هل يسهم تطوير أصحاب المواهب في بناء شركة تتمتع بالتنوع؟

6 دقائق
بناء شركة تتمتع بالتنوع
استمع الى المقالة الآن هذه الخدمة تجريبية
Play Audio Pause Audio

ملخص: يبدو تطوير المواهب المتنوعة أو بناء شركة تتمتع بالتنوع عملاً شاقاً، لكن معظم الموظفين يبنون مسيرتهم المهنية خطوة تلو الأخرى، ومهارة تلو الأخرى. ومن أجل فهم طريقة تداخل مهارات وظيفتين مختلفتين أو تقاربها، يمكن للشركات إنشاء برامج تدريب موجهة من أجل مساعدة الموظفين على جَسر فجوات المهارات والتنوع في الشركة. على سبيل المثال، تظهر بيانات الإحصاءات الرسمية أن الأميركيين من أصول إفريقية أو لاتينية أو من السكان الأصليين يشكلون نسبة 27% من خبراء تحليل تعويضات الموظفين، في حين يشكلون 15% فقط من خبراء التحليل المالي على الرغم من تداخل كثير من المهارات بين الدورين. ويمكن أن يساعد تدريب خبراء تحليل التعويضات على أعمال وضع الميزانية وإعداد التقارير المالية في انتقالهم إلى العمل في مجال التحليل المالي، وذلك سيرفع قيمة الملكية في الشركة ويحقق للموظفين أرباحاً حقيقية قد تصل إلى ارتفاع في الأجور بقيمة 31,000 دولار سنوياً.

تخوض أميركا وشركاتها عملية محاسبة النفس الضرورية حول قضايا الانتماء العرقي والعدالة في مكان العمل، إذ تؤكد الشركات الكبرى في جميع أنحاء أميركا التزامها بالتنوع.

على الرغم من التزام الشركات بجهود التنوع من قبل فإنها لم تتمكن حتى الآن من تحقيق النتائج المرجوة، وكان تقدمها بطيئاً منذ بدأت شركات التكنولوجيا العملاقة بإصدار تقارير عن التنوع في عام 2014. خذ مثلاً شركة “فيسبوك”، فقد ازداد عدد موظفيها من أصحاب البشرة الداكنة من نسبة 3% إلى نسبة 3.8 منذ ذاك الوقت وحتى الآن في عام 2020. لكن المشكلة أقدم من ذلك وهي ليست محصورة بقطاع التكنولوجيا. فما بين عامي 1985 و2016 ازدادت النسبة المئوية للموظفين ذوي البشرة السمراء في الشركات الأميركية الكبيرة بنسبة لم تتجاوز 0.2%، إذ كانت 3% وأصبحت 3.2%.

بناء شركة تتمتع بالتنوع

لماذا لا تكتسب هذه الجهود زخماً؟ كي تتمكن الشركات من إحراز تقدم حقيقي، يجب عليها تخفيف تركيزها على عملية التوظيف وزيادته على إنشاء الوسائل الداخلية الضرورية لمساعدة أصحاب المواهب المتنوعين من موظفيها على إحراز التقدم المهني داخلياً.

لكن التركيز الشديد المحصور في عملية التوظيف يشكل عقبة في مواجهة مبادرات التنوع في شركات كثيرة. خذ مثلاً برنامج التنوع في شركة “جوجل” الذي بلغت قيمته 175 مليون دولار، فهو يتعلق بالتوظيف فقط. في حين تعهدت شركة “تارغت” بزيادة توظيف المجموعات المتنوعة فيها بنسبة 20%. وكذلك، فإن عدد الشركات التي توظف خريجي مجموعة جامعات ذوي البشرة السمراء وكلياتهم التاريخية (HBCU) قد ازداد بدرجة كبيرة هذا العام. هذه أهداف رائعة وجديرة بالثناء، لكن عندما توجّه الشركات أنظارها إلى سوق المواهب الخارجي، تفترض خاطئة أن مجموعة المواهب المتنوعة ثابتة وأنها تتنافس فيما بينها في لعبة يتساوى فيها الربح مع الخسارة. وبما أن مشاركة الأقليات والنساء في كثير من المناصب المهنية منخفضة (مثلاً، 5% من الأطباء البيطريين و6% من خبراء التأمين و9% من الطيارين فقط هم من ذوي البشرة الملونة، وفقاً لبيانات مكتب تعداد الولايات المتحدة)، فإن محاولة تعيين الموظفين الجدد على نحو يضمن تحقيق التنوع هو في أفضل أحواله مسألة طويلة الأجل.

