تعلّموا التماس آراء تقييمية من أطفالكم

6 دقائق
المحادثة مع أطفالكم
استمع الى المقالة الآن هذه الخدمة تجريبية
Play Audio Pause Audio

ملخص: يعد فهم نظرة الآخرين عنا أداة مهمة للتغيير في مكان العمل، لا سيما العمل من المنزل، إذ غالباً ما نكون مشغولين جداً بأداء مسؤولياتنا كأولياء أمور وشركاء في الحياة الزوجية لدرجة أن نتغاضى عن التأثير الذي نتركه في الآخرين. لكن يمكن أن تساعدنا الأداة التي نستخدمها بثقة في العمل على إجراء محادثات هادفة ومثمرة مع أطفالنا. حيث يوصي المؤلف بالتماس تقييمات تصاعدية من أطفالنا لتقييم سلوكياتنا باتباع 4 خطوات. أولاً، استعدوا مع أطفالكم من خلال تحديد هدف المحادثة وإعطائهم الأسئلة مسبقاً. ثانياً، أجروا المحادثة من خلال طرح الأسئلة التي شاركتموها معهم، وأصغوا إليهم باهتمام وأبدوا فهمكم وتأكيدكم لما تسمعونه. ثالثاً، اشكروهم ولخصوا ما سمعتموه منهم. أخيراً، تابعوا الموضوع مع أطفالكم، أي فكروا في التعليقات التي حصلتم عليها وتبادلوا الأفكار معهم لإعداد خطة تغيير من شأنها أن تحدث فارقاً.

 

يُعد فهم نظرة الآخرين عنا أداة مهمة للتغيير. وذلك ينطبق على مكان العمل بشكل خاص، لا سيما العمل من المنزل، إذ غالباً ما نكون مشغولين جداً بأداء مسؤولياتنا كأولياء أمور وشركاء في الحياة الزوجية لدرجة أن نتغاضى عن التأثير الذي نتركه في الآخرين. كيف يمكننا قياس أدائنا كأولياء أمور؟ ما هي أدوات العمل التي يمكننا تكييفها لاستخدامها في المنزل؟ قد يساعدكم اتباع أفضل الممارسات التي تستخدمونها في مكان العمل للحصول على تقييمات تصاعدية من أطفالكم على تحديد المجالات التي تحتاج إلى تحسين في شخصياتكم، بالإضافة إلى السلوكيات الإيجابية التي يجب عليكم تعزيزها والتركيز عليها.

وقررت تجربة هذا النهج من خلال التماس آراء تقييمية من ابنتيّ. كانت كلتا المحادثتين قصيرة نسبياً، إذ تراوحتا ما بين 5 و10 دقائق. وكانت ابنتاي صريحتين للغاية، وتعلقت غالبية الملاحظات التي قدمتاها لي بالتفاعلات اليومية بدلاً من القضايا الكبيرة.

وعلى الرغم من أن حصولي على صفة الأب المثالي هو شيء أسمو إلى بلوغه وأتحدث عنه مع أسرتي بانتظام، ساعدني هذا النهج على توجيه المحادثة، وذلك باتباع ممارسة نفذتها مع الآلاف من القادة من خلال منصبي كاستشاري، واكتشفت أنه يمكنني تطبيق الممارسة نفسها في المنزل.

وفيما يلي 4 خطوات لإجراء محادثات هادفة مع أطفالكم.

1. استعدوا مسبقاً

امنحوا أطفالكم السياق والشعور بالأمان لجعل هذه التجربة إيجابية.

اذكروا نواياكم واطرحوا عليهم الأسئلة. بيّنوا لهم أنكم تتطلعون إلى تحسين جانب الرعاية فيكم وأنكم ترغبون في الاستماع إلى ملاحظاتهم. قد تكونون على دراية بسلوك معين أو نمط من التفاعل مع أطفالكم بالفعل وترغبون في تحسينه (كتقليل استخدام الهاتف الذكي أو الإصغاء قبل الرد).

