أتمتة عملية تحليل البيانات ضرورية في الشركات المتوسطة الحجم

6 دقائق
تحليل البيانات
استمع الى المقالة الآن هذه الخدمة تجريبية
Play Audio Pause Audio

ملخص: قادة الشركات المتوسطة الحجم محقون في حماسهم تجاه الفرص المتاحة للاستفادة من القيمة الكامنة في مجموعات بياناتهم الكبيرة. لكن البيانات في الشركات المتوسطة الحجم تكون فوضوية غالباً، ومن الصعب (إن لم يكن من المستحيل) دمج جداول البيانات وملفات النصوص البسيطة التي يأتي كثير منها بصيغ مختلفة. يتطلب تنظيف البيانات لتصبح مفيدة كثيراً من الوقت والمال، ويمكن للبيانات المنخفضة الجودة والتالفة تخريب أفضل المبادرات، ومنها الذكاء الاصطناعي المصمم لزيادة القيمة والفاعلية. قامت شركة الخدمات الحكومية “آتش دي إل كومبانيز” (HdL Companies) التي يقع مقرها في مدينة بريا بولاية كاليفورنيا باستخدام بياناتها على نحو استراتيجي وحققت مكاسب ضخمة من حيث الكفاءة. يقدم المؤلف للقادة 3 دروس يتعين عليهم أخذها في اعتبارهم عند الشروع في أتمتة عملية تحليل البيانات.

تولّد الشركات المتوسطة الحجم مع نموها تدفقات وبحيرات من البيانات (مستودعات للبيانات المنظمة وغير المنظمة على حدّ سواء)، وهي أكبر من أن يتمكن شخص أو فريق من التلاعب بها واستخدامها بفعالية. وحتى إن كانت الشركة تستخلص القيمة من بياناتها حالياً، فقد يغادر الموظفون الذين يعملون على ذلك الشركة فتضطر للعثور على خبراء تحليل البيانات الذين يتقاضون أجوراً عالية وجذبهم وتعيينهم على عجالة.

إن اعتماد نظام قوي وحديث لتخطيط موارد المؤسسة لن يحلّ المشكلة أو يخفف الضغط، تبدأ معظم الشركات المتوسطة الحجم تخطيط موارد المؤسسة بالتركيز على الماليات، فتضطر لاحقاً إلى الاعتماد على الأنظمة لتخزين البيانات الأخرى مثل نشاط العميل وإنتاجية التصنيع؛ وهي خطوة تشغيلية أكثر من أن تكون استراتيجية.

وبالتالي، فإن أتمتة عملية تحليل البيانات مع نمو الشركة هي فكرة جيدة جداً بحق. الأتمتة هي غالباً أن يكتب المبرمجون خوارزميات تتبع تعليمات محددة لأداء مهمات كانت يدوية، وذلك يدر أرباحاً سريعة ويحفز الابتكار والمزيد من النمو ويمهد الطريق لتطبيق الذكاء الاصطناعي، ما يجعل كل شيء تقريباً أسهل وأكثر كفاءة وفعالية من حيث التكلفة. تتم كتابة الشفرة البرمجية في الذكاء الاصطناعي ليتمكن من تعلم أداء مهمة ما واختراع خوارزمياته الخاصة وكتابتها نوعاً ما.

لكن البيانات في الشركات المتوسطة الحجم فوضوية، ومن الصعب (إن لم يكن من المستحيل) دمج جداول البيانات وملفات النصوص البسيطة التي يأتي كثير منها بصيغ مختلفة. يتطلب تنظيف البيانات لتصبح مفيدة كثيراً من الوقت والمال، ويمكن للبيانات المنخفضة الجودة والتالفة تخريب أفضل المبادرات، ومنها الذكاء الاصطناعي المصمم لزيادة القيمة والفاعلية.

في حلقة ويبينار عبر الإنترنت أجرتها شركة “تشانل كومباني” (Channel Company) مؤخراً، قال جو بوتشياريلي، نائب رئيس المجموعة والمستشار التنفيذي لتكنولوجيا المعلومات في شركة أبحاث السوق “إنترناشونال داتا كوروبوريشن” (International Data Corporation – IDC): “معظم مجموعات بيانات المؤسسات في حالة غير جيدة. نتحدث عن البيانات والتحليلات كاستراتيجية وأولوية لكن البيانات ليست جاهزة لدعمها… عندما تحاول غالبية المؤسسات حلّ مشكلة ما ينفق خبير التحليل الذي يعمل عليها أكثر من 75% من الوقت في تحضير البيانات فقط”.

كما قد تتخيل، فإن العائد على استثمار الوقت الذي تقضيه في ذلك ليس جيداً. فلنلق نظرة على الطريقة التي اتبعتها إحدى الشركات المتوسطة الحجم للاستفادة من القيمة الكامنة في بياناتها ونستكشف 3 خطوات يمكن لقادة الشركات المتوسطة الحجم اتخاذها لفعل الأمر نفسه.

