عندما عملت لمى* مسؤولة تنفيذية في إحدى الشركات التقنية، اشتُهرت أيضاً بصفتها خبيرة متخصصة. وكانت واثقة بعد تسريحها في شهر ديسمبر/كانون الأول أن مهاراتها ستجعلها شخصاً مطلوباً في السوق وأنها ستحصل على وظيفة جديدة في غضون أسابيع. لكن مضت 3 أشهر وهي لا تزال تبحث عن فرصتها التالية وتفقد ثقتها في مهاراتها وقدراتها مع كل رفض.

وقد يصعب عليك تذكّر كل نجاحاتك المهنية والحفاظ على تفاؤلك عندما ترهقك رحلة البحث عن عمل. وفيما يلي 5 طرق لتجاوز حالة التنافر المعرفي المتمثّلة في حاجتك إلى عرض نفسك وقدراتك على مؤسسة محتملة من جهة وفقدانك ثقتك بنفسك من جهة أخرى.

اكتب 10 أسباب لنجاحك واقرأها كل صباح

قد تساعدك كتابة قائمة بالإنجازات على تغيير أنماط التفكير السلبية التي تقوّض ثقتك بنفسك، لكن لا تكتفِ بمجرد كتابتها، بل اقرأها كل صباح لتغيّر تفكيرك عن نفسك وعن رحلة البحث عن عمل التي تخوضها، وبدلاً من أن تحصر تركيزك على الأمور التي تجعلك تشعر بالسوء حيال البطالة والرفض المستمر، ركّز على الحقائق التي تعرفها. ما الذي جعلك شخصاً ناجحاً في بيئات عملك السابقة؟ ما الذي جعلك الشخص الذي يلجأ إليه الزملاء عندما يواجهون مشكلة صعبة؟ ما المهارات التي تمتلكها وكيف تستخدمها لصالحك؟ على سبيل المثال:

يمكنني بناء علاقات قائمة على الثقة في أماكن العمل لاعتماد الزملاء عليّ في حل المشكلات الحساسة.

أحظى بالثناء على أدائي كل عام، وتحديداً لقدرتي على مواءمة احتياجات أصحاب المصالح.

قد يُفيد اعترافك بالحقيقة بشأن مهاراتك وقدراتك في إنكار أي حديث غير مفيد مع النفس، لأن إنكار الحقيقة ليس بالأمر السهل.

ضع أهدافاً يومية وأسبوعية

قد تنجح في تحديد الأهداف المهنية التي تحاول تحقيقها كل يوم أو أسبوع أو شهر عندما تكون على رأس عملك بالفعل، لكن بمجرد أن تفقد وظيفتك، سيتحوّل هدفك إلى إيجاد وظيفة جديدة، وقد تشعر بالاستسلام عندما تمضي أيام وشهور دون أن تحقق هذا الهدف.

قسّم هذا الهدف الكبير إلى أهداف أصغر، وحدد الفترة الزمنية التي ستقضيها في تحديث سيرتك الذاتية، وإجراء المقابلات، والبحث عن فرص العمل المحتملة، والتقدم للوظائف. ولا تحصر اهتمامك بمسارك المهني فقط، بل حدد أهدافاً شخصية يمكنك تحقيقها لتعزز شعورك بالإنجاز، واختر مهمة واحدة كل يوم أو أسبوع لإنجازها، كطلاء إحدى غرف منزلك أو تنظيف الخزائن أو ترتيب غرفة أطفالك.

واستخدم مخطط تنظيم رقمياً أو ورقياً يساعدك على كتابة أهدافك اليومية والأسبوعية والشهرية والسنوية ويتيح لك عرض إنجازاتك على أساس يومي؛ فوضع أهداف لنفسك كل يوم يساعدك على شطب المهام من قائمتي البحث عن عمل والمشاريع المنزلية الطويلة التي لم يكن لديك وقت لإنجازها. كما أن استخدام مخطط التنظيم سيوفّر لك دليلاً مرئياً على قدرتك على تحقيق الإنجازات كل يوم، وهو ما يعزز ثقتك بنفسك ويعينك على مواصلة السعي إلى أن تحقق هدفك النهائي المتمثّل في العثور على وظيفة جديدة.