احرصوا على أن تطرحوا الأسئلة الثلاثة التالية:

  1. ما هي سلوكياتي التي تلقى استحسانك أو ما هي السلوكيات التي تريد مني أن أمارسها بشكل منتظم أكثر؟
  2. ما هي سلوكياتي التي تزعجك ويكون تأثيرها سلبياً عليك؟
  3. ما الذي يجعلني أباً أو أماً ناجحة؟

امنحوا أطفالكم وقتاً للتفكير في إجاباتهم من خلال مشاركة الأسئلة معهم مسبقاً.

أتيحوا لهم فرصة الإجابة بشفافية وصدققد يشعر أطفالكم بالقلق بشأن كيفية تقبلكم ملاحظاتهم، حتى لو كانت علاقتكم معهم قائمة على الصراحة. أكدوا لهم أنكم ستتقبلون أي ملاحظة منهم، سلبية كانت أو إيجابية. وقولوا عبارات مثل: “أرغب في سماع ملاحظاتكم الصادقة، لا سيّما حول سلوكياتي التي تزعجكم، لأنني أريد أن أفهم أثر سلوكي عليكم تماماً”. أظهروا لهم أنكم مستعدون لسماع الأخبار السيئة، وأنكم تخططون لاستخدام ملاحظاتهم لإجراء تغييرات مهمة في سلوكياتكم.

حددوا وقتاً ومكاناً مناسبيناختاروا الوقت والمكان اللذين سيجعلان أطفالكم يشعرون بالراحة، واطلبوا منهم أن يتخذوا قراراً بشأن مكان المحادثة ووقتها.

2. أجروا المحادثة

استهلوا المحادثة مع أطفالكم بأن تؤكدوا لهم مرة أخرى أنكم ستصغون إليهم بانفتاح وستصدقون ما يقولونه لكم. وأخبروهم أن مشاعرهم ووجهات نظرهم صحيحة، واجعلوهم يشعرون بالأمان في أثناء حديثهم.

ذكروهم بأهدافكم وقواعدكمأخبرت ابنتيّ أنني أنوي التصرف بناءً على ما شاركتاه معي من ملاحظات، وأننا سنولد الأفكار معاً حول طرق تنفيذ التغييرات التي كانتا تطلبانها، وطلبت منهما أن تكونا محددتين قدر المستطاع بشأن سلوكي.

اطرحوا عليهم الأسئلة الثلاثة الأساسيةجلست مع ابنتي البالغة من العمر 9 سنوات على طاولة غرفة الطعام للتحدث بناءً على طلبها. وشاركت معي هذه الملاحظات: “أرجو منك التوقف عن تصحيح أخطائي عندما أعمل على مهمة ما، بل أتح لي فرصة تصحيحها بنفسي، ولا تساعدني إلا إذا طلبت المساعدة”. وقررت أنا وابنتي البالغة من العمر 16 عاماً تناول العشاء في الخارج، وأجرينا محادثتنا في أثناء انتظار الطعام في السيارة. وقالت إنها تقدر حقيقة أنني أصغي إليها وأنني أمنحها فرصة التحدث في أثناء المحادثة. لكنها قالت أيضاً إنها لا تشعر بالرغبة في التحدث أحياناً.

كُونوا مستمعين جيدينحاولوا الاستماع دون إطلاق أي أحكام على إجابات أطفالكم. واطلبوا الحصول على أمثلة (على سبيل المثال، “هل يمكنك إخباري عن وقت تصرفت فيه على ذلك النحو أو كنت سبباً في شعورك بالاستياء؟”) إذا كان لسماع ملاحظة ما وقع سلبي عليكم، فاعترفوا بذلك بأن تقولوا: “لم أكن أدرك مدى صعوبة ذلك الموقف بالنسبة لك، وسماع تفاصيل تلك الواقعة صعب عليّ حتى”. ويتمثّل أحد الأمثلة التي ذكرتها ابنتي الصغرى في يوم خصصناه لركوب الدراجات عندما نبّهتها عدة مرات للوقوف عند لافتة التوقف، ورفعتُ حدّة صوتي لجذب انتباهها. كان من السهل جداً بالنسبة لي أن أبرر تصرفي في تلك المحادثة بأنني كنت أصحح أفعالها أو أقدم لها المساعدة عندما تحتاج إليها، أو أنني أنقذت حياتها في تلك الرحلة، لكنني فكرت بدلاً من ذلك في المغزى من رسالتها، وهي أن تحظى بالاحترام والثقة.

