ما الذي يجعل الخطاب الترويجي ناجحاً؟

4 دقائق
الخطاب الترويجي
ملخص: الخطاب الترويجي الناجح هو عملية متوازنة يمكن تعديلها وفقاً للتيارات الحاضرة في القاعة. توصلت دراسة استقصائية أجريت مؤخراً لآراء قراء مجلة هارفارد بزنس ريفيو إلى أنه، في هذه المنظومة على الأقل، من الضروري أن تفهم الحاضرين الذين توجه الخطاب إليهم إلى جانب موضوع الخطاب نفسه. ما هو السبب؟ كلما ارتفعت مراتب الحاضرين الوظيفية قلّت أهمية اعتمادك على مجموعة شرائح العرض وازدادت أهمية الاستعداد لتحويل خطابك إلى نقاش يظهر الشغف الحقيقي لدى فريقك تجاه التحدي أو المشكلة التي يواجهها الحاضرون ومرونته في التوصل إلى حلول مبتكرة معهم.

 

يعتبر إلقاء خطاب ترويجي لمشروع أو شركة جديدة لحظة حاسمة بالنسبة لكثير من الفرق. وبما أنك تريد الفوز في خطابك الترويجي فستعمل على تحضير مجموعة شرائح عرض تضم معلومات مفصلة وتصف أوراق اعتمادك وقدراتك ونجاحاتك السابقة (من خلال دراسات الحالة)، وستختار الشخص الذي يتمتع بأفضل المهارات في إلقاء العروض التقديمية ليقدم كل هذه المعلومات في الخطاب، وقد يكون هذا الشخص هو قائد الفريق أو الشركة. أليس كذلك؟ لا، هذا خطأ.

الخطاب الترويجي الناجح هو عملية متوازنة يمكن تعديلها وفقاً للتيارات الحاضرة في القاعة. توصلت دراسة استقصائية أجريت مؤخراً لآراء قراء مجلة هارفارد بزنس ريفيو إلى أنه، في هذه المنظومة على الأقل، من الضروري أن تفهم الحاضرين الذين توجه الخطاب إليهم إلى جانب موضوع الخطاب نفسه. لم تكن هذه النتائج مفاجئة جداً إلى أن تحرينا أسبابها، علمنا أنه كلما ارتفعت مراتب الحاضرين الوظيفية قلّت أهمية اعتمادك على مجموعة شرائح العرض وازدادت أهمية الاستعداد لتحويل خطابك إلى نقاش يظهر الشغف الحقيقي لدى فريقك تجاه التحدي أو المشكلة التي يواجهها الحاضرون ومرونته في التوصل إلى حلول مبتكرة معهم.

دراستنا الاستقصائية

في شهر يناير/كانون الثاني من العام 2020 نشرنا دراسة استقصائية عبر الإنترنت من أجل الحصول على معلومات من المدراء الذين يستمعون إلى كثير من الخطابات الترويجية، وسألناهم عن أكثر ما يثمنونه وأقلّ ما يهتمون به فيها. كما طلبنا أن يحدد كل منهم نوعه الاجتماعي وما إذا كان من صناع القرار المبتدئين أو في المستوى المتوسط أو في المناصب التنفيذية. واستلمنا أجوبة أكثر من 1,800 مشارك. كان 75% من المشاركين الذين حددوا نوعهم الاجتماعي ذكوراً و25% منهم إناثاً. وكان 12% من الذين حددوا مستوى دورهم الإداري مبتدئين، و37% منهم في المستوى المتوسط و51% منهم في المستوى التنفيذي الأعلى. بلغ مجموع الخبرة التراكمية لجميع المشاركين في الدراسة على مدى العام 2019، 10,000 خطاب ترويجي.

إليك ما تعلمناه منهم:

الدرس الأول: اجمع ما يجب من الحقائق، لكن اعلم أن خبرتك ذات الصلة هي أكثر ما يهم التنفيذيين.

كلما ارتفعت مراتب الحاضرين الذين توجه الخطاب إليهم كان عليك الإسراع أكثر في تحويل الخطاب إلى نقاش مرتجل يوضح خبرتك ذات الصلة وأهميتها في التوصل إلى حلّ للتحدي الذي يواجهونه. اصغ بإمعان ورتب معلوماتك وخبراتك وفقاً لما تسمعه. أما إذا كان الحاضرون من المدراء في مراتب أدنى يكون الأهم هو أن تظهر إلمامك التامّ بالحقائق استناداً إلى إجراء البحث اللازم مسبقاً.

الدرس الثاني: تجنب الخطابات الترويجية التي يتحدث فيها شخص واحد فقط.

أخبرنا المشاركون في الدراسة الاستقصائية على اختلاف مستوياتهم الإدارية أن الفريق الذي يلقي خطاباً ترويجياً ويتمتع أفراده بانسجام كبير فيما بينهم يكون جديراً بالثقة أكثر بكثير من شخص واحد في منصب إداري مرموق يلقي الخطاب بمفرده. لكن فكر ملياً قبل أن تشرك أشخاصاً يلتزمون الصمت أو لا يملكون خبرة واضحة، فمن الضروري أن يؤدي اشتراك فريقك في الخطاب إلى تعزيز خبراتك لا إضعافها. بطبيعة الحال، عندما يكون من يلقي الخطاب مسؤولاً في منصب إداري مرموق يتمتع بخبرة في جميع المجالات ذات الصلة بموضوع الخطاب ويستمع بإمعان إلى الحاضرين ويستطيع كسب ثقتهم (أو ربما يكون قد كسبها من قبل)، فسيتفوق على فريق لا يستمع وغير قادر على تطبيق مجموع خبرات أفراده على مخططات أهداف الحاضرين.

