تحديات مديرة شابة ونجاحاتها

12 دقيقة
قصة نجاح مديرة شابة
shutterstock.com/LeoWolfert
استمع الى المقالة الآن هذه الخدمة تجريبية
Play Audio Pause Audio

أجرت هارفارد بزنس ريفيو مقابلة صوتية (بودكاست) مع جولي تشو، نائبة رئيسة تصميم المنتجات في شركة “فيسبوك”. وهي مؤلفة كتاب “إعداد المدير: ماذا تفعل عندما يتطلّع الجميع إليك” (The Making of a Manager: What to Do When Everyone Looks To You). وتحدثنا فيها عن قصة نجاح مديرة شابة.

بدأت جولي تشو عملها في الشركة بصفتها متدربة، وأصبحت مديرة في عمر الخامسة والعشرين من عمرها. ارتكبت جولي العديد من الأخطاء في بداية مسيرة حياتها المهنية، مثل العديد من الأفراد الذين يصبحون مدراء لأول مرة، وتصرفت بناءً على مفهوم الإدارة الذي كوّنته بنفسها، إلا أنها طوّرت من مهاراتها القيادية في النهاية، لتجد السرور في هذا المنصب، وهي تقود اليوم المئات من الموظفين. تقول تشو إن منصب الإدارة ساعدها في معرفة نفسها بشكل أفضل.

وإليكم مقتطفات من هذه المقابلة الصوتية:

النص:

كيرت نيكيش: مرحباً بكم في برنامج “آيديا كاست” المقدم من هارفارد بزنس ريفيو، أنا كيرت نيكيش. لنتذكّر سوية الأيام الأولى لشركة “فيسبوك”، ولا أقصد بذلك أن نتحدّث عن مؤسس الشركة مارك زوكربيرغ وأيام إقامته في السكن الجامعي التابع لجامعة هارفارد، وإنما الفترة التي تلت تأسيس الشركة. كان مقر شركة “فيسبوك” في كاليفورنيا في أوائل عام 2000، ومثل العديد من الشركات الناشئة الأخرى، انضم عدد قليل من الخريجين الجدد والمتألقين إلى شركة “فيسبوك”، وعملوا لساعات طويلة، وانطوى حلمهم على تغيير العالم. وكان عدد موظفي الشركة قليلاً جداً، لدرجة أن بإمكانهم الاحتفال جميعاً في فناء الشركة الخلفي. كانت جولي تشو من بين هؤلاء الموظفين، والتي بدأت عملها في الشركة بصفتها متدربة. درست تشو علوم الكمبيوتر في الكلية، وشغلت منصب مصممة للمنتجات، إلا أنها حصلت على فرصة ذهبية بعد عدة سنوات من عملها، إذ أصبحت مديرة في الشركة. لقد كانت تلك تجربة مروعة، ارتكبت فيها العديد من الأخطاء، وتعرضت إلى الكثير من مواقف سوء الفهم. وفي عمر الخامسة والعشرين عاماً فقط، حاولت إدارة فريقها كما يُدير معظم المدراء شركاتهم حسب اعتقادها، ذلك لأنها لم تحصل على الكثير من التوجيهات بشأن كونها مديرة لأول مرة آنذاك، إلا أنها كتبت اليوم الكتاب الذي تمنّت لو أنه كان موجوداً في الماضي. وتشغل جولي تشو اليوم منصب نائبة رئيسة تصميم المنتجات في شركة “فيسبوك”. ويحمل كتابها عنوان: إعداد المدير: ماذا تفعل عندما يتطلّع الجميع إليك” (The Making of a Manager: What to Do When Everyone Looks To You). شكراً لقبولك حضور البرنامج يا جولي.

جولي تشو: شكراً لاستضافتكم لي.

