كيف تتحدث مع فريقك عندما يكون المستقبل غير واضح المعالم؟

9 دقائق
استمع الى المقالة الآن هذه الخدمة تجريبية
Play Audio Pause Audio

مع تطور جائحة فيروس كورونا واستمرار الزعزعة التي أحدثتها في الأعمال التقليدية، أصبح المدراء يصارعون المجهول. فأنت لا تعلم متى سيكون بإمكان موظفيك معاودة العمل من مكاتب الشركة أو كم ستكون الأمور مختلفة عندما يعاودون العمل. وبغض النظر عن ذلك، يجب أن تكون على تواصل دائم مع فريقك. إذن، ما هي المعلومات التي ينبغي لك مشاركتها مع مرؤوسيك حول وضع مؤسستك، وما مقدار تلك المعلومات؟ وكيف يمكن أن تكون صريحاً فيما يتعلق باحتمالية خفض الرواتب وتسريح بعض الموظفين دون تثبيط معنويات فريقك؟ وخلال هذه الفترة التي يكتنفها الغموض، كيف يمكنك طمأنة الموظفين دون إعطائهم أمل كاذب؟

ما الذي يقوله الخبراء؟

تُعد جائحة “كوفيد -19” حدثاً لم يسبق له مثيل في التاريخ الحديث. إلا أن الإدارة خلالها ليست بالضرورة تجربة فريدة، وفقاً لـ بول آرجينتي الأستاذ في التواصل المؤسسي في مدرسة توك للأعمال (Tuck School of Business) بكلية دارتموث (Dartmouth College). فعلى غرار ما حدث في أزمات أخرى مثل أحداث الحادي عشر من سبتمبر/أيلول وفترة الانكماش المالي العالمي، يشعر العاملون بالخوف والقلق، حيث يقول بول: “الغموض يحفِّز الشعور بالخوف”. ويضيف: “الأشخاص مرعوبون ويتساءلون ‘ماذا يعني ذلك بالنسبة إلى شركتي ووظيفتي ومستقبلي؟'”. ودورك بصفتك مديراً هو أن “تمنحهم الثقة والقوة”. وتقول إيمي إدموندسن، أستاذة كرسي شركة “نوفارتس” (Novartis) في القيادة والإدارة بكلية هارفارد للأعمال، أنه حتى إذا كان الوضع يتطور بسرعة ولا يتوفر لديك معلومات وافية، يجب أن تكون صادقاً بشأن ما تعرفه، حيث تقول: “المهمة الأولى هي توخي الشفافية”. اشرح لفريقك الوضع قائلاً “هذا ما نعرفه في الوقت الحالي وهذا ما لا نعرفه، وهذا ما نفعله لسد هذه الفجوة”. وتتمثل مهمتك الثانية في “بث الأمل والشعور بإمكانية تحقيق الأهداف”. إلا أن إنجاز هاتين المهمتين ليس سهلاً. إليكم في هذه المقالة توصيات للتواصل مع موظفيك أثناء هذا الوقت الذي يشوبه الغموض.

سلِّح نفسك

كما يوضح أرجينتي، قبل أن تنطق أو تكتب كلمة لفريقك، يجب أن تفهم التحدي الذي تواجهه. ففي الأساس، “مهمتك هي أن تعلِّم الأشخاص كيفية النجاح في أوقات الأزمات”، كما يقول أرجينتي. ويضيف: “هذا هو الاختبار الحقيقي لقيادتك، وفرصة لك لتُظهر لموظفيك معدنك الحقيقي”. لذا استجمع شجاعتك. بصفتك مديراً في الخطوط الأمامية، فإن هدفك هو أن تكون “الشخص الذي يتوجه إليه [العاملون]” للحصول على الإرشاد والتوجيه. وتقول إدموندسون أن التفكير بطريقة سليمة بالغ الأهمية. كن “كقائد الكتيبة” واستعد كما لو كنت في معركة. وتوصي إدموندسون بأن تلتزم بروتينك قدر الإمكان. تناول طعاماً صحياً ومارس التمارين الرياضية وحاول أن تحصل على قسط كاف من النوم. وتضيف: “انقذ نفسك أولاً لكي تتمكن من إنقاذ الآخرين”.

