كيف تجذب أفضل المواهب في مجال التكنولوجيا؟

4 دقائق
المهارات التقنية
استمع الى المقالة الآن هذه الخدمة تجريبية
Play Audio Pause Audio

ملخص: تفتقر أسواق العمل إلى العديد من أنواع العاملين، ولكن هذا ينطبق بوجه خاص على الموظفين ذوي “المهارات التقنية”. فقد زاد طلب الشركات غير التقنية على هؤلاء العاملين في الوقت الذي تسعى فيه الشركات التقنية العملاقة مثل “فيسبوك” و”أمازون” إلى توظيف الآلاف منهم. لشغل هذه الأدوار في وقت يتاح فيه العديد من الفرص للأشخاص ذوي المهارات العالية، يجب أن تسعى إلى توسيع دائرة المرشحين المحتملين من خلال تحديد المهارات التي تُعد أساسية حقاً (والتي يمكن تدريب العاملين عليها)، ومن خلال جعل شركتك أكثر جاذبية للعاملين المحتملين.

يزداد التنافس الحاد لاستقطاب المواهب في مجال التكنولوجيا احتداماً، مع تحول البرمجيات والتكنولوجيات إلى أمور بالغة الأهمية للشركات في جميع قطاعات الاقتصاد. لم يعد الأمر يتعلق فقط بشركات التكنولوجيا التي تنافس بعضها بعضاً على المرشحين؛ فقد انضمت قطاعات أخرى إلى المنافسة وفازت بحصة أكبر من المواهب في مجال التكنولوجيا.

كان هذا التوجه موجوداً منذ فترة، لكنه يتسارع. ففي عام 2019، قبل أن تعطل جائحة “كوفيد-19” عملية التوظيف في معظم الشركات، ولو مؤقتاً، عيّنت شركات غير تقنية أكثر من 40% من مهندسي ومطوري البرمجيات والمطورين، وهي زيادة على الثلث تقريباً في عام 2010، وفقاً لتحليل بيانات أميركية أجرته شركة “بين آند كومباني” (Bain & Company).

وفي الوقت الذي يزداد فيه الطلب على هؤلاء العاملين من الشركات غير التقنية، تكافح شركات عديدة للتنافس على أفضل المواهب لأن الشركات الكبيرة والناشئة في مجال التكنولوجيا أصبحت تستقطب المرشحين ذوي المهارات العالية بمعدلات غير مسبوقة. ففي عام 2020، بينما كانت شركات عديدة تسرح الموظفين مؤقتاً أو تخفض عددهم بسبب التداعيات الاقتصادية للجائحة، أعلنت “فيسبوك” أنها ستوظف 10 آلاف موظف إضافي في قسمي المنتجات والهندسة، وأعلنت “أمازون” عن خطط لتوظيف عدد أكبر من ذلك. وعلى مدار العقد الماضي، ظلت الشركات الناشئة في مجال التكنولوجيا تزيد من عدد مهندسي ومطوري البرمجيات بنحو 60% كل عام، وهي أسرع وتيرة توظيف فيما بين الشركات التقنية وغير التقنية، وفقاً لتحليلنا.

تدرك الشركات الناشئة الناجحة أن السبيل إلى التغلب على أزمة المواهب يكمن في توسيع دائرة المرشحين من خلال البحث عن هؤلاء الذين لديهم مجموعة أوسع من القدرات المطلوبة، وليس فقط المهارات التقنية، من بين شبكة أكثر تنوعاً من المرشحين للوظائف. لا يزال إتقان المهارات التقنية أمراً بالغ الأهمية، خاصة في الأدوار التي تُعد فيها البراعة في كتابة الشفرة البرمجية أمراً أساسياً، لكن المهارات التقنية تُعد أقل أهمية في بعض الأدوار التقنية، بما في ذلك الوظائف التي يزداد عددها بسرعة مثل مدراء نجاح تجربة العملاء ومدراء المنتجات. يمكن أن يؤدي التركيز على مجموعة أكبر من القدرات الوثيقة الصلة بكل دور إلى فتح شبكة أكبر من المرشحين المطلوبين في هذه الوظائف. تدرك الشركات التي تتبع هذا النهج أنها إذا وجدت مرشحاً يمتلك القدرات التي يُتوقع أن يحقق بها النجاح في الوظيفة، مثل التعاون والقدرة على التعامل مع التوتر والثقة بالنفس في حالة مدراء نجاح تجربة العملاء، يمكن للموظف الجديد تعلُّم بقية المهارات في أثناء العمل من خلال التدريب (الرسمي وغير الرسمي).

يعتمد فن إجراء هذا النوع من البحوث بفعالية على وضع عمليات منهجية للتخفيف من التحيزات (الإرادية واللاإرادية) على نطاق المؤسسات المتخصصة في استقطاب المواهب وإدارتها. في “إير بي إن بي” (Airbnb)، إضافة إلى تقديم تدريب لمواجهة التحيزات اللاإرادية لدى القائمين على التوظيف والقائمين على إجراء المقابلات، يفكر مدراء التوظيف في المعايير الموضوعية والسمات الضرورية لكل دور. بعد ذلك، يضعون عناوين معينة تتوافق مع المهارات المطلوبة لتقليل التحيزات في عملية التوظيف.

للفوز بالمرشحين المنشودين، لا تكتفي الشركات الرائدة بتنفيذ التدابير التي يعتبرها الباحثون عن عمل من الأساسيات الآن، مثل وجود رسالة وهدف مؤثرين للشركة وحزم أجور ومزايا تنافسية وسجل إنجازات في الاستثمار في فرص التدريب والمسار المهني. إذ تبتكر هذه الشركات أيضاً أدوات تميزها عن المنافسين وتساعدها في التفوق عليهم للحصول على أفضل المواهب، بما في ذلك المواهب من أبناء جيل الألفية والجيل “زد” الذين يشكلون نسبة متزايدة من قوة العمل.