كيرت نيكيش: لنتحدث عن اليوم الذي بدأت فيه الإدارة. كنتِ في الخامسة والعشرين من عمرك، في هذه الشركة الناشئة سريعة النمو، تحاولين فقط التعامل مع المشاكل التي كانت تواجهك مباشرة وبأسرع وقت ممكن، دون التفكير حقاً في تطوير الشركة أو تطوير نفسك. هل كنت على استعداد لشغل هذا المنصب؟ ماذا حدث؟

جولي تشو: لم أفكر أبداً في أصبح مديرة في الواقع، لقد انضممت إلى فريق من المصممين مكوّن من خمسة أو ستة موظفين فقط، ولم يكن لدينا مدير مباشر، لأن الفريق كان لا يزال صغيراً، بل كان يوجد كبير المصممين الذي شغل المنصب لفترة طويلة والذي تولى الدور القيادي، لكن لم يكن لدينا أي مدير. ولم أجرِ مقابلات شخصية مع أي أحد، ولم يكن لدينا حتى أي محادثات مهنية. واستمر هذا الوضع مدة ثلاث سنوات تقريباً، اعتدت خلالها أن أعمل على تأدية المهمات التي تُوكل إليّ فقط. فكنت أعمل على تصميم أيقونة أحياناً، وأحياناً أخرى كنا نعمل على ابتكار أفكار وتصميمات جديدة. كما كنت أقدم يد العون في بعض المجالات التي لم أكن أعرف عنها أي شيء على الإطلاق. وفي يوم من الأيام، قالت مديرتي “لقد أجرينا مقابلات مع عدد كبير من المصممين، ومن المقرر أن يبدأ البعض منهم العمل خلال الشهرين المقبلين، إلا أنني أعمل بمفردي وأحتاج إلى شخص آخر لمساعدتي في الإدارة”. وقد مضى على عملها في الشركة آنذاك حوالي سنة ونصف السنة. وأضافت “أنت تنسجمين مع الجميع، كما أنك شخص ودود للغاية، وسيكون من الرائع أن تكوني المديرة المباشرة لهؤلاء المصممين الجدد، وأن تساعديهم في الاندماج بالشركة”. تفاجأت نوعاً ما بحصولي على ذلك العرض، إلا أنني سعدت جداً، وكنت أفكر في قرارة نفسي أنني سأبذل قصارى جهدي لمساعدة الفريق. وأجبتها على الفور “بالتأكيد! يُسعدني القيام بذلك”.

كيرت نيكيش: إذاً، اختارتك لشغل منصب الإدارة، وأعربتِ بدورك عن قبولك العرض، واستعدادك للقيام بما يجب القيام به كله. ماذا حدث بعد ذلك؟ ما الذي فعلته بعد ذلك؟

جولي تشو: أبلغنا الفريق بقرارنا هذا على الفور، ثم أوصتني أن أخصص بعض الوقت لألتقي مع كل فرد من أفراد الفريق الجديد الذين سيصبحون مرؤوسي المباشرين. وأتذكر أول اللحظات الحرجة التي قضيتها، والتي فكرت خلالها في الانسحاب من أداء هذا الدور الذي بدا مختلفاً تماماً عن المناصب أو المهمات الأخرى التي اعتدت أداءها في الماضي، إذ أجريت اجتماعاً منفرداً مع أحد مرؤوسي المباشرين الذي كان أحد أقراني في الماضي، وشخصاً أكنّ له الكثير من الاحترام، وشخصاً عمل في مجال التصميم لفترة أطول بكثير من فترة عملي، وشخصاً يمتلك موهبة أكثر مني في التصميم. كنا نجلس في غرفة واحدة، وقد أوحت نظراته “أنه ليس باستطاعتي أن أقدّم له أي شيء مفيد بالفعل”، وكنت أفكر في الشيء نفسه في الواقع. وفكرت في تلك اللحظة الحرجة بالضبط في الوضع الذي أقحمت نفسي فيه.

كيرت نيكيش: المثير في الأمر هو أنه كان من الممكن أن تختار الإدارة كبير المصممين أو الشخص الذي يتمتع بأكبر خبرة في التصميم، إلا أن خبراء الموضوع ليسوا المدراء الأفضل دائماً.

