كيف تبني هوية رقمية على لينكد إن؟

6 دقائق
لينكد إن
shutterstock.com/Garno Studio
استمع الى المقالة الآن هذه الخدمة تجريبية
Play Audio Pause Audio

الصورة النمطية الملتصقة بالأذهان لمنصة لينكد إن، هي أنها منصة توظيف وفيها نوع من المبالغة في إبراز المناصب وتضخيم الخبرات حتى يظن البعض أنه حاضر وسط مؤتمر للرؤساء التنفيذين ولا مكان لمبتدئ أو متخرج جديد بينهم.

هذا الانطباع الذي يحمله الكثيرون عن منصة لينكد إن يجعلهم يهربون منها؛ فلا أحد يريد التعامل مع من يذكّره بفشله أو يُخبره بأن الطريق طويل جداً أمامه ليكوّن كل تلك الخبرات ويصل إلى تلك المناصب المرموقة.

في المقابل وكي لا نقع في فخ التعميم نشرت هذا السؤال في حسابي على لينكد إن: ما الفائدة التي ترجوها من وجودك على منصة لينكد إن؟

وكانت الأجوبة مُلهمة حقاً.

ما فائدة وجودك على منصة لينكد إن؟

أجزم أن الفائدة تختلف بين الأشخاص باختلاف أهدافهم التي يريدون تحقيقها من وراء دخول عالم لينكد إن؛ ففرق شاسع بين متخرج جديد يكتشف سوق العمل ومدير قسم الاتصال المؤسسي في شركة يطمح إلى أن يصبح رئيسها التنفيذي.

لذا قد تكون الفائدة من لينكد إن على سبيل المثال لا الحصر:

  • اكتشاف المهارات لدى أفضل الموظفين في شركة معينة.
  • نشر وظيفة شاغرة أو البحث عن وظيفة للترشُح لها.
  • زيادة الوعي بالعلامة التجارية وزيادة المبيعات.
  • معرفة المسار المهني لأي موظف والمسار الأكاديمي الذي اتبعه وصولاً إلى الوظيفة التي يشغلها اليوم.

وإمعاناً في الإنصات إلى آراء الآخرين. لنمرّ معاً على بعض الإجابات التي كتبها المتابعون تحت سؤالي.

يخبرنا طارق الفخري أن الفائدة المُحصلة من لينكد إن حسب رأيه الشخصي:

  • تساعد في الوصول إلى أصحاب القرارات داخل الشركات.
  • إحماء عملائك المحتملين لجذبهم إلى منتجك أو خدماتك عبر استهداف دقيق جداً في لينكد إن سيلز نافيجيتور (LinkedIn Sales Navigator).
  • مورد غني لتبحث عن مهارات تريد تطويرها.
  • أما إذا كنتَ شركة (B2B) أو (Saas) ولا تملك ميزانية كافية للإعلانات الممولة؛ فيمكنك نشر محتوى ذي قيمة فعلية وجودة عالية على لينكد إن لتظهر أمام المستخدمين كمصدر لتقديم الفائدة وحل مشكلات يعانونها.

أما محمد فيختصر الفائدة من لينكد إن في بناء هوية رقمية والتعرف إلى شركات جديدة ضمن مجال معين على مستوى دولتك وعلى المستوى العالمي أيضاً. لكنّه يشير إلى أن أهم ميزة يُستفاد منها هي معرفة المتطلبات الوظيفية لسوق العمل ضمن مجال محدد وخاصةً في الشركات العالمية.

ربما تسأل ما فائدة أن أطّلع على المتطلبات الوظيفية ما دامت أكبر من خبراتي ولا أستطيع التقديم عليها؟ الفائدة هي أن تعرف المهارات والخبرات المطلوبة لتلك الوظيفة وتطوّرها لتُجهز نفسك لها.

ويختم محمد إجابته بأن لينكد إن تفتح الباب للاطلاع على أبحاث ودراسات وتقنيات جديدة ضمن مجالك.