استناداً إلى تحليل شركة “بين آند كومباني” لتصنيفات موقع “غلاس دور” (Glassdoor) لشركات التكنولوجيا، تبرز ثلاثة عوامل كمؤثرات قوية على المكان الذي يريد المرشحون الأكثر موهبة العمل فيه:

1. الالتزام بتحقيق التنوع والشمول

توظيف قوة عمل متنوعة وشاملة هو التصرف الصائب، كما أن آثاره الإيجابية على أداء الأعمال موثقة جيداً. بالإضافة إلى ذلك، وضع استراتيجية جيدة للتنوع والمساواة والشمول يمكن أن يساعد الشركات على جذب المواهب لأن هذه الاستراتيجية أصبحت عاملاً مهماً في عملية صنع المرشحين للقرار. في استطلاع أجرته شركة “بيقوم” (Beqom) العام الماضي، شمل ألف موظف، قال 48% إنهم سيفكرون في الانتقال إلى شركة أخرى إذا كان لديها استراتيجية متطورة للتنوع والمساواة والشمول. لكن الشركات ليس لديها أي خيار حقاً إذا كانت تريد التغلب على أزمة المواهب التقنية، فتجاهل جزء كبير من مجموعة المواهب ليس خياراً.

الخبر السار هو أن فتح باب التوظيف من خارج المصادر التقليدية للمرشحين يساعد على حل هذه المشكلة أيضاً. فقد تَبين أن اختبار القدرات والمهارات بشكل موضوعي، بدلاً من الاعتماد على الخبرة السابقة والشهادات، يحسن التنوع أيضاً. على سبيل المثال، تدرك شركات عديدة اليوم أنه يمكنها العثور على مرشحين ممتازين في مجال هندسة البرمجيات من خلال البحث عن مرشحين حاصلين على شهادات من معسكرات التدريب على كتابة الشفرة البرمجية ولديهم نماذج لكتابة الشفرة البرمجية حاصلة على تصنيفات عالية على موقع “غيت هاب” (GitHub)، بغض النظر عما إذا كان المرشح حاصلاً على شهادة في علوم الكمبيوتر من جامعة مرموقة. يتيح هذا النهج المزيد من الفرص أمام المرشحين من الفئات غير الممثلة تمثيلاً كاملاً، ويوسّع دائرة مواهب الشركة.

2. إدارة عليا تتسم بالشفافية وتخضع للمساءلة

في شركات التكنولوجيا عالية الأداء، عادة ما يكون المدراء متاحين ومستعدين للتفاعل مباشرة مع الموظفين. كما أنهم يتصرفون بسرعة وحزم، ويتحملون مسؤولية النتائج الفعلية. على سبيل المثال، أنشأت شركة “سلاك” (Slack)، صانعة برنامج “سلاك” المستخدم في التواصل والتعاون في مجال الأعمال التجارية، قناة دردشة داخلية باسم #exec-ama (اختصاراً لـ “اسألني عن أي شيء”). يمكن للموظفين أن يسألوا الفريق التنفيذي عن أي شيء، ومن المتوقع أن يجيب المسؤولون التنفيذيون (ويفعلون ذلك فعلاً).

بالطبع ستفضل أفضل المواهب العمل لدى شركة يشعرون فيها أن عملهم يُحدث تأثيراً حقيقياً. وإذا شعر الموظفون أن القادة متعنتون ولا يخضعون للمساءلة، فمن المرجح أن يغادروا لبناء شركة منافسة.

3. ثقافة التدريب الإرشادي والتطوير

يمكن أن يبدو الطريق إلى إرساء ثقافة جذابة غير واضح، لكن أحد العوامل المساعدة الواضحة هو تقديم تدريب إرشادي عالي الجودة للموظفين وتطوير مهاراتهم. يميل العاملون من جيل الألفية والجيل “زد” إلى تقدير هذا النوع من الاستثمار، ولكن من المهم أيضاً “تنمية مهارات” الموظفين الموهوبين الذين لديهم القدرات المناسبة، ولكن ليس بالضرورة الخبرة. وهذا الجهد يعزز الشمول أيضاً من خلال توفير رعاية حقيقية للموظفين ذوي الخلفيات المتنوعة. على سبيل المثال، انتقلت شركة “هبسبوت” (HubSpot) من مراجعات الأداء السنوية إلى إدارة الأداء الاجتماعي. وهذا يسمح للموظفين بتلقي ملاحظات مستمرة وآنية من أي شخص تقريباً في الشركة، ما يشجع على تنمية مهاراتهم بشكل متواصل.

كسب سمعة حسنة بسبب التميز في جميع هذه الجوانب لن يحدث بين عشية وضحاها. ولكن المردود هو قوة عمل عالية المستوى ومتنوعة ومتلهفة لمساعدة الشركة على النجاح في الاقتصاد الجديد القائم على التكنولوجيا.

تنويه: يمكنكم مشاركة أي مقال من هارفارد بزنس ريفيو من خلال نشر رابط المقال أو الفيديو على أي من شبكات التواصل أو إعادة نشر تغريداتنا، لكن لا يمكن نسخ نص المقال نفسه ونشر النص في مكان آخر نظراً لأنه محمي بحقوق الملكية الدولية. إن نسخ نص المقال بدون إذن مسبق يعرض صاحبه للملاحقة القانونية دولياً.

جميع الحقوق محفوظة لشركة هارفارد بزنس ببليشنغ، بوسطن، الولايات المتحدة الأميركية 2024 .