الشركات الأميركية تحلم بالنمو لكنها تستثمر في الكفاءة

3 دقائق
26519663 - vector illustration of origami bird ripping paper
استمع الى المقالة الآن هذه الخدمة تجريبية
Play Audio Pause Audio

بعد أكثر من 5 سنوات من النمو البطيء، بدأت الشركات الأميركية أخيراً تشعر ببعض التفاؤل. إذ يتوقع “البنك الفيدرالي” نمو الناتج المحلي الإجمالي بمعدل ما بين 2.8 إلى 3% عام 2014 (بحسب تقرير: مستقبل الاقتصاد الأميركي لعام 2014 وما بعد، 13 يناير/ كانون الثاني 2014)، كما وجد بحثنا “إحاطة الرئيس التنفيذي لعام 2014 بجدول الأعمال العالمي: التنافس في العالم الرقمي” تفاؤلاً منتشراً لدى كبار التنفيذيين حول آفاق النمو.

وعلى أي حال، ما لا نجده هو إشارات إلى استراتيجيات نمو طموحة فعلاً تجعل الشركات تعيد العمل على ميزانياتها المالية المتعافية. مثلاً، على الرغم من كل الحديث المتصاعد عن كيفية تسريع نمو الشركات في الأسواق الناشئة، يرى ثلاثة أرباع المدراء التنفيذيين الأميركيين الذين استطلعت آراؤهم أنهم سوف يستمرون في الاستثمار بشكل كبير ضمن سوقهم المحلية، وهي السوق التي تُعتبر اقتصاداً ناضجاً إلى حد كبير وبطيء النمو. إذ قال هؤلاء التنفيذيون إنهم يعلّقون آمالهم في النمو ضمن الولايات المتحدة على كسب حصة أكبر من إنفاق المستهلكين وليس بالضرورة على توسيع قاعدتهم من العملاء الجدد أو فتح أسواق جديدة للتصدير.

يقودنا هذا إلى سؤالين مثيرين. أولاً، إذا كانت الأسواق الصاعدة جذابة، لماذا إذاً، يستمر تدفق الكثير من رأس المال الاستثماري إلى أسواق ناضجة؟ ثانياً، إذا كان النمو يتعلق في معظمه بكسب حصة سوقية وتطوير منتجات جديدة، لماذا هذا التركيز الكبير على الاستثمار في الحفاظ على العملاء الحاليين وجعل المنتجات والخدمات الحالية أكثر كفاءة؟

في موضوع الكفاءة، فإن 87% من الشركات ضمن الدراسة تخطط لزيادة استثماراتها في البحوث والتطوير، مع تخصيص جزء لا يستهان به من هذا الاستثمار للتقنيات الرقمية مثل الهواتف الجوّالة والحوسبة السحابية والتحليلات ووسائط التواصل الاجتماعي والتجارة الإلكترونية والتواصل من آلة إلى آلة. ويمكن اعتبار “الاستثمارات الجديدة في التقنيات المبتكرة” عناوين رائعة لمؤتمر العوائد أو التقرير السنوي للشركة. لكن تحت هذه العناوين يكمن أمر مثير: تنظر معظم الشركات الأميركية في الدراسة عموماً إلى التقنيات الرقمية كطريقة لتبسيط العمليات الحالية وتحسين العلاقات مع العملاء وليس كمحرك للنمو.

في الواقع، أكد 68% أن استثماراتهم في التقنيات الرقمية تركز بشكل أساسي على كفاءة الإجراءات وتخفيض النفقات، في حين قال 25% فقط إن مثل هذه الاستثمارات موجهة لمساعدة الشركة في الوصول إلى العملاء. أي ينصب التركيز على تحقيق كفاءة تشغيلية أعلى، وعلى تحسين التجربة بالنسبة للعملاء الحاليين بدلاً من تنمية المبيعات أو فتح قنوات بيع جديدة أو خلق منتجات أو خدمات جديدة.

كما تُعتبر الشركات الأميركية رائعة في تحسين عملياتها الحالية وفي التفكير بطرق جديدة توظف بها التقنية لدفع الإنتاجية. وبشكل ما يمكننا القول إن هذه هي القصة التي يقوم عليها الأداء الاقتصادي للولايات المتحدة منذ 200 سنة. فرفع الكفاءة وإبقاء العملاء الحاليين سعداء يعود على الشركات بمكاسب كثيرة. لكن هذه الاستثمارات لن تمكن الشركات من الاستفادة مما تقدمه التقنية الابتكارية من نمو قوي.

