كيف ترتب أولويات عملك عندما لا يقوم مديرك بذلك؟

4 دقائق
استمع الى المقالة الآن هذه الخدمة تجريبية
Play Audio Pause Audio

قد تكون عملية تحديد الأولويات في العمل أمراً محبطاً، خاصة إذا كنت تعمل لحساب مدير سلبي، أو شركة لا تضع لك أهدافاً واضحة. وهذا ما يعانيه أغلبنا كل يوم. ويوضح روبرت كابلان وديفيد نورتون، في بحثهما الذي تم الاستشهاد به كثيراً، أن أكثر من 90% من الموظفين لا يفهمون تماماً استراتيجية الشركة، أو يعرفون ما هو متوقع منهم بالضبط للمساعدة في تحقيق أهداف الشركة. وما يضاعف من حدة المشكلة أن الأبحاث الحديثة أظهرت أن المدراء التنفيذيين العالميين يصرحون أن لديهم الكثير من الأولويات المتضاربة. إذاً، في عالم تكون فيه الأولويات المتضاربة وغير الواضحة هي القاعدة، كيف يمكنك أن تتعلم تحديد أولويات عملك، وتشعر بالرضا عن أدائك لعمل جيد؟

امتلك زمام الأمور

أولاً، تحقق من طريقة تفكيرك عندما يتعلق الأمر بتحديد الأولويات. إذاً، كفّ عن افتراض أن تحديد أولويات العمل الخاص بك هي مسؤولية شخص آخر، ولا تنظر إلى نفسك على أنك “فاعل” أو مجرد “نحلة عاملة” يُحدد لها دورها. فمن السهل أن نوجه اللوم إلى مدرائنا ومؤسساتنا عندما نواجه عملاً كثيفاً ومستويات عالية من الإجهاد. ولكن لا بد أن تدرك أن تحديد الأولويات بوعي هو ركيزة أساسية للنجاح. ويمكنك بدء ذلك من خلال تقييم مدى جودة معالجة عبء العمل المتزايد الذي يصاحب منصبك كقائد اليوم.

تصفية الأولويات

بالتأكيد لديك العديد من المجالات التي تفكر فيها يومياً، لذلك حدد مجالين فقط من الأولويات لتبدأ بهما، إذ سيساعد هذا الأمر الدماغ على إدارة عبء المعلومات الزائدة. لقد وجد الباحثون أن زيادة عدد الخيارات تشل تفكيرنا وتعطل حركتنا، أو تؤدي بنا إلى اتخاذ قرارات تتعارض مع أفضل مصالحنا . وهناك معياران أستخدمهما مع العملاء لمساعدتهم على تصفية الأولويات، وهما المساهمة والشغف. لذلك فكر في دورك اليوم، وأجب عن هذين السؤالين:

  • ما هي أكبر مساهماتي؟

عندما نفكر في المساهمات، فإننا نتأمل احتياجات المؤسسة والطريقة المثلى التي نسهم فيها من نقاط القوة والخبرة والقدرات. وتنم كلمة المساهمة هنا عن الشعور بالهدف، والمواطنة، والخدمة.

  • أي الأمور مصدر شغفي؟

التحفيز والإلهام يدفعان إلى الأمام، لذلك عند تحديد الأولويات، تحتاج إلى معرفة ما يلهمك في عملك اليوم.

تحديد الخطوات التالية ضمن إطار عمل منظم.

يمكننا وضع معيارين للمساهمة والشغف معاً لإنشاء إطار تنظيمي، والذي يمكن أن يساعدك في ترتيب الأولويات، وتعريف الإجراءات اللاحقة. تأمل هذا المخطط الذي ستجده مقسماً إلى 4 أجزاء، وفي المستوى الأفقي القيمة المضافة للمساهمة، وفي المستوى الرأسي مقدار الشغف.

الربع الأول (مهام ذات قيمة مضافة عالية وشغف عالٍ): حدد أولويات مجالات عملك التي تقود إلى هذا المزيج الذي يحقق أعلى قيمة مضافة من ناحية، وأعلى صدى تشعر بالإثارة والشغف حياله من ناحية أخرى. ولتحديد ذلك الجزء، أمعن النظر في الإجابتين عن السؤالين المذكورين أعلاه، واطلّع على المشاريع والمبادرات والأنشطة التي تتجلى في كل من مساهمتك العالية وقوائم الشغف العالي.

الربع الثاني (مهام ذات قيمة مضافة عالية وشغف منخفض): يمكنك تحمل بعض المسؤوليات التي تحمل قيمة مهمة، ولكنها تستنزف طاقتك في أثناء الانخراط فيها. فما هي المضايقات المحتملة، وماذا يمكنك أن تفعل حيالها؟