جولي تشو: نعم، وقد تعلمت هذا لاحقاً في حياتي المهنية. إلا أنني كنت أتساءل في قرارة نفسي في تلك اللحظة الحرجة عما يجب أن أقدمه، إذ إنني لن أكون أفضل من ينتقد عمل هذا الموظف، ولن أكون قادرة على تعليمه كيفية أداء مهماته، لأني لا أمتلك الخبرة الكافية في هذا الموضوع. وكثيراً ما كنت أضغط على نفسي بفكرة أنني أعرف ما أقوم به، وأعتقد أن هذه هي إحدى المعتقدات الخاطئة التي مارستها، وأرى الكثير من المدراء الجدد يمارسونها أيضاً، ذلك لأننا تربينا على فكرة أن المدير هو شخص يمتلك مطلق السلطة والقوة، وشخص يمتلك بيده قرار طردك أو ترقيتك، وشخص واثق في نفسه وفي تصرفاته، ويظن أنه على حق دائماً، وأنه المسيطر على كل شيء. وحاولت أن أحذو حذو تلك الصورة التي كوّنتها في ذهني عن المدير الناجح، وشعرت في بعض الأحيان أنني أنجح في تأدية هذا الدور، إذ إنني كنت أحاول حضور الاجتماعات، وأن أكون أكثر ثقة أو استعداداً. وكنت أشعر بالتوتر إذا ما طرح أحدهم سؤالاً ما، إذ لا بدّ من أن يعرف المدير الإجابة عن كل شي، إلا أنني كنت أختلق الإجابات وأحاول تقديمها بكل ثقة، حتى عندما لم أكن واثقة من الإجابة تماماً. لسوء الحظ، استغرق الأمر مني بعض الوقت لأدرك أنني أتّبع نهجاً خاطئاً وغير فاعل، وأن أتعلم طريقة أخرى لإدارة الفريق.

كيرت نيكيش: ما هو مقدار الوقت الذي قضيته في إدارة أعمال فريقك والمنتجات، وما هو مقدار الوقت الذي قضيته في إدارة الفريق نفسه في سنوات الإدارة المبكرة هذه؟

جولي تشو: عندما بدأت الإدارة، كان لا يزال لديّ قائمة كاملة من المهمات والمساهمات الفردية التي يجب عليّ أداؤها، فضلاً عن وجود العديد من مشاريع التصميم التي كنت أشرف على إنجازها، والمهمات والواجبات الأخرى التي اضطررت إلى إنجازها. وواصلت أداء هذه المهمات فترة طويلة، إذ كان من الصعب بالنسبة إلي بصراحة أن أتخلى عن ذلك، لاعتقادي أنني لن أكون مديرة ناجحة إن لم أكن على ارتباط وثيق بالعمل، وإن لم استخدم وأتعلم أحدث الأدوات التي يستخدمها المصممون، وإن لم أشارك في مشاريعي الخاصة، وأشرف على الخطوات التي يتّبعها المصممون. واعتقدت أنني إن لم أتّبع هذا النهج سأخسر احترام أعضاء الفريق، لاعتقادهم أنني لست على ارتباط وثيق معهم، أو أنني لا أعرف حقاً ما يعنيه مجال التصميم. وقد جعلني هذا الانعدام الأمني أرغب في أن أثبت لهم أنه لا يزال بإمكاني القيام بأعمال التصميم، إلا أنني فشلت في تحقيق توازن صحي بين عملي وحياتي الشخصية.

كيرت نيكيش: أنت الآن نائبة رئيسة تصميم المنتجات، ولديك فريق مكون من مئات الأفراد ربما، أليس كذلك؟

جولي تشو: نعم.

