3 أمور تحفز نمو ريادة الأعمال في أفريقيا

4 دقائق
ريادة الأعمال في أفريقيا
استمع الى المقالة الآن هذه الخدمة تجريبية
Play Audio Pause Audio

قد يكون الأمر محبطاً لمصالح بعض المستثمرين الغربيين في مجال ريادة الأعمال في أفريقيا، وخصوصاً أولئك الذين لم يجنوا بعد مكافآت يمكنهم التباهي بها. ويصل الأمر إلى حد أن شركة رائدة مثل منصة “جوميا” النيجيرية للبيع عبر الإنترنت (التي يتأمل البعض أن تكون “أمازون أفريقيا”) تكافح الآن لإعادة الأرباح إلى شركة “روكيت إنترنت” (Rocket Internet) الألمانية التي تعتبر من أوائل المستثمرين فيها.

ريادة الأعمال في أفريقيا

لماذا هذه النظرة المتشائمة؟ أحد الأسباب التي تقف وراء ذلك، هو أنه في الوقت الذي تزدهر فيه ريادة الأعمال في أفريقيا، نجد أن بعض المشاريع كبيرة بما يكفي للمؤسسات الاستثمارية الغربية، والسبب الآخر هو أن المستثمرين مرضى بحبهم للتكنولوجيا المتقدمة.

قد يتسبب اتباع نهج واقعي لكسب المال بالملل لدى البعض. ففي عام 2014، تطرقنا إلى الحديث حول ما يريده المستثمرون الغربيون من رواد الأعمال الأفارقة. وقد أجرينا مؤخراً مقابلات مع 100 من رواد الأعمال لمعرفة أي المشاريع هي الأكثر ازدهاراً. نعرض فيما يلي 3 أمور يريدها المستثمرون الغربيون من رواد الأعمال الأفارقة، وهي: التركيز على قمة الهرم، والسيطرة على عوامل الإنتاج، والابتكار في التوزيع بدلاً منه في المنتجات.

قمة الهرم

إن الحقيقة المؤسفة للكثير من الاقتصادات الأفريقية، هي أن جزءاً بسيطاً فقط من السكان يشارك في الاقتصاد المنظم. ويحتاج رواد الأعمال إلى القدرة على المزج بين معايير الجودة العالمية والتصميم الأفريقي، ليكتسبوا زخماً لدى أبناء الطبقة المتوسطة العليا، ومداخيلهم المتاحة للإنفاق.

خذ بعين الاعتبار مكاناً مثل مالاوي، حيث تشمل قمة الهرم مدينتين، إضافة إلى عدد قليل من الوافدين. في هذه الحالة، رأت شركة “فاديث فيرنشرز” (Fadeth Furnishers) الفرصة سانحة لتقديم بديل مخصص لذوي الدخول العالية عوضاً عن صناعة الكنب والكراسي المنتشرة هناك، وهي أعمال نجارة بديلة للأعمال التقليدية المتعارف عليها. كان متجر الشركة في مدينة بلانتير يضم مصنوعات جلدية غربية ذات جودة عالية، مزينة بزركشات من وحي الحياة البرية. البضائع غالية الثمن، لكنها أرخص من البضائع المستوردة. استخدمت شركة “فاديث فيرنشرز” معاونين موثوقين قادرين على تلبية طلبات العملاء في المناطق النائية لإيصال بضائعها إلى الأغنياء الذين كانوا يشكلون مجموعة كبيرة تقطن مدينة ليلونغوي التي تقع على بعد مئات الأمتار، وكانت الأسر الممتدة ميزة إضافية هناك.

اقرأ أيضاً: كيف يمكن للشركات الناشئة النجاح في عالم يسيطر عليه فيسبوك وجوجل؟

مثال آخر هو شركة “فن كيدز” (FunKids)، وهي علامة تجارية كينية تعمل في مجال الأثاث تستهدف ذوي الدخول العالية، وتعتمد على شخصيات حيوانية شبيهة بشخصيات “ديزني”، لكن بلمسات أفريقية. ويوجد أيضاً “سوزي بيوتي” (SuzieBeauty) في نيروبي، وهي شركة تطور مستحضرات تجميل تناسب الذوق الأفريقي وبجودة مماثلة للمعايير الغربية.

بعض هذه الشركات تتجاوز الحدود الوطنية وتتوسع إلى مساحات أكبر. خذ على سبيل المثال “جافا هاوس” (Java House)، وهي سلسلة مطاعم انطلقت في نيروبي في عام 1999، ولديها الآن 40 فرعاً في شرق أفريقيا. زبائن هذه المطاعم من الأثرياء التوّاقين إلى العلامات الأفريقية التي تلبي احتياجاتهم، وهؤلاء يثقون بالجودة التي تقدمها “جافا هاوس”، فقد استطاعت أن تجمع بين المعايير العالمية والذوق الأفريقي الأصيل.

عوامل الإنتاج

عندما يكون الإمداد بالمواد الأساسية ضعيفاً، فإن التحكم بالأرض والعوامل الأخرى هو الطريق إلى النجاح، حيث تعود أكثر الأعمال “مللاً” حسب المعايير التقنية الجديدة، مثل إنتاج الإسمنت أو ملكية الأرض، في أغلب الأحيان بأرباح كبيرة.