كوّن مجموعة للتعارف

ادعُ مجموعة من الأشخاص في مجالك (أو في مجال مختلف إذا كنت تتطلع إلى تغيير مجال عملك) لتلتقي معهم بشكل دوري وتتحدثوا عن مدى استمتاعكم بالعمل معاً وتتعاونوا على حل المشكلات معاً. واجعل ممارسة العصف الذهني أحد أهداف مجموعة التوجيه هذه، لا سيّما فيما يتعلق بالتحدث عن كيفية نقل مهاراتكم وقدراتكم إلى مجال مختلف أو إعطاء بعضكم لبعض ملاحظات حول السير الذاتية أو المقابلات الشخصية. ويمكنك استغلال هذه المجموعة أيضاً للتعريف بفرص العمل المتاحة، أو ربط الأعضاء بموارد أو علاقات إضافية، أو تحميلهم المسؤولية عن تحقيق أهدافهم. وقد يساعدك كل اجتماع في إعادة بناء ثقتك بنفسك لإيمان الأعضاء بقدراتك ومدّهم يد العون لك استناداً إلى ثقتهم بك.

مارس العناية بالذات

قد يكون البحث عن عمل مرهقاً، إذ عليك أن تستيقظ كل يوم وتتقدم لوظائف جديدة وتتواصل مع مزيد من جهات الاتصال في الشركات التي تنشر إعلانات عن وظائف شاغرة. ولطالما اعتاد بين ألديز تذكيري خلال كل جلسة تمارين تمدد في نادي بيلوتون بقوله: “حب الذات ليس أنانية”، ولا بد أن تمارس العناية بالذات بنيّة صافية تماماً، كأن تمنح نفسك موارد عقلية أو اجتماعية أو جسدية أو عاطفية جديدة لمواصلة السعي. خصص بعض الوقت لأداء شيء تجيده أو تستمتع به كل يوم أو أسبوع، كلعب الغولف أو التنس أو المشي أو ركوب الدراجات أو مجرد قراءة كتاب. وقد تساعدك إضافة أهداف صغيرة وقابلة للتحقيق إلى تلك الأنشطة على الشعور بالإنجاز، “كقراءة 30 صفحة في اليوم” أو “ركوب الدراجة لمسافة 10 أميال هذا الأسبوع”.

تطوّع

من المهم أن تفكر دائماً في كيفية تحسين مهاراتك خلال مسيرتك المهنية، ويُعتبر العمل التطوعي وسيلة رائعة لتعزيزها وتطوير مهارات جديدة حتى. كما أن التطوّع سيذكرك بالمهارات التي تمتلكها والتي تضفي قيمة على مؤسسة ما وتعينها على تحقيق أهدافها.

وقد يعود العمل التطوعي بفوائد كبيرة على حالتك النفسية، فمساعدة الآخرين تجعلك تشعر بالامتنان؛ وتؤكد الدراسات بالفعل أن الأشخاص الذين يبدون امتنانهم يشعرون بسعادة أكبر لتركيزهم على كل ما هو جيد في حياتهم.

ويمكنك أيضاً ممارسة المهارات التي استخدمتها في وظائفك السابقة لتُثبت لنفسك وللآخرين أهمية المهارات والقدرات التي تمتلكها. أو يمكنك حتى تعليم الآخرين بعض المهارات الجديدة، ما يساعدك على استعادة ثقتك بنفسك بصفتك خبيراً متخصصاً.

لن تحصل على وظيفة جديدة من خلال التحديق في شاشة الكمبيوتر 8 ساعات في اليوم أو انتظار اتصال من وكالة التوظيف، بل خصص وقتاً محدداً للبحث عن عمل كل يوم ثم تحدَّ نفسك وابتعد عن شاشة كمبيوترك وجرّب إحدى هذه الطرق لتعيد بناء ثقتك بنفسك. تتولّد الثقة من إيمانك بقدرتك على تحقيق أي هدف، وتعزيزها عندما تفقد عملك يساعدك على أن تؤمن بنفسك وبمهاراتك، وألا تنتظر الوظيفة الجديدة لتثبت أهميتك وقيمتك. أما بالنسبة للمى، فقد قبلت عرض عمل بعد ستة أشهر من البحث، وهي على أتم الثقة بقدراتها اليوم، حتى لو لم تكن هذه الفرصة الجديدة هي ما تصبو إليه.

* تم تغيير الاسم حفاظاً على الخصوصية.