لا ينقص الولايات المتحدة الحماس للتقنيات الرقمية. حيث إنه في واقع الأمر، احتمال أن يؤمن التنفيذيون الأميركيون بأن الحوسبة السحابية وتحليلات البيانات والتجارة الإلكترونية والتواصل من آلة إلى آلة ستكون أموراً مهمة لأعمالهم خلال العام المقبل ضعف احتمال أن يؤمن بذلك أقرانهم من حول العالم. ويبدو أن الشركات الأميركية تسبق بكثير نظيراتها غير الأميركية في تطبيق التقنيات الرقمية ضمن عملياتها: قال 45% من التنفيذيين الأميركيين إن هذه التقنيات تدعم نصف عمليات أعمالهم على الأقل، في حين قال ذلك فقط 36% من أقرانهم حول العالم.

لكن القوة الحقيقية للابتكار الرقمي تكمن في خلق وخدمة أسواق جديدة عبر معروض جديد كلياً، ذلك هو المكان الذي ما زالت الشركات الأميركية في طور استكشاف احتمالاته. إذ نرى أن هناك مبدئين على قادة الأعمال في الولايات المتحدة مراعاتهما عند تأملهم الاستثمارات في التقنيات الابتكارية:

لا تجلب نموذج عمل قديم إلى دنيا التقنيات الجديدة

يبدو أن الكثير من الشركات تقوم بإسقاط التقنيات الرقمية على بنيتها التحتية الحالية وعلى نموذج أعمالها. فقد تزيد المصارف مثلاً من أعداد معاملاتها التي تتم بالهاتف المحمول، لكن الكثير منها يتم مع المحافظة على النظام المكلف المتمثل بالفروع والصرّافات الآلية. ويعني “التحول الرقمي” بالنسبة للكثير من الشركات خلق الكثير من القنوات والأجزاء، ما ينتج عنه تكاليف أعلى لأن التكاليف الحالية للرقمية (مثل البنية التحتية الجديدة، وخدمة العملاء، والتقنية والإدارة) تم إسقاطها فوق نموذج الأعمال القديم. والنتيجة، هي أن الكثير من الشركات تجعل عملياتها أكثر تعقيداً في سعي منها لإراحة عملائها الذين لا يدفعون أكثر مما كانوا يدفعون سابقاً. إذاً، تكاليف أكثر، ربح أقل، تعقيد أكثر.

انظر إلى ما هو مربح، وليس إلى ما هو ممكن

يجب أن يكون تحقيق النمو المربح الهدف الرئيس الذي تتمحور حوله جميع النقاشات الدائرة حول التركيز على العميل وتحسين تجربة الزبون. بهذا الشكل، يكون توفير تجارب رقمية جديدة ومبهجة للعملاء الحاليين منطقياً إلى أقصى درجة عندما يتم في سياق تكاليف أقل، أو فرص جديدة للبيع المتداخل، أو افتتاح قنوات جديدة لجذب أسواق لم تكن تُخدَم بالشكل الكافي سابقاً.

عندما تستثمر الشركات الأميركية في التقنية الرقمية، يكون الحديث الأولي عما يمكن فعله. مع تحرّكها لأبعد من الإنتاجية والكفاءة ورضا العملاء، وهي رهانات كبيرة بالنسبة لعمليات الأعمال اليوم. فقد يكون على الشركات التفكير في الرقمية كفرصة لبيع منتجات أو خدمات جديدة، وبالتالي تحقيق إمكانية للوصول إلى أسواق جديدة. وهذا هو العائد الكبير الذي تحققه الشركات في الاستفادة من إمكانات العالم الرقمي كما يرى البعض. إذاً، لنفكر بهدوء في إعادة موازنة الاستثمارات بالرقمية بحيث تدعم نمواً يتجاوز المكاسب المتزايدة للكفاءة.

تنويه: يمكنكم مشاركة أي مقال من هارفارد بزنس ريفيو من خلال نشر رابط المقال أو الفيديو على أي من شبكات التواصل أو إعادة نشر تغريداتنا، لكن لا يمكن نسخ نص المقال نفسه ونشر النص في مكان آخر نظراً لأنه محمي بحقوق الملكية الدولية. إن نسخ نص المقال بدون إذن مسبق يعرض صاحبه للملاحقة القانونية دولياً.

جميع الحقوق محفوظة لشركة هارفارد بزنس ببليشنغ، بوسطن، الولايات المتحدة الأميركية 2024 .