ضع خطة للتواصل

بعد ذلك ستحتاج إلى استراتيجية تتعلق بكيفية وموعد التواصل مع فريقك بشأن الوضع بينما يستمر في التطور. عندما تمر شركتك بأزمة، يجب أن “تتواصل في وقت مبكر وبشكل متكرر”، كما يقول أرجينتي. ويضيف: “لن يجدي نفعاً أن تدفن رأسك في الرمال كالنعامة”. ففريقك بحاجة إلى معرفة كيف ومتى سيتلقون منك ومن قادة شركتك معلومات حول الأزمة. ويقترح أرجينتي أن تعقد اجتماعات دورية صغيرة واجتماعات فردية لفهم أكثر المسائل إلحاحاً لدى كل عضو في فريقك. من الناحية المثالية يمكن لمؤسستك إنشاء “مركز لتنسيق تبادل المعلومات” وفيه يمكن للموظفين طرح الأسئلة، كما تقول إدموندسون. شجِّع موظفيك على استغلال مصدر المعلومات هذا؛ لكي تساعد المعلومات المقدّمة من خلاله في معالجة شواغلهم وتبديدها بشكل مباشر.

كن حريصاً أثناء حديثك مع موظفيك

ضع الطريقة التي يفكر بها موظفوك في الاعتبار. كما يقول أرجينتي، فكّر من منظور موظفيك. ويضيف: “ضع نفسك مكانهم وفكّر فيما تود أنت نفسك سماعه”. بالطبع ستحتاج إلى طمأنتك أن “هذه الأزمة ستزول في نهاية المطاف”، ولكن الأهم من ذلك أنك سترغب في الاعتقاد أن القادة “لا يحجبون عنك المعلومات” أو يؤجلون اتخاذ بعض القرارات في انتظار وقوع حدث مؤلم آخر. لذا هدِّئ مخاوفهم على قدر استطاعتك.

كُن متواضعاً. الحقيقة هي أن “الأمور ليست واضحة بقدر كبير لدى أي منّا بشأن ما ينتظرنا في المستقبل”، كما تقول إدموندسون. ولهذا يجب أن تقر بأن هناك ما لا تعرفه. لنقل على سبيل المثال أن أحد الموظفين سألك عما إذا كانت ستُجرى أي عمليات تسريح، وفي حين أنك أُخبرَت أن هذا الأمر موضع نقاش، إلا أنك غير متأكد مما إذا كان سيحدث بالفعل ولا تعرف مدى عمقه. في هذه الحالة يوصي أرجينتي بأن تقول شيئاً من قبيل: “أتمنى أن أخبرك ما سيحدث بالضبط، ولكني سأطلعك على المستجدات بمجرد أن أعرفها”.

لا تحاول تلطيف الوضع بإخفاء الحقائق. قد تميل إلى تحاشي نقل الأخبار التي لن تحظى بالترحيب. رغبتك في التخفيف من توتر فريقك مفهومة، ولكنها كما تحذر إدموندسون، لن تكون في صالح أي أحد، حيث تقول: “عندما تحاول تلطيف الوضع، سيُنظَر إليك على أنك تكذب أو أنك غير مُلم بمستجدات الأمور”. فمثلاً إذا قررت الإدارة خفض الرواتب ولكنها لم تحدد رقماً دقيقاً، لا تتظاهر بأن ذلك لن يحدث حتى إن كنت لن تتمكن من تقديم تفاصيل حوله. كما أن جميع الحقائق المتعلقة بالوضع ستتضح بمرور الوقت ولذلك فإن محاولة التخفيف من وقع الحقيقة المُرة يمكن أن يأتي بنتائج عكسية. تقول إدموندسون: “عندما تظهر الحقيقة فيما بعد، فإن ذلك [لن] يكون في صالح بناء الثقة”.