كيف تعاملت إحدى الشركات متوسطة الحجم مع بياناتها

إحدى الشركات ضمن قائمة عملائي هي شركة “آتش دي إل كومبانيز” للخدمات الحكومية يقع مقرها في مدينة بريا بولاية كاليفورنيا، وهي تتعاون مع بلديات في ولايات كاليفورنيا وتكساس وغيرها لتحليل توزيع إيرادات ضريبة المبيعات في ولاياتهم من أجل ضمان حصول مدنهم أو بلداتهم على حصتها العادلة. تبحث شركة “آتش دي إل” عن حالات سوء التخصيص والفروقات التي يمكن أن تشير البلديات إليها عندما تلتمس التعويضات من الدولة. يتمثل صميم هذا العمل في مقارنة قواعد البيانات المختلفة من أجل الكشف عن الفروقات التي تؤثر في تحديد من يجب أن يحصل على إيرادات ضريبة المبيعات. مثلاً، ضمن إحدى قواعد البيانات قد تكون شركة ما مدرجة في مدينة دبلن بولاية كاليفورنيا، لكنها مدرجة ضمن قواعد البيانات الأخرى على أنها في مدينة بليزنتون المجاورة. هذه الفروقات ترفع احتمال وقوع خطأ في تخصيص الضريبة، وتتمثل وظيفة شركة “آتش دي إل” في التفتيش عنها.

يشتري سكان ولاية كاليفورنيا البالغ عددهم نحو 40 مليوناً منتجات خاضعة للضريبة من 5.9 ملايين بائع مرخص، ما يخلق مجموعة بيانات ضخمة لقرابة 46 مليون سجل ضريبي في عام 2020. على مدى أعوام، كانت شركة “آتش دي إل” توظف خبراء التحليل للتفتيش في هذا النوع من البيانات كل 3 أشهر بحثاً عن أخطاء. أنشأ فريق تكنولوجيا المعلومات في الشركة برنامجاً للمساعدة، لكن على مر الأعوام اعتمد فريق التحليل كثيراً من الأساليب اليدوية الفردية، وكان على فريق تكنولوجيا المعلومات التعامل مع كمية كبيرة من الأعمال المتراكمة كي يتمكن من الاستمرار في بناء قاعدة ترميز أساسية تشمل هذه الأساليب. كان التعامل مع العمل المتراكم يؤخر العملية التي تقوم بها شركة “آتش دي إل” لأتمتة المشاريع وتطوير التقنيات الجديدة من أجل إظهار الفروقات الضريبية بكفاءة أكبر. وفي نفس الوقت، كانت ولاية كاليفورنيا تجري تحسينات خاصة بها ما أدى إلى تقليل الفروقات التي يمكن العثور عليها باستخدام أدوات شركة “آتش دي إل” القديمة. يقول مات هيندرلايتر، مدير خدمات التدقيق في شركة “آتش دي إل”: “يتوصل فريقنا باستمرار إلى تقنيات تحليلية جديدة للعثور على حالات سوء التخصيص. لكننا كنا نعتمد بشدة على الطرق اليدوية لتصدير البيانات والتلاعب بها بواسطة برنامج “إكسل” إلى جانب إلزام كبار خبراء التحليل بإجراء مراجعة يدوية لجداول البيانات التي تضم ما يزيد على 70 أو 80 ألف صف من البيانات”.

وكي تتمكن شركة “آتش دي إل” من التعامل مع عوامل الضغط الخارجية (تحسينات ولاية كاليفورنيا) والداخلية (قسم تكنولوجيا المعلومات المحمل بأعباء عمل كبيرة وعملية التحليل اليدوية التي تحتاج إلى الكثير من العمل)، علماً أنها شركة متوسطة الحجم بميزانية متوسطة الحجم أيضاً، عيّنت متدربة موهوبة تدرس بدوام كامل لتحصيل درجة الماجستير في تحليل البيانات. تمكنت هذه المتدربة من تحويل بعض عمليات التحليل التي كان يستخدمها أفراد الفريق لتحديد حالات سوء التخصيص المحتملة إلى خوارزميات تولد مزيداً من فرص إعادة تخصيص إيرادات الضرائب في جزء بسيط من الوقت.

نظراً لهذا المكسب من حيث الكفاءة، قد يفترض المرء أن شركة “آتش دي إل” ستفكر في تسريح بعض موظفيها، إلا أن قسم التدقيق فيها يعين مزيداً من الموظفين من أجل متابعة جميع الفرص التي أظهرتها عملية التحليل المؤتمتة، وتمكنت الشركة من التركيز أكثر على تطبيق تكنولوجيات الذكاء الاصطناعي واستخدامها.

