الخوارزميات تحتاج كذلك إلى مدراء

11 دقيقة
الخوارزميات تحتاج كذلك إلى مدراء

هل تعلم أن الخوارزميات تحتاج كذلك إلى مدراء بالفعل؟ تقوم معظم الوظائف التي يؤديها المدراء على التنبؤ بمستقبل الأعمال. وعندما يقرر اختصاصيّو الموارد البشرية من يختارون للمنصب، فإنهم يتوقعون من سيكون الأكثر فعالية. وعندما يختار خبراء التسويق أي قنوات توزيع يجب استخدامها، فإنهم يتنبأون بالمكان الأفضل لبيع المنتج. وعندما يقرر المستثمرون المجازفون إن كانوا سيموّلون شركة حديثة ناشئة، فإن قرارهم يعتمد على توقعهم إن كانت ستنجح أم لا. لاتخاذ قرار بشأن هذه التوقعات التجارية التي لا تعد ولا تحصى وغيرها، تلجأ الشركات اليوم بصورة متزايدة إلى خوارزميات الكمبيوتر التي تؤدي عمليات تحليلية خطوة بخطوة بسرعة لا تصدق وعلى نطاق واسع.

تجعل الخوارزميات التنبؤات أكثر دقة لكنها تخلق أيضاً مخاطر متصلة بطبيعتها ذاتها، خصوصاً إذا لم نفهمها نحن البشر. وهناك أمثلة كثيرة على ذلك. عندما طرحت نتفليكس مسابقة بقيمة مليون دولار لتطوير خوارزمية يمكنها التعرف على الأفلام التي قد يرغب مستخدم معين بمشاهدتها، عملت مجموعة فرق من علماء البيانات معاً وصممت المنتج الفائز. ولكنه كان ينطبق على أقراص الفيديو الرقمية وبينما ينتقل مشاهدو نتفليكس إلى بث الأفلام التدفقي، تحولت تفضيلاتهم بطرق لا تتوافق مع توقعات الخوارزمية.

مثال آخر يأتي من وسائل التواصل الاجتماعي. تنشر العديد من المواقع اليوم خوارزميات لتحديد أي الإعلانات والروابط ستعرض للمستخدمين. عندما تركز هذه الخوارزميات بشكل ضيق للغاية على زيادة معدل النقر على رابط ما، تزدحم المواقع بمقالات متدنية الجودة مليئة “بفخاخ للنقر” على رابط معين. قد يرتفع معدل النقر على الروابط، ولكن ​​رضا العملاء بشكل عام قد ينخفض.

مثل هذه المشكلات ليست مسائل لا مهرب منها. في عملنا على تصميم الخوارزميات وتنفيذها وتحديد مصادر البيانات الجديدة مع مجموعة من المؤسسات، لاحظنا أن مصدر الصعوبة في كثير من الأحيان لا يكمن في وجود أخطاء في الخوارزميات؛ إنها أخطاء في الطريقة التي نتفاعل بها مع تلك الخوارزميات. لتجنب الأخطاء، يحتاج المدراء إلى فهم ما تُحسن الخوارزميات فعله، أي ما هي الأسئلة التي تجيب عليها وتلك التي لا تجيب عليها.

لماذا تقودنا الخوارزميات الذكية إلى الطريق الخطأ؟

تُظهر مجموعة متزايدة من الأدلة أن إضفاء الطابع الإنساني على الخوارزميات يجعلنا أكثر ارتياحاً في التعامل معها. قد يكون ذلك مفيداً إذا كنت، على سبيل المثال، تصمم وظيفة إجراء مكالمة تلقائية. صوت الشخص الحقيقي يشجع الناس على الاستماع له أكثر من الصوت الإلكتروني. ومع ذلك، فإن المشكلة الأساسية هي أن الناس يتعاملون مع الخوارزميات والآلات التي تديرها بالطريقة نفسها التي يعاملون بها موظفاً أو مشرفاً أو زميلاً. لكن الخوارزميات تتصرف بشكل مختلف تماماً عن البشر من ناحيتين مهمتين:

الخوارزميات تتصرف بحرفية تامة

في أحدث أفلام أفنجرز (Avengers)، اخترع توني ستارك، المعروف كذلك باسم الرجل الحديدي (أيرون مان) ألترون (Ultron)، وهو نظام ذكاء اصطناعي دفاعي مهمته حماية الأرض. ولكن ألترون يفسر المهمة حَرفياً، ويخلص إلى أن أفضل طريقة لإنقاذ الأرض هي التخلص من جميع البشر. من نواح عدة، يتصرف ألترون كخوارزمية نموذجية: إنه يفعل بالضبط ما يُطلب منه، ويتجاهل كل اعتبار آخر. تظهر المشكلة عندما لا ندير الخوارزميات بعناية.