والآن هل تريد أن تعرف إجابتي الشخصية من واقع خبرتي؟

الباب الثالث: صُنع الفرص بطريقة إبداعية

لنتخيل معاً هذا السيناريو أولاً.

أنت طالب خريج في جامعة ما، وتعتزم الجامعة إقامة حفل على شرف الخريجين فيها وعند وصولك إلى الحفل حصل ما لم يكن في الحسبان! ازدحام كبير أمام الباب الأول بسبب اكتمال عدد المقاعد في الداخل. الجو بارد جداً وأنت تنتظر دورك الذي يبدو أنه لن يحين. وكل محاولات الدخول باءت بالفشل.

تقترب من الباب الثاني مُلقياً نظرة خاطفة، فتجد سجادة حمراء مفروشة وباباً خالياً من الزحام يدخل منه أعضاء الإدارة والدكاترة وبعض الطلاب المحظوظين والمدعوون من مسؤولي الدولة ورجال الأعمال.

يبدو أن فرصتك في الدخول إلى الحفل تكاد تنعدم.

لكن لو بحثت جيداً فستجد أن هناك باباً ثالثاً يستخدمه بعض العاملين في المسرح أو المطعم للدخول إلى القاعة.

لننتقل الآن إلى العالم الحقيقي حيث نعيش.

نتخرج في الجامعة برصيد سنوات من الدراسة والتعب لنجد أمامنا خيارات واسعة من الوظائف التي نتقدم إليها أملاً في الحصول على وظيفة. نرسل سيرنا الذاتية وننتظر الاتصال بنا لتحديد مقابلة العمل. هذه الطريقة التقليدية أشبه بالباب الأول الذي وجدتَ أمامه زحاماً كثيراً وهذا ما ستجده أيضاً في سوق الوظائف. “حشد من المتخرجين قبلك”.

في المقابل هناك من يحصل على وظيفة أسرع منك بسبب ميزة معينة من النادر أن يملكها معظم الناس. كأن يكون قريبه صاحب الشركة أو صاحب مقام رفيع ومعارف. وهذا هو الباب الثاني.

لم يبق سوى الباب الثالث للدخول منه أليس كذلك؟ لكن كيف نجدُه قبل ذلك.

ربما علينا أن نخترعه وأن نفكر خارج الصندوق حتى لو لم نجده.

ماذا لو تعلمنا بعض المهارات الجديدة إضافة إلى تلك المهارات المطلوبة لشغل الوظيفة، وبذلنا مزيداً من الجهد والوقت في تحسين قدراتنا ومهارات التواصل والعمل الجماعي والذكاء العاطفي وكل المهارات التقنية. لنستطيع بعدها البحث عن صناع القرار والتواصل معهم بطريقة ذكية واقناعهم بمقابلة عمل معنا.

هذا ما نسميه الباب الثالث؛ وهو التفكير بطريقة إبداعية تُخرجك عن المألوف وتميزك عن مئات المرشحين إلى الوظائف.

ولتتضح لك الصورة سأضرب بعض الأمثلة عن أشخاص قرروا البحث عن الباب الثالث:

لوكاس تنكّر بحيلة رائعة كعامل توصيل كعكات الدوناتس (Donuts) لتقديم سيرته الذاتية لمدراء التوظيف والمفاجأة أنّه استطاع الحصول على مواعيد لعشرات المقابلات الوظيفية.

أمّا نينا، فقد صمّمت استراتيجية الفرص المتاحة لشركة (Airbnb) وتواصلت مع مؤسسي الشركة على تويتر، وحصلت على مقابلة عمل كانت تطمح إليها.

إن كان صعباً عليك أن تصل إلى مدراء التوظيف عبر باب الشركة، فلن يصعُب عليك أن ترى الباب الثالث إن دللتُك عليه.