الدرس الثالث: كن شغوفاً بالمشكلة وليس بمنتجك فقط.

عدا عن الخبرات والحقائق، الشغف بموضوع الخطاب كان من أهم السمات التي سلط المشاركون في دراستنا الاستقصائية الضوء عليها. “أريد أن أشعر بطاقتهم في الخطاب. والجانب الأساسي الآخر هو الإلمام بكل التفاصيل. هل يتقنون الأمر حقاً.. أم أن خبرتهم فيه سطحية؟” هذا ما كتبه أحد كبار المسؤولين التنفيذيين المشاركين في الدراسة الاستقصائية.

لكن يجب على الشغف أي يتجاوز المنتج، قال مشارك آخر: “أرغب في سماع ما يقولونه عني أنا، وليس عن أنفسهم”. العبرة هنا هي أنه إذا كنت ستلقي خطاباً، يجب أن تبدي شغفاً تجاه من توجه الخطاب إليهم أيضاً بقدر الشغف الذي تبديه تجاه منتجك.

الدرس الرابع: أصغِ بإمعان وجاوب بحذر.

لا يرغب كثير من صناع القرار في أن “تُلقى” عليهم خطابات ترويجية، بل يرغبون في الاستماع إلى من يلقيها وطرح الأسئلة عليه وفهم وجهة نظره حول مشكلتهم قبل سماع أي شيء عن الحلّ الذي يعرضه عليهم. وكلما ارتفعت مناصب الحاضرين ازدادت رغبتهم في أن يخوضوا نقاشات معك وأن تصغي إليهم وتوضح رأيك في مشكلتهم. كتب أحد المسؤولين التنفيذيين المشاركين في الدراسة الاستقصائية: “أتمنى لو أنهم يستمعون أكثر ويتكلمون أقل”. وكتب آخر: “استمع إليّ واطرح أسئلة تتعلق بأهدافي”.

يصعب على أي أحد مهما كان محنكاً في إلقاء الخطابات أن يجد نفسه في غرفة واحدة مع شخص أو مجموعة أشخاص قادرين على تحديد جودة مستقبله العاجل من دون أن يدافع عنه بقوة. ومن الطبيعي أن ترغب في قيادة النقاش وتوضيح السبب الذي يستدعي فوزك فيه وإثباته. ولأن أصحاب العمل والمستثمرين والمبتكرين جميعاً يرغبون في أن يفهم صانع القرار قصة ما يجعل عرضهم رائعاً بأكملها، فمن غير المقبول لديهم أن يتوقفوا عن الكلام. لكن الحاضرين لا يرغبون في معرفة مزيد من المعلومات عنك، بل يريدون منك الاستماع أكثر إلى معلومات عنهم في أثناء خطابك الترويجي وجعل عرضك الرائع قابلاً للاستخدام مباشرة وضرورياً من أجل تحقيق أهدافهم، وكل ذلك على نحو مرتجل ومباشر.

الفوز في الخطاب الترويجي

في أهم الخطابات الترويجية التنافسية تكون خبرتك وإلمامك التام بالحقائق عاملين أساسيين ويجب إظهارهما سريعاً، لأن صناع القرار يرغبون في فوز صاحب الخطاب الخبير. ومع ذلك، أقول من منطلق خبرتي الشخصية إن معظم من يلقون خطابات ترويجية لديهم نموذج لخطاب كان ينبغي أن يفوزوا فيه لكن لم يحدث ذلك. والسبب في أغلب الأحيان هو أن أصحاب كلّ هذه الخطابات حققوا شرط الخبرة والإلمام التام بالحقائق اللازم لحلّ مشكلات الحاضرين، وهذا هو السبب الأساسي لدعوتهم إلى إلقاء الخطاب في المقام الأول، هو ثمن الدخول والثمرة سهلة المنال والقاسم المشترك، لكن الانتباه إلى العوامل الأخرى هو العامل الحاسم.

وبذلك يكون الفرق بين الفائزين والخاسرين من أصحاب الخطابات هو التفاعل بين أفراد فريقك الذي يلقي الخطاب وتفاعلهم المتبادل مع الحاضرين في آن معاً. وهو تعاطفك مع الحاضرين وشغفك بمواجهة التحدي معهم وقدرتك على الاستماع والتحدث على نحو مباشر وتطبيق خبراتك في أثناء الخطاب. وهو الجو الذي تخلقه في القاعة، أي أن تقدم نفسك على أنك طرف يرغب الحاضرون بالانضمام إليه وأن تعرف كيف تفاجئهم وتسرهم وتدفعهم للتفاعل مع ما تتفرد به من خبرات وقدرة على حلّ المشكلات، وكل ذلك في أثناء الخطاب.

إلقاء الخطابات الترويجية ليس علماً ينطوي على حقائق مطلقة، لكن هذه الدراسة الاستقصائية تدعم أهمية تعلم طريقة فهم الحاضرين في القاعة بمجرد دخولك إليها. هل جمهورك يتألف من مدراء مبتدئين أم متوسطين أم من كبار التنفيذيين؟ سيدلك ما تراه على التعديلات اللازمة على خطابك كي يلبي ما يريده الحاضرون ويثمنونه.

تنويه: يمكنكم مشاركة أي مقال من هارفارد بزنس ريفيو من خلال نشر رابط المقال أو الفيديو على أي من شبكات التواصل أو إعادة نشر تغريداتنا، لكن لا يمكن نسخ نص المقال نفسه ونشر النص في مكان آخر نظراً لأنه محمي بحقوق الملكية الدولية. إن نسخ نص المقال بدون إذن مسبق يعرض صاحبه للملاحقة القانونية دولياً.

جميع الحقوق محفوظة لشركة هارفارد بزنس ببليشنغ، بوسطن، الولايات المتحدة الأميركية 2024 .