ومع ذلك، وعلى الرغم من سعي شركات كثيرة إلى إنشاء مكان عمل أكثر تنوعاً فهي تغفل عن الأصل الذي يتمتع بأعظم الإمكانات المتمثل في موظفيها. على كل حال، لا تتساوى أقسام المؤسسة من ناحية التنوع. ووفقاً لدراسة أجرتها شركة “ماكنزي” عام 2018، فإن النساء وأصحاب البشرة الملونة يشكلون 64% من الأدوار الوظيفية الابتدائية، ولكنهم يشكلون 32% فقط من المناصب التنفيذية العليا.

تتمثل إحدى أهم الطرق الواعدة والفورية لتعزيز التنوع في إعادة تشكيل مهارات الموظفين كي يتمكنوا من الانتقال إلى الوظائف التي يهيمن عليها البيض أو الرجال حالياً، وهذا يحتاج إلى اتباع منهج جديد في تطوير المواهب. فالشركات تنفق مبالغ طائلة على مبادرات التعلم والتطوير لكن أغلبها يركز على الأنظمة أو معرفة المنتج أو التدريب على الامتثال أو فوائد التعليم التي تهدف إلى الحفاظ على اندماج الموظفين في العمل ليس إلا. وحتى الشركات التي تبذل أكبر الجهود لتعيين قوة عاملة أكثر تنوعاً تنفق مبالغ قليلة نسبياً على التدريب القابل للقياس الذي يساعد في ارتقاء الموظفين على السلم الوظيفي، وما أن يدخل الموظف إلى الشركة يصبح مسؤولاً عن نفسه. والتأثير الصافي الذي يلقيه التركيز المحصور بعملية التوظيف هو بمثابة حاجز غير مرئي وغير مقصود يحيط بالموظفين في المراتب الدنيا ويحجب عنهم فرص التقدم المهني.

يبدو تطوير المواهب المتنوعة داخل الشركة عملاً شاقاً، لكن معظم الموظفين يبنون مسيرتهم المهنية خطوة تلو الأخرى، ومهارة تلو الأخرى. ومن أجل فهم طريقة تداخل مهارات وظيفتين مختلفتين أو تقاربها، يمكن للشركات إنشاء برامج تدريب موجهة من أجل مساعدة الموظفين على جَسر فجوات المهارات والتنوع في الشركة.

مثلاً، تظهر بيانات الإحصاءات الرسمية أن الأميركيين من أصول إفريقية أو لاتينية أو من السكان الأصليين يشكلون نسبة 27% من خبراء تحليل التعويضات، في حين يشكلون 15% فقط من خبراء التحليل المالي على الرغم من تداخل كثير من المهارات بين الدورين. ويمكن أن يساعد تدريب خبراء تحليل التعويضات على أعمال وضع الميزانية وإعداد التقارير المالية في انتقالهم إلى العمل في مجال التحليل المالي، وذلك سيرفع قيمة الملكية في الشركة ويحقق للموظفين أرباحاً حقيقية قد تصل إلى ارتفاع في الأجور بقيمة 31,000 دولار سنوياً.

تدابير على الشركات القيام بها لتحقيق التنوع

يجب على الشركات القيام بخمسة تدابير لتحقيق ذلك.

لا تتحقق من نسب التمثيل في الوظائف فقط، بل تحقق من نسب تنقل الموظفين بينها أيضاً

إحدى بديهيات نظرية الإدارة هي أن ما يمكن قياسه هو ما يمكن إنجازه. ومع ذلك، فأغلبية الشركات لا تملك سوى إحصائيات شاملة حول عدد النساء أو أصحاب البشرة الملونة في قوتها العاملة، وهذا لا يقدم معلومات كافية عن مدى تمكين الشركة لنجاح من توظفهم. ومن أجل تقييم مدى تقدم الشركة في إنشاء ثقافة شاملة اجتماعياً، من الضروري أن تعمل على تتبع من يحققون تقدماً على السلم الوظيفي فيها. وعلى كل حال فالتجربة خير برهان، وإذا كان الموظفون يفضلون البقاء والتقدم في الشركة فهذا دليل جيد على أنهم يشعرون بأنهم يحظون بالاحترام.

اعمل على قياس الأداء كي تتمكن من تحديد أهداف قابلة للتحقيق

إن عدم مقارنة تقدمك بتقدم أقرانك يمنعك من تقدير ما يمكنك تحقيقه. توصلنا في تحليل أجريناه إلى أن التفاوتات في معدلات التنقل بين الوظائف بالنسبة للموظفين ذوي البشرة السمراء مقارنة بها للموظفين البيض اختلفت بنسبة 50% تقريباً في شركات التكنولوجيا ضمن مجموعة “فورتشن 100”. وعدم معرفة موضع شركتك من هذا الطيف يدفعك بسهولة كبيرة إلى وضع مبرر لنفسك وإلقاء اللوم على مجموعة الموظفين بدلاً من إلقائها على سياساتك.

