دراسة: فِرق العمل المرنة تتميز بهذه السمات الثلاث

6 دقائق
هانز نيلمان/غيتي إميدجيز
استمع الى المقالة الآن هذه الخدمة تجريبية
Play Audio Pause Audio

ملخص: تكشف الأبحاث الجديدة أن مرونة الفريق تتأثر بطريقة عمل أفراده أكثر من تأثرها بعوامل الضغط الخارجية. في الفرق التي تتمتع بالمرونة يشعر كل فرد بأنه يحمل مسؤولية تحفيز الأفراد الآخرين، وهذا يختلف بدرجة كبيرة عن الفرق التي تواجه تحديات الطرق المحبطة والعلاقات الضعيفة في العمل. ومع دخولنا في العام الثالث من غموض الجائحة، يمكن للمدراء تبني 3 ممارسات من أجل بناء فرق تتمتع بمرونة أكبر ومدها بالطاقة والحماس.

 

الحفاظ على طاقة الفريق في الأوقات الصعبة مهمة صعبة دائماً، ولكن ماذا عن الحفاظ على مرونته وقدرته على التحمل في أثناء الجائحة؟ لم يؤلف أحد دليلاً إرشادياً لهذا الأمر. طرحت مؤسسة غالوب سؤالاً في نهاية تقرير عام 2021 يقول: “كيف يمكن مطالبة المدراء بتحسين اندماج القوة العاملة ورفاهتها إذا كانوا هم أنفسهم مصابين بالاحتراق الوظيفي؟”.

جمعنا من خلال عملنا في التدريب بيانات حول السلوكيات والممارسات المتبعة في 272 شركة عالمية، وساعدتنا قاعدة البيانات هذه على جمع 3 ممارسات بسيطة التنفيذ وذات فائدة كبيرة يمكن للفرق اتباعها من أجل تجديد عقلياتهم ورفع طاقاتهم وتعزيز أدائهم.

1) الفرق التي تتمتع بالمرونة تعرف أن “العمل التعاوني” لا يعني “الاجتماعات”.

نعلم جميعنا أن الاجتماعات باتت تُعقد بغزارة، في شهر أبريل/نيسان من عام 2021 أجرت منصة دودل (Doodle) لترتيب جداول الاجتماعات دراسة استقصائية على ألف موظف ممن يعملون عن بُعد بدوام كامل، قال فيها 69% من المشاركين إن عدد اجتماعاتهم ازداد منذ بدء الجائحة، وقال 56% منهم إن الأعباء الزائدة على جداول عملهم تضر بأدائهم في وظائفهم. يشير أحد التقديرات إلى إن الاجتماعات غير المنتجة تسبب هدراً يصل إلى 283 مليار دولار سنوياً.

ولكن المشكلة ليست الزيادة الحتمية في العمل عن بُعد والعمل الهجين، المشكلة الحقيقية هي الإيمان الخاطئ بأن جميع الأعمال التعاونية تبدأ بالاجتماعات لا سيما الاجتماعات المتزامنة.

تدرك الفرق التي تتمتع بالمرونة أنه من الممكن أن يبدأ العمل التعاوني الفعال بالعمل غير المتزامن. وتكشف بياناتنا أن العمل التعاوني غير المتزامن يقلل الاجتماعات بنسبة تصل إلى 30%. كما لاحظنا أن العمل التعاوني غير المتزامن يؤدي إلى عملية أفضل لصنع القرارات، إذ إنه يتيح للموظفين وقتاً ومساحة أكبر للتفكير في مساهماتهم، كما أنه يسمح لعدد أكبر من الموظفين بالمساهمة مقارنة بالاجتماعات الشخصية وجهاً لوجه حيث تكون هيمنة عدد قليل من المشاركين على النقاش أسهل.

خذ مثلاً الرئيس التنفيذي السابق للعمليات في شركة دلتا للطيران، جيل ويست، الذي انتقل في عام 2021 ليشغل منصب الرئيس التنفيذي للعمليات في شركة السيارات كروز (Cruise)، وهي فرع مستقل لشركة جنرال موتورز. أخبرني أنه اعتاد طوال حياته المهنية على عقد اجتماعات من أجل مناقشة المشكلات، ولكنه لاحظ أن العمل التعاوني غير المتزامن في شركة كروز، الذي تستخدم الفرق فيه أداة “جوجل دوكس” (Google Docs) لمناقشة المشكلات، كان أسرع وأكثر كفاءة.