كيرت نيكيش: من الواضح أنك مديرة جيدة. إلى من تعزين نجاحك كمديرة؟

جولي تشو: الأمر الأهم هو أنني أحب هذه الوظيفة، أنا أعرف بالفعل الكثير من الأشخاص الذين يمتلكون المهارات كلها التي تؤهلهم للحصول على مناصب إدارية، ولكن لا بدّ أن يتولّد لديك شعور بالسعادة والشغف أثناء أداء مهماتك الإدارية هذه. والإدارة بالنسبة إلي هي ببساطة مساعدة مجموعة من الأشخاص في الوصول إلى النتائج والأهداف التي أحددها. وإن لم يمنحك هذا الدور السعادة، سيكون من الصعب عليك حقاً تحقيق النجاح. وما حصل معي هو أنني كنت دائمة الشعور بالرضا عما أفعله، لم أكن أتفاخر بقدرتي على تحقيق غاية ما، وإنما كنت أشعر بالرضا عند إدراكي أنني ساعدت شخصاً ما، أو مكّنت شخصاً ما من تحقيق أهدافه أو أهداف الفريق. والأمر الآخر هو شعوري بالسعادة في العمل مع الأفراد الآخرين. وأعتقد أن منصب الإدارة يمثل تحدياً كبيراً يوماً بعد يوم، نظراً إلى اختلاف طبيعة الأفراد. ويكمن التحدي في ضرورة أن أستمع، وأن أتعاطف، وأن أدرك طبيعة الأفراد هذه، وأن أعي نقاط قوتهم، ومجالات نموهم، وعاداتهم، والأشياء التي يحبونها والأخرى التي يبغضونها، وكيفية مساعدتهم في أن يكونوا أكثر إنتاجية في سياق العمل وفي سياق علاقاتهم مع الفريق ككل. وأجد الكثير من الرضا، وأمتلك حب الاستطلاع في التعرف على الأفراد والتواصل معهم بشكل وثيق.

كيرت نيكيش: من الواضح أن شركة “فيسبوك” هي شركة مختلفة تماماً اليوم عما كانت عليه عند تأسيسها، فقد ازداد عدد المستثمرين مع نمو حجم الشركة، هل قابلت أشخاصاً يمتلكون خبرة متعمقة في مجال الإدارة في الشركات الأخرى، أو أشخاصاً أسسوا شركاتهم من الصفر وتطورت خبراتهم مع نمو الشركة؟

جولي تشو: بالتأكيد، لقد اعتدنا في الماضي على تأدية مهماتنا وابتكار المنتجات دون التفكير بالضرورة في تصميم المؤسسة وثقافتها، ودون العمل بروح الفريق الواحد لضمان تحقيق النجاح في المستقبل. لكنك تتخطين ذلك مع نمو حجم شركتك، وتنتقلين إلى مرحلة الفخر بتحقيق الشركة هذا النجاح. وعندما تصلين إلى تلك المرحلة من الحجم، من الضروري توظيف أشخاص يمتلكون خبرة كبيرة في تحويل شركة صغيرة ناجحة إلى شركة تدوم طويلاً.

كيرت نيكيش: هل كان هذا صعباً بالنسبة إليك؟ أقصد، هل استأت من انضمام أي شخص أصبح قرينك أو مرؤوسك، أو شخص لم يشهد الأيام العصيبة التي مرّت فيها الشركة في أيامها الأولى؟

جولي تشو: نعم، بالتأكيد! وأتذكر بوضوح عدة مواقف حضرت فيها العديد من المقابلات مع مدراء التصميم الآخرين الذين امتلكوا خبرة في إدارة فرق مكوّنة من 100 إلى 200 شخص، في حين كان فريق التصميم الخاص بنا صغيراً آنذاك، ويضم حوالي 50 موظفاً فقط. وقد سمعت هؤلاء المدراء يتحدثون حول كيفية إدارتهم هذه العمليات كلها، وكيفية تنفيذهم رحلات المستخدم البحثية التي تستغرق ستة أشهر، وكيفية عقد هذه الأنواع من الاجتماعات. وأتذكر بوضوح شديد شعوري بالصدمة، إذ إن ذلك يستلزم الكثير من النفقات العامة، ولم أعتقد أنه سينجح تماماً في شركتنا! وكانت الأمور تجري بسرعة، ولم تكن آراؤنا متوافقة، إلا أنهم خططوا لتنفيذ مجموعة من العمليات والإجراءات، ووضعوا قائمة بالمهمات الواجب تنفيذها. شعرت بالتوتر بداية من هذه العقلية، لأنهم لا يعرفون كيفية سير الأمور في شركتنا. إلا أن العمل معهم على مدار ستة أشهر إلى سنة، وحتى سنتين، جعلني أدرك مدى أهمية تجربتهم، ذلك لأنهم خاضوا التجربة نفسها من قبل، وأدركوا أن بإمكانهم تجاوز الصعاب كلها بالفعل. وبالتالي، كان ضروري أن أخوض هذه التجربة من أجل أن أفهم وأقدّر إلى أي مدى كنت محظوظة بالتعامل مع أشخاص مثلهم والتعلم منهم.

