كيف تحافظ على حماسك إذا كان عليك العمل أثناء الإجازات؟

4 دقائق
العمل أثناء الإجازات والعطل لا ينبغي أن يكون عائقاً لك بل اجعله أمراً محفزاً
shutterstock.com/Pfeiffer
استمع الى المقالة الآن هذه الخدمة تجريبية
Play Audio Pause Audio

أصبحت هناك تغييرات جذرية في الطريقة التي نعمل بها وكذلك في أوقات عملنا. تشير بيانات مستقاة من الدراسة الأميركية لاستخدام الوقت عام 2018 أن 30% من الموظفين الذين يعملون بدوام كامل أفادوا أنهم يضطرون إلى العمل أثناء الإجازات وعطلات نهاية الأسبوع، وحتى عندما يكون لدى الأشخاص إجازة بشكل رسمي، فهذا لا يعني أن عليهم التوقف عن العمل. علاوة على ذلك، فإن التحول العالمي الأخير إلى العمل عن بعد بسبب أزمة “كوفيد-19” قد يؤدي إلى تفاقم الوضع بشكل أكبر؛ حيث إن الحواجز الرسمية التي تفصل العمل عما يقع خارج نطاقه أصبحت غير واضحة، ولذلك قد يشعر الموظفون بالتشوش حيال الوقت المخصص للعمل والوقت غير المخصص له.

يفترض الكثير من الأشخاص أن المرونة في أوقات العمل ينبغي أن ترفع من مستوى التحفيز. فالقدرة على ضبط جداول مواعيدنا ينبغي أن تتيح لنا تنظيم أوقاتنا لزيادة الإنتاجية في العمل، ما قد يجعل الأشخاص أكثر حماساً وتحفيزاً عندما يعملون أثناء عطلات نهاية الأسبوع والإجازات. بالإضافة إلى ذلك، تُظهر البحوث أنك عندما تكون مشغولاً (على عكس عدم فعلك لأي شيء) فهذا يمكن أن يجعلك تشعر أنك منتِج وأن عملك أكثر أهمية، ما يشير إلى أن العمل في الأوقات التي لا يعمل فيها الآخرون يمكن أن يجعلك بالفعل أكثر تحفيزاً.

ولكن تشير بحوثنا إلى أن العكس هو الصحيح في الغالب، فالعمل أثناء عطلات نهاية الأسبوع أو الإجازات يقوض أحد أهم العوامل التي تحدد ما إذا كان الموظفون يثابرون في عملهم، ألا وهو: الدافع الداخلي. يشعر الأشخاص أنهم محفزون داخلياً عندما يشاركون في أنشطة يرون أنها مشوقة وممتعة وهادفة. وتُظهر بياناتنا أن العمل أثناء أوقات الفراغ يتسبب في صراع داخلي بين السعي إلى تحقيق الأهداف الشخصية والمهنية، ما يؤدي إلى استمتاع الموظفين بعملهم بقدر أقل. ومع ذلك، أثناء إجرائنا لهذا البحث خلال عطلات نهاية الأسبوع والإجازات، اكتشفنا حلاً لهذه المشكلة: إعادة النظر إلى فترة العطلة على أنها “وقت عمل” يمكن أن يساعد الأشخاص في الحفاظ على وجود دافع داخلي لأداء عملهم.

كيف يؤثر العمل أثناء العطلات على الدافع الداخلي؟

للإجابة عن هذا السؤال حللنا بيانات واردة من عينة ممثلة على الصعيد الوطني الأميركي مكونة من 1,298 موظفاً أميركياً. وقد أوضح الموظفون ما إذا كانوا قد عملوا أثناء بعض أيام عطلة نهاية الأسبوع أو ما إذا كانوا قد عملوا من يوم الأحد حتى الخميس فقط. وفي مجموعة البيانات هذه، اكتشفنا دوافعهم الداخلية من خلال عبارات من قبيل: “العمل الذي أؤديه يعني لي الكثير” و”وظيفتي تتيح لي الاستفادة من مهاراتي وقدراتي”.

وقد وجدنا أنه في المتوسط، كان لدى الموظفين الذين عملوا أثناء بعض أيام عطلة نهاية الأسبوع دافع داخلي أقل للعمل. بالنظر إلى هذه العلاقة الترابطية، يمكن أن يكون هناك عوامل أخرى تؤثر على مدى التحفيز الداخلي الذي يشعر به الموظفون كالعمل في منصب متدني الرتبة. وقد تحكمنا في العديد من العوامل المربكة المحتملة، بما في ذلك دخل الأسرة ومستوى التعليم وساعات العمل الأسبوعية والرضا عن الحياة بشكل عام، ووجدنا أن العلاقة بين وقت العمل والدافع الداخلي ثابتة باستمرار.

لمواصلة دراسة العلاقة بين وقت العمل والدافع الداخلي، أجرينا 4 تجارب إضافية مع بالغين يعملون أثناء عطلة نهاية الأسبوع وطلاب يدرسون أثناء العطلات المدرسية. ووجدنا في جميع الدراسات أن العمل أثناء الإجازات قلل دافع الأشخاص الداخلي لأداء عملهم.

في إحدى الدراسات في الولايات المتحدة على سبيل المثال، أجرينا مقابلات مع طلاب يدرسون في مكتبة الحرم الجامعي أثناء الإجازات الفيدرالية. وخلال هذه المقابلات إما أننا ذكّرنا الطلاب بأنها إجازة فيدرالية (كأن نقول: “اليوم هو 17 فبراير/شباط، يوم الرؤساء”) أو لم نذكّرهم (كأن نقول: “اليوم هو 17 فبراير/شباط”). عندما ذُكّر الطلاب بأنهم يدرسون في يوم إجازة لدى الآخرين، وجدوا أن المواد الدراسية أقل جاذبية أو متعة، ما جعلهم يشعرون بتحفيز داخلي أقل تجاه الدراسة.

