كيف يمكن للمستثمرين المؤثرين الاستعداد للأزمة القادمة؟

5 دقائق
المستثمرون المؤثرون
ميراج سي/غيتي إميدجيز
استمع الى المقالة الآن هذه الخدمة تجريبية
Play Audio Pause Audio

ملخص: مع كفاح المستثمرين للتصدي لأزمة “كوفيد-19” في أوائل عام 2020، كان على عدد كبير من الشركات التي تعطي الأولوية لإحداث تأثير الانتظار 6 أشهر أو أكثر للحصول على تمويل، لأن المستثمرين كانوا يقضون ذلك الوقت الثمين في وضع إجراءات وبروتوكولات ومعايير لحالات الطوارئ في خضم الجائحة. ولأن العديد من المستثمرين المؤثرين الذين أدركوا أن هناك حاجة إلى الحصول على تمويل طارئ لم يكونوا مستعدين للأزمة، فقد تعثروا في الاستجابة الفعلية لها. يتطلب التمويل الطارئ معايير مختلفة والقيام بالاستقصاء اللازم ووضع أطروحات استثمار، وبناء هذه الأنظمة يستغرق وقتاً. توضح هذه المقالة ما يحتاج المستثمرون المؤثرون إلى فعله للتصدي بطريقة مختلفة للأزمات المستقبلية.

 

في أوائل عام 2020، واجهت شركة “رايزنغ أكاديمز” (Rising Academies) إحدى شركات التعليم الأسرع نمواً في إفريقيا، أزمة مزدوجة. فقد كانت الشركة على وشك التوسع في غانا عندما أدى تأجيل قصير الأجل غير متوقع من راعي أسهمها الرئيسي إلى تهديد الصفقة. وبعد فترة وجيزة، تسبب فرض الحظر الشامل نتيجة لمرض “كوفيد-19” في جعل قطاع التعليم بأكمله في حالة من الفوضى. لذلك كانت “رايزنغ أكاديمز” بحاجة إلى تمويل طارئ بسرعة للحفاظ على تأثيرها وإبقاء أعمالها على المسار الصحيح.

لم تكن “رايزنغ أكاديمز” الشركة الوحيدة التي تحتاج إلى هذا التمويل. فخلال الأشهر الستة الأولى من الجائحة، ازداد الطلب على المنح والقروض الطارئة من مؤسستي “أوبن روود ألاينس” (Open Road Alliance)، بأكثر من ألف في المائة، ولكنه ما زال لا يمثل إلا جزءاً صغيراً من الاحتياجات العالمية. خلال ما يقرب من عقد من العمل في مجال التمويل الطارئ، لم يسبق لي رؤية هذا العدد الكبير من المؤسسات التي تواجه مثل هذه المجموعة من التهديدات: تدفقات الإيرادات المتدنية، والاستثمارات الموعودة المتأخرة، والقدرات المجهَدة، حتى مع الارتفاع الكبير في الطلب على العديد من الخدمات. لذلك كان هناك عدد مهول من الشركات التي تحتاج إلى أموال، وبسرعة.

مع كفاح المستثمرين للتصدي لأزمة “كوفيد” في أوائل عام 2020، كان على عدد كبير من الشركات التي تعطي الأولوية لإحداث تأثير الانتظار 6 أشهر أو أكثر للحصول على تمويل، لأن المستثمرين كانوا يقضون ذلك الوقت الثمين في وضع إجراءات وبروتوكولات ومعايير لحالات الطوارئ في خضم الجائحة. تم إطلاق صندوق إغاثة بملايين الدولارات في ربيع عام 2020، ولم يقم بأول استثمار “للإغاثة” إلا بعد مرور أكثر من عام.

ولأن العديد من المستثمرين المؤثرين الذين أدركوا أن هناك حاجة إلى الحصول على تمويل طارئ لم يكونوا مستعدين للأزمة، فقد تعثروا في الاستجابة الفعلية لها. ربما تعلموا ما تعلمناه في “أوبن روود” على مدار السنوات العشر الماضية، من خلال العمل مع أكثر من 300 شركة: أن التمويل الطارئ يتطلب معايير مختلفة، وأطروحات استثمار، والقيام بالاستقصاء اللازم. علاوة على ذلك، يستغرق بناء هذه الأنظمة وقتاً. إذا كانت هياكل التمويل الطارئ هذه موجودة بالفعل، لكانت الاستجابة أسرع، وصناعة القرارات أكثر كفاءة، والضرر المالي الناجم عن “كوفيد” أقل حدة. توضح هذه المقالة ما يحتاج المستثمرون المؤثرون إلى فعله للتصدي بطريقة مختلفة للأزمات المستقبلية.