هذا ما يقودنا إلى الحديث عن ميزات بناء هوية رقمية على لينكد إن. هل تُخمن معي؟ هذا بابك الثالث.

بناء هوية رقمية على لينكد إن 

ما نقصده بالهوية الرقمية هو ذاك الانطباع الذي يقفز إلى الذهن سريعاً بناءً على ما تنشره على حساباتك في منصات التواصل وما تقدمه للآخرين عن تجاربك وخبراتك وإنجازاتك وقيمك.

ومن تجربتي المتواضعة أستطيع أن أجزم أن بناء هوية رقمية مميزة يعتمد على مدى وصولك إلى مرتبة خبير في مجال معين من خلال الميزة التنافسية التي تمتاز بها عن غيرك والقيمة المضافة التي تستطيع تقديمها باستمرار.

ما رأيك أن نتوقف قليلاً عند كلمة خبير؟

قد يتردد البعض قبل الإقدام على وضع أولى لبِنات الهوية الرقمية وصناعة المحتوى لأنهم يعتقدون أنهم لم يصلوا بعد إلى الخبرة الكافية التي تؤهلهم للحديث عن موضوع ما. لكن ما صحة هذه المزاعم والمخاوف؟

لنفرض أن الخبرة في مجال ما عبارة عن أدراج من عشرة مستويات وخلال الفترة الماضية استطعت أن تنتقل من المستوى الأول إلى الثاني فقط.

إذاً فأنت تملك خبرة المستوى الأول. وكل ما عليك فعله هو التحدث عن تجربتك هذه ونشرها لمن لا يزال قابعاً في المستوى الأول ويرغب في الانتقال إلى الثاني.

الخلاصة، أنه ليس من الضروري إتمام كافة المستويات العشرة حتى نبدأ بمشاركة خبرتنا.

كيف تصنع انطباعاً أولياً لا يُنسى على لينكد إن؟

بالمناسبة، ثمة إحصائية تقول إن صاحب القرار أو مدير التوظيف لا يستغرق إلا بضع ثوانٍ حتى يحكم على المتقدم إلى الوظيفة. أما باقي الوقت فهو لتأكيد هذا الحكم الأولي أو تفنيده.

هذا لا ينطبق فقط على العالم الحقيقي بل على شاكلته العالم الرقمي أيضاً إذ عليك أن تترك انطباعاً أولياً مميزاً لتزيد من نجاح فرصك فيه.

ولتترك انطباعاً أولياً على لينكد إن عليك العمل على استراتيجية من 3 أقسام:

  1. تطوير جودة حسابك.
  2. نشر محتوى متخصص عالي القيمة.
  3. بناء العلاقات مع أصحاب القرار.

لتبدأ بتطبيق الاستراتيجية الأولى في تطوير حسابك. إليك أهم الأقسام التي عليك التركيز على تحسينها:

  • رابط حسابك على لينكد إن: من المهم جداً أن تعدله ليتضمن الرابط اسم الحساب. مثلاً: com/in/khaledelahmad
  • صورة الحساب: من خلال الاعتناء بتفاصيلها بأن تكون صورة عالية الجودة تُظهر وجهك، وحبذا لو كانت تعلوه ابتسامة مشرقة وأن تكون بلباس ملائم لبيئة العمل وخلفية واضحة.
  • عنوان الحساب: معظم روّاد لينكد إن يكتفون بكتابة المسمى الوظيفي ولكن الخطوة الفعالة تكمن في إضافة بعض الكلمات الرئيسية والمفتاحية إلى عنوان حسابك. بالإضافة إلى القيمة التي تقدمها من خلال وظيفتك أو الخدمات. فتكون معادلة العنوان الجذاب لحسابك كالتالي:

المسمى الوظيفي + كلمات رئيسية + القيمة المضافة.

  • صورة الغلاف: هنا فرصتك للإعلان عن هويتك الرقمية. قد تكون على سبيل المثال لا الحصر مدينتك التي تعتز بها، أو مكان عملك أو إحدى هواياتك أو مهاراتك أو صورتك خلال تقديم خدماتك.

