كيف تفاتح الموظفين في مسألة العودة إلى مقرات العمل؟

6 دقائق
العودة إلى مقرات العمل

ملخص: وفقاً لبيانات شركة “غارتنر” (Gartner) للأبحاث والاستشارات، فإن 94% من الشركات متوسطة الحجم سيكون لديها مزيج من الموظفين الذين يعملون من مقراتها المكتبية والموظفين العاملين عن بُعد والموظفين العاملين بالنظام الهجين الذي يجمع بين هذا وذاك عند العودة إلى مقرات العمل. وفي حين أن الجميع يرغبون في العودة إلى الوضع “الطبيعي” بأسرع ما يمكن، فإن الحقيقة الماثلة أمامنا هي أن أماكن العمل التي سيعود الموظفون إليها عام 2021 ستختلف كلياً وجزئياً عن تلك التي تركوها مطلع عام 2020. وعلى هذا الأساس، فإن تشجيع الموظفين على التطعيم أمر جيد، لكنه ليس كافياً. وستحقق الشركات التي تهتم بالسلامة والمرونة والوضوح في التواصل مع موظفيها أكبر قدر من النجاح مع دخولنا حقبة أخرى حافلة بالتغييرات الجذرية. ويقدم مؤلفا المقالة 4 طرق لقادة الشركات المتوسطة لتعزيز سلامة الموظفين وزيادة إنتاجيتهم عند إعادة فتح أماكن عملهم.

كانت التكهنات تشير في بداية جائحة “كوفيد-19” إلى أن العمل في المقرات المكتبية سينتهي بلا رجعة باعتباره أحد التداعيات بعيدة المدى لتفشي الفيروس. وفي حين أن مكان العمل سيصبح بلا شك بيئة هجينة يزداد فيها عدد الموظفين العاملين عن بُعد لجزء من الوقت على أقل تقدير، فإن الحقيقة المشهودة هي أن الشركات ستظل محتفظة بمقراتها المكتبية. فوفقاً لاستطلاع رأي شمل أكثر من 200 مشارك تم إجراؤه مؤخراً خلال حلقة دراسية عبر الإنترنت (ويبينار) بشركة “غارتنر”، فإن 1% فقط من الشركات متوسطة الحجم تعتزم تطبيق نظام العمل عن بُعد بصورة تامة. ومن ناحية أخرى، فإن 5% فقط من الشركات متوسطة الحجم تعتزم إعادة كل الموظفين إلى المقرات المكتبية الأساسية. أما النسبة المتبقية البالغة 94% فستطبق نظاماً يجمع بين العمل في المقرات المكتبية والعمل عن بُعد والعمل الهجين الذي يمزج بين هذا وذاك.

ومع ازدياد أعداد الحاصلين على اللقاح، يجب على قادة الشركات عدم الاكتفاء بالتساؤل عن المكان الذي سيعمل فيه الموظفون وتحويل أنظارهم إلى حقيقة أن العودة إلى المقرات المكتبية بشكل أو آخر باتت محتمة وأن الجميع في انتظار مجيء هذا اليوم إن عاجلاً أو آجلاً. ويبدو أن هذا اليوم يقترب بسرعة، فقد أظهر استطلاع الرأي نفسه الذي أجرته شركة “غارتنر” أن 69% من الشركات متوسطة الحجم تعتزم إعادة فتح أماكن عملها في النصف الثاني من عام 2021. وسيكون التساؤل عن كيفية العودة إلى المقرات المكتبية أصعب من التحول المفاجئ إلى العمل عن بُعد في مارس/آذار 2020، نظراً لتباين القوانين واللوائح التنظيمية ومعدلات التطعيم.

التطعيمات ليست الحل الكامل المتكامل

أظهر استطلاع الرأي أن غالبية الموظفين يدعمون فكرة منح صاحب العمل حق إلزام موظفيه بالحصول على لقاح “كوفيد-19”. إلا أنّ 8% فقط من المشاركين في الاستطلاع قالوا إنهم يعتزمون فعلياً طلب ما يفيد الحصول على التطعيم كجزء من استراتيجية العودة إلى مكان العمل. ويتمثل النهج الأكثر شيوعاً الذي يجب أن تتبعه الشركات متوسطة الحجم في تشجيع التطعيم بقوة، ولكن دون طلب ما يفيد الحصول على اللقاح (48%) ومطالبة الموظفين بالإبلاغ الذاتي في حال تم تطعيمهم (36%). وللأسف، فإن هذين النهجين سيتسببان في حدوث بلبلة لدى أصحاب العمل بشأن نسبة الحصول على اللقاح بين موظفيهم.

