كيف تفكر في نفسك عندما تتحكم الخوارزميات فيما تقرؤه؟

3 دقائق
استمع الى المقالة الآن هذه الخدمة تجريبية
Play Audio Pause Audio

بنقرة زر، تستطيع مجموعة صغيرة من عمالقة التقنية تغيير طبيعة ودرجة استيعاب الجنس البشري للمعلومات. في العام 2013، خطت “جوجل” خطوة تجاه فهم نية وتوجه مستخدميها مع خوارزمية “الطائر الطنان” (Hummingbird algorithm). واستبدل تطبيق “تويتر” التغريدات الأكثر أهمية بالتغريدات الأحدث عندما أدخل الخط الزمني “تايم لاين” لخوارزمياته في العام 2016. أما موقع “فيسبوك”، فأكد أنه سوف يستبدل “العناوين الكاذبة” (Clickbait) ليحل محلها تفاعلات ذات مغزى ومعنى في “موجزاتها” (feeds) في وقت سابق من هذا العام. هذه التغييرات تقابل على الدوام بالضجيج العام لبضعة أسابيع، وبعدها مباشرة تذعن البشرية وتخضع للأمر الواقع. إن قدرة مجموعة من الصفوة على التغيير الفوري لأفكار وسلوكيات مليارات الأشخاص يعتبر أمراً غير مسبوق.

لقد أصبح كل هذا ممكناً بفضل الخوارزميات. إن موجزات الأخبار والمعلومات والتعلم التي تحمل الطابع الشخصي، إلى جانب منسقة العرض التي نستخدمها عدة مرات في اليوم، حصلت جميعها من خلال عملية “تصفية تعاونية” (collaborative filtering). هذا هو المبدأ المتمثل في أنه إذا كنت أنا أحب (س)، وأنا وأنت متشابهان في بعض النواحي المحددة على أساس الخوارزميات، عندئذ فمن المحتمل أنك أنت أيضاً تحب (س). يحصل كل شخص من الجماعة على موجزه الخاص والمخصص بشكل جماعي، والذي تعينه وتحدده الآلة.

إن التبعات جسيمة وتغطي نطاقاً واسعاً. فالأخبار الزائفة والمعلومات المضللة متغلغلة ومنتشرة. إذ يتم إخضاع الأطفال الصغار لمحتوى خبيث يتم توليده على أساس الخوارزميات وتحسينه على أساس الخوارزميات أيضاً. ربما تتمثل أقل التبعات مدعاة للقلق في أن هناك تحيزاً نظامياً في موجزاتنا المعلوماتية، والتي نديرها، ونطلع عليها من خلال، “غرف الصدى متناهية الصغر” (tiny echo chambers). ومن المفارقات الغريبة أن خبراتنا بعالم الإنترنت اليوم هي بالفعل ذات صيغة محلية إلى حد ما، على الرغم من التحذيرات التي تأتي من أمثال إيلي باريزر، رئيس مجلس إدارة مجموعة “موف أون” (MoveOn)، إذ تعود تحذيراته إلى العام 2011.

ما الذي يمكن فعله؟ في حين أن علماء البيانات، وصناع السياسات، ومجالس القواعد الأخلاقية، يعملون على نطاق واسع في عمليات إصلاح على المدى الطويل، فمن الواجب علينا، كعملاء أفراد، أن نضمن اكتشاف ما نحتاج إليه بشكل فعلي وتعلمه. في ضوء الخلفية التقنية الموصوفة أعلاه، فإنه من المهم أكثر من أي وقت مضى أن يتخذ العاملون في مجال المعرفة الحديثة قرارات أعمال جيدة وسليمة بناء على معلومات جيدة: واقعية، غير متحيزة، وواسعة النطاق. بالطبع، تعتبر مقاومة الخوارزميات صعبة لأننا نكون بصدد الوقوف ضد نظام معقد وسري. بيد أن ذلك ليس من غير جدوى، حتى الآن.