تقع مواقع التواصل الاجتماعي التي تغرق فجأة في “فخاخ النقر” في ورطة مماثلة. كان هدفها العام واضحاً: توفير محتوى أكثر جاذبية وجذباً يشجع مشاركة المستخدمين. عند توصيلها بالخوارزمية، توصلت إلى مجموعة من الإرشادات التي بدا أنها حل جيد، بمعنى إيجاد العناصر التي سيقوم المستخدمون بالنقر عليها أكثر من غيرها. وهو ليس حلاً سيئاً: ينقر المستخدمون عادة على المحتوى لأنه يهمهم. لكن الاختيار فقط على أساس معدلات النقر يجعل المواقع تمتلئ بسرعة بمواد سطحية ومسيئة تلحق الضرر بسمعتها. سيفهم الإنسان أن مصممي المواقع أرادوا “تعظيم الجودة مقاسة بعدد النقرات”، وليس “زيادة النقرات إلى أقصى حد حتى وإن كان ذلك على حساب الجودة”. أما الخوارزمية فلا تفهم سوى ما يقال لها صراحة.

الخوارزميات هي صناديق سوداء

في مسرحية شكسبير يوليوس قيصر، قال العراف لقيصر: “احذر من إديس مارس” أو من يوم 15 مارس/آذار. كان التحذير واضحاً تماماً: على قيصر أن يحترس. ومع ذلك، لم يكن التحذير واضحاً كفاية. احترس من ماذا؟ ولماذا؟ فما كان من قيصر المحبط من هذه الرسالة الغامضة، إلا أن صرف العراف وقال: “إنه حالم؛ لنتركه وشأنه”. في الواقع، تبين أن منتصف مارس/آذار، هو اليوم الذي سيُقتل فيه قيصر. لكن المشكلة أن معلومات العراف لم تكن كاملة، ولم يكن هناك دليل على الحلقة المفقودة أو مدى أهمية تلك المعلومات.

مثل عراف شكسبير، غالباً ما تتمكن الخوارزميات من أن تتنبأ بالمستقبل بدقة كبيرة ولكنها لا تخبرك ما الذي سيتسبب بالحدث ولا لماذا. يمكن للخوارزمية قراءة كل مقالة في صحيفة نيويورك تايمز وإخبارك أي منها ستُشارك على الأرجح على تويتر دون أن تشرح بالضرورة سبب مبادرة المستخدمين لكتابة تغريدات عنها. تستطيع الخوارزمية إخبارك من هم الموظفون الذين يُرجح أن ينجحوا دون تحديد السمات الأكثر أهمية للنجاح.

إن التعرف على عنصري القصور هذين في الخوارزميات هو الخطوة الأولى لإدارتها بشكل أفضل. والآن دعونا نلق نظرة على الخطوات الأخرى التي يمكنك اتخاذها للاستفادة منها بشكل يحقق لك نجاحاً أفضل.

كن صريحاً حول كل أهدافك

لكل شخص أهداف وتوجيهات، لكننا نعلم أيضاً أن الغاية لا تبرر الوسيلة دائماً. نحن نتفهم أن هناك أهدافاً ومقايضات لينة (غالباً ما تكون غير معلنة). فقد نرفض القليل من الأرباح اليوم لتحسين سمعتنا في الغد. قد نسعى جاهدين لتحقيق المساواة، حتى وإن كانت مؤلمة بالنسبة للشركة على المدى القصير. أما الخوارزميات، فستتبع الهدف المحدد بحرفية. وأفضل طريقة لتخفيف ذلك هي أن تكون واضحاً تماماً بشأن كل ما تريد تحقيقه.

إذا كنت تهتم بالهدف الناعم، فأنت بحاجة إلى أن تقول ذلك وتحدده وتحدد مدى أهميته. وبما أنه يصعب قياس الأهداف اللينة، ضعها في رأس اهتماماتك عندما تتصرف بناء على نتائج توصلت إليها الخوارزمية.