وبينما كان النقاش يجري حول إصدار جوازات سفر للحاصلين على اللقاح كطريقة لإثبات الحصول على التطعيم، فإن هناك الكثير من الأسباب التي تجعله إجراءً غير مثالي، وذلك للأسباب التالية: أولاً: بطء إصدار هذه الجوازات مقارنة بهرولة الشركات نحو التخطيط لإعادة فتح مقراتها المكتبية. ثانياً: اختلاف الاستراتيجيات بين ولاية وأخرى. فعلى سبيل المثال، أعلنت ولايتا تكساس وفلوريدا مؤخراً أنه لن يُسمح لأصحاب العمل باستخدامها، لكن يبدو أن ولايات أخرى، مثل نيويورك وإلينوي، تميل نحو تقنينها. سيؤدي هذا التباين في أساليب التعامل بين الولايات إلى خلق صعوبات جمة أمام أصحاب العمل لوضع سياسات شاملة تحكم قوة العمل لديهم.

ويتردد الكثير من أصحاب العمل أيضاً في جمع هذه المعلومات بسبب قوانين الحفاظ على الخصوصية والمخاوف القانونية، حيث أشار مسؤولو الموارد البشرية إلى أن اللقاحات تشكل جزءاً من سجل الرعاية الصحية للموظف، وبالتالي فإن جمع المعلومات حول الحاصلين على التطعيم يمكن اعتباره انتهاكاً لحق الحفاظ على الخصوصية. وقد تظهر مخاوف قانونية إذا أصيب الموظف بأعراض جانبية سلبية بعد تلقيه اللقاح الذي ألزمه صاحب العمل بالحصول عليه. بالإضافة إلى ذلك، فقد يتم مقاضاة صاحب العمل بسبب تعريضه الموظفين لظروف غير عادلة بسبب امتناعهم عن الحصول على اللقاح. حتى إذا كان القانون في صف صاحب العمل، فإن الضرر الذي سيلحق بسمعته والذي قد يسفر عن نشوب معركة قانونية لا يبدو مفيداً بالنسبة لمعظم الشركات.

كيفية تعزيز بيئة آمنة

تؤدي كل هذه العوامل مجتمعة إلى اضطرار أصحاب العمل إلى إعادة فتح المقرات المكتبية لعدد من الموظفين غير الحاصلين على اللقاح. ونورد فيما يلي 4 استراتيجيات يمكن للشركات متوسطة الحجم استخدامها للتعامل مع مسألة فتح مكان العمل بطريقة تحافظ على سلامة الموظفين وتزيد إنتاجيتهم.

أعلن عن العودة إلى مقرات العمل في وقت مبكر

يبدي الكثير من الموظفين مخاوفهم بشأن توافر معايير السلامة في مكان العمل. لذ يُنصَح بأن تبلغ الموظفين بخطة العودة إلى مقرات العمل في شركتك قبل الموعد الفعلي بوقت كافٍ. ويجب أن تشير المراسلات إلى تدابير السلامة الفعلية المقرر اتخاذها، بالإضافة إلى تعزيز الفكرة المتصورة عن السلامة. على سبيل المثال، إذا كان الموظفون يتنقلون بشكل أساسي عبر وسائل النقل الجماعي، فسيطلبون أيضاً التوجيه أو الطمأنة بشأن سلامة رحلاتهم إلى العمل.

تحديد استراتيجية العمل الهجين في شركتك والتعريف بها

أجرت شركة “غارتنر” استقصاء عام 2021 تحت عنوان “موظفو العمل الهجين” شمل أكثر من 2,400 موظف معرفة، توصلت من خلاله إلى أن 54% من الموظفين وافقوا على أن نهج صاحب العمل تجاه المرونة سيؤثر على قرارهم بالبقاء في مؤسستهم من عدمه. وسيسمح الأسلوب الهجين لأصحاب العمل بتلبية تفضيلات المرونة الجديدة للموظفين.

وعلى الرغم من الخطط الموسعة لاعتماد النماذج الهجينة، فقد أشار 21% فقط من قادة الموارد البشرية الذين شملهم استطلاع الرأي في ندوة “غارتنر” الأخيرة إلى أن لديهم رؤية واضحة للدور المستقبلي لمكان العمل الفعلي. ويتطلب وضع استراتيجية هجينة مؤهلة للنجاح تجعل الموظفين يشعرون بالأمان أن تتوخى الشركات أقصى درجات الوضوح في تواصلها مع الموظفين حول التوقيت المناسب لعودتهم إلى العمل في المقرات المكتبية وتوقيت العمل من موقع مختلف. فقد أعلنت شركة “دروب بوكس” (Dropbox)، على سبيل المثال، عن استراتيجية “العمل الافتراضي أولاً” (Virtual First)، التي أشارت إلى أن الغرض من المقرات المكتبية يتمثل تحديداً في التعاون وبناء المنظومة، وليس العمل الفردي.

