّ مصدر أرزاق الناس وتؤثر على مستقبل مؤسستك. وهكذا فإن المسؤولين التنفيذيين لا يخاطرون بفقدان ثقة الموظفين الباقين وغيرهم من أصحاب المصالح فحسب، بل قد تؤدي خطوة كهذه أيضاً إلى تصدرهم عناوين الأخبار التي تشير فحواها إلى “تسريح العاملين عبر منصة زووم دون شفقة أو رحمة” ومواجهة ردود فعل سلبية عنيفة على وسائل التواصل الاجتماعي.

لكن يمكن للمسؤولين التنفيذيين من خلال اتخاذ الاستعدادات المناسبة معالجة عمليات تسريح العاملين عبر الإنترنت بشكل فعَّال وبطريقة لا تخلو من التعاطف. وإليك كيفية تأهيل فريقك نفسياً لتلقي الأخبار عبر قنوات التواصل الافتراضي وتقديمها:

خصّص وقتاً لإجراء البروفات

ينبغي عدم التسرع في الاستعداد للإعلان عن أخبار تسريح العاملين. ولا تُعد قراءة نص مكتوب من قبل فريق العلاقات العامة إعداداً كافياً، بخاصة إذا كنت ستقرأه قراءة سريعة دون تمعن، وإن كان هذا ما يحدث في كثير من الأحيان، ولكم رأيتُ المسؤولين التنفيذيين ينتهجون هذا السلوك! وبدلاً من ذلك، تذكّر الشعار الذي لطالما رددناه في المدرسة الابتدائية: “الممارسة هي السبيل إلى الإتقان”.

وبمجرد أن يتحدد تاريخ عقد الاجتماع، خصص وقتاً لإجراء البروفات، ويُفضَّل أن تجريها قبل أيام قليلة من انعقاد الاجتماع للإعلان عن الخبر. استغل هذا الوقت للتأكد من صياغة نصوص القرار واعتمادها من قِبَل مسؤولي الشؤون القانونية قبل عدة أيام من إعلان الخبر، واحرص على توفير متسع من الوقت لمراجعة النصوص وإجراء أي تعديلات ضرورية وقراءتها عدة مرات.

قد تعتقد أنك لست بحاجة إلى الكثير من الوقت للاستعداد، لكنك في أمسّ الحاجة إليه. ويجب أن تشعر بالأريحية في قراءة المادة المكتوبة واستيعابها، حتى تشعر بالثقة والهدوء عند إلقائه ولكي تكون جديراً بثقة المتلقين. تحتاج أيضاً إلى وقت لتقسيم الحديث إلى نقاط محددة ومعرفة الفكرة التي يجب نقلها بالضبط في كل نقطة.

وإذا كنت ستقرأ نصاً مكتوباً أو تستخدم شاشة التلقين، فستحتاج إلى إجراء الكثير من البروفات حتى يثق الجمهور في صدق مشاعرك ولكيلا تبدو متكلّفاً. ويمكنك بدلاً من ذلك استخدام أوراق الملاحظات السهلة اللصق على شاشة حاسوبك أو وضع شاشة ثانية خلف الكاميرا مقسَّمة إلى نقاط محددة حتى لا تخرج عن المسار.

تمارين التخيُّل هي مفتاح السر

من الصعب توصيل رسالة عبر قنوات التواصل الافتراضي؛ لأنك ببساطة لا تقف بشخصك أمام جمهور حقيقي تخاطبه وجهاً لوجه وتستطيع تكوين علاقة عاطفية معه. ولتكوين هذه العلاقة العاطفية عبر منصة زووم، ستحتاج إلى تخيُّل الجمهور. ولكي تستطيع تخيُّل الجمهور، فكّر فيما يلي:

  • من أين يشاهدك أفراد الجمهور؟ من البيت؟ أم المكتب؟
  • مَنْ معهم في هذه اللحظة؟ أفراد أُسرهم؟ أم زملاء العمل؟
  • بِمَ سيشعرون عند تلقيهم الخبر؟
  • ما المخاوف التي ستنشأ لديهم فور سماعهم الخبر؟
  • ما الذي سيطلبون مني معالجته لدى سماعهم الخبر؟
  • ما المخاوف التي يمكنني التخفيف من حدتها؟

يمكنك أن تخطو خطوة أخرى إلى الأمام من خلال إنشاء “شخصيات رمزية” تمثل الموظفين الرئيسيين، مثل أب يبلغ من العمر 45 عاماً يعول 3 أطفال أو امرأة تبلغ من العمر 63 عاماً على وشك التقاعد. يمكنك التظاهر بأنك تتحدث مباشرة إلى هؤلاء الموظفين المحددين، استشعر مخاوفهم وتخيَّل أنك تحاول التخفيف من حدتها.

