تفكر في زيادة راتب موظفك لثنيه عن المغادرة؟ تمهّل قد تورط نفسك في مشكل جديد

4 دقائق
العرض المضاد
استمع الى المقالة الآن هذه الخدمة تجريبية
Play Audio Pause Audio

ملخص: قدّم الملايين من الأميركيين استقالاتهم خلال فترة الاستقالة الكبرى وانتقلوا من مؤسساتهم إلى مؤسسات أخرى. ومع تقلص مجموعة المواهب، يُبدي القادة استعدادهم لفعل أي شيء تقريباً لمنع الموظفين الجيدين من ترك العمل. ويُعتبر العرض المضاد من أدوات الاستبقاء المتاحة للقادة. على سبيل المثال، قد يقدم القائد ترقية أو زيادة في الراتب أو مكافأة لمرة واحدة أو نسبة من الأسهم أو فرصة للانتقال إلى فريق آخر خوفاً من فقدان موظف ما. لكن احذروا أيها القادة من القوة المتصورة للعرض المضاد. فهناك عدد من الجوانب السلبية التي قد تغفلون عنها في حال وافق الموظفون على العرض المضاد، والتي توصلت إليها استناداً إلى خبرتي في قيادة الفرق. وإليكم الأسباب التي تجعل تقديم عرض مضاد لموظف استقال يضر أكثر مما ينفع.

 

قال لي مدير سابق ذات مرة: “إذا كنت تؤمن بأهليتك للحصول على ترقية، فابحث عن عرض عمل آخر في السوق، فتلك هي أسرع طريقة للحصول على ترقية وكسب مزيد من الأموال. وهي الطريقة الوحيدة اليوم للحصول على ترقية”.

وشهدت على مدار مسيرتي المهنية عروضاً مضادة تقدّم للفرق المختلفة. وأتذكر حصول مدير علامة تجارية مساعد على ترقية إلى مستويين أعلى في أقل من عامين بعد أن قدّم “استقالته” لمديرين مختلفين. وأتذكر زميلاً آخر أخبر الجميع بقرار استقالته، ليتراجع عن قراره بعد ذلك ويحصل على المنصب الذي كنت مرشحاً لشغله. وأذكر المرأة التي حصلت على ترقية إلى منصب نائبة الرئيس، وهو المنصب الذي كان الجميع يتنافسون لشغله في مؤسستنا، لتكشف لي زميلة أخرى لاحقاً أنها “قدّمت استقالة مزيفة. وأنها استخدمت عرضاً آخر ليساعدها في الحصول على الترقية”.

قدّم الملايين من الأميركيين استقالاتهم خلال فترة الاستقالة الكبرى وانتقلوا من مؤسساتهم إلى مؤسسات أخرى. ولا يزال الموظفون في سوق العمل يحتفظون بقدر كبير من النفوذ بينما يتزاحم القادة لملء المناصب الشاغرة والعثور على المواهب التي تتمتع بالمهارات المطلوبة. ومع تقلص مجموعة المواهب، يُبدي القادة استعدادهم لفعل أي شيء تقريباً لمنع الموظفين الجيدين من ترك العمل.

ويُعتبر العرض المضاد من أدوات الاستبقاء المتاحة للقادة. على سبيل المثال، قد يقدم القائد ترقية أو زيادة في الراتب أو مكافأة لمرة واحدة أو نسبة من الأسهم أو فرصة للانتقال إلى فريق آخر خوفاً من فقدان موظف ما. وقد تجعل فكرة العرض المضاد القائد يشعر أنه يحكم السيطرة مؤقتاً على الموقف وبأنه يتخذ القرار الأفضل لفريقه ومؤسسته.

لكن احذروا أيها القادة من القوة المتصورة للعرض المضاد. فهناك عدد من الجوانب السلبية التي قد تغفلون عنها في حال وافق الموظفون على العرض المضاد، والتي توصلت إليها استناداً إلى خبرتي في قيادة الفرق. وإليكم الأسباب التي تجعل تقديم عرض مضاد لموظف استقال يضر أكثر مما ينفع.

من المحتمل ألا يعالج العرض المشكلات الأساسية.

سل نفسك عما إذا كان العرض المضاد يعالج القضايا الكامنة وراء استقالة الموظف في المقام الأول. هل يكفي العرض لإبقاء الموظفين سعداء في فريقك؟ أو أنه مجرد حل أولي مؤقت لتجنب حل مشكلة أكبر؟

يقول مؤسس شركة “أسمبل آتش آر كونسلتنغ” (Assemble HR Consulting) والرئيس التنفيذي للتغيير فيها، جيل كاتز: “إذا قدمت عرضاً مضاداً لموظف ما، فيجب أن تفكّر في قرارك ملياً لئلا يكون مجرد لحظة يأس للتمسك بالموهبة”. ويتابع كاتز قائلاً:

يجب أن يكون العرض المضاد منطقياً للموظف وللشركة. أي يجب أن تسأل نفسك ما إذا كان هذا العرض المضاد يعالج سبب استقالة الموظف في المقام الأول. هل مشكلته مرتبطة بالحصول على ترقية أو كسب مزيد من المال؟ أو أن الأمر متعلق بعبء العمل الزائد أو رغبته في إدارة مزيد من المرؤوسين المباشرين؟ قد لا يعالج العرض المضاد السبب الحقيقي وراء استقالة الموظف أحياناً. وتتمثّل مهمتك بصفتك قائداً في التعرف على جذر المشكلة.

