كيف تتجنب عدوى الشعور بالقلق والملل؟

8 دقائق
كيف نمنع عدوى القلق من الانتشار بيننا؟
استمع الى المقالة الآن هذه الخدمة تجريبية
Play Audio Pause Audio

عندما بدأ صفي يوم الخميس (12 مارس/ آذار)، نظرت إلى طلابي من كل من المرحلة الجامعية والدراسات العليا، ووجدت أن وجوههم حزينة وعدوى القلق تنتشر بينهم. سألتهم عن أحوالهم ولكني كنت أعرفها بالفعل، فقبل أيام أعلنت جامعة “هارفارد” وجامعة “برينستون” (Princeton) أنهما سيغلقان أبوابهما كإجراء وقائي بسبب انتشار وباء “كوفيد-19” (COVID-19). وأخبرتني زوجتي، وهي أستاذة في جامعة “هولي كروس” (Holy Cross)، في الليلة السابقة أن طلابها أُبلغوا أن لديهم مهلة أسبوع لحزم أمتعتهم ومغادرة السكن الجامعي.

كان طلابي ينتظرون أن يصلهم بريد إلكتروني من كريستينا باكسون رئيسة “جامعة براون” (Brown University). فقد تردد أن “جامعة براون” قد تغلق أبوابها لبقية الفصل الدراسي وأنه من المقرر الإعلان عن ذلك في وقت مبكر من صباح ذاك اليوم. ولكننا كنا في التاسعة صباحاً في محاضرة لا يُسمح فيها باستخدام الوسائل التقنية، أي أننا لا نستخدم هواتفنا أو حواسيبنا.

وعلى الرغم من أن هواتف طلابي كانت مغلقة، فقد كانوا يحترقون شوقاً لمعرفة الأخبار. إلا أن سياستي التي تنص على خلو المحاضرة من الوسائل التقنية منعتهم عن معرفة الأخبار الهامة التي ينتظرونها. فقد كانوا يتساءلون عما إذا كان البريد الإلكتروني قد وصل، وما هو فحواه. بدا من ملامحهم وتعبيراتهم أنهم ليسوا في مزاج يسمح بالنقاش. فقد كانوا يرغبون في معرفة ما الذي سيحدث لهم اليوم. فهذا البريد الإلكتروني سيؤثر على حياتهم من عدة أوجه، خاصة طلاب التخرج الذين كان بعضهم يحبس دموعه. فقد كان مقدراً لعامهم الأخير أن يُسجَّل في كتب الأرقام القياسية على أنه العام الذي لن يُنسى ولكن ليس على نحو جيد.

كيف نمنع عدوى القلق من الانتشار خلال جائحة فيروس كورونا؟

ربما الجزء الأكثر صعوبة في انتشار هذا الوباء هو حالة الغموض التي نواجهها جميعاً، حول فيروس كورونا وكم هو معدٍ ومميت، وحول السفر الذي خططنا له، وحول وضع الاقتصاد، وحول وظائفنا. تُعد حالة الغموض هذه بقدر خطورة الفيروس نفسه، فهي تؤجج الشعور بالقلق داخلنا وتضاعفه. وهذا لأن حالة الغموض تحفز مراكز الخوف في أدمغتنا.

ولكن معرفة كيفية سير هذه العملية يمكن أن يساعدنا على اتخاذ تدابير مضادة مناسبة وتحسين صحتنا العقلية.

أولاً، من المهم أن نفهم أن الشعور بالخوف هو جزء أساسي من الطبيعة البشرية. إذ يساعدنا في البقاء على قيد الحياة، لأننا عندما يخفينا شيء ما نتحفز، ومن خلال هذا الشعور بالخوف نتعلم أن نمارس سلوكيات تساعدنا على تجنب هذا الخطر في المستقبل. وعندما ننجح في تجنب هذا الخطر، نشعر أننا كوفئنا على ذلك. لقد ورثنا هذه العملية العقلية المكونة من ثلاث خطوات من أجدادنا القدماء لأنهم عند رؤية نمر ذي أنياب حادة (محفز) كانوا يهربون (سلوك) ومن ثم ينجون ليخبروا أطفالهم بأن يتجنبوا الذهاب إلى هذه الغابة (مكافأة).