ظهرت لدى جوجل (التي مولت بعض أبحاثنا حول مواضيع أخرى) مشكلة تتصل بهدف لين مع خوارزمية تحدد الإعلانات التي ستُعرض. اكتشفت الأستاذة من هارفارد لاتانيا سويني ذلك خلال عملها البحثي. وجدت أنه عندما يكتب المتصفح أسماء أميركية من أصل أفريقي مثل “لاتانيا فاريل” في خانة البحث لدى جوجل، تظهر له إعلانات تعرض تقصي إن كان لهذا الشخص ملف لدى الشرطة، ولكن ليس عند البحث عن أسماء أخرى مثل “كريستن هارينغ”. أدى هدف جوجل المحدد النهائي المتمثل في تعظيم النقرات على الإعلانات إلى وضع صارت فيه خوارزمياتها التي تحسنت من خلال التعليقات والملاحظات بمرور الوقت، تسيء في الواقع إلى سمعة الأشخاص الذين يحملون أسماء معينة. حدث ذلك لأن الأشخاص الذين بحثوا عن أسماء معينة كانوا ميالين للنقر على ملفات التوقيف، وهو ما أدى إلى زيادة تكرار ظهور هذه الملفات، ما أدى بدوره إلى إنشاء حلقة ذاتية التعزيز. ربما لم تكن هذه هي النتيجة المقصودة، ولكن في غياب هدف لين، لم تكن هناك آلية لتوجيه الخوارزمية لتفاديها.

لقد رأينا مؤخراً أهمية الأهداف اللينة في العمل. كان أحدنا يعمل في مدينة على الساحل الغربي لتحسين كفاءة عمليات تفتيش المطاعم. على امتداد عقود، كانت المدينة تفعل ذلك عشوائياً في الغالب ولكن تكرر عمليات التفتيش بوتيرة أكبر في الأماكن التي سجلت سابقاً مخالفات. مع أن اختيار المؤسسات التي يجب فحصها هي وظيفة مثالية للخوارزميات. لقد وجدت الخوارزمية التي طورناها العديد من المتغيرات التي تساعدها على التنبؤ، وليس فقط المخالفات السابقة. وكانت النتيجة أن تمكنت وزارة الصحة من تحديد المخالفين المحتملين بسهولة أكبر ومن ثم كشف المخالفات الفعلية مع إجراء عدد أقل من عمليات التفتيش.

أحب المسؤولون فكرة تحسين كفاءة العملية وأرادوا المضي قدماً نحو التنفيذ. سألنا إذا كان هناك أي أسئلة أو مخاوف. بعد صمت ثقيل، رفعت موظفة يدها وقالت: “لا أعرف كيف أطرح الأمر. ولكن هناك مشكلة يجب أن نناقشها”. أوضحت احتمال حدوث مخالفات أعلى في بعض الأحياء الأكثر اكتظاظاً. وصادف أن هذه الأحياء تعيش فيها غالبية من الأقليات ذوي الدخل المنخفض. لم تشأ أن تستهدف الخوارزمية هذه الأحياء بشكل مفرط، وعبرت بذلك عن هدف لين يتعلق بالإنصاف. كان حلنا البسيط هو دمج هذا الهدف في الخوارزمية عن طريق تحديد سقف لعدد عمليات التفتيش داخل كل منطقة. سيحقق ذلك الهدف المحدد النهائي، بالتعرف على المطاعم التي يحتمل أن تعاني من مشكلات، مع مراعاة الهدف اللين الذي يضمن عدم التحيز ضد الأحياء الفقيرة.

لاحظ الخطوة الإضافية التي سمحت لنا بمراعاة الهدف اللين: إعطاء الجميع فرصة للتعبير عن أي مخاوف. نجد أن الناس غالباً ما يصفون الأهداف اللينة على شكل مخاوف، لذا يسهل التشجيع على الحديث عنها صراحة وإجراء نقاش مثمر وأكثر انفتاحاً. من المهم أيضاً إفساح المجال أمام الناس للتعبير عن رأيهم بصراحة، وهو شيء قد لا يفعلونه بصورة اعتيادية. يمكن لهذا النهج أن يُظهر إلى السطح مجموعة متنوعة من القضايا، لكن تلك التي تتكرر أكثر من غيرها ترتبط بالإنصاف ومعالجة المواقف الحساسة.

مع هدف أساسي وقائمة من المخاوف والمحاذير في متناول اليد، يمكن لمصمم الخوارزمية بناء المفاضلات. غالباً ما يعني ذلك توسيع الهدف ليشمل نتائج متعددة، موزونة تبعاً لأهميتها.