تاريخياً، كانت قلة من الشركات التي تنشر تقارير سنوية عن التنوع هي من يجمع بيانات المقاييس المعيارية.  لكن بما أن تقارير التنوع تصدر عادة على مستوى الشركة نفسها، فهي غالباً ما تكون إجمالية لدرجة تفقدها فائدتها. ومعرفة أن 46% من القوة العاملة في الشركات القرينة هم من أصحاب البشرة السمراء أو من ذوي الأصول اللاتينية لن يساعدك عموماً على تحديد أهداف التنوع في عملية توظيف علماء البيانات مثلاً. في حين تبحث مصادر البيانات الجديدة، مثل “لينكد إن” و”بيرننغ غلاس” في عشرات الملايين من ملفات الموظفين الشخصية المتوفرة على الإنترنت بهدف تقديم مقاييس معيارية لأقران وأدوار ومواقع محددة حرصاً على اكتساب قدرة أكبر على العمل بناء عليها.

حدد مكامن المواهب

كي تتمكن من تسليم الأدوار ذات الأولوية القصوى في شركتك للمواهب المتنوعة المتوفرة فعلاً ضمن قوتك العاملة، يجب أن تبدأ بتحديد مكامن هذه المواهب. من المفاجئ أن تملك قلة من الشركات دليلاً مفصلاً عن موظفيها يساعدها على تحديد مجموعات المواهب التي لم تستفد منها كما يجب. وللبدء، يجب على الشركات التحقق من مستويات التمثيل في كل دور على حدة لا على مستوى الشركة ككل، كي تتمكن من فهم التفاوتات بين الأقسام ووحدات العمل والمواقع.

لكن رفع معدلات تنقل الموظفين بين الوظائف يعتمد على معرفة المهارات التي يملكها الموظفون، وليس أدوارهم فقط. ووضع جداول بالمهارات اللازمة لكل دور يحدد القدرات التي يمكن للموظفين الاستفادة منها مع تقدمهم.  وفهم التركيبة السكانية والمهارات المتوفرة في كل مجموعة من الموظفين تسلط الضوء على الفرص المتاحة لبناء الجسور بين الأماكن التي تزخر بالمواهب والأماكن التي تفتقر إليها عن طريق برامج التعلم ومسارات الترقية، كي تتمكن من دفع الموظفين إلى الأدوار التي سيحققون فيها أعلى قيمة ممكنة.

احرص على تقييم قدرة خط إمداد الموارد البشرية

تقوم غالبية الشركات بالتحقق من نسب التنوع في المناصب الإدارية العليا، لكن قليلاً منها يعمل باتجاه عكسي لتحليل قوة خط إمداد الموارد البشرية في توفير موظفين للأدوار الجديدة. ما هو عدد المرشحين المتنوعين للأدوار عند كل مستوى؟ ستساعد معرفة نقاط ضعف مسار الترقية والتوظيف في تسليط الضوء على العوامل التي تعيق ترقية الموظفين داخلياً، وستمكّنك من التركيز على جهود التنوع.

ابن وسائل تساعد أصحاب المواهب على إحراز التقدم المهني من أجل تعزيز التنوع

كي تستفيد من المواهب المتوفرة في شركتك بالفعل، يجب عليك تحديد مجموعة أكثر تنوعاً من الوظائف “المغذية” لكل دور. وهذا بدوره يستدعي أن تجري مقارنة بين مستلزمات الأدوار كي تتمكن من رؤية مجموعات المواهب الملامسة لها والتي قد لا تكون واضحة، والمهارات التي ستساعد على جَسر الفجوة بينهما. وهذا سيمكّنك من الاستثمار في موارد التدريب كي تدعم عملية الانتقال. لكن بناء مسارات تحسين المهارات ليس كافياً، تذكر أن الموظفين يحتاجون إلى خارطة توضح لهم خيارات الترقية والمهارات التي ستساعدهم على الارتقاء.

ليس ضرورياً أن يكون التنوع لعبة يتساوى الربح فيها مع الخسارة، ويمكن للشركات تنمية دائرة المواهب المجزأة عن طريق الاستثمار في إمكانية تنقل موظفيها إضافة إلى تعيين مزيد من الموظفين. واتباع منهج مستدام وحيوي من هذا النوع يتيح للشركة أفضل فرصة لبناء ثقافة شاملة بحق وجني جميع ثمارها.

تنويه: يمكنكم مشاركة أي مقال من هارفارد بزنس ريفيو من خلال نشر رابط المقال أو الفيديو على أي من شبكات التواصل أو إعادة نشر تغريداتنا، لكن لا يمكن نسخ نص المقال نفسه ونشر النص في مكان آخر نظراً لأنه محمي بحقوق الملكية الدولية. إن نسخ نص المقال بدون إذن مسبق يعرض صاحبه للملاحقة القانونية دولياً.

جميع الحقوق محفوظة لشركة هارفارد بزنس ببليشنغ، بوسطن، الولايات المتحدة الأميركية 2024 .