رسالة إلى الآباء والأمهات العاملين: أُسركم بحاجة إلى “مجالس إدارة”

4 دقائق
التوجيه
استمع الى المقالة الآن هذه الخدمة تجريبية
Play Audio Pause Audio

ملخص: قد يساعدك استعارة مفهوم تقليدي من العمل، ألا وهو “التوجيه”، على إدارة التحديات الكبيرة والصغيرة التي تواجهها في جميع جوانب حياتك بصفتك أباً أو أماً عاملة. وسّع مجلس إدارتك المهني ليشمل الأشخاص الذين يمكنهم تقديم المشورة والدعم الذي تحتاج إليه لمعالجة قضايا أسرتك. ولتكوين فريق قوي من الاستشاريين، اختر ممثلين من جميع جوانب حياتك المختلفة؛ وتواصل مع الأشخاص الذين تثق بهم والذين يهتمون بك وبأسرتك؛ واختر أولئك الذين لديهم أطفال أكبر سناً من أطفالك لتعرف ما ينتظرك مسبقاً في المستقبل؛ وتواصل مع أشخاص لديهم أطفال أصغر من أطفالك لتمنحهم النصح بدورك وتحظى بتقدير منهم على مدى تقدمك؛ وحدد الأشخاص الذين يتمتعون بالخبرة أو يمتلكون وجهات نظر مفيدة يمكنهم مشاركتها معك.

 

لا يتناسب العديد من الأدوار التي نؤديها في حياتنا مع الفئات المهنية والشخصية. وأوضحت جائحة “كوفيد-19” ذلك تماماً بعد إلغائها الخط الفاصل بين العمل والمنزل. وقد يصبح التعامل مع تحديات الحياة في هذا السياق الغامض تحدياً حقيقياً، لكن توجد ممارسة مكتبية مفيدة في هذا الشأن، ألا وهي التوجيه.

تطور تفكيرنا حول التوجيه المهني في السنوات الأخيرة. فقد تضمن النموذج التقليدي موجّهاً من مستويات الإدارة العليا يقدم المشورة ويساعد في ترقية الموظفين المبتدئين، لكن ظهر نموذج جديد وأكثر فاعلية يربط فيه الموظفون أنفسهم بمجموعة كاملة من الموجهين، ألا وهو مجلس الإدارة الشخصي الذي يتيح لهم التشاور بشكل منتظم للحصول على النصائح والتقييمات حول أعمالهم ومساراتهم المهنية.

وقد يكون هذا النموذج الجديد مفيداً في المنزل بقدر ما هو مفيد في العمل. لذلك، ضع في اعتبارك توسيع مجلس إدارتك الشخصي ليشمل الأشخاص الذين يمكنهم مساعدتك على التفكير في قضايا الأسرة. بمعنى آخر، يجب أن يشمل الأشخاص الذين تثق بهم، والذين يبدون اهتماماً بك وبأسرتك، ويمتلكون خبرة واسعة أو أفكاراً يشاركونها معك. وحاول اختيار مجموعة من الأشخاص من مختلف جوانب حياتك، شرط ألا تتداخل شبكاتهم بعضها مع بعض لكي تصبح تفاعلاتك معهم أكثر فائدة، فلكل شخص شبكة مختلفة من جهات الاتصال.

ونورد فيما يلي بعض الاقتراحات حول الأشخاص الذين يمكنك تضمينهم في شبكتك والمساعدة التي يمكنهم تقديمها:

شخص يشاركك أهداف أسرتك

سيساعدك هذا الشخص في دعم طموحات أسرتك. ويعتبر المعلمون أو المدربون الملتزمون أحد الموارد المحتملة. على سبيل المثال، إذا كنت تريد أن يحصل ابنك على منحة دراسية لممارسة رياضة كرة القدم، فيمكن للمدرب المناسب تنمية موهبة ابنك، والتوصية بالأنشطة التي يمكن أن تساعده في تحسين مهاراته، والمساعدة في إعداد مقطع فيديو مميز له، وكتابة رسالة توصية له في النهاية. وإذا كان ابنك بارعاً في الأوساط الأكاديمية لكنه شخص منعزل، فيمكن لمدرس الدراما في المرحلة الإعدادية مساعدته في تعزيز ثقته بنفسه وفي تكوين الأصدقاء، إضافة إلى تنمية مهاراته في التمثيل.