كن مسؤولاً تجاه شركتك. طالما لم يُسمح لك بمشاركة معلومات حول عمليات التسريح أو خفض الرواتب، فلا تقل أي شيء حول هذه الأمور مهما حدث. يقول أرجينتي: “ولا يمكنك حتى التلميح”. ويضيف: “لديك مسؤولية تجاه الشركة” و”يجب أن تلتزم بسياساتها”. حتى عندما يطرح عليك الموظفون سؤالاً مباشراً، لا يمكنك أن تقول أشياء من قبيل: “ليس من المفترض أن أخبركم بهذا، ولكن…”. في هذه الحالة أفضل ما يمكنك فعله هو “أن تحافظ على إبداء تعاطفك مع الاعتراف صراحة بالقدر الكبير من الغموض الذي يكتنف الوضع الحالي”، كما تقول إدموندسون. وتوصي بأن تقول: “لم نكن جميعاً نتمنى أن نواجه هذا الموقف، ولكننا نواجهه بالفعل، ولهذا يجب أن نتعاون معاً لبذل قصارى جهدنا في خضم ما جلبته هذه الأزمة من غموض وتحديات وفوضى”.

حاول أن تثبت على موقفك. التواصل المنفتح مع فريقك يصبح أكثر تعقيداً إذا كان مديرك المباشر أو الإدارة العليا تستجيب للأزمة بطريقة أنت لا تتفق معها، حيث يقول أرجينتي: “يُعد التغلب على هذا التحدي صعباً”. ويوصي قائلاً: “حاول بقدر الإمكان أن تجعل الأمر يبدو وكأنك تقول الحقيقة ذاتها ولكن فقط باختلاف طفيف”. لنقل على سبيل المثال أن مديرك يضع سياسة للعمل عن بُعد من المنزل وتُلزم جميع الموظفين بأن يكونوا متاحين على الإنترنت من التاسعة صباحاً حتى السادسة مساء. ولكنك تؤمن أنه يجب منح الموظفين المزيد من الاستقلالية فيما يتعلق بكيفية عملهم ومواعيده. في هذه الحالة، يمكنك أن توضح لموظفيك هذه السياسة وتخبرهم أنك في هذا الوقت العصيب تثق في حسن تقديرهم لعملهم. يقول أرجينتي: “ابحث عن حل وسط بحيث تتفق معهم وفي الوقت نفسه تبدي اعتراضك بكل احترام”.

ألهِم فريقك

ارتقِ إلى مستوى الحدث. “آمن بقدرات فريقك” واستخدم عبارات حماسية لتشجيع الجميع على العمل معاً، كما تقول إدموندسون. وتوصي بأن تقول شيئاً من قبيل “أؤمن بقدرات كل منكم ولكني أؤمن أكثر بقدراتنا المشتركة. ويمكننا أن نتجاوز هذه الأزمة معاً”. اعترف “بما أنت بصدد مواجهته” وسلِّم بأنه سيكون هناك أوقات صعبة. ولكن أيضاً “امنحهم شعوراً بالقوة لكي يتحملوا ما قد يضطرون إلى مواجهته”. أعرب عن “أملك في أن تتجاوزوا جميعاً هذه الأزمة” وأبلغهم “أنك تؤمن أنه سيكون هناك مستقبل طويل الأمد” لمؤسستك، كما يقول أرجينتي. “كن متحمساً قدر استطاعتك” في ظل الظروف الحالية. ويجب أن تكون نبرتك في الحديث “ليست إيجابية للغاية ولا سلبية للغاية كذلك”، كما يقول أرجينتي.

