بماذا تختلف أفضل بيئات العمل الهجين؟

5 دقائق
الثقافات الهجينة
إيلبوسكا/غيتي إميدجيز
استمع الى المقالة الآن هذه الخدمة تجريبية
Play Audio Pause Audio

ملخص: توصّل المؤلفون بحسب خبرتهم إلى أن نهج العمل الهجين ينجح عندما يجري التعامل مع جميع الموظفين كموظفين عاملين عن بُعد فقط. لتحقيق ذلك، يجب على الشركات عند تبني الثقافات الهجينة أداء خمسة أمور: تبنّي التواصل غير التزامني، وجعل حدود التواصل واضحة، ودعم عملية التوثيق وتطوير أدوات البيانات، ومشاركة المعلومات على نطاق واسع، وتوفير الأدوات المناسبة للموظفين لتحقيق النجاح. 

 

خفّ التسارع تجاه العمل من المنزل نتيجة الجائحة، وعلى الرغم من اعتياد العديد من العمال على مزايا الراحة والمرونة التي وفرها أسلوب العمل عن بُعد ومطالبتهم الحصول على تلك المزايا بالفعل، تحث شركات كثيرة موظفيها على العودة إلى المكاتب. ويتمثّل الحل الوسط في تبنّي نموذج العمل الهجين الذي يمزج بين الفرق الشخصية والفرق العاملة عن بُعد. وأشارت دراسة حديثة أجرتها شركة “ماكنزي” على 800 مسؤول تنفيذي في الشركات إلى أن نموذج العمل الهجين قد يكون المعيار للعمل في المستقبل. ووجدنا بحسب تجاربنا التي شملت فرقاً رائدة وشركات كانت هجينة قبل جائحة “كوفيد-19” أن تبني الثقافات الهجينة والتحوّل إلى العمل الهجين ليس بسيطاً تماماً، ولا ينطوي على مجرد تحديد أيام للعمل من المكتب أو عن بُعد.

 

بل تزدهر الثقافات الهجينة من خلال معاملة الجميع على أنهم موظفون عاملون عن بُعد فقط. وذلك يعني منح الجميع إمكانية الوصول إلى المعلومات والأشخاص والأدوات والفرص ذاتها لتحقيق النجاح، بغض النظر عما إذا كانوا يعملون من مكتب في برلين أو من مقهى في جاكرتا أو من غرفة في طوكيو. وعلى الرغم من بساطة ذلك المعنى، لا يزال غير واضح تماماً، بل يتطلب من القيادة اتخاذ إجراءات متسقة على الجبهات الخمس التالية:

1. استخدام التواصل غير التزامني

يتطلب التواصل مع الموظفين الموزعين، وخاصة على مستوى العالم، اهتماماً خاصاً لضمان حصول الجميع على فرص متساوية للمشاركة في المحادثات. ويمكن تحقيق ذلك عادة عبر واحدة أو أكثر من الوسائل التالية:

تغيير التبادلات المتزامنة إلى تبادلات غير متزامنة عن عمد. حيث يجب على الفرق الموجودة في مناطق زمنية مختلفة الانتقال إلى التواصل الكتابي أو المسجل. وقد يعني ذلك استبدال اجتماعات الوقوف السريعة اليومية بتحديثات قصيرة مكتوبة عبر قناة دردشة، أو بوثائق مكتوبة تسهّل المناقشة عبر كتابة تعليقات. وعلى نطاق أوسع، يمكن للرئيس التنفيذي أن يطلب الحصول على أسئلة مكتوبة قبل عقد اجتماع موظفي الشركة العام، ثم يسجل الاجتماع ويبثه بدلاً من أن يعقده بشكل مباشر.

استخدام التكنولوجيا لإعداد المستندات التي يمكن مشاركتها بعد التبادل المتزامن. قد ينبغي أحياناً عقد اجتماع متزامن لمناقشة قضية معقدة أو ملحة. ومع ذلك، نمتلك اليوم إمكانية الوصول إلى التكنولوجيا التي تسهّل علينا إعداد مستندات قابلة للمشاركة، مثل اجتماعات “زووم” المسجلة، والسجلات المكتوبة للاجتماعات التي يجري تحريرها بشكل تعاوني عبر “جوجل دوكس”، والنصوص التي يجري توليدها تلقائياً لمكالمات الفيديو.

