بحث: كيف تبدو المسارات المهنية للنساء في أرض الواقع؟

4 دقائق
المسارات المهنية للنساء
shutterstock.com/Golden Dayz
استمع الى المقالة الآن هذه الخدمة تجريبية
Play Audio Pause Audio

نعلم أن وجود النساء في قوة العمل قد زاد بشكل كبير خلال العقود القليلة الماضية، ولكن هل صحيح أن جميع النساء يعملن بقدر أكبر؟ وإذا لم يكن الأمر كذلك، فأي النساء يزداد احتمال أن يعملن بدوام كامل طيلة فترة سن الرشد؟

يجيب الباحثون، عادة، عن هذه الأسئلة من خلال إلقاء نظرة سريعة على حياة النساء في مرحلة معينة لمعرفة ما إذا كانت النساء يعملن عملاً مدفوع الأجر أم لا. وفي حين أن هذا بالتأكيد يفيد الباحثين كثيراً بشأن التغييرات في التوظيف – إذ إن الكثير من النساء يعملن في الوقت الحالي أكثر مما كان عليه الحال في السنوات السابقة – إلا أننا كنا نتساءل كيف كان يبدو ذلك على امتداد مسيرة عمل بطولها. إذ أردنا أن نحدد ما إذا كانت النساء، ومَن في النساء، يعملن بدوام كامل طيلة سنوات في كل مرة، ومَن من النساء اللائي يبقين خارج قوة العمل التي تتلقى أجوراً طيلة سن الرشد.

وبحثنا، باستخدام بيانات مستقاة من “الدراسة الاستقصائية الوطنية المطولة للشباب 1979” (National Longitudinal Survey of Youth 1979)، عن “المسارات التي تتخذ أشكالاً جماعية” – وهي أنماط أوسع نطاقاً تظهر بمرور الوقت – لمشاركة النساء في قوة العمل طيلة العشرينيات والثلاثينيات والأربعينيات من أعمارهن. وكان مصدر البيانات الدراسات الاستقصائية السنوية (ثم نصف السنوية) التي اشتملت على النساء اللائي ولدن بين عامي 1957 و1964 وجرت الاستعانة بهن في الدراسة في عام 1979. وهؤلاء النساء الآن في الخمسينيات من أعمارهن، بينما تمتد مجموعة بياناتنا من عام 1982 إلى عام 2010.

وما وجدناه، في بحث نُشر مؤخراً في مجلة “ديموغرافي” (Demography)، يثير الدهشة: فقد قضت أكثر من 90% من النساء المواليد في جيل الطفرة السكانية فترة العشرينيات والثلاثينيات والأربعينيات من أعمارهن في عمل مدفوع الأجر. علاوة على ذلك، اتبعت 60% من النساء ما جرت العادة على أن ننظر إليه باعتباره مسار عمل “للذكور”؛ فقد كن يعملن بدوام كامل أو يشاركن في “عمل إضافي” (يعملن أكثر من 50 ساعة في الأسبوع) خلال المرحلة الوسطى من سن الرشد.

ويُظهر المنظور طويل الأمد الذي اتخذناه صورة مختلفة تماماً عن الوقت الذي تقضيه النساء في قوة العمل. إذ تبين نظرة سريعة إلى أوجه توظيف النساء – التي جرت دراستها في أي سنة من السنوات – أن حوالي 20% من الأمهات لا يعملن في أي سنة، لكن بحثنا يشير إلى أن مجموعة فرعية أصغر بكثير تتبع هذا النمط على المدى الطويل. حيث إن نحو 8% فقط من النساء في العينة التي درسناها اتبعت مسار “البقاء في المنزل” في معظم هذه السنوات.

ولا تزال أنماط عمل النساء متنوعة، حيث أفادت نحو 30% من النساء أنهن عملن بدوام جزئي أو على فترات متقطعة خلال هذه الفترة. ومع مرور الوقت، زادت بعض النساء من ساعات عملهن، وقللت أخريات من ساعات عملهن، بينما عمل البعض الآخر منهن بدوام كامل في العشرينيات من أعمارهن، وغادرن قوة العمل لفترة من الوقت، ثم عدن إلى العمل بدوام كامل ببلوغهن الأربعينيات من أعمارهن. ويبدو من المرجح أن معظم هذه الاستراتيجيات قد استخدمت لمواجهة المسؤوليات الأكبر للنساء في الإنجاب والتربية.

