القصة تتجاوز الهاتف المحمول

2 دقائق
استمع الى المقالة الآن هذه الخدمة تجريبية
Play Audio Pause Audio

نعلم جميعنا بالصعود الصاروخي للهواتف المحمولة خلال العقود القليلة الماضية. فمن الهواتف القابلة للطي، إلى الهواتف الذكية، بالإضافة إلى مجموعة واسعة من مختلف الشاشات والأجهزة المرتبطة بالإنترنت، يمكننا القول وبأمان إن الوصول إلى معلومات العالم عند طلبها، سيكون جزءاً من حياتنا الآن، وكذلك في المستقبل القريب. فنحن في نهاية البداية.

تتيح القدرة على الاتصال بالإنترنت والأجهزة الأخرى لزبائنك القدرة على التفاعل مع مؤسستك في أي وقت يريدون. كانت بعض المؤسسات أسبق من غيرها في هذا السياق، بينما تأخرت غيرها عن اللحاق بالركب. ولكن بغض النظر عن أي من هاتين الفئتين تنتمي إليها مؤسستك، فإن التحدي المتمثل في ضمان حصول الاتصال الدائم بصورة صحيحة، يُجبر جميع الشركات على إعادة التفكير في أكثر ممارساتها الأساسية.

يجب أن تتطور الشركات وتزدهر دون أن تفقد التركيز على القيمة الأساسية التي تقدمها لزبائنها خلال عملية التطوير هذه. هناك درسان أساسيان يمكن تعلمهما هنا:

استقبالك لزبائنك بالترحاب: كان استقبال الزبائن بالترحاب في المتجر سابقاً تجربة واضحة ومباشرة. وسواء كان للمؤسسة فرع واحد، أو المئات من الفروع، أو منزلة بين المنزلتين، فإن معظم الزبائن سيمرون بالتجربة ذاتها في كل مرة يدخلون فيها إلى أحد المتاجر.

غير أن الأجهزة المرتبطة بالإنترنت أو ببعضها البعض غيّرت هذا الأمر تغييراً جذرياً. في الوقت الحاضر، هناك عوامل عديدة تؤثر في التجربة التي يختبرها الزبائن مع مؤسسة معينة، ومن ضمن ذلك: الموقع الجغرافي، وبرمجيات الجهاز، وجودة موقع المؤسسة على شبكة الإنترنت أو التطبيق الهاتفي الخاص بها، وقدرتها على توفير إمكانية مقارنة الأسعار في أي وقت وعوامل أخرى.

وما يعقد الأمر أكثر، أن التنوع الآخذ بالتزايد الكبير في أنواع الأجهزة المتصلة بالإنترنت ومع بعضها البعض، جعل الفروقات بين “الأجهزة المحمولة” وأجهزة “الكمبيوتر أو الأجهزة اللوحية” أمراً غير مهم. بوسع الشركات اليوم الترحيب بزبائنها أفضل ترحيب عندما تكيّف التجربة التي يمر بها هؤلاء الزبائن وفقاً للسياق الخاص بهم، وذلك يشمل موقعهم وقدرات أجهزتهم ووقتهم (سواء خلال اليوم أو خلال العام)، والخيارات المفضلة لهؤلاء الزبائن، وغير ذلك من العلامات التي تسمح للشركة بتزويد الزبون بتجربة خاصة تتسم بالترحاب في تلك اللحظة.

ومثال على ذلك، لنفترض أنك تمتلك مجموعة من المطاعم في مواقع مختلفة. ولمنح زبائنك المتصلين معك إلكترونياً تجربة عظيمة، سواء في إعلاناتك، أو عبر موقعك على شبكة الإنترنت، أو من خلال التطبيق الهاتفي، سيكون بوسعك الاعتماد على قدرة الجهاز على تحديد الموقع لعرض المطاعم القريبة من الزبون، أو تسهيل الأمر عليهم، بحيث يتصلون بك لطلب الطعام باستعمال هواتفهم، أو إيجاد برنامج للولاء يمنح النقاط مقابل الطلبات التي تتم باستعمال التطبيق الهاتفي، أو تقديم عروض خاصة في المتاجر (مثل المقبلات المجانية) عندما يزورك أفضل زبائنك كثيراً.

قياس نجاحك: أصبحت الطرق التي يتبعها الزبائن للشراء أكثر تنوعاً وتعقيداً من أي وقت مضى. وقد يتخذ مسار زبائنك الشكل التالي: يبدؤون بعملية بحث على موقع “جوجل” (Google)، عن منتجك خلال رحلتهم الصباحية إلى العمل، ثم ينقرون على أحد الإعلانات، ويزورون موقعك على شبكة الإنترنت، وينزلزن تطبيقاً هاتفياً منفصلاً للتسوق ويواصلون البحث من حاسوبهم اللوحي بعد عدة أيام وأخيراً يزورون متجرك الفعلي للشراء. قد يبدو قياس وفهم فعالية إعلاناتك عبر الإنترنت مهمة شاقة بالنظر إلى هذا المسار المتعرج.

ومع ذلك، يمكن الآن قياس هذه التفاعلات المتعرجة التي يلجأ إليها الزبائن. قد تكون إمكانيات الأجهزة المتصلة بالإنترنت أو بعضها السبب في إغفال الشركات للتفاعلات القيمة التي يمكن أصلاً قياسها، سواء أثناء الاتصال بالإنترنت، أو خارج هذا الاتصال الشبكي.

تعد الاتصالات الهاتفية مثالاً جيداً على ذلك: إذ نرى أكثر من 40 مليون اتصال هاتفي تتلقاها الشركات مباشرة كل شهر نتيجة الإعلانات المنشورة على موقع “جوجل”. ويمكن لهذه التفاعلات أن تكون ذات قيمة كبيرة بالنسبة للشركات، ولكن إذا لم تجد من يهتم بها، أو في حال لم تعدّل الخصائص التقنية لعملية التصفح على الإنترنت لتصبح مثالية بالنسبة للمستخدمين، فستكون بمثابة الكنز المدفون في باطن الأرض، ولا يدري به أحد. لذلك، تحتاج الشركات إلى إعادة تقييم المقاييس التي تستعملها في عملها التجاري وفقاً لسلوكيات المستهلكين هذه الأيام، ومحاولة تعلّم كيف يقوم زبائنها بعمليات الشراء.

تنويه: يمكنكم مشاركة أي مقال من هارفارد بزنس ريفيو من خلال نشر رابط المقال أو الفيديو على أي من شبكات التواصل أو إعادة نشر تغريداتنا، لكن لا يمكن نسخ نص المقال نفسه ونشر النص في مكان آخر نظراً لأنه محمي بحقوق الملكية الدولية. إن نسخ نص المقال بدون إذن مسبق يعرض صاحبه للملاحقة القانونية دولياً.

جميع الحقوق محفوظة لشركة هارفارد بزنس ببليشنغ، بوسطن، الولايات المتحدة الأميركية 2024 .