كونوا واضحيناجعلوا محادثاتكم عميقة من خلال طرح أسئلة متابعة، فهدفكم هو الحصول على فهم واضح وكامل لتجارب أطفالكم. بعد أن قالت ابنتي الكبرى إنها لا تشعر دائماً بالرغبة في التحدث، سألتها: “هل يمكنك إخباري عن سبب ذلك؟” وأجابت: “ليس من الضروري أن تكون كل محادثاتنا عميقة، وإن كان هناك مشكلة ما تزعجني حقاً، فقد لا أرغب دائماً في التحدث عنها”. وتعلمت أنه لا ينبغي أن أغضب عندما ترفض ابنتي إجراء محادثة أعمق، إذ يبدو أنه عندما أجرينا مثل تلك التفاعلات في الماضي، أبديتُ خيبة أمل جعلتها تشعر بالسوء.

تحكموا في مشاعركمستؤدي تلك العملية برمتها إلى نتائج عكسية إذا لم تستجيبوا بتعاطف وتقدير. فإذا لم تعجبكم الملاحظات التي تتلقونها، فذكروا أنفسكم أن هدفكم هو فهم وجهات نظر أطفالكم فقط. وإذا شعرتم بالغضب أو الانزعاج، فإنكم بذلك تُلحقون ضرراً جسيماً بالعلاقة التي تحاولون تحسينها. لذلك، خذوا نفساً عميقاً وحاولوا أن تبدوا فضولكم.

3. استجيبوا لمطالبهم

حافظوا على هدوئكم وصراحتكم عندما يحين دوركم للتحدث، واعلموا دائماً أنهم يخاطرون بمشاركة المعلومات التي قد تزعجكم. وتجنبوا طرح الأسئلة بطريقة تبدو أنها استجواب. وتُعتبر اللباقة في اللغة وتعبيرات الوجه مهمة عندما تطرحون أسئلة مثل: “هل يمكنك مساعدتي على فهم سبب سلوكي آنذاك؟” عندما قالت ابنتي المراهقة إنها تقدر سماحي لها بمشاركة وجهة نظرها، أكّدتُ لها أن رأيها مهم دائماً وأنني سأواصل الإصغاء إليها.

أعربوا عن شكركم لهمتذكروا أن أطفالكم اقتطعوا من وقتهم للحديث معكم، لذلك، اعترفوا بتعاونهم واشكروهم، بغض النظر عن مشاعركم حيال ملاحظاتهم.

لخِّصوا ما سمعتموهوراجعوا الرسائل الأساسية التي تلقيتموها خلال المحادثة مع أطفالكم واعترفوا بصحتها. قلت لابنتي ذات التسع سنوات: اتفقنا على رغبتك في اكتشاف الحلول بنفسك. في حين قلت لابنتي المراهقة: إنك تقدرين رغبتي في الاستماع إلى وجهة نظرك، لكنك لا تحبين أن تكون كل محادثة عميقة وهادفة.

4. ضعوا خطة للتغيير

أنتم جاهزون الآن لوضع خطة للتغيير. قد يكون لديكم بعض الأفكار حول ما يمكنكم تغييره بناءً على الملاحظات التي تلقيتموها. لن تكون الخطة العائلية التي تركز على الإجراءات الكبرى والتي توضع مرة واحدة في الشهر فعالة، تماماً كخطط تطوير القيادة. بل إن إحداث تغيير حقيقي يتطلب منكم ابتكار بعض الأفكار التي يمكنكم تطبيقها كل يوم، وعدة مرات في اليوم حتى.

فكّروا ملياً فيما سمعتموهخصصوا بعض الوقت لتفكروا في تفاصيل المحادثة مع أطفالكم وما أخبروكم به وابحثوا عن الأنماط. بدأت ألاحظ نمطاً في سلوكي عندما شاركت ابنتاي ملاحظة حول تدخلي فيهما، وأدركت حينها ضرورة أن أسمح لابنتيّ بالنضج. بدا طلب ابنتي البالغة من العمر 9 سنوات اكتشاف الحلول بنفسها صحيحاً بالنسبة لي. وكنت فخوراً بقدرتها على التعبير عن استقلاليتها وخجولاً بعض الشيء لأنني أدركت أنها كانت على حق.