حدد القيود الهيكلية ونوع المرونة

يتضمن الاستثمار المؤثر مجموعة واسعة من الهياكل القانونية وما يتصل بها من قدرات وقيود. يمكن أن يؤدي التصنيف الذاتي في إحدى الفئات الثلاث الموضحة أدناه مقدماً إلى كسب الوقت في الأزمات من خلال توجيهك بعيداً عن استراتيجيات الطوارئ التي لن تجدي نفعاً في النهاية.

مستثمرون ذوو مرونة كبيرة

هؤلاء المستثمرون المؤثرون مقيدون بخياراتهم فقط. فلديهم إمكانية الوصول إلى العديد من الأدوات أو الكيانات القانونية، ما يسمح لهم بتغيير معاييرهم أو شروطهم أو حتى منتجاتهم الاستثمارية. على سبيل المثال، يمكن للمستثمر المؤثر الذي يستثمر في الأسهم حتى وقتنا هذا اختيار تتبع الديون أو المنح أو الضمانات، بأدنى حد من القيود.

مستثمرون ذوو مرونة محدودة

تتضمن هذه الفئة المؤسسات الاستثمارية والمؤسسات الأخرى التي قد تحد مستنداتها التشغيلية من أنواع الاستثمارات أو القطاعات أو شروط الاستثمار الأخرى. سيرغب هؤلاء المستثمرون المؤثرون في البحث عن خيارات ضمن هيكلهم الحالي. على سبيل المثال، لا يمكن لصندوق أسهم أن يبدأ فجأة في تقديم قروض. ومع ذلك، فإن هيكلها قد يمنحها المرونة اللازمة لتسريع الجداول الزمنية لإجراء الاستقصاء اللازم أو تأخير التسعير من خلال تقديم سندات قابلة للتحويل أو تقديم دعم تقني غير مالي.

مستثمرون مقيدون بشدة

لا يستطيع المستثمرون المؤثرون في هذه الفئة تغيير استراتيجياتهم الاستثمارية، كما أنهم يواجهون قيوداً كبيرة بسبب هياكلهم القانونية والمالية. تشمل هذه الفئة مؤسسات مثل صناديق التقاعد ذات المسؤوليات الائتمانية الصارمة. في هذه الحالات، قد لا يتضمن الاستعداد لحالات الطوارئ استجابة داخلية مباشرة، بل تحديد الجهات الفاعلة من الأطراف الثالثة التي تتخصص في التمويل الطارئ والتي يمكن أن تكون بمثابة مصدر خارجي لتحقيق المرونة.

ضع نظاماً لفرز الطلبات بسرعة وكفاءة وعلى أساس متجدد

لا يمكن انتظار المواعيد النهائية في حالات الطوارئ، ولا يمكن للمؤسسات في أوقات الأزمات انتظار اجتماع مجلس إدارتك الذي سيُعقد بعد 3 أشهر. هذا يعني أنه عليك أن تعرف كيفية اتخاذ قرارات عاجلة لكي تكون فعالاً. وقد يعني هذا إنشاء لجنة استثمار أصغر تتمتع بصلاحية الموافقة على استثمارات الطوارئ أو إعطاء صلاحيات مماثلة لكبار الموظفين. ومن المهم للغاية القيام بذلك قبل الأزمة حتى لا تهدر وقتاً ثميناً في محاولة جمع أعضاء مجلس إدارتك أو لجنة الاستثمار التابعة لك للحصول على الموافقات اللازمة لتغيير أو وضع بروتوكولات في اللحظة الراهنة.

ركز على التدفقات النقدية المستقبلية وتقبل الغموض

عند التعامل مع أزمة نشأت خارجياً (مثل أزمة “كوفيد”)، يُعد تحليل التدفقات النقدية المتوقعة أهم من البيانات المالية المدققة السابقة؛ إذ يجب التركيز على معرفة ما إذا كانت الشركة ستنجو وليس التركيز على ما سار بشكل خاطئ.

