أسئلة القراء: كيف أخفف مخاوف العمال ليشعروا بالأمان ويعملوا في ظل الجائحة وازدحام وسائل النقل؟

6 دقائق
الشعور بالأمان خلال جائحة كورونا
shutterstock.com/Creativa Images
استمع الى المقالة الآن هذه الخدمة تجريبية
Play Audio Pause Audio

سؤال من قارئ: تملك عائلتي شركة للصناعات الدوائية في الهند. وقد أعلنت الحكومة المحلية أن الصناعات الدوائية تعد خدمة أساسية، لذلك لم تتوقف عملياتنا في أثناء الجائحة على الإطلاق. لكن في الوقت الذي أكتب فيه هذا السؤال تزداد أعداد الإصابات بفيروس “كوفيد-19” في الهند، والعمال خائفون ولا يحضر إلا قليل منهم إلى العمل، فكيف يمكن تعزيز الشعور بالأمان خلال جائحة كورونا؟ وبما أننا نعمل في وحدة تصنيع فمن الصعب تبني أسلوب العمل عن بعد. اتخذنا جميع إجراءات السلامة التي أوصت بها الحكومة المحلية، ونقدم أقنعة الوجه والمعقمات لجميع الموظفين والعمال، لكن هذا ليس كافياً. يرغب كثير من الموظفين في الحضور إلى العمل في الأوقات التي يقلّ فيها الازدحام في وسائل النقل، وفي الحقيقة إذا كان وقت وردية العامل تتوافق مع أوقات الازدحام في وسائل النقل فعلى الأرجح أنه لن يتمكن من الحضور إطلاقاً. حاولنا أن نقسم العمال إلى ورديات لكن ذلك لم ينجح أيضاً، فوحدة التصنيع تقع في مكان بعيد لا تتوفر وسائل النقل إليه إلا ضمن أوقات العمل الاعتيادية. إن سلامة موظفينا مهمة بالنسبة لنا، وفي نفس الوقت نود أن نضمن استمرار العمليات لأن عملاءنا يحتاجون إلى منتجاتنا لصناعة أدويتهم.

سؤالي هو:

كيف يمكننا تخفيف مخاوف موظفينا لكي يشعروا بالأمان في العمل ويستمروا به لتبقى العمليات دائرة؟

يجيب عن هذا السؤال كل من:

دان ماغّين: مقدم برنامج “ديير آتش بي آر” من هارفارد بزنس ريفيو.

أليسون بيرد: مقدمة برنامج “ديير آتش بي آر” من هارفارد بزنس ريفيو.

إيثان بيرنستاين: أستاذ في “كلية هارفارد للأعمال”.

إيثان بيرنستاين: أولاً أود أن أعبّر عن امتناني للعمال والموظفين الأساسيين الذين يؤدون الأعمال التي نحتاج إليها جميعنا في أثناء الجائحة. يبدو أن صاحب السؤال قد جرب جميع الإجراءات الأولية، وهي تخفيض عدد الموظفين في وردية العمل ومحاولة تجميع الموظفين بطريقة تمكنه من تتبع الاختلاط إذا استدعت الحاجة، وعلى الأقل حاول تقييد المخاطر ضمن ما نسميه اليوم “أفواجاً” أو “حجيرات”. والآن عليه أن يسأل نفسه عن عدد الموظفين الذين يحتاج إليهم حقاً للعمل في الورديات. ربما كان الجواب هو أنه يحتاج إليهم كلهم، لكن قد يكون بإمكانه العمل على جوانب إدارية أخرى، ربما كان بإمكانه إعادة تصميم العمليات لتتلاءم مع ظروف الجائحة، وعلى الرغم من أنها لن تكون على نفس الدرجة من الفاعلية لكنها ستكون قادرة على تعزيز سلامة الموظفين والحفاظ على إنتاجيتهم في نفس الوقت.