ويقودنا هذا إلى السؤال الثاني: لماذا تعمل بعض النساء بشكل مستمر بينما لا تعمل الأخريات على المنوال نفسه؟ من المثير للدهشة أننا وجدنا أن النساء ذوات الاحتياجات المالية الأكبر – أولئك اللائي عانين من الفقر عندما كنّ صغيرات السن، أو كن غير متزوجات ويفتقرن إلى سبل الحصول على مصدر ثان للدخل، أو كن أقل تعليماً – بدا أنهن يواجهن أشد العوائق التي تعترض حصولهن على عمل متواصل بدوام كامل. وفي حين أنه من الشائع، في كثير من الأحيان، الاعتقاد بأن النساء يعملن لأنهن “بحاجة” إلى العمل من أجل أسرهن، فإن بحثنا يدعم النتائج التي توصل إليها الكتاب الأول لسارة (المشارِكة في كتابة هذا المقال)، والذي يذكر أن النساء ذوات الاحتياجات المالية الأكبر هن الأقل قدرة على العثور على عمل مستمر بدوام كامل. وكانت النساء اللائي عملن “مثل الرجال” – أي بدوام كامل في معظم السنوات التي درسناها – أوفر حظاً خلال طفولتهن وطوال المرحلة المبكرة من سن الرشد قياساً إلى نظيراتهن.

بل إن بعض خيارات العمل بدوام جزئي بدت مقتصرة على النساء الأوفر حظاً. حيث كان احتمال أن تدخل النساء ذوات البشرة البيضاء والحاصلات على قدر جيد من التعليم قوة العمل ويغادرنها ثم يعُدن إليها أكبر من النساء ذوات البشرة الملونة أو من نظيراتهن ذوات البشرة البيضاء الحاصلات على قدر أقل من التعليم. ومن المهم الإشارة إلى أن هذا يشير إلى أن “خيارات” العمل بالنسبة للنساء مقيدة على نطاق أضيق مما يتبادر إلى الأذهان في الغالب. ففي حين أن العمل بدوام كامل غالباً ما يُنظر إليه بصفته ضرورة، إلا أن بحثنا يُظهر أن العمل المستقر بدوام كامل يعد ميزة متراكمة تتطلب دخول النساء في قوة العمل مبكراً بمجموعة محددة من المزايا التي لا يمكن لجميع النساء الحصول عليها.

نعتقد أن بحثنا يشير إلى خلاصتين مهمتين:

  • تعمل غالبية النساء – بدءاً من مواليد جيل الطفرة السكانية – بدوام كامل طوال سن الرشد. وتعود نسبة غير قليلة من النساء إلى العمل بعد أن يكبر أطفالهن قليلاً. لكن مجموعة من الأبحاث تشير إلى أن التزام المرأة بالعمل المدفوع الأجر يظل موضع شك، لا سيما عند إنجاب أطفال. ويلزمنا التخلي عن المفاهيم التي عفا عليها الزمن فيما يتعلق بالكيفية التي تعمل بها النساء.
  • السياسات الداعمة التي تراعي التوازن بين الحياة المهنية والحياة الخاصة لها أهميتها، إذ كانت النساء اللائي استمرين في العمل محظوظات من نواح كثيرة، ما يشير إلى أنه من المرجح أنهن كن يعملن في أماكن حظين فيها بإمكانية الاستفادة من سياسات أفضل تراعي التوازن بين الحياة المهنية والحياة الخاصة. ويمكن أن يؤدي توسيع نطاق سياسات الإجازات الأبوية مدفوعة الأجر وسياسات الإجازات المرضية مدفوعة الأجر ورعاية الأطفال الشاملة للجميع، وليس فقط للأشخاص الذين يتمتعون بقدر كاف من الامتيازات يتيح لهم العمل في الشركات التي تقدم هذه “المزايا”، إلى توسيع قوة العمل ومساعدة كل من النساء والرجال في الحفاظ على وظائفهم.

تنويه: يمكنكم مشاركة أي مقال من هارفارد بزنس ريفيو من خلال نشر رابط المقال أو الفيديو على أي من شبكات التواصل أو إعادة نشر تغريداتنا، لكن لا يمكن نسخ نص المقال نفسه ونشر النص في مكان آخر نظراً لأنه محمي بحقوق الملكية الدولية. إن نسخ نص المقال بدون إذن مسبق يعرض صاحبه للملاحقة القانونية دولياً.

جميع الحقوق محفوظة لشركة هارفارد بزنس ببليشنغ، بوسطن، الولايات المتحدة الأميركية 2024 .