الحد من قصر النظر

كانت شركة للسلع الاستهلاكية المعلبة تشتري منتجاتها بسعر رخيص من الصين وتبيعها في الولايات المتحدة. واختارت هذه المنتجات بعد تشغيل خوارزمية تنبأت بتلك التي ستحظى بإقبال أكثر من غيرها. وهذا ما حدث، إذ نجحت الشركة في بيع المنتجات وسارت العملية بشكل سلس، حتى بدأ العملاء بعد عدة أشهر في إرجاع ما اشتروه.

كان معدل الإعادة المرتفع والمطرد مفاجئاً للشركة، على الرغم من أنه كان متوقعاً (حتى وإن فشلت الخوارزمية في التنبؤ به). من الواضح أن الشركة اهتمت بجودة المنتج، لكنها لم تترجم هذا الاهتمام في الخوارزمية لكي تتوقع بعناية رضا المستهلك؛ بدلاً من ذلك، طلبت من الخوارزمية التركيز بشكل ضيق على المبيعات. في نهاية المطاف، كان النهج الجديد الذي اتبعته الشركة هو الحرص على التنبؤ ليس فقط بمعدلات البيع وإنما كذلك بعدد الناس الذين سيستمتعون بمنتجاتهم وسيحتفظون بها. تبحث الشركة الآن عن العروض التي سوف يستمتع بها العملاء على أمازون وغيرها من المنصات، وقد انخفض معدل مرتجعات المنتج لديها.

واجهت هذه الشركة مشكلة شائعة في التعامل مع الخوارزميات: فالخوارزميات قصيرة النظر في الإجمال. وهي تركز على البيانات المتوفرة، وغالباً ما تتعلق تلك البيانات بالنتائج قصيرة الأجل. يمكن أن يكون هناك نزاع بين تحقيق النجاح على المدى القصير والأرباح طويلة الأجل وأهداف الشركة الأوسع. البشر يفهمون هذا ضمناً: أما الخوارزميات فلا تفعل ذلك ما لم تخبرها به.

يمكن حل هذه المشكلة في مرحلة تحديد الأهداف من خلال تعريف الأهداف طويلة المدى وتحديدها. ولكن عند العمل وفقاً لتوقعات الخوارزمية، يجب على المدراء أيضاً مواءمة الأمر مع مدى توافق الخوارزمية مع الأهداف طويلة المدى.

قصر النظر هو أيضاً سمة الضعف الأساسية للبرامج التي تنتج محتوى منخفض الجودة من خلال السعي إلى زيادة معدل النقر على رابط ما. تعمل الخوارزميات على الاختيار الأمثل من أجل تحقيق الهدف الذي يمكن قياسه في الوقت الحالي، إذا كان المستخدم سينقر على رابط، دون اعتبار الهدف الأطول مدى والأكثر أهمية وهو إبقاء المستخدمين راضين عن تجربتهم على الموقع.

بالمثل، يمكن أن يشكل قصر النظر مشكلة في حملات التسويق. لننظر إلى حملة إعلانات عادية لشركة غاب على جوجل. من المحتمل أن يؤدي ذلك إلى زيادة كبيرة في زيارة موقع غاب لأن خوارزمية جوجل جيدة في التنبؤ بمن سينقر فوق الإعلان. المشكلة هي أن الهدف الحقيقي هو زيادة المبيعات، وليس زيادة زيارات الموقع. لمعالجة هذا الأمر، يمكن للمنصات الإعلانية جمع بيانات المبيعات من خلال مجموعة متنوعة من القنوات، مثل الشراكات مع أنظمة الدفع ودمجها في خوارزمياتها.

ماذا بعد؟ زيارات الموقع تمثل سلوكاً قصير الأجل، في حين أن التأثير طويل الأجل للإعلانات يتضمن التأثيرات النهائية على صورة العلامة التجارية وتكرار عمليات الشراء. بينما يصعب العثور على بيانات مثالية عن هذه التأثيرات، إلا أن عمليات تدقيق البيانات المتأنية يمكن أن تساعد كثيراً. يجب على المدراء إدراج جميع البيانات الداخلية والخارجية التي قد تكون ذات صلة بالمشروع قيد البحث. من خلال الحملة على جوجل، يمكن أن يبدأ مسوقو غاب بتحديد جميع أهدافهم: مبيعات مرتفعة ومرتجعات منخفضة وسمعة طيبة وما إلى ذلك؛ ومن ثم تحديد طرق لقياس كل منها. ستكون المرتجعات والآراء المنشورة على الانترنت، وعمليات البحث عن كلمة “غاب” مقاييس رائعة. ومن ثم يمكن لأفضل خوارزمية بناء التوقعات من مجموعة من كل هذه الميزات، مع معايرة أهميتها النسبية.