قد تندهشون عندما تدركون أن ما فعلتموه بقصد أن يترك أثراً إيجابياً كان له عواقب سلبية غير مقصودة، مثل محاولاتي إشراك ابنتي المراهقة في محادثة هادفة. وتعلمتُ أن الطريقة التي تفضلها في التواصل كانت مختلفة عن الطريقة التي ابتكرتها. وتأكدت في النهاية أنه ليس من الضروري أن تكون جميع المحادثات عميقة، وأنها إذا أرادت التحدث عن شيء بسيط، مثل برنامج تلفزيوني أو “صور ميمز” سخيفة، فيمكنني التحدث معها كطريقة مهمة للتواصل.

ولّدوا الأفكارشاركوا المعلومات التي تستخلصونها من هذه المحادثات مع شركائكم وولّدوا معاً بعض الأفكار من أجل إحداث التغيير. وبمجرد أن تتوصلوا إلى بعض الأفكار، شاركوها مع أطفالكم وتحدثوا معهم عن السلوكيات التي تنوون تغييرها.

يمكنكم أن تقولوا: “شكراً مرة أخرى على استعدادك للتحدث معي. لقد فكرت في الملاحظات التي شاركتها معي ملياً وأريد أن أخبرك بخططي حول التغيير الذي أنوي بدأه”. واذكروا سلوكين أو ثلاثة سلوكيات هادفة تخططون للعمل عليها والتي ستحدث فارقاً كبيراً.

قلت لابنتي البالغة من العمر 9 سنوات: “سأحاول ممارسة مزيد من الأنشطة التي تلقى استحسانك، كتخصيص وقت من يوم عملي لألعب معك واستمتع بوقتي معك. وسأتيح لك أيضاً اكتشاف الحلول بنفسك، لا سيّما في المواقف التي تعرفين فيها كيفية التصرف دوني”. يمكنكم أيضاً الاتفاق على طرق تتيح لأطفالكم تحذيركم عندما يلاحظون أنكم عدتم إلى ممارساتكم القديمة، كترديد كلمة رمزية أو الاتفاق على إشارة معينة يمكنهم استخدامها.

أجروا المحادثات بشكل منتظمأخبروا أطفالكم أنهم يمكنهم التحدث معكم حول تأثير سلوككم عليهم في أي وقت، وأنكم ستصغون إليهم بإمعان وتستجيبون لآرائهم. وأخبروهم أن محادثاتكم الأولية معهم كانت بداية رائعة، وأنكم تأملون مواصلة مثل تلك المحادثات بمرور الوقت. وفكروا في طرق لإجراء محادثات منتظمة، إما حسب الحاجة أو عند وجود حدث مهم، كعيد ميلاد مثلاً.

وأهم ما أثار إعجابي في هذه التجربة هو سماع ابنتي المراهقة تقول إنها شعرت أنني من بين أفضل 1% من الآباء لأنني طرحت عليها تلك الأسئلة ولم أعارض ملاحظاتها. ليس لدي أي فكرة عما إذا كنت من بين أفضل 1% من الآباء بالفعل، وهذا لا يهم حقاً، بل ما يهم هو أنني منحت ابنتيّ فرصة التعبير عن وجهات نظرهما بشأن أسلوبي في الأبوة، وأخذت مخاوفهما على محمل الجد، واستجبت لمطالبهما بشكل غير دفاعي. وقد تمثّل تلك التجربة أحد الدروس القيّمة لكم كآباء وأمهات.

تنويه: يمكنكم مشاركة أي مقال من هارفارد بزنس ريفيو من خلال نشر رابط المقال أو الفيديو على أي من شبكات التواصل أو إعادة نشر تغريداتنا، لكن لا يمكن نسخ نص المقال نفسه ونشر النص في مكان آخر نظراً لأنه محمي بحقوق الملكية الدولية. إن نسخ نص المقال بدون إذن مسبق يعرض صاحبه للملاحقة القانونية دولياً.

جميع الحقوق محفوظة لشركة هارفارد بزنس ببليشنغ، بوسطن، الولايات المتحدة الأميركية 2024 .