قدِّم الدعم

وأخيراً، من المهم أن تبذل قصارى جهدك لفهم المخاوف والضغوط التي يواجهها كل عضو في فريقك. يقول أرجينتي: “لا يمكنك إدارة مشاعر الآخرين، ولكن كل ما يمكنك فعله هو تهدئة مخاوفهم“. ولأن معظم الموظفين يعملون عن بُعد من المنزل، لا يمكنك الاعتماد على المحادثات القصيرة غير الرسمية لمعرفة ما يشعرون به. “لن تكون الاجتماعات المنعقدة عبر برنامج ‘زووم’ كافية للتعويض” عما فقده أعضاء فريقك بعدم اجتماعهم معاً في مكان واحد. لذا، تفقَّد أعضاء فريقك بصفة منتظمة لفهم “موقفهم وما يشعرون به”. واستمع بعناية إلى ما يقولونه ويسألون عنه. فمعظم الناس يحتاجون إلى مَن يخبرهم أنهم سيكونون بخير، كما يقول أرجينتي. لذلك، “طمئنهم قدر استطاعتك”.

مبادئ يجب ألا تغيب عن بالك

ينبغي لك:

– فهم التحدي المتعلق بالقيادة الذي تواجهه؛ فأنت تُعلِّم الناس كيفية النجاح في وقت الأزمات.

– أخذ الطريقة التي يفكر بها موظفوك في الاعتبار، والتفكير فيما تود سماعه إذا كنت مكانهم.

– تشجيع فريقك مستخدماً عبارات حماسية وملهمة. فلتكن رسالتك: “يمكننا النجاح وتجاوز هذه الأزمة معاً”.

لا ينبغي لك:

– وضع تخمينات، بل يجب أن تكون صادقاً وصريحاً فيما يتعلق بما يجري على أرض الواقع.

– تلطيف الوضع بإخفاء الحقائق، وإلا سيُنظَر إليك على أنك تكذب أو أنك غير مُلم بمستجدات الأمور.

– تجاهُل اللمسات الإنسانية، بل يجب أن تجتمع مع أعضاء فريقك كل على حدة أو في مجموعات صغيرة وأن تقدِّم لهم الدعم.

نصائح من واقع الممارسات العملية

دراسة حالة رقم 1: كن صريحاً وصادقاً وأقر أن هناك ما لا تعرفه

أوجيني فانينغ نائبة رئيس عمليات تشغيل الموظفين في شركة “سكوير فوت” (SquareFoot) وهي شركة ناشئة متخصصة في مجال العقارات التجارية وتتخذ من نيويورك مقراً لها، تقول أنها في ظل هذه الأوقات العصيبة تحاول “أن تتحلى بالنزاهة والشفافية” قدر الإمكان مع فريقها. ولكنها في الوقت نفسه تُقر بأنها لا تعرف ما يخبئه المستقبل، حيث تقول: “المستقبل غير معلوم بالنسبة إليّ أيضاً”. وتضيف: “لا بأس ألا يكون لديك إجابات عن كل الأسئلة”.

نظراً إلى الآثار المترتبة على تفشي فيروس كورونا على العمليات التجارية، كان على الشركة اتخاذ بعض القرارات الصعبة. فقد أعلن الرئيس التنفيذي للشركة جوناثان واسرستروم في وقت مبكر من الأزمة أن الشركة قلصت نفقات التسويق والسفر وستُخفِّض رواتب الفريق القيادي المكون من 10 أعضاء (بما فيهم أوجيني). ثم أعلن بعد أسبوعين أن “سكوير فوت” ستجري تخفيضات في الأجور على مستوى الشركة.

تقول أوجيني: “لقد تحدث بشفافية حول بنود الاقتطاع من الميزانية ومقداره، ولكن الموظفين كانوا قلقين بشأن احتمالية تسريحهم، وكان العديد من المدراء يطرحون الأسئلة بعد إعلان الخبر. ولذلك أردت المساعدة في التأكد من أن الرسالة واضحة ومفهومة على جميع المستويات”.