فيما يلي 5 خطوات عملية يمكنك اتخاذها على الفور:

أولاً، يتوجب عليك أن تكون مدركاً لما يدور حولك (هناك الكثير من القرارات التي يتم اتخاذها نيابة عنك بواسطة رمز غير مرئي)، وأن تكون مدركاً لما هو عرضة للخطر (تبعات امتلاك رؤية محددة للغاية وضيقة بالعالم المحيط). إذ تعتبر القراءة المستفيضة بشأن المشكلة بداية جيدة في هذا الشأن. هذا الإدراك ربما يشجعك على التشكيك في صحة وشمولية الموجزات التي تصلك، ويشجعك على إيجاد حلول أكثر ارتباطاً بموقفك مما يمكن سرده هنا.

ثانياً، مساعدة الخوارزمية. أو القيام بتصميمها وتطويرها. يجب عليك تغيير إعداداتك بحيث تسمح ببعض التوصيات العشوائية (إذا كانت هذه الميزة متوفرة في النظام). اتبع عمداً الأشخاص أصحاب الرؤى المتعارضة. قم بشكل استباقي باستكشاف منصات التواصل الاجتماعي التي تختارها وليس مجرد الاستهلاك السلبي للمحتوى الذي تم تخصيصه لك؛ وسوف تلتقط الخوارزمية ذلك الاستكشاف، وسوف تنعكس في صورة توصيات مستقبلية. عليك أن تجعل النظام يوسع دائرة بحثه.

ثالثاً، محاولة الاختفاء عن الأنظار والهرب من التصفح بخصوصية، من خلال وضع “التصفح المخفي” (incognito) إلى البحث المجهول من دون اسم مع محرك بحث لا يتتبعك، هناك مجموعة كبيرة من الطرق رهن إشارتك في ذلك. لا ينبغي أن يكون هذا تحولاً دائماً أو مطلقاً من جانبك. ولكن معرفة متى وكيف تستطيع تصفح الإنترنت دون تتبع أو مراقبة من أحد يمكن أن يكون مفيداً ونافعاً لك.

رابعاً، يجب أن تقرر بوعي مدى التأثير البشري الذي تريده. إن كل ملخصات البريد الإلكتروني المخصصة وموجزات وسائل التواصل الاجتماعي يتم تحديدها بواسطة الخوارزميات. لا تزال الافتتاحات التحريرية تقع في يد واحد من البشر. وبالطبع، فإن التمحيص والتدقيق من جانب البشر يخضع للتحيز أيضاً. وعلى الجانب الآخر، فإن ذلك يخضع أيضاً للتدقيق والإمعان من جانب جمهور عريض؛ حدود المسؤولية الأكثر وضوحاً (ولكن اللوم يقع على عاتق رئيس التحرير)؛ الأخلاقيات والمعايير؛ والطموح (لبعض المطبوعات على الأقل) لتقديم تغطية ملائمة شاملة لا تغطية ذاتية غير موضوعية.

خامساً، الخروج من غرفة الصدى الرقمية عبر الخروج التام من النظام الرقمي. إن العالم المادي عالم فوضوي بانتظام. ينبغي إيلاء المزيد من الانتباه إلى المشاعر والملاحظات والتأملات والمحادثات المتاحة لديك في الحياة الحقيقية.

إن تأثير الخوارزميات هائل وهو سلاح ذو حدين. تمت الإشارة هنا إلى بعض الآثار السامة. كما أن المزايا والمنافع أساسية أيضاً: من آلاف وملايين، بل وحتى مليارات الأجزاء من المحتوى غير الملائم في الغالب، فإن الخوارزميات تقدم تغذية من شذرات تنطوي على الإرغام بقدر ما تنطوي على الإلهام. ثبّت ما تحصل عليه من موجزات بحيث تعظّم منظورك على شبكة الويب العالمية وكذلك على مستوى العالم الكبير بأسره.

تنويه: يمكنكم مشاركة أي مقال من هارفارد بزنس ريفيو من خلال نشر رابط المقال أو الفيديو على أي من شبكات التواصل أو إعادة نشر تغريداتنا، لكن لا يمكن نسخ نص المقال نفسه ونشر النص في مكان آخر نظراً لأنه محمي بحقوق الملكية الدولية. إن نسخ نص المقال بدون إذن مسبق يعرض صاحبه للملاحقة القانونية دولياً.

جميع الحقوق محفوظة لشركة هارفارد بزنس ببليشنغ، بوسطن، الولايات المتحدة الأميركية 2024 .