واحد أو أكثر من زملاء العمل الذين لديهم أُسر

يمكن لهؤلاء الأشخاص المساعدة في حل مشكلاتك مع صاحب العمل، كإسداء نصائح حول كيفية طلب زيادة في الراتب، أو إعلامك بالإدارات التي أعلنت عن شواغر فيها، أو هوية المدراء المتعاطفين مع الآباء والأمهات العاملين. ويمكنك العثور على هؤلاء الزملاء من خلال محادثة عادية. تأمّل صور الأسرة التي تزين مكتب زميلك وعلّق عليها. واستمع إلى الأشخاص الذين يتحدثون عن أُسرهم في العمل بطريقة تثير إعجابك. أو أحضر صوراً لأسرتك لتشاركها مع زملائك في العمل.

آباء وأمهات أطفال في نفس عمر أطفالك

ستجد الكثير من المرشحين الذين يمكنك التواصل معهم لامتلاكهم أطفالاً يدرسون في نفس مدارس أطفالك أو يؤدون الأنشطة نفسها. حيث يمكن لهؤلاء الآباء والأمهات مساعدتك خلال الأزمات الكبيرة والصغيرة، مثل: “هل يجب أن أسمح لطفلي بتنزيل هذا التطبيق؟” أو “كيف أساعد أبنائي على تقبّل فكرة سفرنا إلى بلد آخر؟” كما يمكنهم مساعدتك في العثور على أحدث الموارد والإحالات التي تحتاج إليها.

آباء وأمهات أطفال أكبر من أطفالك

تواصل مع موجه واحد على الأقل لديه أطفال مستواهم الدراسي أعلى من مستوى أطفالك. بمعنى آخر، إذا كان طفلك في المدرسة الابتدائية، فتواصل مع شخص لديه أبناء في المدرسة الإعدادية. إذ سيمنحك هؤلاء الموجهون لمحة لما هو بانتظارك بالإضافة إلى تعزيز تفاؤلك بشأن المستقبل. سألت موجهتي المستقبلية عن حياتها بعد أن كبر أبناؤها وتزوجوا وأصبحت وحيدة في المنزل. فأجابت: “وجدت ما عوّضني عن حالة الوحدة تلك، إذ لدي اليوم ما يكفي من الوقت لممارسة هواياتي”.

آباء وأمهات أطفال أصغر من أطفالك

سيعرض لك هؤلاء الآباء والأمهات وجهات نظرهم حول ما حققته أنت وأسرتك من إنجازات بالفعل، وهو أمر قد تنساه أحياناً، لكنه سيكون مصدر فخر لك. قد تساعد مشاركة الأساليب التي نجحت معك في جعل طفلك يؤدي واجباته المنزلية بمفرده الآباء والأمهات الأصغر سناً أيضاً، سواء كانت تلك الأساليب مفيدة بحد ذاتها أو كانت الداعم لهم عند معرفتهم أن أسرتك أيضاً واجهت صعوبات في هذا الشأن.

أم أو أب تُكنّ له الاحترام لكنه غالباً ما يختلف معك

لا توجد طريقة صحيحة واضحة للتعامل مع معظم التحديات التي تواجه الآباء والأمهات العاملين في الحياة. وعندما تكون المشكلات التي تواجهك محيرة وغامضة ولا تعرف كيفية التصرف فيها، فقد يكون الخلاف البسيط مع شخص تحترمه مفيداً في مساعدتك على فهم الإجراء الذي يجب أن تتخذه وسبب اتخاذك له. ولدي قريب ألجأ إليه لهذا النوع من النصائح بالفعل. صحيح أنني لا أتبع “الحل المعقول” الذي يقترحه 90% من الأحيان، لكن المناقشة تساعدني في التفكير العميق دائماً.