كيرت نيكيش: هل يمكنك أن تحدّثينا باختصار عن بعض المشكلات الإدارية الشائعة التي واجهتها؟ لقد ذكرت العديد من هذه المشكلات في كتابك. ما هي آراؤك بشأن الاجتماعات؟ كيف تديرين الاجتماعات؟

جولي تشو: أحب أن يكون للاجتماعات نتائج واضحة للغاية، وأن تكون ناجحة تماماً. وأحاول تجنب عقد اجتماعات متكررة إلا في حال كانت نتائج الاجتماع واضحة تماماً قبل عقده.

كيرت نيكيش: ما هو الخطأ الذي يرتكبه معظم الأفراد عندما يتعلق الأمر باستقدام الأفراد وتوظيفهم؟

جولي تشو: أعتقد أن أكبر خطأ هو محاول جذب الأفراد إلى المنصب عبر إخبارهم بالأمور التي تحمّسهم للانضمام فقط، بدلاً من ذلك، أعتقد أنه من الأفضل لك أن تكون صادقاً حقاً بخصوص بيئة العمل، والمشاكل التي تواجهها الشركة. ولا بدّ لك من أن تحاول جاهداً فهم حقيقة هذا المرشح واهتماماته ومهاراته وإنجازاته وما إذا كان ملائماً للمنصب الشاغر أم لا.

كيرت نيكيش: ما هو أسلوبك المفضل في تقديم الملاحظات؟

جولي تشو: أحاول وأعمل جاهدة على منح فريقي ما لا يقل عن 50% من الملاحظات التي تُثني على أعمالهم الجيدة أو مواهبهم أو تشجعهم على ممارسة مهمة ما. ووجدت أن التعليقات الأكثر فاعلية هي تلك التي تنير للأفراد درباً لم يكونوا على دراية به، وهو ما يدفعهم إلى تغيير سلوكهم بطريقة يفخرون بها.

كيرت نيكيش: ما هي العادة التي تحاولين تخصيص وقت لها كل شهر؟

جولي تشو: أخصص وقتاً للتفكير التأملي ضمن جدول أعمالي، وذلك كل صباح من يوم الاثنين، وأتطلع بشدة إلى هذا الوقت كل أسبوع، إذ أخصص حوالي ساعة، أو ربما 90 دقيقة، للتفكير بدلاً من التوجه إلى الاجتماعات مباشرة، وهو ما يتيح لي الوقت الكافي للتخطيط والتفكير فيما سيجعل أسبوعي هذا ناجحاً. إذ أتخيل نفسي بعد ظهر يوم الجمعة، وأنا في طريق العودة إلى المنزل من المكتب، ومتشوقة إلى قضاء عطلة رائعة بعد أسبوع حافل، وبالتالي، أحاول التفكير فيما سيجعل هذا الأسبوع حافلاً. وأفكر في ذلك صباح كل يوم اثنين وأكتب قائمة أهدافي. على سبيل المثال، الهدف الأول: سأكون أكثر رضى إذا ما تمكنت من النجاح في هذه المهمة وتلك. وأضيف بعد ذلك الهدف الثاني والهدف الثالث. وأحاول إعداد قائمة بالأهداف الثلاثة إلى الخمسة المهمة، ثم أحاول جعلها ملموسة وقابلة للتحقيق في مخيلتي. ثم أنتقل إلى جدول أعمالي، وأتأكد من أن لديّ الوقت الكافي لتخصيصه للهدف الأول، ووقت آخر للهدف الثاني ومن ثمّ الثالث. والأهم من ذلك هو أن تحظى الأهداف الخمسة الأولى على الوقت والطاقة الكافية أكثر مما سيحظى عليه الهدف السادس أو السابع أو الثامن الموجود على القائمة.