راقب لغة جسدك

لغة الجسد مهمة. وسيراقب جمهورك العلامات التي تدل على شعورك بالتوتر والعصبية. فإذا عبثت بخاتم زواجك أو حركت نظارتك أو تحسست وجهك أو خمشت لحيتك أو تململت على كرسيك أو درتَ به، فقد يعتبرون ذلك علامة على أنك لست جديراً بثقتهم. احرص بدلاً من ذلك على أن تبدو أكثر تفاعلاً معهم، وذلك من خلال الانحناء نحو الكاميرا قليلاً.

وقد تم تدريب الكثيرين من المسؤولين التنفيذيين على عدم استخدام أيديهم عند التحدث، بيد أن هذه النصيحة سيئة للغاية، حيث تساعدنا أيدينا على توصيل مشاعرنا وعواطفنا. وإذا حرمنا أنفسنا من استخدامها، فقد نبدو قُساة متبلدي المشاعر. وفيما يخص هذه المحادثة تحديداً، فإننا عندما نجعل أيدينا بعيدة عن الأنظار، فقد يشير ذلك إلى أننا نخفي شيئاً ما. لكل هذه الأسباب، يجب أن تحرص على استخدام يديك بشكل طبيعي في أثناء التحدث.

انظر إلى الكاميرا مباشرة

الظهور أمام الكاميرا بالشكل الصحيح أمرٌ بالغ الأهمية أيضاً. يجب أن تكون الكاميرا في مستوى العين. وإذا كانت الكاميرا تحت مستوى وجهك، فستبدو متعجرفاً. أمّا إذا كانت أعلى من مستوى وجهك بكثير، فستبدو خانعاً. احرص في أثناء التحدث على النظر إلى الكاميرا مباشرة، وليس إلى أفراد الجمهور الذين يظهرون في مربعات على الشاشة. سيتيح لك هذا الحفاظ على التواصل البصري مع كل موظف.

يتمثّل الاستثناء الوحيد من هذه القاعدة فيما يحدث عند تلقي الأسئلة بعد الانتهاء من الإعلان عن عملية التسريح. في هذه الحالة، يجب أن تنظر إلى الموظفين الذين يظهرون على شاشة الكمبيوتر في أثناء طرحهم الأسئلة. هذا أمر طبيعي وسيساعدك على “قراءة المشاعر السائدة في غرفة الدردشة”.

تنفَّس بانتظام

من المفهوم أن تشعر بالتوتر في اجتماع مثل هذا؛ ومن المتوقَّع أيضاً أن تظهر مشاعرك الشخصية على السطح، وقد تشعر بالغضب أو الإحراج. ومن المهم أن تتنفَّس بانتظام؛ لأن هذا لن يساعدك على أداء مهمتك فحسب، ولكن الشعور بالقلق يؤدي أيضاً إلى تغيير نبرة المتحدّث بشكل كبير. ولكي تُظهِر الشعور بالقوة والثقة في النفس، من الضروري أن تحاول مواجهة الانفعالات السلبية من خلال التنفس بانتظام.

قبل أن تبدأ إعلان الخبر، خذ نفساً عميقاً من منطقة الحجاب الحاجز في البطن، بحيث تملأ رئتيك بالهواء. كرّر هذه العملية بعد أول جملتين أو ثلاث. واستمر في تكرارها؛ لأنك إذا لم تلتقط أنفاسك، فلن تمتلأ رئتاك عن آخرهما بالهواء، ما قد يؤدي إلى تقطُّع الكلمات في نهاية الجمل مع تهدج أنفاسك. وسيجعلك هذا تبدو أقل ثقة في النفس.

دعم الموظفين عندما يكونون في أمسِّ الحاجة إلى دعمك

ليس من السهل أن تعلن للعاملين نبأ تسريحهم؛ ويزداد الأمر صعوبة حينما تريد إعلان الخبر بالشكل الصحيح، أي من خلال التفكير في الأشخاص الذين سيتأثرون بفقدان وظائفهم وشعورهم بانعدام الأمان المالي. أضف إلى هذا المزيج صعوبات التواصل الافتراضي، وستجد أن الأمر بات أكثر صعوبة.

وعلى الرغم من ذلك، فمن خلال الاستعداد بالشكل المناسب والتفكير في الأمر بعقلية صحيحة واستخدام لغة الجسد السليمة، يستطيع فريقك القيادي توصيل الأخبار الصعبة بشكل فعَّال وبطريقة لا تخلو من التعاطف. وعندما توصّل الرسالة بشكل لائق، سيشعر الموظفون السابقون بالدعم والاحترام. وفي الوقت نفسه، سيشعر الموظفون المتبقون بالحماس لمواصلة العمل؛ لأنك جعلتهم يثقون في أن الشركة تسير في الاتجاه الصحيح.