بحث: النساء تسجل نقاطاً أعلى من الرجال في معظم المهارات القيادية

5 دقائق
مهارات المرأة القيادية الناجحة
استمع الى المقالة الآن هذه الخدمة تجريبية
Play Audio Pause Audio

للمرة الأولى في التاريخ يضم حزب كبير في الولايات المتحدة عدة نساء أعلنّ ترشحهنّ للمنصب الرئاسي باسم الحزب. ولكن يشكك النقاد على شاشات التلفاز بانتخاب الولايات المتحدة لامرأة لتشغل أعلى منصب قيادي في البلاد، رغم التقدم الذي تمثل بانتخاب عدد كبير من النساء في الكونغرس الخريف الماضي، ورغم اليقين بمهارات المرأة القيادية الناجحة.

وهذا الأمر يحيرنا، خصوصاً في ضوء ما نراه من خلال الأبحاث التي نجريها على الشركات. ناقشنا في مقالتين نشرتا عام 2012 (يمكنك قراءتهما هنا وهنا) نتائج التحليلات التي أجريناها على المراجعات من نمط 360 درجة، والتي اعتبرت أن المرأة في المناصب القيادية تتمتع بكفاءة مساوية لكفاءة الرجل تماماً. وفي الحقيقة، سجلت النساء مستويات إحصائية أعلى من الرجال على نحو ملحوظ في أغلب كفاءات المناصب القيادية التي قسناها، رغم أن الفروق لم تكن هائلة.

وتوصلنا إلى نتائج مشابهة مؤخراً عندما حدّثنا البحث، وأعدنا فحص قاعدة بياناتنا المؤلفة من مراجعات 360 درجة التي طلبنا فيها من المشاركين تقييم كفاءة كل قائد وقائدة بصورة مجملة، والحكم على مدى قوته وقوتها في كفاءات معينة. فوجدنا أن هذه التقييمات تعتبر كفاءة المرأة في المناصب القيادية مساوية لكفاءة نظيرها الرجل، أو متفوقة عليه.

ومع ذلك، تبقى الحقيقة المرة هي أن نسبة النساء في المناصب القيادية العليا في الشركات لا تزال ثابتة نسبياً منذ أجرينا بحثنا الأساسي. إذ تبلغ نسبة النساء في منصب الرئيس التنفيذي 4.9% فقط في مجموعة “فورتشن 500” (Fortune 500)، و2% فقط في مجموعة “إس أند بي 500” (S&P 500)، وتستمر هذه القيم بالتراجع عالمياً.

العوامل المؤدية إلى قلة تمثيل النساء في المناصب العليا

وبطبيعة الحال، هناك عدة عوامل تساهم في ندرة النساء في المناصب العليا، فهناك تحيزات ثقافية واسعة ضد المرأة مستمرة منذ قرون، كما أن الصور النمطية تموت ببطء. ولطالما كان هناك اعتقاد بأنه ليس بإمكان كثير من النساء المنتخبات التطلع للوصول إلى أعلى المراتب في المؤسسات وأن عليهن التراجع عن الترشح، رغم أن الأبحاث الجديدة تخالف هذه الفكرة. وقد بينت أبحاث كثيرة أن التحيز غير الإرادي ضد المرأة له دور كبير في قرارات التوظيف والترقية، وهذا بدوره يساهم في تناقص عدد النساء في المناصب الهامة.

اقرأ أيضاً: تراجع أثر الوعي الذاتي في تطوير المسارات المهنية النسائية

وتقدم لنا بياناتنا الحالية المزيد من الأدلة الدامغة على أن هذا التحيز غير صحيح وغير مبرر، فالمدراء، والرجال منهم تحديداً، يعتبرون النساء أكثر كفاءة بقليل من الرجال على جميع مستويات الهرم الوظيفي ضمن المؤسسة وفي مجالاتها الوظيفية كلها تقريباً. ويشمل ذلك معاقل الرجال التقليدية في تقنية المعلومات والعمليات والشؤون القانونية.

وكما ترى في الرسم البياني أدناه، فقد تم تقييم النساء على أنهن تواقات للمبادرة، ويتمتعن بالمرونة، ويمارسن التطوير الذاتي، ويسعين لتحقيق النتائج، ويُظهرن نزاهة وصدقاً بدرجة عالية. وفي الحقيقة، يُعتقد أن النساء أكثر فعالية في 84% من الكفاءات التي نقيسها بصورة دائمة.

ووفقاً لبياناتنا المحدثة، تم تقييم الرجال على أنهم أفضل من النساء في قدرتين اثنتين، هما “وضع وجهات نظر استراتيجية” و”الخبرات التقنية أو المهنية”. وقد حصل الرجال على تقييمات أعلى في هاتين القدرتين في بحثنا الأساسي أيضاً.

ملاحظة: إن “قيم تي” ( t-values) في جميع البيانات كبيرة إحصائياً.
المصدر: زينغر فولكمان 2019.

توضح بياناتنا، وعلى نحو مثير للاهتمام، أن النساء لا يمنحن أنفسهن تقييمات عالية، إذ أنشأنا، في الأعوام القليلة الماضية، نظام تقييم ذاتي، يقيس الثقة في النفس من بين أمور أخرى. ومن خلال البيانات التي نجمعها منذ عام 2016 (من 3,876 رجلاً و4,779 امرأة حتى الآن) على مستوى الثقة في النفس التي يتمتع بها القادة على مدى مسيراتهم المهنية، رأينا بعض الاتجاهات المثيرة للاهتمام.