أليسون بيرد: المرونة هنا أساسية، كتب هيوبرت جولي، الرئيس التنفيذي لشركة “بيست باي”، مقالاً لمجلتنا تحدث فيه عن أهمية التركيز على الاحتياجات الإنسانية لكل موظف في هذه الأزمة. فقد يكون أحد الموظفين قادراً على الحضور إلى العمل وهو يشعر براحة تامة في حين لا ينطبق ذلك على غيره من الموظفين. السؤال الذي يراودني هو أنه بالتركيز على هذه العمليات، كيف سنجعلها مريحة وآمنة ضمن هذه البيئة شديدة التوتر؟

إيثان بيرنستاين: ليست قيادة الشركة هي التي تمنح الموظفين شعور الراحة عادة، بل مجموعات الأقران، إذ نثق إلى حدّ ما بسلوك من نذهب إلى العمل معهم وسلوك زوجاتهم وأطفالهم. وهذا الأمر ليس مقتصراً على محادثة يجريها القائد مع العمال، وهي في غاية السهولة، إنما عليه القيام بما يعزز الشعور بالأمان. وفي حالة صاحب السؤال يعتمد ذلك على حجم المعمل ووردية العمل التي يتحدث عنها، إذا كانت الوردية تضم 10 عمال أو 20 عاملاً فيمكنه إلى حدّ ما محاولة بناء منظومة تجعل العامل يشعر بأمان أكبر.

دان ماغّين: لم يكن الأمر الذي فاجأني في هذه المشكلة هو ما يحدث في المعمل، بل هي مشكلة التنقل والمواصلات، وبالتأكيد فإن صاحب العمل لا يستطيع تغيير وضع المواصلات العامة، وهذا أمر تعاني منه الشركات الكبيرة في مدينة نيويورك، حيث يتنقل الموظفون بواسطة قطارات الأنفاق. هل يمكنه تقليل أيام العمل في الأسبوع لتصبح 4 أيام أو 3 بدلاً من 5 أيام، مع زيادة عدد ساعات عمل الوردية بما يتوافق مع ذلك؟ تبادرت إلى ذهني منصات النفط التي يتنقل العمال إليها ومنها بواسطة الطائرات ويعملون في ورديات مطولة جداً. يبدو لي أن الخوف هنا مركز على المواصلات، لذلك قد يكون مفيداً أن يتم تعديل جدول العمل على نحو يقلل حاجة الموظفين إلى ركوب المواصلات.

أليسون بيرد: من الممكن أن تؤمّن الشركة حافلة تنقل مجموعة عمال الوردية الواحدة معاً، حيث تأخذهم من نقطة تجمع معينة إلى المعمل ثم تعيدهم إليها؟ وبذلك يترافق عمال كل مجموعة في التنقل وفي العمل.

إيثان بيرنستاين: هذه فكرة مثيرة للاهتمام، لكن من الصعب أن نعرف ما يمكن أن ينجح من دون معرفة السياق كاملاً، ووفقاً لما توصلت إليه من البحث الذي أجريته فمن الأفضل أن يتوصل الموظفون أنفسهم إلى هذا النوع من الحلول. ربما يبدأ الحل من التحقق من إمكانية الاستثمار في تدابير السلامة، بدءاً من توفير معدات الحماية الشخصية وصولاً إلى نصب خيمة مريحة خارج المعمل تخصص لإقامة الموظفين ومنامتهم في أيام العمل ليعودوا إلى منازلهم في عطلة نهاية الأسبوع، وبذلك لا يضطرون لركوب المواصلات سوى مرة واحدة في الأسبوع ذهاباً ومرة إياباً. يجب أن يطرح الموظفون الذين يخافون من انعدام الأمان هذا النوع من الأفكار بأنفسهم وأن يشاركوا في مواجهة المشكلة والتوصل إلى حلّ يناسبهم. لن نتمكن من معرفة المخاطر التي يواجهونها إذا لم نضع أنفسنا في أماكنهم، وأسهل طريقة لذلك هي طلب مشاركتهم في العملية.