شخص يعتقد أنك وأسرتك أشخاص رائعون

هذا الشخص هو مشجع دائم لك، ربما يكون جداً أو عمة، أو شخصاً أسرتك على تواصل منتظم معه. يدرك هؤلاء الموجهون إمكاناتك ومستقبلك، ويعلمون أنك قد تشعر بالإحباط يومياً، وهو ما يدفعهم إلى تذكيرك بالصورة الكاملة. أتذكر عندما كنت وزوجي نحاول تركيب أرجوحة بسيطة. كان والدا زوجي جالسين على كرسي الحديقة يراقباننا ويقدمان لنا بعض النصائح. “ليس من السهل تركيب مثل تلك الأراجيح. لكنكما تقومان بعمل رائع. من المؤكد أن الأطفال سيحبونها”. وكانا على حق.

بمجرد أن تنتهي من جمع أعضاء مجلس إدارتك الشخصي، ابق على تواصل معهم، ليس فقط عبر إرسال رسائل التهنئة في الأعياد. ويُعد التفاعل عبر وسائل التواصل الاجتماعي طريقة سهلة وممتعة؛ فالصور هي طرق رائعة للتعبير عما تنوي فعله وأسرتك. لكن حاول اتخاذ خطوات إضافية للتواصل معهم وشكرهم على صداقتهم ودعمهم كل حين، فذلك مهم جداً، وكذلك هو إبداء احترامك لنصائحهم واتباعك لها. ليس من الضروري أن تكتب رسالة شكر مفصلة، بل يمكنك إرسال رسالة بريد إلكتروني تقول فيها: “لقد اتبعت نصيحتك وتحدثت إلى معلمة ابنتي. وكانت الخطة ناجحة تماماً”.

ويُعد الوفاء بالعطاء السر وراء الحفاظ على علاقات التوجيه القوية بحسب البحوث حول الموجهين. مارس الوفاء بالعطاء ليس مع الموجهين فحسب، وإنما مع جهات تواصلهم والمؤسسات المجتمعية أو المهنية التي يدعمونها، كالتبرع للحملة الخيرية التي يشرف عليها موجهك أو شراء الحلوى لدعم حملة جمع التبرعات المدرسية لأطفالهم. وإذا قدّموا لك توصية بطبيب أطفال رائع، فمن السهل أن ترد لهم الجميل بإعلامهم عن وجود منصب شاغر في شركة ما.

من المحتمل أن يكون لديك بالفعل أصدقاء أو أسرة تستشيرها عندما تحتاج إلى النصح، وبالتالي، فإن توسيعهم إلى مجلس إدارة ليس بالأمر الصعب، بل إنه يتوقف على اتخاذك تلك الخطوة فقط. وبقليل من التفكير والجهد، سيتيح لك مجلس الإدارة الشخصي الموازنة بين حياتك الشخصية والمهنية من خلال تقديم الموارد والمعلومات والدعم العاطفي، إضافة إلى تعزيز قدرتك على اتخاذ الأحكام، وهو ما يعتبر مكافأة لطريقتك الجديدة في التفكير.

تنويه: يمكنكم مشاركة أي مقال من هارفارد بزنس ريفيو من خلال نشر رابط المقال أو الفيديو على أي من شبكات التواصل أو إعادة نشر تغريداتنا، لكن لا يمكن نسخ نص المقال نفسه ونشر النص في مكان آخر نظراً لأنه محمي بحقوق الملكية الدولية. إن نسخ نص المقال بدون إذن مسبق يعرض صاحبه للملاحقة القانونية دولياً.

جميع الحقوق محفوظة لشركة هارفارد بزنس ببليشنغ، بوسطن، الولايات المتحدة الأميركية 2024 .