خصِّص بعض الوقت للتوعية بسبل الوقاية من الإصابة بفيروس كورونا

يخصِّص القادة في مجال النفط والغاز والتصنيع فسحة كبيرة من الوقت للتوعية بسبل الوقاية من الإصابة بفيروس كورونا في أماكن عملهم. ويجب تبني العقلية ذاتها في مختلف القطاعات، بحيث يتم تخصيص بعض الوقت للتوعية بسبل الوقاية من الإصابة بالفيروس، كما يجب على القادة والمدراء تخصيص جزء من الوقت يومياً لتذكير الموظفين بأهمية تدابير السلامة والوقاية من الإصابة بالفيروس في مكان العمل.

وستزداد أهمية هذا النهج مع استمرار إعطاء اللقاحات وبدء الموظفين التخلي عن حذرهم. ستحقق هذه الدروس التوعوية الفائدة المرجوة منها إذا عمل القادة على تمكين الموظفين من التحدث إلى زملائهم حولهم، لأن الأقران غالباً ما يكونون مصدراً أكبر للثقة مقارنة بالقادة أو مسؤولي الموارد البشرية في القضايا الماسة بمكان العمل. وقد توصل الاستقصاء الذي أجرته شركة “غارتنر” عام 2019 تحت عنوان “الاستقصاء العالمي لسوق العمل” إلى أن الموظفين والمرشحين يثقون في الموظفين الحاليين أكثر من غيرهم كمصدر للحصول على المعلومات حول طبيعة العمل في أي مؤسسة. ومن هنا فإن حديث الموظفين فيما بينهم يلعب دوراً مهماً في إنشاء مكان عمل آمن.

أنشئ بيئة آمنة لإجراء المحادثات حول تلقي اللقاح

أدى تطوير لقاحات “كوفيد-19” وطرحها للجمهور إلى إثارة اللغط بصورة غير مسبوقة حول فاعلية اللقاحات وإمكانية تجربتها على نطاق واسع. ومع عودة الموظفين إلى مكان العمل، سيناقشون بطبيعة الحال ما إذا كانوا قد تلقوا اللقاح من عدمه. وقد يتم استبعاد أولئك الذين لم يتلقوا اللقاح من فعاليات معينة، مثل تناول الغداء معاً. بينما قد ينظر آخرون باستخفاف لمن تم تطعيمهم.

ويجب على القادة والمدراء وضع قواعد تحدد معايير المحادثات والسلوكيات المقبولة في مكان العمل فيما يتعلق بوضع كل فرد من حيث حالة التطعيم. وفي حين أن القادة قد يميلون ببساطة إلى حظر جميع المحادثات حول حالة التطعيم، فإن هذا الإجراء يفتقر إلى الواقعية نظراً لرغبة الموظفين في التحدث مع بعضهم دون الالتفات إلى الحظر المفروض عليهم في هذه المسألة. لذا يجب على المؤسسات أن تلجأ بدلاً من ذلك إلى تذكير الموظفين بأن التطعيم قرار شخصي وينبغي لهم ألا يحاولوا التطفل أو التشكيك في خيارات زملائهم. وفي ظل غياب هذه المبادئ التوجيهية، فإن الشركات لن تخاطر بظهور تفاعلات مزعجة فحسب، بل قد تعرض نفسها أيضاً لنشوء سلوك تمييزي بين الموظفين بناءً على حالة التطعيم.

وفي حين أن الجميع يرغبون في العودةإلى مقرات العمل وإلى الوضع “الطبيعي” بأسرع ما يمكن، فإن الحقيقة الماثلة أمامنا هي أن أماكن العمل التي سيعود الموظفون إليها عام 2021 ستختلف كلياً وجزئياً عن تلك التي تركوها في بدايات عام 2020. وعلى هذا الأساس، فإن تشجيع الموظفين على التطعيم أمر جيد، لكنه ليس كافياً. وستحقق الشركات التي تهتم بالسلامة والمرونة والوضوح في التواصل مع موظفيها أكبر قدر من النجاح مع دخولنا حقبة أخرى حافلة بالتغييرات الجذرية.

تنويه: يمكنكم مشاركة أي مقال من هارفارد بزنس ريفيو من خلال نشر رابط المقال أو الفيديو على أي من شبكات التواصل أو إعادة نشر تغريداتنا، لكن لا يمكن نسخ نص المقال نفسه ونشر النص في مكان آخر نظراً لأنه محمي بحقوق الملكية الدولية. إن نسخ نص المقال بدون إذن مسبق يعرض صاحبه للملاحقة القانونية دولياً.

جميع الحقوق محفوظة لشركة هارفارد بزنس ببليشنغ، بوسطن، الولايات المتحدة الأميركية 2024 .