في حين أن الشعور بالخوف يساعدنا على النجاة، إلا أنه عندما يمتزج بالشعور بالغموض، يمكن أن يؤدي إلى الشعور بالقلق وهو ما يضر بصحتنا العقلية. وعندما ينتشر الشعور بالقلق بسبب العدوى الاجتماعية، التي تُعرف بأنها انتقال شعور ما من شخص إلى آخر، يمكن أن يسفر ذلك عن شيء أكثر صعوبة وإثارة للمشكلات ألا وهو: الشعور بالذعر، حيث ينتشر الشعور بالخوف والقلق بسهولة من شخص إلى آخر تماماً مثلما يحدث عندما تذهب إلى حفلة ما ثم تشعر أنك في “حالة جيدة” لم تكن تشعر بها قبل الذهاب إلى الحفلة.

والأسوأ من ذلك هو أنه بفضل وسائل التواصل الاجتماعي لن تحتاج إلى اتصال مادي مع الناس لالتقاط “عدوى عاطفية”. ففي حين أن الكثير من مستخدمي وسائل التواصل الاجتماعي نواياهم حسنة ويرغبون فقط في مشاركة معلومات مفيدة حول فيروس كورونا مع الآخرين، بأن يبلغوا مثلاً عن وجود نقص في الإمدادات أو يتكهنوا بمدى سوء الأوضاع، إلا أنهم بذلك قد يكونوا يفعلون العكس دون قصد. واستعراض أحدث الأخبار من خلال هاتفك المحمول أو حاسوبك يشبه السير مع أشخاص ينشرون الخوف. وكلما قرأت الكثير من الأخبار، أصبحت أكثر عرضة لالتقاط قلقهم ونشره.

تكمن المشكلة في أن تلك المشاعر تمنعنا من التفكير بشكل سليم، وعندما نبالغ في الشعور بها فإنها لن تحمينا من المخاطر بعد الآن، بل ستصبح هي نفسها المخاطر.

ممارسة اليقظة الذهنية للتخلص من مشاعر القلق

هناك العديد من الطرق للتغلب على المشاعر السلبية، وربما تُعد ممارسة اليقظة الذهنية من الطرق الفعالة للغاية، وفقاً لأبحاثي وكذلك أبحاث الآخرين.

يُعد الصف الذي كنت أدرّسه في “جامعة براون” صباح يوم الخميس دراسة حالة في هذا السياق. في تلك المحاضرة تعلم طلابي الطرق العلمية المختلفة المستخدمة لدراسة عملية التدريب على اليقظة الذهنية ونتائجها. وفي ذاك اليوم كان من المقرر أن نستكشف المنافع والمضار النسبية للتصوير بالرنين المغناطيسي الوظيفي (fMRI) بوصفه أداة لقياس الارتباطات العصبية لليقظة الذهنية. ما يعني ببساطة أننا كنا ندرس ما إذا كان النظر إلى دماغ الشخص أثناء ممارسة التأمل يُعد طريقة فعالة لجمع معلومات دقيقة وإثراء المجال العلمي لليقظة الذهنية الذي لا يزال جديداً للغاية.

كُلف الطلاب بقراءة بعض الدراسات السابقة التي نشرها معمل أبحاثي حول آثار اليقظة الذهنية في عام 2011. كنت مهتماً بشكل خاص بمعرفة كيف فهموا البحث. ولكنني كنت أرغب أيضاً في مساعدتهم على تهدئة قلقهم قبل أن نتمكن من المضي قدماً.