عندما نقارن بين تقييمات الثقة في النفس بين الرجال والنساء نجد اختلافاً كبيراً بينهما لدى الفئة العمرية التي لم تتجاوز 25 عاماً. فهناك احتمال كبير أن هؤلاء النساء يتمتعن بكفاءة أكبر بكثير مما يعتقدن، في حين أن القادة الرجال يتمتعون بثقة مبالغ فيها في أنفسهم إذ يفترضون أن كفاءاتهم أكبر مما هي عليه. وفي عمر الأربعين تتساوى قيم الثقة في النفس لدى النساء والرجال، فمع التقدم بالعمر، تزداد ثقة المرء في نفسه عموماً، والغريب أنه بدءاً من عمر الخمسين تبدأ ثقة الرجل في نفسه بالتراجع، في حين تزداد ثقة المرأة في نفسها. ووفقاً لبياناتنا، بدءاً من عمر 25 إلى ما بعد 60 عاماً، يكتسب الرجال نسبة 8.5% من الثقة في النفس، بينما تكتسب المرأة نسبة 29%. ملاحظة: هذا ما نراه في بياناتنا رغم إدراكنا لوجود دراسات تصل إلى نتائج مختلفة فيما يتعلق بافتقاد النساء الثقة في النفس في المراحل الأولى من مسيراتهنّ المهنية.

وهذه النتائج تتوافق مع أبحاث أخرى تبين أن المرأة لا تتقدم إلى وظيفة إلا إذا شعرت بثقة أنها تمتلك معظم الكفاءات المطلوبة. فإذا كان هناك رجل وامرأة لديهما شهادات متطابقة تماماً ويفتقدان كلاهما للخبرة في المنصب الأعلى، نجد أنهما يختلفان فيما يتوصلان إليه بشأن استعداد كل منهما للترقية. إذ يفترض الرجل أنه قادر على تعلم ما ينقصه وهو لا يزال في وظيفته الحالية، ويقول لنفسه “أنا قريب جداً”.  بينما تكون المرأة أكثر حذراً وأقل رغبة في إظهار نفسها في تلك المرحلة.

تقييم المرأة لثقتها بنفسها

من الممكن أن تؤدي مستويات الثقة المتدنية هذه لدى الشباب إلى تحفيز المرأة للمبادرة أكثر، والتعامل بمرونة أكبر، وتقبل التقييمات من الآخرين أكثر، والذي بدوره يجعلها قائدة أكثر فعالية على المدى الطويل.

ونحن نرى تياراً مشابهاً في نظرة النساء لكفاءتهن في القيادة بصورة عامة، إذ يرتفع تقييمهنّ لذواتهنّ مع تقدمهنّ في العمر. وهذه البيانات مأخوذة عن دراسة شملت 40,184 رجلاً و22,600 امرأة تقيس نسب الكفاءة الكلية للرجال والنساء على مستوى 49 سلوكاً متميزاً يساعد على توقع كفاءة القادة. ومرة ثانية، تُقيّم النساء اليافعات أنفسهن بقيم أدنى من تقييم الرجال أنفسهم، ولكن تقييماتهن ترتفع تدريجياً مع تقدمهنّ في العمر لتتخطى في نهاية المطاف تقييمات الرجال.

المرأة القائدة

تستمر هذه البيانات بتعزيز ما لاحظناه من بحثنا السابق، وهو أن المرأة قائدة تتمتع بالكفاءة، وذلك وفقاً لمن يعملون معها مباشرة. وما يُعيقها هو ندرة الفرص وليس افتقادها للقدرات. وإذا منحناها هذه الفرص، فعلى الأرجح أنها ستنجح في المناصب العليا تماماً كما ينجح الرجل.

تذكر أن بياناتنا هي على الأغلب تصورات عن الأداء والسلوك السابق والحالي، وهذا يختلف عن قرار الترقية الذي يتضمن التحرك نحو منصب أعلى وخوض مجازفة أكبر. فإذا كان 96 من أصل 100 موظف يعملون حالياً في مناصب مماثلة هم رجال، وكنت أنت بصدد اتخاذ قرار بترقية أحد الموظفين ولديك امرأة ورجل يتمتعان بالكفاءة العالية، من الذي ستختاره منهما؟ قد يبدو لك الرجل خياراً أكثر أماناً.

يجب أن يُلقي القادة نظرة أعمق على ما يُعيق ترقية النساء في مؤسساتهم، فمن الواضح أن الانحياز غير الإرادي الذي يقول إن المرأة لا تنتمي للمناصب العليا يلعب دوراً كبيراً. ومن الضروري أن تُغير المؤسسات طريقة اتخاذ قرارات التعيين والترقية، وتحرص على التفكير جدياً بالنساء الجديرات.

ويجب على من يتخذون هذه القرارات التفكير قليلاً بموضوع صفات ومهارات المرأة القيادية الناجحة ثم طرح السؤال “هل نحن خاضعون للانحياز غير الإرادي؟ هل نسلم القيادة للرجل بصورة تلقائية رغم وجود امرأة تتمتع بكفاءة مساوية؟” وكما توضح بياناتنا عن الثقة، يجب على المؤسسات تشجيع النساء أكثر، ويمكن للقادة التأكيد على كفاءاتهنّ وتشجيعهنّ على السعي للحصول على الترقية في مراحل مبكرة من مسيراتهنّ المهنية.

اقرأ أيضاً:

تنويه: يمكنكم مشاركة أي مقال من هارفارد بزنس ريفيو من خلال نشر رابط المقال أو الفيديو على أي من شبكات التواصل أو إعادة نشر تغريداتنا، لكن لا يمكن نسخ نص المقال نفسه ونشر النص في مكان آخر نظراً لأنه محمي بحقوق الملكية الدولية. إن نسخ نص المقال بدون إذن مسبق يعرض صاحبه للملاحقة القانونية دولياً.

جميع الحقوق محفوظة لشركة هارفارد بزنس ببليشنغ، بوسطن، الولايات المتحدة الأميركية 2024 .