وتحقيقاً لهذه الغاية، أجرت أوجيني مكالمات فردية مع مرؤوسيها ومع مدراء الموظفين الآخرين في جميع أنحاء الشركة. تحدثت أوجيني بوضوح وثقة، حيث تقول: “كنت أقول ‘لا أعلم ما سيحدث ولكن يمكنني التأكيد على أن قرار التسريح ليس مطروحاً للمناقشة في الوقت الحالي على الإطلاق'”. وتضيف: “الهدف هو الحفاظ على سلامة فريقنا والخروج من هذه الأزمة بأفضل حال”.

وكانت تتوخى الصراحة أيضاً، حيث قالت لهم: “هذا الموقف غير مألوف بالنسبة إلينا. وبعد 3 أشهر تقريباً سنعيد تقييم الوضع. ولكننا نأمل أن نعود إلى سابق عهدنا بحلول ذلك الوقت”.

تقول أوجيني أنها بعد أن عملت على بناء علاقات قوية وقائمة على الثقة مع موظفي الشركة، أصبحت الرسالة تحظى بقبول حسن. بغض النظر عن الغموض الذي يكتنف هذه الجائحة العالمية، فإن عملها في الشركات الناشئة ساعدها على أن تكون موضوعية، حيث تقول أوجيني: “لقد سبق أن سُرِّحت من عملي، واضطررت أيضاً أن أسرِّح موظفين من عملهم”. وتضيف: “ففي الشركات الناشئة، يجب أن تتكيف مع الصعاب، ولكني أدرك أنه بالنسبة إلى الأشخاص الذين في بداية حياتهم المهنية، لا يزال هذا الأمر مثيراً للقلق”.

عادة تعقد الشركة اجتماعات نصف شهرية لإطلاع الموظفين على التطورات وفيها يمكن للموظفين طرح أسئلتهم على الرئيس التنفيذي ورئيس العمليات دون الإفصاح عن هويتهم، ولكن تُعقَد هذه الاجتماعات الآن أسبوعياً وتضم عدداً أكبر من مدراء الإدارة الوسطى.

والأهم من ذلك، كما تقول أوجيني، أنها تقدم التدريب الإرشادي لقادة الشركات للتأكد من أنهم يتحدثون بطريقة مفعمة بالإيجابية والقوة، تقول: “لا تنطوي الرسالة على مجرد قول ‘هذا ما سنفعله لنجتاز الأزمة’. بل ‘ها هي الأشياء التي سنفعلها للتأكد من أننا سنخرج من هذه الأزمة في وضع قوي'”.

كما أنها تحاول بناء الثقة من خلال بذل قصارى جهدها لتسليط الضوء على النجاحات التي حققتها الشركة مؤخراً، حيث تقول: “أحاول أن أبلغ مختلف الفرَق بالنجاحات التي نحققها، لكي يؤمنوا أن ما يفعلونه مهم ويُحدث أثراً”.

دراسة حالة رقم 2: فكّر في موظفيك وتحدث إليهم بإيجابية وقوة

يقول أندريس لاريس، الشريك الإداري في شركة “شابيرو نجوشياشنز إنستيتيوت” (Shapiro Negotiations Institute) وهي شركة للتدريب والاستشارات تتخذ من بالتيمور مقراً لها، أنه بمجرد أن باتت المخاطر التجارية المترتبة على “كوفيد-19” واضحة، اجتمع هو وشركاؤه معاً لمناقشة كيف سيتحدثون مع فرقهم حول وضع الشركة.

يقول أندريس: “تحدثنا عن تجاربنا الشخصية مع الانهيار المالي الذي حدث عام 2008، وفكرنا في [الجائحة الحالية] من منظور موظفينا. ثم تساءلنا: ما الذي يفكر فيه الموظفون؟ وما الذي يخشونه؟ وما الذي يشعرهم بالقلق؟”.

وبناءً على تلك المحادثة، توصَّل أندريس إلى عدة مبادئ توجيهية حول كيفية التواصل مع فريقهم. وتمثَّل هدفهم في أن يكونوا متعاطفين ومراعين لمخاوف موظفيهم، مع تشجيع مدراء الإدارة الوسطى على الاضطلاع بدورهم بوصفهم قادة داخل الشركة.