كيرت نيكيش: ما هو النهج الذي يجب على المدير الشاب أن يتّبعه عندما يدير عاملاً أكبر وأكثر خبرة؟

جولي تشو: أعتقد أن أهم شيء هو أن تكون صادقاً ومستمعاً جيداً، وألا تدع مشاعر التوتر تنتابك عند التفكير في أن هذا الشخص أكبر سناً وأكثر خبرة منك، وإنما أن تحاول أن تبدو على سجيّتك. وإذا كنت تعتقد أن هذا الشخص موهوب للغاية، وبدا عليك التوتر بالفعل، فأفضل شيء يمكنك فعله بصراحة هو الاعتراف بذلك وأن تقول: ما زلت جديداً هنا، وما زلت أتعلم كيفية أداء مهماتي في هذا المنصب، وأعلم أنك تقوم بهذه المهمة منذ سنوات عديدة، ويوجد الكثير من الأمور التي سأتعلمها منك، إلا أن وظيفتي هي مساعدتك ومساعدة فريقنا، وأود منك أن توضح لي اهتماماتك، ونقاط قوتك، والمهارات التي تحاول تنميتها، والفرص التي ترغب في الحصول عليها، وسأبذل قصارى جهدي في مساعدتك. كما أود أن أستمع إلى أفكارك حول الفريق، وما يمكننا تحقيقه كفريق واحد من خلال تجربتك.

كيرت نيكيش: ما هو أفضل شيء تعلمته من مارك زوكربيرغ في الإدارة؟

جولي تشو: الشيء الذي تعلمته من مارك زوكربيرغ هو أهمية وجود رؤية طويلة المدى، وأن تكون هذه الرؤية واضحة وجاذبة. وكان مارك ماهراً جداً في قدرته على تكوين تلك الصورة، وفي توضيح التأثير الذي يمكن أن نُحدثه في العالم من خلال عملنا معاً كفريق واحد. وحتى عندما كانت الشركة صغيرة تماماً، أدركنا هذه الفرصة التي أُتيحت لنا لابتكار أداة تواصل اجتماعي تربط كل الأفراد في العالم، وتعريف الأفراد بموقع “فيسبوك” في حين أن جلّ ما كانوا يعرفونه هو موقع الجامعة الرسمي أو موقع المدرسة الثانوية. وكانت هذه الرؤية جريئة وطموحة للغاية، وتحدثنا عنها كثيراً. لقد جعلها مارك تبدو فكرة حقيقية بما فيه الكفاية إلى أن آمنّا أنها فكرة غير مستحيلة وقابلة للتحقيق وفي متناول أيدينا تماماً، إذ دائماً ما غرس فينا شعور الثقة والتحفيز.

كيرت نيكيش: لدي سؤال أخير لك يا جولي. لقد أصبحت مديرة في الخامسة والعشرين من عمرك، إلا أنه كان من الممكن تقريباً أن تسير الأمور بشكل معاكس. كان من الممكن أن تواصلي عملك التطوعي الفردي، وكان بإمكانك أن تصبحي كبيرة المصممين، وأن تشاركي في مشاريع رائعة حقاً وألا تصبحي مديرة. ومن الواضح أنك قضيت الكثير من الوقت وبذلت الكثير من الجهد الجسدي والعاطفي إلى أن توصلت إلى مفهوم الإدارة الناجحة. ماهي نصيحتك للأفراد في عمر الخامسة والعشرين، خصوصاً إذا أتيحت لهم فرصة العمل في الإدارة؟ وكيف أغنت هذه التجربة حياتك؟