لماذا يؤدي العمل أثناء العطلات إلى تقويض الدافع الداخلي؟

ومثلما يعتقد الكثير من الأشخاص أن يوم الأحد هو البداية “الفعلية” للأسبوع، يصنّف الأشخاص وقتهم بشكل عام على أنه إما للعمل وإما للراحة. وعندما ينخرطون في العمل في الوقت الذي يرون أنه وقت فراغ، كعطلة نهاية الأسبوع، فإنهم يواجهون صراعاً بين توقعاتهم والواقع، ويشعرون نتيجة لذلك أن عملهم أصبح أقل جاذبية وأهمية بالنسبة إليهم.

ما الذي ينبغي لك فعله إذا كان عليك العمل أثناء الإجازات؟

للأسف في العديد من الوظائف، قد لا يكون من الممكن في بعض الأحيان تفادي العمل أثناء عطلات نهاية الأسبوع والإجازات. إذن، ما الذي يمكنك فعله لتظل محفّزاً عندما تضطر إلى العمل أثناء الإجازات؟ وجدنا في بحوثنا أن هناك استراتيجية تدخُّل ساعدت الطلاب الذين يدرسون خلال عطلة الصيف والموظفين الذين يعملون يوم الجمعة في الحفاظ على دافعهم الداخلي، ألا وهي: إعادة تسمية هذا الوقت ليصبح “وقت عمل”.

على سبيل المثال، في إحدى الدراسات، قلنا لمجموعة من الأشخاص الذين يعملون يوم الجمعة “عادة ما يعمل الأشخاص في عطلات نهاية الأسبوع للتعويض عن التأخير أو للنجاح والتقدم في عملهم” وقلنا لمجموعة أخرى “عادة ما يستغل الأشخاص عطلات نهاية الأسبوع للاسترخاء وأخذ استراحة من العمل”. وتشير بياناتنا إلى أنه على الرغم من أن الأشخاص في كلا المجموعتين كانوا يعملون أثناء الإجازة، فإن الأشخاص في المجموعة الأولى كانوا أكثر اهتماماً وانخراطاً في تحقيق أهداف العمل لأنهم كانوا يفكرون في وقت الإجازة على أنه وقت للعمل (وليس وقتاً للاسترخاء والراحة).

هل يؤدي العمل أثناء العطلات إلى تقويض جميع دوافع العمل؟

هناك تحذير ينبغي الإشارة إليه وهو أن الدافع الداخلي لا يُعد النوع الوحيد من الدوافع التي تشجع وتحفّز الأشخاص على العمل. فالأشخاص يعملون أيضاً بسبب دوافع خارجية (على سبيل المثال، ليتقاضوا راتباً وليعيلوا أسرهم، وما إلى ذلك). وفي حين أن العمل أثناء الإجازة يؤثر سلباً على الدافع الداخلي للعمل، إلا أننا من خلال دراساتنا لم نجد دليلاً على أنه يؤثر على الدوافع الخارجية للأشخاص. وعلى الرغم من أن التعارض بين الأهداف المقترن بالعمل في عطلات نهاية الأسبوع والإجازات يقوض قدرتنا على النظر إلى العمل على أنه هادف في الأساس، فإنه لا يغير من قيمة الحصول على راتب من العمل أو التمتع بأمان وظيفي. إلا أن البحوث التي أجرتها كايتلين وولي وأيليت فيشباخ تُظهر أن الدافع الخارجي غالباً ما يكون غير كاف للمحافظة على شعور الأشخاص بالرضا والسعادة ومساعدتهم على تقديم أفضل ما لديهم في العمل إن لم يكن هناك دافع داخلي.

الدرس المستفاد واضح: استمتاعنا بالعمل الذي نؤديه لا يحدده نوع الأنشطة التي ننخرط فيها فحسب، ولكن أيضاً يحدده الوقت الذي نؤدي فيه هذه الأنشطة. فإذا كان عليك العمل أيام الإجازات، حاول التفكير في هذا الوقت على أنه وقت عمل لتظل محفّزاً. ويمكن للمدراء أيضاً دعم موظفيهم من خلال تشجيعهم على عدم العمل أثناء الإجازات الرسمية والعطل، حيث إن بياناتنا تشير إلى أن العمل أثناء الإجازات يمكن أن يقوض الدافع الداخلي وبالتالي فإنه يقلل الجهود التي يبذلها الموظفون في عملهم. لطالما كان فهم الكيفية التي يمكننا بها أن نظل محفَّزين ومتحمسين في العمل أمراً مهماً، ولكن جائحة كورونا أجبرت العديد من الموظفين على العمل عن بُعد وأثقلت كاهلهم بأعباء إضافية على وقتهم، ولذلك فإن هذه الاستراتيجيات بالغة الأهمية لضمان أن تظل أنت وفريقك منتجين ومندمجين في العمل قدر الإمكان.

تنويه: يمكنكم مشاركة أي مقال من هارفارد بزنس ريفيو من خلال نشر رابط المقال أو الفيديو على أي من شبكات التواصل أو إعادة نشر تغريداتنا، لكن لا يمكن نسخ نص المقال نفسه ونشر النص في مكان آخر نظراً لأنه محمي بحقوق الملكية الدولية. إن نسخ نص المقال بدون إذن مسبق يعرض صاحبه للملاحقة القانونية دولياً.

جميع الحقوق محفوظة لشركة هارفارد بزنس ببليشنغ، بوسطن، الولايات المتحدة الأميركية 2024 .