أحد الأطر التي نستخدمها في “أوبن روود” لتقييم هذه المخاطر بسرعة هو مفهوم “جسر إلى مكان ما”. عند تحليل وضع شركة ما، اعرف ما إذا كان التمويل الطارئ سيبني جسراً إلى تدفقات نقدية محددة في المستقبل أم أنه سيزيد فقط من الوقت المتاح أمام الشركة قبل نفاد سيولتها النقدية لمنحها بعض الوقت لإيجاد حلول. على الرغم من أنك قد تكون على استعداد للاستثمار في خيار زيادة الوقت المتاح، فإن بناء جسر إلى مكان مجهول يُعد اقتراحاً أكثر خطورة.

أخيراً، يركز المستثمر العادي على الوثائق التي تم التحقق منها خارجياً، إلا أنه في أوقات الأزمات يمكن للمكالمات الهاتفية وجداول البيانات المشتركة والمحادثات الآنية أن تقدم لك رؤى كافية لاتخاذ قرار بشأن الوضع النقدي للشركة والمساعدة في إعطاء الأولوية لمَن هم أكثر احتياجاً.

اختر ما أنت مستعد لخسارته

في الأزمات الواسعة النطاق، مثل “كوفيد”، عادة ما تفوق الحاجة العرض. وهذا يعني أن مَن هم في وضع متميز يتيح لهم تقديم تمويل طارئ يجب أن يتحملوا مسؤولية التحديد الواضح لمَن أو ما الذي لن ينقذوه، والتعريف بذلك بشفافية.

وضع معايير التمويل الطارئ هذه قبل وقوع الأزمة ليس فقط أفضل طريقة لضمان تحقيق ما تنوي تحقيقه فعلاً، ولكنه أمر بالغ الأهمية للتأكد من أن القرارات التي تتخذها تحت ضغط تفي بمعاييرك وقيمك المتعلقة بتحقيق التنوع والمساواة والشمول.

من المهم للغاية أن يحسب المستثمرون المؤثرون تكلفة الفرصة البديلة لفقدان التأثير. على سبيل المثال، خلال “كوفيد”، كان يُقال إن دعم عيادة صحية لا تدر الكثير من الأرباح أهم من ضمان ألا تسرح شركة متخصصة في إعادة تدوير المخلفات الإلكترونية موظفيها مؤقتاً. وبالمثل، قد يكون دعم عمل تجاري أقل ربحية في محفظتك الاستثمارية أكثر تأثيراً لأن الشركات الأقوى في محفظتك من المرجح أن تتجاوز المحنة بنفسها. من الناحية المثالية، يمكن للمستثمر دعم كليهما، لكن هذه النتيجة لا تكون واقعية دائماً. ففي النهاية، لا تتعلق المرونة بالتغلب على أزمة ما اليوم فحسب، بل تتعلق بالحفاظ على التأثير في المستقبل.

المضي قدماً

في عالم ما بعد “كوفيد”، تُعد المرونة هي العائد الجديد على الاستثمار. فهؤلاء الذين لن يكيفوا ممارساتهم قبل حالة الطوارئ التالية سوف يتخلفون عن الركب، أما الذين سيتخذون الخطوات المذكورة أعلاه حتى يكونوا مستعدين للاستجابة فسيجنون الثمار.

في حالة “رايزنغ أكاديمز”، أتاح لهم القرض الذي حصلوا عليه من “أوبن روود” إبرام الصفقة مع مدارس “أوميغا سكولز” (Omega Schools)، ثم كرروا بشكل سريع حلاً قائماً على التعلم عن بُعد بموارد منخفضة ووسعوا نطاقه ليشمل 25 دولة و12 مليون طفل من خلال 35 شريكاً، وكل ذلك في غضون 150 يوماً. وهو ما جعلها أقوى مما مضى.

تنويه: يمكنكم مشاركة أي مقال من هارفارد بزنس ريفيو من خلال نشر رابط المقال أو الفيديو على أي من شبكات التواصل أو إعادة نشر تغريداتنا، لكن لا يمكن نسخ نص المقال نفسه ونشر النص في مكان آخر نظراً لأنه محمي بحقوق الملكية الدولية. إن نسخ نص المقال بدون إذن مسبق يعرض صاحبه للملاحقة القانونية دولياً.

جميع الحقوق محفوظة لشركة هارفارد بزنس ببليشنغ، بوسطن، الولايات المتحدة الأميركية 2024 .