  • حينما تتقلد منصباً أعلى، وتتقبل أنك لن تحب كل تفاصيل العمل. فعلى سبيل المثال، قد تكون متحمساً للعمل بالفريق ولكنك لست متحمساً بشأن الزيادة في العمليات الإدارية والتنظيم التي تصاحب العمل معه.
  • تحمّل حقيقة أنك قد تكون على منحنى التعلم. ربما يتضمن الجزء الرئيسي من الوظيفة شيئاً لا يمثل نقطة قوة بعد، مثل العرض في اجتماعات قاعة المدينة أو الظهور الخارجي بشكل أكبر. وهنا لا بد أن تحافظ على ذهنية النمو والتعلم، ودفع نفسك للخروج من منطقة الراحة.
  •  تذكّر أن هناك نقطة تحول في هذا الربع. على سبيل المثال، مساهماتك الكبيرة في دور استراتيجي ربما لا تعطيك ذلك الشعور أو الشغف الذي تشعر به عند تدريب الأشخاص. يمكن أن يشير هذا الربع إلى أنه قد حان وقت التغيير (وهو حالي أنا منذ أكثر من 15 عاماً، عندما لم يكن هناك أي قدر من تحديد الأولويات للتغلب على حقيقة أنني كنت في مهنة خاطئة).

الربع الثالث (مهام ذات قيمة مضافة منخفضة وشغف عالٍ): عزز هذه المهام التي تمنحك الكثير من الطاقة والشغف، ولكن لا يراها الآخرون على أنها أفضل استخدام لوقتك ومساهمتك. فأين تكمن نقاط التعزيز الممكنة؟

  • تعزيز القيمة المضافة. ربما كنت ترى منطقة جديدة مثيرة للشغف، ولكن التأثير أقل وضوحاً للآخرين. وهنا، شارك ما تراه في الأفق الذي يدعم وجهة نظرك، موضحاً حججك بأن ذلك مفيد لك وللشركة.
  • تطوير الذات. تنبّه للمجالات التي لا تزال تتمتع بها ربما من خلال عمل قمت به سابقاً عندما كانت الشركة أصغر. فعلى سبيل المثال، ربما ترغب في حل المشكلات والتحيز نحو العمل، مما يقودك إلى المشاركة في الأمور التي يجب على فريقك التعامل معها. تريث قبل الخوض فيها.
  • في نهاية المطاف، إذا ما زادت الهوة بين ما يبقيك متحمساً وشغوفاً وما تقدّره مؤسستك كمساهمة، فقد يكون الوقت قد حان للمضي قدماً.

الربع الرابع (مهام ذات قيمة مضافة منخفضة وشغف منخفض): فوّض الأنشطة والمهام منخفضة القيمة والشغف لآخرين، مثل الرد على رسائل البريد الإلكتروني، والاجتماعات غير المهمة وغير المثمرة. وفي حالة عدم وجود شخص لتفويضه، فاحرص على توظيف شخص ما. ويمكنك أيضاً أن ترفض بكل بساطة، أو تتجاهل تلك المهام تماماً، أو حتى تلغيها. المفارقة هنا أنه كلما تقدمنا في حياتنا المهنية، تنتقل الأشياء التي كانت يوماً في الربع الأول إلى الربع الرابع. إذا كان الأشخاص لا يزالون يأتون إليك للقيام بهذه المهام، فعليك إعادة توجيههم بتأنٍ من خلال قول شيء مثل: “إنه أمر رائع جداً أن أراك. أعرف مدى أهمية هذا. لقد طلبت من فلان في فريقي أن يتبنى هذه القضايا، وسيكون بمقدوره أن يقدم لكم إجابة مباشرة وسريعة”.

تفعيل وتمييز (ترميز) الأولويات في التقويم الخاص بك

انظر مرة أخرى إلى التقويم الخاص بك خلال الشهر الماضي لمعرفة مقدار الوقت الذي قمت بتخصيصه لكل من الأجزاء الأربعة. أنا شخصياً أستخدم نظام ترميز الألوان في تقويمي لأرى بسرعة مدى إنجازاتي. (الربع الأول= أصفر، الربع الثاني= أرجواني، الربع الثالث= أزرق، الربع الرابع= من دون لون). في بداية الأسبوع، ضع علامة على جميع أولويات الربع الأول وامنح نفسك وقتاً إضافياً لذلك.

لا تستقر على الوضع الراهن. إذ يشير جريج ماكيون، مؤلف كتاب “الماهية” (الجوهرية) (Essentialism)، إلى أنه إذا لم تحدد أولويات وقتك، فسيقوم شخص آخر بذلك. ولن يتماشى ذلك دائماً مع مصالحك الفضلى أو تحقيق أفضل قدر من الاهتمام. وبالتالي تلقف زمام المبادرة واستعد سلطة اتخاذ القرار حيث تستطيع أن تستمتع بوقتك وطاقتك. ومن خلال القيام بذلك، فإنك تضع نفسك على مسار تحقيق نتائج مهمة، واختبار المزيد من الرضا الوظيفي، وزيادة الطاقة.

تنويه: يمكنكم مشاركة أي مقال من هارفارد بزنس ريفيو من خلال نشر رابط المقال أو الفيديو على أي من شبكات التواصل أو إعادة نشر تغريداتنا، لكن لا يمكن نسخ نص المقال نفسه ونشر النص في مكان آخر نظراً لأنه محمي بحقوق الملكية الدولية. إن نسخ نص المقال بدون إذن مسبق يعرض صاحبه للملاحقة القانونية دولياً.

جميع الحقوق محفوظة لشركة هارفارد بزنس ببليشنغ، بوسطن، الولايات المتحدة الأميركية 2024 .