قضينا الربع ساعة الأولى من الصف في ممارسة التأمل، وهي الطريقة نفسها التي بدأنا بها كل صف في هذا الفصل الدراسي. (فمن الصعب قياس مدى فعالية اليقظة الذهنية إذا لم تكن جربتها أولاً). قدتُ طلابي في نشاط لممارسة تأمُّل “الحنان الناشئ عن الحب” (loving kindness). ويهدف هذا النشاط إلى إيقاظ قدرتنا على إعطاء الحنان والتواصل وتعزيزها. وهو نوع من اليقظة الذهنية درسه معمل أبحاثي لسنوات. ووجدنا أن تأمُّل الحنان الناشئ عن الحب يقلل نشاط مناطق الدماغ نفسها التي تُثار عندما يشعر الأشخاص بالقلق.

وفي الآونة الأخيرة وجدنا أن حتى التدريب البسيط على اليقظة الذهنية عبر تطبيقات الهواتف المحمولة، الذي يعلم الأشخاص كيفية ممارسة مجموعة من التمارين في اللحظة الراهنة، يحد بشكل كبير من الشعور بالقلق لدى العاملين في مجال الرعاية الصحية. كما وجدنا أن هناك انخفاضاً بنسبة 57% في مقاييس القلق المصادق عليها سريرياً لدى الأطباء المتوترين. وهذا النوع من التدريب يحد أيضاً من توتر الأشخاص الذين يعانون من “اضطراب القلق العام” (Generalized Anxiety Disorder). وكان هناك أيضاً انخفاض بنسبة 63% في مستوى القلق في تجربتنا العشوائية المنضبطة الممولة من معاهد الصحة الوطنية.

وبوضع هذا السياق في الاعتبار، بدا أن تأمُّل الحنان الناشئ عن الحب هو ما سيصفي ذهن طلابي في ذاك الصباح.

لذا طلبت منهم أن يغلقوا أعينهم ويأخذوا نفساً عميقاً، وأن يستحضروا في ذهنهم صور أصدقائهم المقربين أو حيوانهم الأليف، ثم يركزوا على مشاعر الحب التي ستنبع عندما يستحضرون تلك الصور. ثم طلبت منهم أن يكرروا بصمت عبارات بسيطة نابعة من القلب مليئة بالحب والحنان (مثل “أتمنى لك السعادة”) بوصفها أساساً يساعدهم على البقاء في اللحظة الراهنة. أي أن التمرين يتمثل ببساطة في أن تستحضر في ذهنك صورة لأحد أفراد العائلة أو حيوانك الأليف أو أحد الأشخاص المحببين إلى قلبك، ثم تقول لهم عبارة تعبر عن أمنية صادقة تتمناها لهم. استخدم الصورة التي استحضرتها وكرر العبارات بوتيرتك الخاصة لمساعدتك على البقاء مركزاً على اللحظة الحالية. وإذا شرد ذهنك، أعد استحضار الصورة في ذهنك وابدأ بتكرار العبارات مجدداً.

بعد الانتهاء من التأمل، كان من الواضح أنهم أكثر استرخاء وهدوءاً ولكنهم ما زالوا غير مستعدين للمشاركة في النقاش. وعلى أمل أنهم الآن يتمتعون بمزيد من الهدوء ويركزون على اللحظة الحالية، خرقت قاعدتي بأن يكون الصف خالياً من الوسائل التقنية، وتركتهم يتفقدون هواتفهم لقراءة رسالة البريد الإلكتروني المتوقعة من رئيسة الجامعة باكسون. عرفت من أعينهم الملتصقة بشاشات هواتفهم أن الرسالة وصلت.