جولي تشو: نصيحتي الأولى هي القدرة على التمييز بين الإدارة والقيادة، لأنه عندما تتحدث إلى شخص ما في العشرينات أو أوائل العشرينات من عمره، تجد أن طموحه يتمثّل في تنمية حياته المهنية بهدف إدارة الموظفين الآخرين. إلا أنه يوجد الكثير من التداخل بين دور المدير ودور القائد. وأحد أهم الدروس التي تعلمتها من الإدارة هو بصراحة حول كيفية النمو كقائدة، وكشخص أكثر نضجاً، وشخص يمكنه مساعدة الآخرين، أو شخص يمكنه حشد مجموعة من الأشخاص حول قضية معينة.وبالتالي، لا يتعلق الأمر بحصولك على منصب ما أو آخر، وإنما يتعلق بمعرفة كيفية تنمية مهاراتك المهنية كقائد، وأن تحاول العمل بشكل أكثر فاعلية مع الأفراد، لأنك إن أردت أن تكون قائداً ناجحاً، فيجب عليك أن تتعلم كيفية العمل من خلال الآخرين ومعهم. وهذه الاستراتيجية غنية وقيّمة، وتتيح لك تعلم الكثير عن نفسك، بغض النظر عما إذا كنت تعتقد شخصياً أن الإدارة تنطوي على إدارة فريق كبير أو ما إذا كنت ترغب في تنمية مهاراتك في مجال محدد فقط. وبالتالي، أود فقط أن أشجع الأفراد على انتهاز الفرص التي ستمكّنهم من تعلم بعض تلك المهارات، وتعلم كيفية العمل من خلالهم، ومع الآخرين، وكيفية تنمية مهاراتهم القيادية. أما فيما يتعلق بالإدارة، أعتقد أنها تجربة غنية أثرت معارفي لأنها أتاحت لي فهم الكثير عن نفسي وشخصيتي وقيمي، والمجالات التي أبرع بها، والأخرى التي أفشل في تأديتها. كما أنها مكّنتني من اكتشاف هويتي بكل صدق.ومن المستحيل أن أتمكن من الإجابة عن هذه الأسئلة عندما كنت في عمر الثانية والعشرين أو الخامسة والعشرين، إذ لم أكن أدرك في تلك المرحلة المجالات التي أحبها والأخرى التي أبغضها، ولم أكن أدرك القيم التي أريد أن أعيش وقفها، إذ تُعتبر هذه الأمور غامضة بالنسبة إلينا في العشرينات والثلاثينات من عمرنا. إلا أن هذا الاكتشاف يُعتبر مسعى مهم حقاً، وجدير بالاهتمام، لأنه يجعلنا قادة أفضل ومدراء أفضل بكثير.

ومن الضروري أن يقضي المرء بعض الوقت في التفكير باهتماماته وقيمه، وأن تتضمن حياته أشخاصاً صادقين معه حيال الأمور التي يبرع في تنفيذها. وسيتيح هذا امتلاك المعرفة والشعور بالاستقلالية واتخاذ قرارات أفضل بكثير كقائد ومدير. ومن الضروري إدراك أنه لا يمكن إرضاء الجميع، بل على المرء قبول نفسه فقط، ومن ثم تكوين الفريق الذي سيتمكن من إدارته وفقاً لنقاط قوته.

كيرت نيكيش: شكراً جزيلاً على حضورك البرنامج والتحدث عن رحلتك كمديرة، ومشاركتنا دروساً قيّمة في الإدارة.

جولي تشو: شكراً جزيلاً.

كيرت نيكيش: كانت معنا جولي تشو، نائبة رئيسة التصميم في شركة “فيسبوك” ومؤلفة كتاب “إعداد المدير: ماذا تفعل عندما يتطلّع الجميع إليك” (The Making of a Manager: What to Do When Everyone Looks To You). هذه الحلقة من إنتاج ماري دوي. وحصلنا على المساعدة الفنية من روب إيكهاردت. كما نتقدّم بالشكر إلى آدم باكولتز مدير الإنتاج الصوتي. شكراً لاستماعكم إلى برنامج “آيديا كاست” المقدم من هارفارد بزنس ريفيو. أنا كيرت نيكيش، وتحدثنا اليوم عن قصة نجاح مديرة شابة.

اقرأ أيضاً: 

تنويه: يمكنكم مشاركة أي مقال من هارفارد بزنس ريفيو من خلال نشر رابط المقال أو الفيديو على أي من شبكات التواصل أو إعادة نشر تغريداتنا، لكن لا يمكن نسخ نص المقال نفسه ونشر النص في مكان آخر نظراً لأنه محمي بحقوق الملكية الدولية. إن نسخ نص المقال بدون إذن مسبق يعرض صاحبه للملاحقة القانونية دولياً.

جميع الحقوق محفوظة لشركة هارفارد بزنس ببليشنغ، بوسطن، الولايات المتحدة الأميركية 2024 .