أليسون بيرد: يبدو أن صاحب السؤال قد قام بشيء من هذا القبيل عندما عدل أوقات الورديات كي يشعر الموظفون براحة أكبر، لكن ذلك لم يحقق النتائج المرجوة. إذا كنت تطلب من الموظفين أداء عمل ينطوي على المخاطر، يمكنك تحفيزهم إما بالمال من خلال دفع تعويضات المخاطر وإما بالتأكيد على أهمية المهمة التي تقع على عاتق الشركة، فهي تنتج مواد تساعد في الاستمرار بعلاج الناس في أثناء هذه الجائحة. أقترح على صاحب السؤال أن يقوم بالأمرين في مؤسسته، أي أن يقدم الحوافز المالية للعمال ويتحدث إليهم عن سبب استمرارهم بالعمل وأهمية عمل كل منهم. كما يمكنه الاستعانة بشهادات بعض عملائه أو المستهلكين بشأن حاجتهم الماسة إلى الأدوية التي ينتجونها.

إيثان بيرنستاين: في الحقيقة يساعد تحديد هدف سامٍ للعمل في تحفيزنا جميعاً في هذه الجائحة. وفيما يتعلق بالحوافز المالية، إذا كانت المؤسسة ستحقق أرباحاً كبيرة من الجائحة ولم يحصل الموظفون الذين يخاطرون من أجل العمل الذي يحقق هذه الأرباح على حصتهم منها فيجب على المؤسسة الانتباه، إذ ليس بالإمكان فصل الخطورة عن الربح تماماً في هذه الأزمة. أكثر ما يقلقني هو تخلي الموظفين عن عملهم وعدم حضورهم إلى المعمل، ولن يتم حل هذه المشكلة بمنحهم حوافز مالية، بل عن طريق المعالجة المباشرة لمخاوفهم والمخاطر التي يواجهونها وتؤثر عليهم وعلى أسرهم.

دان ماغّين: هل سيكون من المفيد أن تقوم الشركة بتشكيل مخزون احتياطي من منتجاتها؟ نحن لا نعرف الكثير عن مرض “كوفيد-19” بعد لأنه لا يزال جديداً نوعاً ما، لكن على الأقل في الولايات المتحدة شهدنا انخفاضاً كبيراً في أعداد الإصابات في أثناء فصل الصيف، أما الآن فنحن نشهد ارتفاعاً جديداً في فصلي الخريف والشتاء. إذا تراجعت نسب الإصابات فهل سيكون بإمكان العمال العمل عدد ساعات أكبر وتشكيل مخزون احتياطي من المنتجات كي يتمكنوا من إغلاق المعمل لاحقاً في الفترات التي تزداد فيها الإصابات بدرجة كبيرة؟ هل تحدثت الشركات عن هذه الفكرة وهل تنصح صاحب السؤال بها؟

إيثان بيرنستاين: معظم الشركات تواجه مستوى عال من الغموض الآن لدرجة تزيد احتمالات تحمل المؤسسة مخاطر كبيرة جداً إذا شكلت مخزوناً احتياطياً الآن. وبالطبع فنحن لا نعلم الكثير عن شركة الصناعات الدوائية الهندية هذه وليس لدينا إلا ما يقوله صاحب السؤال عنها. وكي يتمكن من تشكيل مخزون احتياطي سيتعين عليه زيادة مشترياته من عدة مؤسسات أخرى، ويجب أن يفكر في سلسلة التوريد بأكملها. قد يكون تنفيذ هذه الفكرة غير ممكن إطلاقاً، وقد يكون ضررها أكبر من نفعها. لكن سيكون من المجدي التفكير بها بالتأكيد.

أليسون بيرد: يبدو أن صاحب السؤال يضع سلامة الموظفين على رأس أولوياته، وأتساءل عما إذا كان يعبر لهم عن ذلك بوضوح. ففي هذه الفترات يجب عليه بوصفه صاحب العمل أن يقول لهم بوضوح كبير أن سلامتهم هي أولويته، وعلى الرغم من أنه يطالبهم بالحضور إلى العمل فهو يحاول تأمين أقصى درجة ممكنة من الأمان لهم وأنه سيغير استراتيجياته ما أن يلاحظ أي دليل على الخطر. أعتقد أن ذلك سيشجع الموظفين على الحضور إلى العمل ويذكرهم بسبب عملهم والهدف الأسمى الذي يعملون لأجله.