إحدى الممارسات غير المتزامنة القوية هي “مجلس صناعة القرار” (decision board)، يمكنك استخدام هذه الطريقة في بدء العمل على مشروع جديد أو اختبار القدرة على تحمل الضغط في مشروع جارٍ بالفعل. وباستخدام أدوات على الإنترنت مثل “جوجل دوكس” أو “ميورال” (MURAL) يمكنك أن تطلب من أفراد فريقك الإجابة عن الأسئلة الأربعة التالية في الوقت الذي يناسبهم:

  1. ما المشكلات التي نحاول حلها؟
  2. ما الحلول الجريئة التي نفكر فيها؟
  3. أين تكمن معوقات التقدم؟ (مَن الأشخاص أو ما الأقسام ضمن المؤسسة التي يمكن الحصول على الحلول الجريئة المحتملة منها؟)
  4. من الذين يتعين علينا دعوتهم إلى النقاش؟ (مَن الأشخاص الذين يحتمل أن يسهموا في درجة أكبر من الابتكار؟ من الأشخاص الذين يشكلون جزءاً أساسياً من التنفيذ؟ من الأشخاص الذين سنستفيد من الاستماع إليهم حتى وإن كانوا من خارج المؤسسة؟)

يمكن نشر أجوبة أفراد الفريق عن هذه الأسئلة على نطاق أوسع من أجل تحفيز التحدي والنقاش بين الموظفين المتعاونين وأصحاب المصلحة.

قامت قائدة إحدى شركات التصنيع الكبيرة التي نعمل معها بإعداد مجلس لصناعة القرار مع فريقها باستخدام نموذج بسيط على منصة ميورال في أقل من ساعة، وقالت إنهم ما كانوا سينتجون هذه الصورة المكتملة عن تحديات إدارة التغيير التي يواجهونها لو عقدوا اجتماعاً على مدى 3 ساعات مع رؤساء الشركة.

هذا النهج التعاوني شامل بدرجة أكبر من أي اجتماع شخصي يتم وجهاً لوجه، فهو يتيح المجال لمشاركة الأشخاص الانطوائيين والأشخاص الذين يفضلون أخذ الوقت للتفكير. باتباع هذا النهج يتعاون عدد قد يصل إلى 50 شخصاً على مدى أسبوع كامل يتمعّن في أثنائه كل منهم في أفكار الآخرين ويشارك أفكاره معهم، وتتولد بالنتيجة رؤى وأفكار وتعليقات بنّاءة أكثر بكثير مما يمكن أن يولده عدد قليل من الأفراد الذين يخوضون نقاشاً في اجتماع مدته 50 دقيقة.

يكون مستوى الصراحة في عملية مجلس صناعة القرار مفاجئاً للفِرق مقارنة بالاجتماعات المتزامنة. في شركة عميلة أعدت مؤخراً مجلساً لصناعة القرار، قال أحد أفراد الفريق: “أتاحت العملية صراحة مفتوحة لا نراها عادة، وأتاحت إيصال أصوات الجميع. كان الكثير من الأجوبة التي رأيناها غير متوقع، فبعض المشاركين الذين أعرفهم لم يكونوا ليشاركوا هذه الأفكار لو اضطروا إلى التحدث في اجتماع وهم محط أنظار جميع الحاضرين”.

المشاركة في اجتماع تلو الآخر مع شعورك بأنك غير قادر على مشاركة آرائك هي بالتأكيد استنزاف لمرونتك وقدرتك على التحمل. وغالباً يغفل الناس عن السبب الرئيسي للإعياء؛ فالطرق التي نتبعها في العمل قد تكون من العوامل المهمة التي تسهم في توليد الضغط النفسي والإصابة بالإرهاق العاطفي.

2) الفرق التي تتمتع بالمرونة يبني أفرادها علاقات قائمة على الاهتمام والدعم فيما بينهم.

تزدهر العلاقات بين البشر بواسطة التواصل والاهتمام القويين، وهما أساس كثير من مؤلفات كيث وأبحاثه. الصراحة والشفافية والمجازفة جميعها علامات مميزة للعلاقات القوية، ولا يمكن لأفراد الفريق العمل معاً بكامل إمكاناتهم إذا لم يعرف كل منهم ما يدور في أذهان الآخرين.

أحد الأساليب البسيطة التي تساعد في بناء علاقات قائمة على الاهتمام والثقة والدعم هو المراجعة الشخصية المهنية (Personal Professional Check-In – PPC)؛ سواء كنت تبدأ اجتماعاً أو تجري مكالمة هاتفية مع شخص لم تتحدث معه منذ أيام، فاحرص على أن تبدأ الحديث بالمراجعة الشخصية المهنية، اطرح هذين السؤالين:

  • ما الصعوبات التي تواجهها على الصعيد الشخصي؟
  • ما الصعوبات التي تواجهها على الصعيد المهني؟

خذ مثلاً الرئيس التنفيذي لتكنولوجيا المعلومات في شركة سي في إس هيلث، روشان نافاغاموا، إذ اتبع أسلوب المراجعة هذا مع أفراد فريقه حين كانوا يرزحون تحت ضغط شديد في العمل مع رئيس تنفيذي جديد للإعداد للاندماج بين شركتي سي في إس هيلث وإتنا (Aetna)، ويقول إن اتباع هذا الأسلوب أدى إلى “نشوء مستوى من الالتزام المشترك” برسالة الفريق الجديدة.

3) الفرق التي تتمتع بالمرونة يشعر أفرادها بمسؤولية جماعية لتعزيز طاقة الآخرين ورفاهتهم.