ويحذر كاتز القادة الذين يستخدمون العرض المضاد بدلاً من إجراء محادثات صعبة أو غير مريحة أيضاً بقوله: “إذا قبل الموظف العرض المضاد، فمن المحتمل جداً أن يقدّم استقالته مرة أخرى في المستقبل. إذ تظهر البحوث أن 50% من المرشحين الذين قبلوا عرضاً مضاداً بدؤوا رحلة البحث عن عمل مرة أخرى بالسوق بعد شهرين. قد لا تتعرض لمثل ذلك الموقف أبداً، وقد تخاطر من جهة أخرى بهجرة موظفك، لتعود إلى نقطة البداية المتمثّلة في البحث عن المواهب مرة أخرى”.

قد يولّد العرض المضاد شكوكاً حول قدراتك القيادية.

قد تمثّل نتيجة العرض المضاد في النهاية انعكاساً لقدراتك القيادية. فإذا طلبت من شخص ما التراجع عن قراره في الاستقالة، فيجب عليك التأكد من استعداده للنجاح.

على سبيل المثال، إذا قدمت ترقية باعتبارها عرضاً مضاداً، فيجب عليك أن تتحقق مما إذا كان الموظف مستعداً للترقية. فإذا لم تعرض عليه أي دعم أو تدريب إضافي لبدء المنصب الجديد، فأنت بذلك تعدّه للفشل. كما يجب عليك أن تُثبت مدى صحة قرارك أمام إدارة الموارد البشرية ومديرك وإدارتك وأصحاب المصالح الرئيسيين الآخرين. فالأداء الضعيف لن ينعكس على الموظف فحسب، وإنما سينعكس عليك وعلى قدرتك على تقييم المواهب وتدريبها.

علاوة على ذلك، إذا لم يتمكن الموظف من أداء الوظيفة الجديدة، فقد يختار ترك العمل في المؤسسة أو تقيله الإدارة. وستكون في كلتا الحالتين تسببت بوجود شاغر في فريقك، وألحقت الضرر بسمعتك القيادية داخل المؤسسة.

قد يؤثر العرض المضاد سلباً في معنويات الفريق.

لن تكون جميع عناصر العرض المضاد معروفة للآخرين في الفريق. ولن يعرف الآخرون ما تم عرضه على الموظف لحثه على البقاء (زيادة في الراتب، ومكافأة الاستبقاء، ونسبة إضافية من الأسهم، وما إلى ذلك) ما لم يشارك تفاصيل العرض معهم. لكن إذا كان العرض المضاد عبارة عن ترقية، فسيعرف جميع أعضاء الفريق بالقرار على الفور وسينتشر الخبر داخل المؤسسة الأوسع.

وعندما يتلقى أحد الزملاء ترقية أو منصباً جديداً لا يستحقه بشكل غير متوقع، فقد يؤثر ذلك سلباً في معنويات الفريق. وقد يبدأ أعضاؤه تداول الشائعات، مع إدلاء توقعات حول كيفية حصوله على الترقية وسبب حصوله عليها. وقد ينتقص الآخرون من قيمة الموظف إذا لم يشعروا أنه يستحق الترقية ويقللون من قيمتها في النهاية.

تقول الاستشارية في مجال المواهب في شركة “كور إنوفيشن كابيتال” (Core Innovation Capital) وعضو مجلس إدارة في شركة “ويمين بزنس كولابريتيف” (Women Business Collaborative)، فيليسيتي هاسان: “ما لا يدركه القادة هو احتمال أن ينطوي العرض المضاد على نتائج عكسية وأن يكون له تأثير مضاعف عبر الفريق. أي إنه قد يحفز الآخرين على البحث عن فرص عمل خارج المؤسسة، ما يثير موجة استقالات أكبر مما كنت تتوقع”. وتنصح هاسان القادة بالتفكير في تأثير منع شخص واحد من ترك العمل مقابل تركيز طاقاتهم على تحفيز باقي أعضاء الفريق لتجنب هجرتهم.

تذكر أن المواهب ستواصل إعادة تقييم فرص العمل خلال فترة الاستقالة الكبرى. ولا يُعتبر العرض المضاد حلاً واحداً يناسب الجميع لمنع الموظفين الجيدين من ترك العمل في مؤسستك. فإذا كان الموظفون مستعدين للمضي قدماً، فسيكون القرار الأفضل حينها تمني التوفيق لهم في مساعيهم التالية.

تنويه: يمكنكم مشاركة أي مقال من هارفارد بزنس ريفيو من خلال نشر رابط المقال أو الفيديو على أي من شبكات التواصل أو إعادة نشر تغريداتنا، لكن لا يمكن نسخ نص المقال نفسه ونشر النص في مكان آخر نظراً لأنه محمي بحقوق الملكية الدولية. إن نسخ نص المقال بدون إذن مسبق يعرض صاحبه للملاحقة القانونية دولياً.

جميع الحقوق محفوظة لشركة هارفارد بزنس ببليشنغ، بوسطن، الولايات المتحدة الأميركية 2024 .