اختر مدخلات البيانات الصحيحة

لنعد إلى مثال الهيئات الصحية التي تحاول تحديد المطاعم التي يمكن أن يتعرض روادها لخطر الإصابة بأمراض تنتقل عبر الطعام. كما ذكرنا سابقاً، قامت المدن تاريخياً بتفتيش المطاعم إما بشكل عشوائي أو على أساس نتائج فحص سابق. من خلال العمل مع خدمة يلب (Yelp) التي تنشر مراجعات تقييمية وآراء حول شركات الأعمال، ساعد أحدنا مدينة بوسطن على استخدام المراجعات التقييمية عبر الإنترنت لتحديد المطاعم التي يحتمل أن تنتهك اللوائح الصحية المحلية، وتصميم خوارزمية تقارن نصوص المراجعات ببيانات التفتيش السابقة. من خلال تطبيقها، تعرفت المدينة على عدد الانتهاكات نفسه كالمعتاد، ولكن مع عدد من المفتشين أقل بنسبة 40%، ما عنى تحسناً هائلاً في الكفاءة.

لقد نجحت هذه الطريقة بشكل جيد ليس فقط لأنه كان لدينا الكثير من المطاعم للنظر فيها ولكن لأن تقييمات يلب قدمت مجموعة رائعة من البيانات، وهو أمر لم توله المدن الكثير من التفكير. تحتوي مراجعة تقييمية لدى يلب على العديد من الكلمات ومجموعة متنوعة من المعلومات. البيانات متنوعة أيضاً، لأنها مستمدة من مصادر مختلفة. باختصار، إنها مختلفة تماماً عن البيانات التي اعتاد مفتش المدينة إعدادها والعودة عليها.

عند اختيار مصادر البيانات المناسبة، ضع في اعتبارك ما يلي:

المصادر الأوسع أفضل

غالباً ما تقع الشركات في كثير من الأحيان في فخ الاعتقاد بأن البيانات الضخمة هي مجرد عدد كبير من السجلات، على سبيل المثال النظر إلى بيانات مليون عميل بدلاً من عشرة آلاف. ولكن هذا ليس سوى جزء من الأمر. تخيل بياناتك منظمة في جدول، مع صف لكل عميل. عدد العملاء يمثل طول الجدول، فيما يمثل العرض ما تعرفه عن كل عميل، أو عدد الميزات المسجلة في كل صف. وتؤدي زيادة طول البيانات إلى تحسين تنبؤاتك، إلا أن القوة الكاملة للبيانات الضخمة تأتي من جمع بيانات واسعة. الاستفادة من المعلومات الشاملة هي في صميم التنبؤ. كل تفصيل إضافي تعرفه حول النتيجة يشبه إضافة فكرة أخرى، ويمكن دمجها مع أفكار جمعتها بالفعل. تعد المستندات النصية مصدراً رائعاً للبيانات الواسعة، على سبيل المثال حيث كل كلمة تمثل فكرة.

التنوع مهم

النتيجة الطبيعية لذلك هي أن البيانات يجب أن تكون متنوعة، بمعنى أن مصادر البيانات المختلفة يجب ألا تكون مترابطة نسبياً مع بعضها البعض. من هنا تُستمد القوة التنبؤية الإضافية. وتعامل مع كل مجموعة بيانات كتوصية من صديق. إذا كانت مجموعات البيانات متشابهة جداً، فلن يكون هناك مكسب هامشي كبير من كل مجموعة إضافية. ولكن إذا كان لكل مجموعة بيانات منظور فريد، فستكون القيمة التي ستحصل عليها أكبر بكثير.

فهم حدود الخوارزمية

معرفة ما لا يمكن أن تخبرك به الخوارزمية لا يقل أهمية عن معرفة ما يمكنها فعله. من السهل الاستسلام للاعتقاد الخاطئ بأن التنبؤات المتصلة بسياق ما ستنطبق جيداً وعلى قدم المساواة في سياق آخر. هذا ما حال دون تحقيق نتفليكس فائدة أكبر من المسابقة التي نظمتها في 2009: الخوارزمية التي تتنبأ بدقة أي أقراص فيديو (DVD) سيطلبها شخص عبر البريد كانت بعيدة عن اختيار الأفلام التي سيرغب المشتركون في البث التدفقي مشاهدتها. استفادت نتفليكس من المسابقة فحصلت على أفكار ودعاية جيدة، لكن البيانات التي جمعتها عن أقراص الفيديو لم تنطبق على البث التدفقي.