إيثان بيرنستاين: التواصل بين أصحاب العمل والموظفين في غاية الأهمية. ونمر الآن في فترة تتطلب الكثير من التواصل. يجب أن نبذل جهداً كي نضمن أن نوصل الرسالة مراراً وتكراراً، ويجب ألا ننسى أن الأفعال أبلغ من الأقوال. يمكن لقادة هذه المؤسسة اليوم أن يتبعوا معايير صارمة للتباعد الاجتماعي وعدم التساهل فيها، واتخاذ إجراءات مهما كانت بسيطة لتوضيح جديتهم فيها، مثل عدم التساهل مع عدم تغطية الأنف والفم بالكمامة بصورة كاملة، والالتزام بمسافة مترين للتباعد الاجتماعي. هذه التدابير الفعلية والمرئية التي يتبناها القائد ويلتزم بها بنفسه ستولد شعوراً لدى الموظفين بأن المؤسسة تمتثل لهذه التدابير وتلتزم بها بشدة وأن عليهم فعل ذلك بدورهم، وذلك سيساعد في إقناعهم بالعودة إلى منازلهم والتحدث إلى زوجاتهم وأطفالهم وأفراد أسرهم الذين يعانون من نقص المناعة وإخبارهم عما تهتم الشركة به، وهذا سيساعد بدرجة كبيرة إذ سيشعر الموظفون براحة أكبر حيال الحضور إلى المعمل وأداء عملهم من أجل تحقيق هدف معمل الصناعات الدوائية المتمثل في الحفاظ على صحة الجميع.

دان ماغّين: أولاً، نشيد باهتمام صاحب السؤال الكبير بسلامة موظفيه، وما يعاني منه أمر شائع هذه الفترة. على المدى الطويل قد يحظى بفرصة لإعادة تصميم العمليات داخل المعمل، أو الاستعانة بالتشغيل الآلي من أجل تخفيض ضرورة حضور العمال إليه، لكننا ندرك أنه ليس بالضرورة أن يحصل ذلك في القريب المنظور. وفيما يخص الصعوبات النفسية فيما يتعلق بمنح الموظفين شعوراً بالأمان، يمكنه مطالبتهم بطرح أفكارهم، وربما تمكنوا بذلك من التوصل إلى حلّ يتمثل باستخدام حافلات تابعة للشركة من أجل نقلهم، أو تأمين مكان يقيمون فيه ضمن المعمل مؤقتاً، أو ربما تقسيم العمل إلى ورديات تضم عدداً أقل من العمال وتعمل مدة أطول، وكل ذلك لتخفيف حاجة العمال إلى التنقل والمعاناة من صعوباته وازدحام وسائل النقل، لكن الأهم هو أن يحثّ الموظفين أنفسهم على طرح هذه الأفكار أو غيرها لا أن يفرضها عليهم. قد تعود بعض الحلول بآثار سلبية، كدفع تعويضات للمخاطر أو تشكيل مخزون احتياطي من المنتجات، ولذلك قد لا تكون ناجحة كما نعتقد. يجب على صاحب السؤال الاستمرار بإظهار قلقة واهتمامه بسلامة موظفيه، لكن الأمر لا يتعلق فقط بتعزيز الشعور بالأمان خلال جائحة كورونا أو بإقناع موظفيه بالحضور إلى العمل، بل عليه أن يتحدث عن الأمر كثيراً وأن يثبت بأفعاله مدى اهتمامه بهم وأنه يقوم بكل ما يمكنه ليمنحهم شعوراً بالأمان.

تنويه: يمكنكم مشاركة أي مقال من هارفارد بزنس ريفيو من خلال نشر رابط المقال أو الفيديو على أي من شبكات التواصل أو إعادة نشر تغريداتنا، لكن لا يمكن نسخ نص المقال نفسه ونشر النص في مكان آخر نظراً لأنه محمي بحقوق الملكية الدولية. إن نسخ نص المقال بدون إذن مسبق يعرض صاحبه للملاحقة القانونية دولياً.

جميع الحقوق محفوظة لشركة هارفارد بزنس ببليشنغ، بوسطن، الولايات المتحدة الأميركية 2024 .