لكن هل يكفي كل هذا لتترك انطباعاً رائعاً أم أن هناك خطوة أخرى؟ هنا يحين دور التواصل مع أصحاب القرار.

أفضل طريقة للتواصل مع أصحاب القرار على لينكد إن 

قد يكون من الصادم أن أخبرك بهذه المعلومة وأنت الذي تستثقل الوجود على لينكد إن وتراه كجبل ضخم.

مستخدمو هذه المنصة ينتمون إلى ثلاث فئات:

  1. ناشرو المحتوى وهم لا يتجاوزون نسبة 1% فقط.
  2. المتفاعلون على محتوى الغير ونسبتهم نحو 9%.
  3. أما حصة الأسد فهي للقراء الصامتين وهم الأغلبية بنسبة 90%.

تسألني كيف تستطيع تحديد أنواع الحسابات؟ ببساطة نستطيع معرفة الفئة التي ينتمي إليها أي حساب من خلال زيارة قسم “كل الأنشطة” وإلقاء نظرة على وتيرة النشر والتفاعل عندها سنعرف لأي فئة ينتمي هذا الحساب.

أما طريقة التواصل مع صناع المحتوى وروّاد الفكر وصناع القرار فهي كالسهل الممتنع وسيسهل عليك تطبيقها بهذه الخطوات على الترتيب:

في الخطوة الأولى:

  • تحديد الجمهور المستهدف بالكامل (صناع القرار والمؤثرين وروّاد الفكر).
  • اسأل نفسك مَن هو عميلك المثالي المحتمل أو صانع القرار المستهدف.
  • أنجِز قائمة بالتحديات والمشاكل والأمور المشتركة بينك وبينهم.

انتقل بعدها إلى الخطوة الثانية: 

  • ابدأ بالتفاعل من خلال الضغط على زر المتابعة وتفعيل الجرس.
  • اكتب بعض التعليقات القيّمة تحت منشوراتهم لتضع نفسك ضمن نطاق الرادار وتصبح مرئياً ومألوفاً بالنسبة لهم.

الخطوة الثالثة:

تفاعل معهم لبضعة أسابيع. ثم أرسل بعدها طلب تعارف مع رسالة قصيرة مستخدماً في رسالتك عناوين جاذبة كبداية للمحادثة واترك انطباعاً جميلاً عنك.

الخطوة الرابعة:

إن تلقيت رداً من أحدهم فهذا أمر جيد، ابدأ الآن ببناء الثقة والمصداقية من خلال مشاركة المحتوى القيّم بناءً على نقاط الألم لديهم والمحتوى الذي يتفاعلون معه بكثرة أو من خلال التحدّث عن مشاكلهم وإثبات مهاراتك في حلّها.

وصلنا إلى النهاية، إن التزمت معي بكل هذه الخطوات العملية مع بعض الصبر والاستمرار وطول النَفَس وعدم استعجال النتائج، فستجني ثمار وجودك على لينكد إن بعد مدة قصيرة.

أتمنى لك رحلة موفقة على متن قطار لينكد إن ولا تنسَ أن تستمتع، فالسعادة في الرحلة لا في الوصول مبكراً.

تنويه: يمكنكم مشاركة أي مقال من هارفارد بزنس ريفيو من خلال نشر رابط المقال أو الفيديو على أي من شبكات التواصل أو إعادة نشر تغريداتنا، لكن لا يمكن نسخ نص المقال نفسه ونشر النص في مكان آخر نظراً لأنه محمي بحقوق الملكية الدولية. إن نسخ نص المقال بدون إذن مسبق يعرض صاحبه للملاحقة القانونية دولياً.

جميع الحقوق محفوظة لشركة هارفارد بزنس ببليشنغ، بوسطن، الولايات المتحدة الأميركية 2024 .