تخيل أن قطعة أرض متصلة وسط أراض متفرقة الملكية يمكنها أن تضم الفندق الوحيد أو المزرعة الوحيدة في المنطقة. على سبيل المثال، تتمتع “سيرينا هوتلز” (Serena Hotels) بوضع شبه احتكاري في بعض المتنزهات الوطنية التي يمنع البناء فيها في كينيا وتانزانيا، من خلال عقود إيجار يصل عمرها من 25 إلى 63 عاماً. وقد أصبحت “إيلوفو شوجار” (Illovo Sugar) أحد المصدّرين المالاويين القلائل نظراً لاستخدامها قطعة أرض في منطقة نهر شاير الأدنى.

تمتلك خدمات الإمداد إمكانية مشابهة لإنشاء أعمال تجارية كبيرة. على سبيل المثال، لا تزال الشاحنات الكبيرة سلعة ثمينة. وفي كينيا، تعتبر شركة “نيو كنغستون هاردوير” (Neo Kingstone Hardware) أحد كبار الموزعين لمواد البناء، ولكنها تشحن السكر أيضاً. لماذا هذا المزيج غير العادي؟ تحمل الشاحنات الإسمنت إلى غرب البلاد، حيث منطقة حزام قصب السكر، لذا، فإن بمقدورهم إحضار المحصول في طريق عودتهم إلى منطقة موييا. إضافة إلى ذلك، تمتلك شركة “نيو كنغستون هاردوير” محطة وقود خاصة، مما يسهل عليها إدارة ما يمكن أن تكون بنية تحتية منسجمة.

وفي موييا أيضاً، لاحظ تشارلز نجيرو، المعروف باسم “مكومبوزي”، أن القليل يمتلكون وسائل لطحن الأرز في إقليم يزرع 80% من إجمالي محصول البلاد من الأرز. واليوم، تعالج “مطحنة الأرز الجميل” (Nice Rice Mill) التي يمتلكها “مكومبوزي”، 70% من إنتاج الأرز في الإقليم. إذاً، عندما يقيّم المستثمرون الغربيون المشاريع الأفريقية، فإن الجهات التي تتحكم بعوامل الإنتاج تحصل على مكافآت أكبر.

الابتكار في التوزيع

يجب على المستثمرين الذين يرغبون في الوصول إلى أغلبية المستهلكين التركيز أيضاً على إيصال السلع إلى المجتمعات الريفية المتناثرة. ففي العديد من الحالات يكون التغلب على الفجوات في البنية التحتية أمراً أكثر أهمية من حداثة المنتج. وللتعامل مع هذه المشكلة، يجب على المستثمرين التفكير في الاستفادة من الهواتف المحمولة والطائرات المسيّرة وخطط الدفع والوحدات الصغيرة والهياكل الاجتماعية.

في رواندا، توزع شركة “زيبلاين” (Zipline) الأدوية المطلوبة بشكل عاجل من خلال الطائرات المسيرة من دون طيار. وتوفر “آزوري تكنولوجيز” (Azuri Technologies) الإضاءة للقرويين غير المتصلين بالشبكة، عبر تقديم ألواح طاقة شمسية بخطط دفع بسيطة من خلال خدمة لنقل المبالغ المالية عبر الهاتف المحمول.

تدرك الشركات ما عرفه علم التمويل بالغ الصغر منذ فترة من الوقت، وهو أن الجماعات المحلية التي تحافظ على أمنها بنفسها أو رؤساء القرى الذين يحافظون على مواثيق الشرف بين قراهم يمكن أن يتحفظوا على التدفق المالي في الأماكن النائية. وقد استطاعت شركتا “تويوتا” و”ياماها” إيجاد زبائن للدراجات النارية من خلال هياكل مجموعات اجتماعية مشابهة. في كينيا، يدخل 6 أشخاص من الراغبين بركوب الدراجات سوياً في نظام “كروكس فايننس” (Crux Finance) التابع لشركة “تويوتا”، فيدفع كل واحد منهم 8 آلاف شيلينغ كيني (94 دولاراً)، ويبدأ سعر ركوب الدراجة من 355 شيلينغ كيني (4.20 دولاراً) لليوم الواحد، غالباً كدراجات نارية بالأجرة “بودا بودا”. ولينجح ذلك الأمر، يعتمد أفراد المجموعة الستة على بعضهم البعض في السداد الفوري.

هذه المسارات الثلاثة للنجاح تتفوق ببساطتها على جاذبيتها، وهذا على الأرجح ما يجعلها تحظى بالقليل من الشهرة. لكنها قد تكون مصدر أغلب حالات النمو الأخيرة التي تشهدها ريادة الأعمال في أفريقيا. وفي حين أنه سيكون هناك متسع للحاضنات الأفريقية وحماس من أجل الابتكارات التقنية على مستوى القاعدة، فإن الشيء الأكثر أهمية هو الأخذ في الحسبان بأن أغلب النقود يتم جنيها بطرق تقليدية جداً حتى أنه قد يتطلب الأمر من المستثمرين الغربيين أن ينزعوا عن أعينهم نظارات الواقع المعزز حتى يشاهدوا فرص ريادة الأعمال في أفريقيا.

اقرأ أيضاً: 

تنويه: يمكنكم مشاركة أي مقال من هارفارد بزنس ريفيو من خلال نشر رابط المقال أو الفيديو على أي من شبكات التواصل أو إعادة نشر تغريداتنا، لكن لا يمكن نسخ نص المقال نفسه ونشر النص في مكان آخر نظراً لأنه محمي بحقوق الملكية الدولية. إن نسخ نص المقال بدون إذن مسبق يعرض صاحبه للملاحقة القانونية دولياً.

جميع الحقوق محفوظة لشركة هارفارد بزنس ببليشنغ، بوسطن، الولايات المتحدة الأميركية 2024 .