لاحظنا في أفضل الفرق لا سيما في الأزمة الأخيرة أن المرونة الجماعية تحولت إلى مسؤولية الفريق بأكمله، ويتغير العقد الاجتماعي من “أعلم أن الجميع يحملون أعباء عمل كبيرة ولا أريد إزعاجهم بالضغط الذي أشعر به” إلى “يحمل كل منا مسؤولية تعزيز الآخر في الأوقات الصعبة عن طريق الاحتفاء بإنجازاته ومساعدته على النهوض من عثراته”.

هذه سمة نادرة في سلوك الفرق، تقدر بياناتنا أن 14% فقط من أفراد الفرق يشعرون بأنهم يحملون مسؤولية جماعية لتعزيز طاقة الآخرين وصحتهم المعنوية، في حين أن المرونة في غالبية الفرق تعتبر مسؤولية فردية.

أحد الأساليب التي تفيد في تشجيع عقلية المسؤولية الجماعية هو مراجعة الطاقة (Energy Check-In) التي تمنح أفراد الفرق الوقت والمساحة اللازمين للإفصاح بصدق عن حالهم وما يجري في حياتهم. في بداية الاجتماع الذي يعقد مرة في الشهر، لا أقل ولا أكثر، يمكن أن يقول قائد الفريق للجميع: “سنقوم بمراجعة الطاقة. ما هو مستوى طاقتكم؟ اكتب رقماً من 0-5 في غرفة الدردشة، حيث يعني 0 ’أنا في الحضيض‘ و5 ’أنا أحلق بين الغيوم‘”.

إن أشار أي فرد من أفراد الفريق إلى أن طاقته تصل إلى رقم 2 أو أدنى فمن الضروري أن يطمئن الفريق عليه. في إحدى الجلسات التي عملت فيها على توجيه الفريق، قال أحد الموظفين في مراجعة الطاقة إن زوجته علمت مؤخراً أنها بحاجة إلى عملية زرع كلية، وعلى إثر هذا النبأ تمكن الفريق من دعمه معنوياً وتخفيف أعباء العمل عنه.

في شركة نيوتانِكس للحوسبة السحابية للشركات، ذكرت رئيسة قسم شؤون الموظفين، آنيا هاميلتون، أن فريقها اتبع أسلوب مراجعة الطاقة في بداية أول اجتماع للتخطيط الاستراتيجي، تقول: “عندما تحدث الجميع عما يستنزف طاقتهم، شعرنا أن غرفة الاجتماع الافتراضية أصبحت أخف، وذلك على الأرجح نتيجة لشعور المشاركين بالراحة بعد أن تمكنوا من التحدث إلى الفريق عما يعيشونه. كان أسلوب مراجعة الطاقة وسيلة تذكير قوية بأننا جميعنا بشر في المقام الأول، الأمر الذي يسهل إغفاله في العالم الافتراضي، وقد أثّر في تفاعلنا فيما بقي من اجتماع التخطيط الاستراتيجي وبعده. والآن أصبح لدينا السياق اللازم للتعاون بفعالية”.

وأضاف كبير المدراء الإداريين ورئيس قسم تطوير الموظفين والثقافة في الشركة، ديب ماهاجان: “كان من المذهل تجربة مدى سرعة أسلوب مراجعة الطاقة في التمهيد لبناء الثقة ضمن الفريق في الاجتماع الافتراضي، لقد تمكنا من تحديد نقاط التشابه وتقدير تجاربنا المختلفة”.

في بحثنا الذي ناقشناه بصورة متعمقة في كتابنا الجديد “التنافس في عالم العمل الجديد” (Competing in the New World of Work)، كشفت النتائج عن أن مرونة الفريق تتأثر بطريقة عمل أفراده أكثر من تأثرها بعوامل الضغط الخارجية. في الفرق التي تتمتع بالمرونة يشعر كل فرد بأنه يحمل مسؤولية تحفيز الأفراد الآخرين، وهذا يختلف بدرجة كبيرة عن الفرق التي تواجه تحديات الطرق المحبطة والعلاقات الضعيفة في العمل. ومع دخولنا في العام الثالث من غموض الجائحة، يمكن للمدراء تبني 3 ممارسات من أجل بناء فرق تتمتع بمرونة أكبر ومدها بالطاقة والحماس.

تنويه: يمكنكم مشاركة أي مقال من هارفارد بزنس ريفيو من خلال نشر رابط المقال أو الفيديو على أي من شبكات التواصل أو إعادة نشر تغريداتنا، لكن لا يمكن نسخ نص المقال نفسه ونشر النص في مكان آخر نظراً لأنه محمي بحقوق الملكية الدولية. إن نسخ نص المقال بدون إذن مسبق يعرض صاحبه للملاحقة القانونية دولياً.

جميع الحقوق محفوظة لشركة هارفارد بزنس ببليشنغ، بوسطن، الولايات المتحدة الأميركية 2024 .