تحسين الكفاءة التشغيلية هو في أغلب الأحيان أهم أولويات الشركات المتوسطة الحجم. في دراسة استقصائية أجرتها شركة “تشانل كومباني” على قادة تكنولوجيا المعلومات في سوق الشركات المتوسطة الحجم، كشفت أن 75% من هذه الشركات تحقق إيرادات تتراوح بين 50 مليون دولار ومليار دولار، وأفاد 58% من المشاركين في الدراسة أن أولويتهم الأولى هي تحسين الكفاءة التشغيلية، وهذه النسبة أكبر بكثير من أولويتهم الثانية وهي زيادة الإيرادات (36%). يمكن دعم كلا الهدفين بأتمتة عمليات تحليل البيانات كما حدث في شركة “آتش دي إل”.

البداية

لا يمكن للشركات المتوسطة الحجم معالجة كافة الفرص، فميزانياتها وقواها العاملة وصخب عملياتها اليومية لا تتيح لها ذلك (هي ليست شركة “جوجل” على كل حال). لذا يتعين على الشركات المتوسطة الحجم البدء بأتمتة عمليات تحليل البيانات عن طريق التركيز على المجالات التي تفتقر العمليات الأساسية فيها إلى الكفاءة أو تعتمد بدرجة كبيرة على موظف واحد أو بضعة موظفين فقط. قبل الأتمتة، كان لدى شركة “آتش دي إل” 15 موظفاً يقضون جزءاً كبيراً من وقتهم في القيام بما تقوم به الخوارزميات اليوم.

كانت شركة “آتش دي إل” تقوم بأعمال البيانات بالفعل في حين لم تقم بها شركات كثيرة أخرى كدور الطباعة وموردي أدوات ومستلزمات السباكة وما إلى ذلك، لكن هذه الشركات لا تزال تكتنز البيانات ويمكنها الاستفادة منها باستخدامها على نحو استراتيجي. من المهم أن تبدأ بأساس متين، وفيما يلي 3 إجراءات يتعين على القادة التفكير فيها حين يبدؤون بأتمتة عمليات تحليل البيانات.

منح الأولوية لعملية التنظيف

تكون البيانات في الشركات المتوسطة الحجم فوضوية عادة، وتحتاج إلى كثير من الترتيب قبل أن تصبح مفيدة، والنشاط الأساسي الآخر هو تحديد البيانات المهمة ثم تنظيفها. يمكن أن يكون هذا العمل بطيئاً في البداية وهو غير مكلف، لذا حاول أن تعثر على المجالات التي يمكن للشركة استرداد التكلفة فيها خلال العام الأول، وهذا سيحول المشككين إلى مؤيدين.

وظف الأشخاص المناسبين

المسؤولون التنفيذيون ليسوا محللين. وهم يفتقرون إلى الوقت والصبر والمهارات اللازمة للقيام بعمليات تحليل البيانات كعبء إضافي على واجباتهم اليومية. أما خبراء تحليل الأعمال، فهم مبرمجون ورجال أعمال في آن معاً. بدأت شركة “آتش دي إل” بمتدربة وعينتها كمحللة للأنشطة التجارية بدوام كامل.

حضّر البيانات

لن تتمكن من البدء بالتفكير في الذكاء الاصطناعي إلا عندما تكون بياناتك محضرة بالكامل، إذ يخلق الذكاء الاصطناعي منطقه الخاص من تحليل الأنماط التي تكتشفها في البيانات. على الرغم من أن الذكاء الاصطناعي وتعلم الآلة مفيدان ومثيران للاهتمام، فإن كلتا التكنولوجيتين تحتاجان إلى قواعد بيانات كبيرة لتتدرب عليها وتولد نتائج إيجابية وسلبية مثبتة. بعد تنظيف البيانات بما يكفي وإجراء بعض عمليات البحث القائمة على الخوارزميات، سيكون لدى معظم الشركات المتوسطة الحجم قاعدة بيانات كبيرة بما يكفي ومفيدة يمكنها تدريب نموذج الذكاء الاصطناعي عليها.

قادة الشركات المتوسطة الحجم محقون في حماسهم تجاه الفرص المتاحة للاستفادة من القيمة الكامنة في مجموعات بياناتهم الكبيرة، والآن هو الوقت المناسب لبدء هذه الرحلة التي ستستمر على مدى عدة أعوام والالتزام بتعيين أصحاب المواهب المناسبة مع اتخاذ خطوات تدريجية لإنتاج القيمة من أتمتة عملية تحليل البيانات والأنواع الأخرى من التحليلات المحوسبة.

تنويه: يمكنكم مشاركة أي مقال من هارفارد بزنس ريفيو من خلال نشر رابط المقال أو الفيديو على أي من شبكات التواصل أو إعادة نشر تغريداتنا، لكن لا يمكن نسخ نص المقال نفسه ونشر النص في مكان آخر نظراً لأنه محمي بحقوق الملكية الدولية. إن نسخ نص المقال بدون إذن مسبق يعرض صاحبه للملاحقة القانونية دولياً.

جميع الحقوق محفوظة لشركة هارفارد بزنس ببليشنغ، بوسطن، الولايات المتحدة الأميركية 2024 .