عندما تركت “سلمى” شركتها بحثاً عن فرصة جديدة، لم يكن ذلك بسبب وجود ما يعيب شركتها السابقة. لقد أتيحت لها ببساطة فرصة لإدارة فريق واكتساب مهارات إضافية لتحقيق التقدم في مسيرتها المهنية.

لكنها لم تدرك أن ثقافة شركتها الجديدة ومديرها الجديد لا يتوافقان مع قيمها، ما أدى إلى شعورها بالتوتر وخيبة الأمل.

ولم تكد تمضي 10 أشهر، حتى تمكنت سلمى من إظهار أن مهاراتها وقدراتها الجديدة تؤهلها لشغل المنصب الإداري الذي تم استحداثه في شركتها السابقة. فما كان منها إلا أن قررت العودة بعد غياب ومواصلة النمو في مسيرتها المهنية.

وسواء كنت تريد الاستقالة من الشركة التي تعمل بها بحثاً عن فرصة جديدة أو بسبب التسريح الجماعي للعاملين أو لرغبتك في الابتعاد عن الجو المسمَّم في فريقك، فلا يوجد ما يضمن ألا تضطرك الظروف إلى العودة مجدداً للعمل في الشركة حاملاً لقب “موظف عائد بعد غياب”. وإليك 5 طرائق لإعداد نفسك للنجاح كموظف عائد بعد غياب، حتى إذا كنت قد تركت شركتك السابقة بالفعل:

اترك رسالة رقيقة

قد يبدو هذا للبعض أمراً بديهياً، لكنك ستندهش من عدد الموظفين الذين أساؤوا إلى شركاتهم السابقة بعد أن تركوها، غير مدركين أن هذا ينعكس سلباً على مستقبلهم المهني. فإذا قررت المغادرة بسبب كراهيتك لمديرك أو اعتراضك على آليات العمل السيئة أو وجود فريق قيادي سيئ، فقد يتغير كل هذا بعد مغادرتك. ومن الأفضل أن تغادر دون إبداء آرائك المفعمة بمشاعر الكراهية حول الفوضى الداخلية في الشركة أو أشخاص محددين لا تحترمهم.

وإذا كنت قد غادرت فعلياً بطريقة غير ودية، وأدركت منذ ذلك الحين كيف أسهمت أنت شخصياً في تسميم أجواء العمل بهذا الشكل، فتواصل مع أولئك الذين قد يتذكرون أسلوبك المرفوض في المغادرة أو سلوكك غير اللائق وحاول إجراء محادثة حول الدروس المستفادة من هذه التجربة وكيف أنك قد كبرت ونضجت. وإذا لزم الأمر، فعبّر عن أسفك على الطريقة التي تصرفت بها في الماضي. ولا يعني الاعتذار أنه لم تكن هناك عوامل أخرى أسهمت في مغادرتك للعمل، ولكن إقدامك على تحمّل مسؤولياتك في هذه الفعلة سيسهّل عودتك مجدداً بكل تأكيد.

حافظ على التواصل

هناك 5 أنواع من الأشخاص الذين يجب أن تحرص على البقاء على تواصل معهم بعد ترك الشركة، وهم: مديرك السابق، ومرؤوسوك المباشرون، والقادة المتعددو التخصصات، وزميل واحد أو اثنان على الأقل، وإمّا مدير التعيينات أو مسؤول الموارد البشرية بالشركة. لماذا؟ لأن هؤلاء هم الأشخاص الذين يمكنهم أن يحيلوك إلى أي فرص جديدة قد تظهر في الشركة.

ويعني البقاء على تواصل أن ترسل لهم بطاقات التهنئة بالعطلات أو البطاقات الإلكترونية، بالإضافة إلى رسائل البريد الإلكتروني الربع السنوية التي تستفسر فيها عن أحوالهم وتذكر فيها المهارات التي اكتسبتها في عملك الجديد وأهم المشاريع التي تتولى تنفيذها (دون الكشف عن أي معلومات سرية)، والعلاقة التي نشأت بينك وبين المسؤولين من أصحاب المناصب التنفيذية العليا. واحرص ولو مرة واحدة على الأقل في العام على دعوة الشخص الذي تتواصل معه لاحتساء القهوة أو تناول الغداء، حيث يمكنك إظهار حضورك التنفيذي ومناقشة نموك واهتمامك بالعودة إلى الشركة. تأكد أنك تعرف المنصب الوظيفي الذي تريد العودة إليه حتى تتمكن من التعبير عن كيفية تحقيق قيمة مضافة في هذا المنصب. وحينما تحافظ على علاقاتك القوية، فإن هذا سيُبقيك على قمة اهتمامات مسؤولي شركتك السابقة وقد يمنحك ميزة التعرف إلى الوظائف الشاغرة قبل نشرها في وسائل الإعلام.