2. جعل حدود التواصل واضحة

إن الوقت الذي يكون الزملاء والمدراء متاحين فيه للدردشة أو للتركيز على مهمة ما أو للاسترخاء مع أسرهم غير واضح في نهج العمل عن بُعد، وهو ما يُسفر عن انقطاعات محرجة أو مزعجة عن العمل. وليست تلك مشكلة جديدة بالطبع. وعلى الرغم من أن إحدى المزايا المحمودة للعمل من المكتب تتمثّل في القدرة على إجراء تفاعلات مباشرة وحدوث انقطاعات عفوية، قد يكون الأمر محبطاً للموظفين الذين يفضلون الاندماج والتركيز العميق على العمل.

 

وغالباً ما تتطلب الثقافات الهجينة في العمل منا إعادة تنظيم أساليب عملنا. ويجب على الفرق أن تتخذ خطوتين في هذا الصدد:

  • وضع قواعد للتواصل لكل منصة. إن العمل عن بُعد يعني التعامل مع رسائل البريد الإلكتروني ورسائل الدردشة ومكالمات الفيديو والمستندات بمستويات مختلفة من الأولوية والأهمية. ومن الناحية المثالية، يجب أن تحدد الفرق توقعات التعامل مع كل منها. هل من المعقول عدم الرد على رسالة مباشرة في الدردشة حتى اليوم التالي؟ ماذا عن رسائل البريد الإلكتروني؟ هل من المتوقع أن يشاهد الجميع تسجيل كل اجتماع إذا لم يحضروه، أم أن ذلك اختياري؟ يمكن لقواعد التواصل تلك أن تقلل من قلق الموظفين وخوفهم من الشعور بالانفصال.
  • جعل ساعات العمل واضحة. يجب على الموظفين تسجيل ساعات عملهم وأيام إجازاتهم بشكل صريح في جدول مواعيدهم حتى يتمكن الآخرون من رؤيتها، فمن غير المعقول الافتراض أنه يمكننا مقاطعة شخص ما لمجرد أنه لا يحضر الاجتماع بل يقضي فترة ما بعد الظهيرة في كتابة مقترح مهم. كما يجب على الموظفين تسجيل الوقت الذي يخصصونه للتفكير العميق.

3. دعم عملية التوثيق وتطوير أدوات البيانات

يمكننا جعل عملية صناعة القرار أكثر فاعلية للموظفين والفرق والإدارات من خلال بناء ثقافة مستندة إلى إعداد مستندات قابلة للأرشفة والبحث على مستوى الشركة للحصول على المعلومات المهمة. على سبيل المثال، يمكن لفرق البرمجيات كتابة التصميمات لكل ميزة جديدة أو توثيق التغييرات في النظام والحصول على إجماع حولها. ويمكن بعد ذلك أرشفة مستندات التصميم لمنح المهندسين المستقبليين فكرة عن السياق المعاصر وليتمكنوا من فهم سبب اتخاذ تلك القرارات بشكل أفضل. ويُعد ذلك الأرشيف بمثابة ثروة للموظفين الجدد الذين يرغبون في اكتشاف أصل العمل الذي يؤدونه بأنفسهم حالياً.

كما أن تشجيع ثقافة كتابة المقترحات والتصاميم علناً وإفساح الفرصة للآخرين للتعاون وإبداء الآراء يزيد من قدرة الموظفين على الاستيعاب والفهم والمساهمة في الاتجاه العام للشركة، وهو ما يعزز بدوره من معنوياتهم وإحساسهم بالملكية.

