تقرير خاص

تنامي الاهتمام بتطبيق استراتيجيات الحوكمة البيئية والاجتماعية والمؤسسية وقياس نجاحها

3 دقائق
الحوكمة البيئية والاجتماعية والمؤسسية
shutterstock.com/ArtemisDiana
استمع الى المقالة الآن هذه الخدمة تجريبية
Play Audio Pause Audio

بات الاستثمار المسؤول، والذي يطبق في أحد أوجهه عبر الالتزام بمعايير “الحوكمة البيئية والاجتماعية والمؤسسية”، يمثل حاجة وتوجهاً سائداً. فتنامي الرغبة في تبني معايير الحوكمة البيئية والاجتماعية والمؤسسية إنما يعكس مدى الضغوط التي تتعرض لها الشركات من قبل أصحاب المصلحة الذين يتطلعون إلى أن يكونوا مثالاً لمواطن عالمي مسؤول.

ما زالت مسألة صياغة استراتيجيات الحوكمة البيئية والاجتماعية والمؤسسية، والتي تشمل تقييم ومعالجة المشكلات التي تؤثر في عمليات وممارسات الشركة وقيمتها، تمثل تحدياً بالنسبة إلى الشركات.

وقد أجرى أسبوع أبوظبي للاستدامة، الذي تستضيفة شركة “مصدر”، وبالشراكة مع “هارفارد بزنس ريفيو” دراسة استقصائية حول معايير الحوكمة البيئية والاجتماعية والمؤسسية، في محاولة لفهم الطرق التي تتبعها الشركات لتطبيق استراتيجيات الحوكمة.

وأشارت الدراسة إلى تنامي الاهتمام بالحوكمة البيئية والاجتماعية والمؤسسية، فقد نوه 83% من المشاركين في الاستقصاء الذي شملته الدراسة إلى أن شركاتهم سوف تستثمر  بشكل أكبر في مبادرات تتعلق بالحوكمة على مدى الأشهر الـ 12 القادمة. وحينما سئل المشاركون حول الأنشطة الخاصة بالحوكمة البيئية والاجتماعية والمؤسسية، أوضح 27% منهم أنه ليس لدى شركاتهم استراتيجية حوكمة رسمية، في حين أقر 10% آخرين أنهم لا يعملون على تحسين معايير الحوكمة في هذه المرحلة. وتأتي مسألة تحسين سمعة العلامة التجارية على رأس الأهداف المرجوة من الاستثمار في معايير الحوكمة حسب 61% من المشاركين، لكن لم تنجح إلا نسبة 55% منهم في ذلك حتى الآن.

وتشير هذه النتائج إلى المرحلة التي وصلت إليها العديد من الشركات في رحلتها لتبني معايير الحوكمة. وعلى الرغم من اعتبارها مقياساً مهماً لتلبية توقعات أصحاب المصلحة، فإن تحديد الأولويات وتطوير استراتيجية حوكمة متكاملة ما زالت في مراحلها المبكرة. ولا شك في أن السبّاقين إلى تبني هذه المعايير سيحظون بفرصة استقطاب شراكات ومواهب واستثمارات جديدة، وتحقيق عوائد وفوائد بشكل أسرع من الذين تأخروا عن دخول هذا المجال.

ويعد اختيار الشخص المناسب لقيادة عملية تطبيق استراتيجية الحوكمة أمراً مهماً لنجاحها. وتشير الدراسة إلى أن 33% من المشاركين يعتقدون أن الرئيس التنفيذي هو الذي يجب أن يشرف على هذه المهمة، في حين يعتقد 23% منهم أنه يجب تولي المهمة من قبل فريق من مختلف التخصصات.

فعلى المدى القصير، من المرجح أن يتولى الرئيس التنفيذي أو أي عضو من الإدارة التنفيذية مسؤولية تنفيذ استراتيجية الحوكمة، على غرار تنفيذ أي رؤية أو مهمة والذي يبدأ من أعلى هرم الشركة. وقد نشهد مع مرور الوقت نشوء منصب “الرئيس التنفيذي للحوكمة البيئية والاجتماعية المؤسسية”، والذي يجب أن يتولاه من يمتلكون خبرة واسعة في تقييم ومعالجة المشكلات ضمن مختلف أقسام الشركة. وسيكون بإمكان هؤلاء توظيف خبراتهم في مجال الحوكمة التي اكتسبوها من قطاعات مختلفة وتطبيق أنشطة مؤثرة جرى تجريبها واختبارها. وخلال مرحلة التطبيق، سوف تقوم وكالات خارجية بدور مهم  من حيث توفير استشارات مستقلة، لكن يبقى تحقيق النتائج المرجوة يتطلب شخصية قيادية من داخل الشركة.

ومن الممكن أن تؤدي الشركات الاستشارية دوراً بازراً من حيث قياس أداء الشركة في تطبيق معايير الحوكمة والمصادقة عليه. وبحسب الدراسة، يمثل قياس الأداء أمراً مهماً بالنسبة إلى 42% من المشاركين في الاستقصاء، حيث أكدوا أن ذلك كان يمثل أكبر تحدٍ واجهوه عند تطبيق ممارسات الحوكمة البيئية والاجتماعية المؤسسية.

يمكن معالجة مشكلة القياس وإثبات القيمة من خلال اعتماد نهج موحد لكيفية قياس أداء أنشطة الحوكمة، ومن شأن ذلك أن يخلق نوعاً من التنافس، حيث ستعمد الشركات إلى قياس نجاحها بالنظر إلى أداء منافسيها.

وبالإمكان تحقيق ذلك من خلال تكرار ذات العمليات التي تبنتها شركات أخرى، وهو ما قد يؤسس لنوع من التقييم والتدقيق المستقل. ومن خلال العمل مع جهة ثالثة مستقلة ضمن فترة محددة، سيكون بإمكان الشركات الحصول على تقييم بخصوص تطبيق معايير الحوكمة، ما يتيح لأصحاب المصلحة الاطلاع من كثب على الجهود المبذولة من أجل ضمان العمل وفق معايير مسؤولة، بالإضافة إلى أن الحصول على تقييم عالٍ يعكس مدى جودة الشركة ومكانتها في السوق.

ومن شأن إجراء عملية التقييم من قبل جهة مستقلة أن يتيح للشركات الحصول على توصيات وملاحظات بشكل دوري، ما يمكّنها من تشكيل صورة أوضح حول عناصر الاستراتيجية الفعالة وتلك التي تحتاج إلى تحسين. ومن شأن الجمع بين تبني هذا النهج ووجود رئيس تنفيذي متخصص في الحوكمة، أن يفضي إلى تعزيز فعالية استراتيجية الحوكمة الخاصة بالشركة، ورفع قيمة العلامة التجارية، وتحسين نظرة الشركاء للشركة.

هناك توجه واضح من الشركاء وأصحاب المصلحة للمطالبة بضرورة تبني الشركات لاستراتيجية للحوكمة البيئية والاجتماعية والمؤسسية، وقد حان الوقت لتبني هذا النهج.

تنويه: يمكنكم مشاركة أي مقال من هارفارد بزنس ريفيو من خلال نشر رابط المقال أو الفيديو على أي من شبكات التواصل أو إعادة نشر تغريداتنا، لكن لا يمكن نسخ نص المقال نفسه ونشر النص في مكان آخر نظراً لأنه محمي بحقوق الملكية الدولية. إن نسخ نص المقال بدون إذن مسبق يعرض صاحبه للملاحقة القانونية دولياً.

جميع الحقوق محفوظة لشركة هارفارد بزنس ببليشنغ، بوسطن، الولايات المتحدة الأميركية 2024 .