تابع أخبار الشركة

لا تعتقد أن درايتك بالشركة بداعي أنك من الوجوه المألوفة منذ أن كنت تعمل هناك تعني بالضرورة أنه سيتم اختيارك تلقائياً باعتبارك الشخص المناسب لأي فرصة عمل جديدة. ولكنك إذا أظهرت لأعضاء شبكة علاقاتك أو مدير التعيينات أنك كنت تتابع أخبار الشركة ونجاحاتها، فإن هذا قد يمنحك ميزة للعودة إلى الشركة مجدداً؛ لأنك ستثبت لهم أن اندماجك في أجواء العمل لن يستغرق وقتاً طويلاً مقارنة بأي مرشح آخر ليس على دراية بها.

فاحرص على أن تؤدي واجبك حتى تكون مستعداً إذا سنحت لك فرصة. وإذا كانت الشركة التي تريد العودة إليها شركة مساهمة، فيمكنك العثور على نبذة عن مكانتها ونجاحاتها، بالإضافة إلى التحديات التي تواجهها، في تقارير أرباحها، مثل التقارير الربع سنوية (10-Q) والتقارير السنوية (10-K) في نظام إدغار (EDGAR) المطبَّق في هيئة الأوراق المالية والبورصات الأميركية. اقرأ أحدث ما يُنشَر في وسائل الإعلام حول الشركة والمنتجات التي تطرحها في السوق.

اكتسب المهارات والقدرات

في أثناء عملك في وظيفتك الجديدة، ابحث عن طريقة لتحسين المهارات؛ لأنك حينما تُظهِر أنك قد طوَّرت مهارات جديدة على المستويين الشخصي والفني، فإن هذا سيجعل مسؤولي شركتك السابقة يؤمنون بقدرتك على الارتقاء بمستواك إذا عدت إليها.

وإذا لم تكن قد غادرت شركتك بعد وتعلم أنك قد تحنُّ للعودة إليها يوماً ما، فاطبع نسخاً من مراجعات الأداء قبل المغادرة وألقِ نظرة فاحصة على نقاط ضعفك. حتى إذا كنت لا توافق على كل ما هو مكتوب، فحاول تطبيق قاعدة 2%، أي افترض صحة 2% على الأقل مما ورد في هذه التقارير. ما الذي يمكنك فعله، إذاً، لتغيير هذا التصور السائد؟ اكتشف المهارات الفنية التي تحتاج إلى إتقانها لمواصلة تنمية مسيرتك المهنية وتعرّف إلى المهارات الشخصية التي ستساعدك على تحسين قدرتك على التأثير في أصحاب المصالح والعملاء المحتملين وإدارتهم.

اعرف أسباب مغادرتك، وأسباب رغبتك في العودة

ابحث بتعمّق حتى تفهم أسباب تركك للشركة وما إذا كانت هذه الظروف لا تزال قائمة. على سبيل المثال، هل تركت الشركة بسبب مدير سيئ غادر الشركة بعد أن تركتها؟ وإذا غادرت المكان بسبب وجود تغيير في الاستراتيجية كنت تعترض عليه، فكيف ستتعامل مع هذا الوضع الآن؟ وإذا جرى فصلك من الشركة بسبب التسريح الجماعي للعاملين، فهل أصبحت الشركة أكثر استقراراً الآن أم أنها باتت أكثر حذراً في خطط استجلاب أصحاب المواهب، ومن ثم فإنك تثق في أنك لن تتعرّض لهذا الموقف مرة أخرى؟

عند التواصل مع أشخاص من شركتك القديمة، يجب ألا يتمحور حديثك حول شعورك بأنك تضيق ذرعاً بشركتك الجديدة وبأنك قد خُدعت فيها، بل اجعله يتمحور حول أسباب رغبتك في البقاء بشركتك السابقة على المدى البعيد. ضع في اعتبارك أن الشركة التي تركتها تختلف كلياً وجزئياً عن الشركة التي ستعود إليها؛ فالمؤسسات تتغير باستمرار، والقادة يتغيرون باستمرار، والأهداف تتغير باستمرار، وحتى الثقافات تتغير في بعض الأحيان. حاول أن تفهم كيف تطورت الشركة أو تغيرت منذ أن تركت العمل هناك، حتى تتمكن من صقل رسالتك حول كيف إسهام مهاراتك وقدراتك في تحقيق قيمة مضافة للوظيفة الجديدة وإقناع مدير التعيينات الجديد بأنك لن تترك الشركة مرة أخرى.

سواء كنت قد تركت شركتك السابقة بالفعل وترغب في العودة أو كنت على وشك المغادرة ولا تعرف ما إذا كنت تريد العودة في المستقبل، ففكر في كيفية مغادرتك وكيف ستبقى على تواصل مع مسؤوليها. والأهم من ذلك أن تعالج أي صدمة ربما تكون قد تعرضت لها في أثناء العمل لدى الشركة السابقة، بحيث إذا قررت العودة إليها عندما تلوح أمامك فرصة جديدة، فيمكنك العودة بسلام. وتذكر دائماً أن الحياة لا تسير دائماً في خط مستقيم.