4. تعزيز التواصل

تعج بيئة المكتب بالمئات من المحادثات الفردية الهادفة إلى نشر المعلومات كل يوم. وقد تكون تلك طريقة عملية للتواصل في أماكن العمل الصغيرة، لكنها لن تنجح عندما تكون قوة العمل موزعة. ويجب على القادة بدلاً من ذلك تطوير ثقافة الرسائل المكتوبة أو المسجلة لنقل أحداث الشركة. يمكن للقادة البدء في كتابة رسائل إخبارية منتظمة إلى موظفيهم، أو تسجيل رسائل أسبوعية لإرسالها بداية كل أسبوع.

وعلى نطاق أصغر، يمكن للفرق مشاركة إنجازاتهم العادية، ويمكنهم مشاركتها فيما بينهم بداية من خلال تلخيص ما كانوا يعملون عليه. ثم يمكنهم بعد ذلك مشاركتها على نطاق أوسع، كما هو الحال مع الفرق الأخرى في إداراتهم. وعادة ما تشجع ثقافة المشاركة على مزيد من المشاركة.

5. توفير الأدوات لتحقيق النجاح

يتطلب العمل الفاعل عن بُعد أن تتاح لكل فرد القدرة على الوصول إلى الأدوات نفسها واستخدامها. قد تتراوح تلك الأدوات من البرامج التعاونية مثل محرّر مستندات “جوجل” الذي يمكّن العديد من المشاركين من التعديل على المستندات وكتابة تعليقات فيها، وأدوات الرسم مثل “ميرو” (Miro) التي تمكّن المجموعات البعيدة من الرسم معاً والتعاون كما لو كانوا أمام لوحة بيضاء.

قد يكون التزوّد بالأدوات أيضاً في شكل معدات مادية يمكن للموظفين الوصول إليها في منازلهم. على سبيل المثال، طُلب من العديد من العمال في أثناء الجائحة العمل من المنزل باستخدام جهاز كمبيوتر محمول وبعض الأدوات الأخرى. وكانت تلك البيئات بدائل سيئة لمكاتب ما قبل الجائحة التي مكّنت الموظفين من استخدام أثاث مكتبي مريح وشاشات عريضة وقاعات اجتماعات مزودة بمعدات صوتية/مرئية جيدة. وتقدم شركات كثيرة للموظفين اليوم تعويضات العمل من المنزل لتحسين مكاتبهم، وتقدم بعضها آلاف الدولارات حتى. ومن السهل على الشركات العاملة عن بُعد تماماً تحمل تلك النفقات، لأنها لا تُنفق أي أموال على عقود إيجار المكاتب. لكن لا يعني ذلك أن موظفيك لا يحتاجون إلى الدعم. بل إذا كان العمل الهجين خياراً، فمن مسؤولية الشركة ضمان نجاح موظفيها أينما كانوا.

التطلع المستمر لتحقيق الأفضل ولو بنسبة 1%

إن تلك الركائز الخمس ليست سوى نقطة انطلاق لبناء الثقافات الهجينة الناجحة. في الواقع، إن تحقيق الانتقال الناجح إلى الثقافات الهجينة هو عقلية تتطلب تغيير العديد من العادات الصغيرة كل يوم. لكن يمكن لقوة العمل من خلال الحفاظ على مبدأ معاملة الجميع على أنهم عاملون عن بُعد ومن ثم تطبيقه يومياً أن تتحسن بشكل تدريجي. ونظراً لأن أماكن العمل الهجينة أصبحت الوضع الطبيعي الجديد، ستكون التحسينات التدريجية عبر الركائز الخمس أساسية لخلق ثقافة مؤسسية ناجحة في عالم ما بعد الجائحة.

تنويه: يمكنكم مشاركة أي مقال من هارفارد بزنس ريفيو من خلال نشر رابط المقال أو الفيديو على أي من شبكات التواصل أو إعادة نشر تغريداتنا، لكن لا يمكن نسخ نص المقال نفسه ونشر النص في مكان آخر نظراً لأنه محمي بحقوق الملكية الدولية. إن نسخ نص المقال بدون إذن مسبق يعرض صاحبه للملاحقة القانونية دولياً.

جميع الحقوق محفوظة لشركة هارفارد بزنس ببليشنغ، بوسطن، الولايات المتحدة الأميركية 2024 .