اقرأ أيضاً: ساعد موظفيك في إدارة قلق عودتهم إلى العمل

فطلبت من أحد الطلاب أن يقرأ الرسالة بصوت عال في الصف. وقد تبين أن “جامعة براون” ستنتقل إلى نظام التعليم الإلكتروني لبقية الفصل الدراسي. وأُلغيت الصفوف الدراسية الأسبوع المقبل وكان من المتوقع أن يترك الطلاب السكن الجامعي في أقرب وقت ممكن. وأيضاً لم يكن من المتوقع عودتهم إلى الحرم الجامعي بعد عطلة الربيع في الأسبوع التالي.

وعلى الرغم من أن الرئيسة باكسون حاولت أن تتحدث بعبارات يحدوها الأمل قائلة بأن جامعة براون تعمل على ضمان أن يتمكن طلاب التخرج والخريجون من العودة إلى الحرم الجامعي لإقامة حفلات التخرج وحفلات لم الشمل، رأيت الكثير من طلابي محطمين ومنكسرين.

قضينا الربع ساعة التالية في مناقشة كيفية الاستفادة من تمارين اليقظة الذهنية التي كنا نمارسها في الصف (التنفس بعمق والوعي بالذات وتأمُّل الحنان الناشئ عن الحب، وغيرها) لمساعدتهم على منع انتشار العدوى الاجتماعية والحفاظ على صحتهم العقلية.

كيفية الاستفادة من تمارين اليقظة الذهنية

لذا شجعتهم على ممارستها بمجرد أن يخرجوا من الصف. بالإضافة إلى تأمُّل الحنان الناشئ عن الحب، أعرض عليكم فيما يلي ما ناقشناه، وإذا وجدتم أنكم تشعرون بالمخاوف نفسها، أنصحكم بتجربتها أيضاً:

1) ابدأ بنفسك

في كلية الطب، هناك “بروتوكول طبي” حول كيفية إنعاش مريض توقف قلبه، تعلمتُ من البروتوكول أن أتوقف أولاً لتفقُّد نبضي قبل اتباع بروتوكول إنعاش قلب المريض. وهذا ذكرني بالتوقف وأخذ نفس عميق (أو أكثر من نَفَس) قبل المضي قدماً. التوقف للحظات والتفكير بشكل واع يعني إبقاء مناطق التفكير في الدماغ “منتبهة” لكي نتمكن من مساعدة الآخرين وليس إعاقتهم. وعندما نتوقف للحظة في المواقف المثيرة للقلق والتوتر، سواء كان ذلك يعني أن تتنفس ثلاث مرات بعمق أو أن تنتبه ببساطة للشعور النابع من الأجزاء التي لم يؤثر عليها القلق في جسمك (مثل قدميك أو يديك)، يساعد على تهدئتك. وبالنسبة إلى الأشخاص الذين لم يمارسوا اليقظة الذهنية من قبل، التركيز على أجزاء جسمك التي عادة ما تشعر بالقلق من خلالها، مثل صدرك أو معدتك، لا يساعد إلا في زيادة وعيك بالمشاعر السلبية وغالباً ما يزيدها سوءاً. ولهذا فإن التركيز على المناطق المحايدة يمكن أن يساعدك على البقاء متصلاً بذاتك في اللحظة الحالية دون إثارة مزيد من القلق. وهناك طريقة أخرى تتمثل في تركيز انتباهك على أي جسم خارجي (كأن تنظر من النافذة على الأشجار أو المناظر الطبيعية، أو تنصت إلى الأصوات من حولك). تُعد هذه الطرق بسيطة ويمكن لأي شخص فعلها في 10 ثوان. وحاول أن تمارسها عندما تشعر أن دقات قلبك بدأت في التسارع واعتبر أنها تنذرك بأنك على وشك التقاط عدوى اجتماعية، فهدّئ من روعك ولا تنشرها.