تستخدم الخوارزميات البيانات المتوفرة للتنبؤ بما قد يحدث عندما نعمل في بيئة مختلفة قليلاً أو لدى مجموعة سكانية أو خلال وقت أو مسألة مختلفة قليلاً. في الجوهر، أنت تنقل أفكاراً تنطلق من سياق ما إلى سياق آخر. لذلك، من الحكمة سرد الأسباب التي تجعل الخوارزمية غير قابلة للنقل والاستخدام في سياق مشكلة جديدة وتقييم معنى تلك الأسباب. على سبيل المثال، قد تكون خوارزمية مخالفة الأنظمة الصحية استناداً إلى المراجعات النقدية للمطاعم والمخالفات السابقة في بوسطن أقل فاعلية في أورلاندو، حيث الطقس أكثر سخونة وبالتالي تواجه المطاعم مشكلات مختلفة تتعلق بسلامة الأغذية.

تذكر أيضاً أن وجود علاقة ما لا يعني وجود علاقة سببية. لنفترض أن الخوارزمية تتنبأ بأن التغريدات القصيرة سيُعاد تغريدها أكثر من التغريدات الأطول. هذا لا يعني بأي حال من الأحوال أن عليك تقصير تغريداتك. هذا تنبؤ وليس نصيحة. إنه بمثابة تنبؤ لأن هناك العديد من العوامل الأخرى التي ترتبط بالتغريدات القصيرة وتجعلها فعالة. وهذا أيضاً هو سبب فشل التنبؤ كنصيحة: لن يؤدي تقصير التغريدة بالضرورة إلى تغيير تلك العوامل الأخرى.

لننظر إلى تجارب إيباي التي ظلت تعلن من خلال جوجل لسنوات. رأى موقع إيباي أن الأشخاص الذين شاهدوا هذه الإعلانات كانوا أكثر ميلاً للتسوق عبره من الأشخاص الذين لم يروها. ما لم تره الشركة هو ما إذا كانت الإعلانات (التي كانت تُعرض ملايين المرات) هي التي كانت تتسبب في وصول الأشخاص إلى موقعها. في النهاية، عُرضت الإعلانات عمداً لمتسوقي إيباي المحتملين. لفصل الترابط عن العلاقة السببية، أجرت إيباي تجربة كبيرة استهدفت من خلالها بإعلاناتها بشكل عشوائي بعض الأشخاص وليس آخرين. فما كانت النتيجة؟ اتضح أن الإعلانات كانت في الغالب غير مجدية، لأن الأشخاص الذين رأوها كانوا يعرفون بالفعل عن موقع إيباي وكانوا سيقصدونه للتسوق على أي حال.

لا تُغني قدرة الخوارزميات على التنبؤ عن الحاجة للتأني عند استخلاص الروابط بين السبب والنتيجة؛ فهي ليست بديلاً عن التجارب العلمية التي تجري في سياق مراقب. لكن ما يمكنها فعله قوي للغاية: تحديد أنماط دقيقة للغاية بحيث يتعذر اكتشافها بواسطة الملاحظة البشرية واستخدام تلك الأنماط لتكوين رؤى دقيقة وتوفير معلومات مستنيرة تسهم في تحسين عملية اتخاذ القرارات. التحدي الذي يواجهنا يكمن في فهم مخاطرها وحدودها، لذلك فإن الخوارزميات تحتاج كذلك إلى مدراء ومن خلال الإدارة الفعالة وإطلاق العنان لقدراتها الرائعة.

اقرأ أيضاً:

 

تنويه: يمكنكم مشاركة أي مقال من هارفارد بزنس ريفيو من خلال نشر رابط المقال أو الفيديو على أي من شبكات التواصل أو إعادة نشر تغريداتنا، لكن لا يمكن نسخ نص المقال نفسه ونشر النص في مكان آخر نظراً لأنه محمي بحقوق الملكية الدولية. إن نسخ نص المقال بدون إذن مسبق يعرض صاحبه للملاحقة القانونية دولياً.

جميع الحقوق محفوظة لشركة هارفارد بزنس ببليشنغ، بوسطن، الولايات المتحدة الأميركية 2024 .