2) تحلَّ بالهدوء

بالإضافة إلى ممارسة تمارين اليقظة الذهنية البسيطة، يمكنك أيضاً التوقف للحظة وملاحظة شعورك عندما تكون هادئاً وسط مجموعة من الأشخاص القلقين الذين ينشرون العدوى الاجتماعية دون علم. عندما تفعل ذلك، ستلاحظ أن التحلي بالهدوء أفضل بكثير من الشعور بالقلق. استخدم هذا الشعور لتنشيط مركز المكافأة في دماغك. فعندما يكون لأدمغتنا الخيار فإنها ستتعلم أن تختار فعل الشيء الأكثر بعثاً على الرضا. وبالطبع يُعد التحلي بالهدوء خياراً أكثر بعثاً على الرضا مقارنة بالشعور بالقلق. كلما مارست ذلك بشكل أكبر، سيصبح اختيار التحلي بالهدوء هو القاعدة وليس الاستثناء. يمكنك أيضاً أن تنظر حولك لترى ما إذا كان تحليك بالهدوء معدياً. قد لا يكون معدياً بقدر الخوف، ولكن بمحاولة التحلي به مراراً وتكراراً، سيؤثر على دماغك بشكل مدهش وأيضاً سيكسبك مناعة طبيعية عندما يحدث ما يثير قلقك بحيث تتمكن من التفكير بإيجابية وتؤمن أننا جميعاً نواجه الوضع نفسه معاً.

3) عِش كل يوم بيومه

أدمغتنا مجبولة على التخطيط للمستقبل. ونحن لا نمتلك ما يكفي من المعلومات في الوقت الحالي حول كيف سينتهي هذا الوباء لنتمكن من التخطيط للستة أشهر القادمة. إذا لاحظت أن عقلك سيبدأ في فقدان السيطرة بالتفكير في المستقبل والشعور بالقلق، توقف للحظات وفكّر بشكل واع وذكّر نفسك بأن تعيش كل يوم بيومه. افعل ما يلزم فعله اليوم واهتم بالمستقبل عندما يحين وقته. وفيما يتعلق بالحصول على معلومات، كلما كنت أقرب للبقاء في اللحظة الراهنة، كنت أكثر قدرة على التفكير بوضوح. على سبيل المثال، يمكن أن تتواصل مع ذاتك في اللحظة الحالية لتعرف ما إذا كنت جائعاً أو عطشاً. وبناء على تلك المعلومات، ستتمكن من تحديد ما إذا كنت بحاجة إلى أن تأكل أم تشرب. وإن لزم الأمر يمكنك أيضاً استخدام نطاق زمني أقصر، لمساعدتك على البقاء هادئاً. قل لنفسك مثلاً: ما الذي ينبغي لي فعله في الساعة الحالية؟ حاول أن تعيش يومك ساعة بساعة ودقيقة بدقيقة وحتى لحظة بلحظة إن كان هذا هو ما يلزم لتظل مركزاً على اللحظة الحالية.

معرفة أن الغموض يمكن أن ينشر عدوى اجتماعية من خلال الشعور المعدي بالقلق، وممارسة بعض تمارين اليقظة الذهنية البسيطة للتغلب على ذلك، يمكن أن تساعدنا في الحفاظ على رباطة جأشنا وإشاعة الهدوء بدلاً من نشر عدوى القلق. في اللحظات التي تشعر بها بالقلق والغموض، طبّق ما أوردناه أعلاه لتهدئة روعك والبقاء في اللحظة الحالية لتتمكن من المضي قدماً.

اقرأ أيضاً: 

تنويه: يمكنكم مشاركة أي مقال من هارفارد بزنس ريفيو من خلال نشر رابط المقال أو الفيديو على أي من شبكات التواصل أو إعادة نشر تغريداتنا، لكن لا يمكن نسخ نص المقال نفسه ونشر النص في مكان آخر نظراً لأنه محمي بحقوق الملكية الدولية. إن نسخ نص المقال بدون إذن مسبق يعرض صاحبه للملاحقة القانونية دولياً.

جميع الحقوق محفوظة لشركة هارفارد بزنس ببليشنغ، بوسطن، الولايات المتحدة الأميركية 2024 .