أولاً، قرروا أنهم سيتواصلون بشكل أكثر من المعتاد. حيث يقول أندريس: “نجتمع مع كل عضو في الفريق يوم الأحد، وأجتمع مع الفريق الأساسي من المدراء بشكل فردي مرتين أسبوعياً. “وهو أمر يستغرق وقتاً طويلاً، ولكنه مفيد للغاية؛ لأنه يمنح الموظفين منصة لمشاركة مخاوفهم وشواغلهم ويساعدنا على صياغة خطط مع مدرائنا لتطبيقها داخل شركتنا”.

وقد أصبح لهذه المحادثات الثنائية قيمة عظيمة، حيث يقول أندريس: “في الأوقات التي يشعر فيها الأشخاص بعدم الاستقرار ويعجزون عن رؤية أي بصيص أمل، من المهم أن يشعروا أن ما يسمعونه من قادتهم هو الحقيقة”. ويضيف: “نريد أن نتأكد من أننا واضحون دائماً، وأن نمنح فريقنا الإداري مستوى من الملكية والمسؤولية لتوجيه الشركة صوب النجاح والازدهار”.

ثالثاً، أرادوا غرس الثقة في مدرائهم ليشعروا بالراحة والالتزام تجاه رسائل القادة قبل نقلها إلى زملائهم من الموظفين. يقول أندريس: “نطلب من مدرائنا أن يتحلوا بالتعاطف والشفافية مع فرقهم، وألا يخجلوا من قيادتهم في الاتجاه الذي اتفقنا جميعاً أنه سيكون الأفضل للشركة. فهذا يوفر مستوى معين من الاتحاد والتضافر عبر الشركة بأكملها، وهو شيء ضروري في أوقات الأزمات”.

يعمل الموظفون عن بُعد من المنزل منذ أسابيع حتى الآن، ولم يضطر أندريس وشركاؤه إلى إجراء أي تغييرات في قوتهم العاملة. حيث يقول أندريس: “لم نُسرِّح أي موظف ولم نجرِ تعديلات في الرواتب”. ويضيف: “لقد درسنا الأمر وسنستمر في دراسته، ولكن هذا لن يحدث قريباً. وأسوأ ما سيحدث خلال الأسابيع القليلة القادمة هو خفض الرواتب”.

يتحدث أندريس بصراحة مع موظفيه حول الوضع المالي للشركة. فقد تلقت الأعمال ضربة قوية. ولكنه أنهى المعاملات الرسمية مع برنامج حماية الرواتب في الولايات المتحدة، ويأمل في أن تتمكن الشركة من الاحتفاظ بالموظفين. يقول أندريس: “قد نضطر إلى إجراء بعض المحادثات الصعبة، لكننا لم نصل إلى هذا الحد حتى الآن. وقد رأيت الموظفين يتنفسون الصعداء [عندما يسمعون ذلك]”.

الأهم من ذلك أن أندريس يُطمئن فريقه ويبعث برسالة قوية مفادها أن الجميع “في قارب واحد”.

أندريس ممتن للغاية لما حققه فريقه الشهر الماضي، حيث يقول: “فريقنا الآن أكثر اجتهاداً وإنتاجية من أي وقت مضى”. ويضيف: “أكثر اللحظات فخراً كانت عند رؤية الموظفين في المؤسسة يؤدون أدوار القادة ويضطلعون بمهام لم تكن في العادة ضمن مسؤولياتهم”.

تنويه: يمكنكم مشاركة أي مقال من هارفارد بزنس ريفيو من خلال نشر رابط المقال أو الفيديو على أي من شبكات التواصل أو إعادة نشر تغريداتنا، لكن لا يمكن نسخ نص المقال نفسه ونشر النص في مكان آخر نظراً لأنه محمي بحقوق الملكية الدولية. إن نسخ نص المقال بدون إذن مسبق يعرض صاحبه للملاحقة القانونية دولياً.

جميع الحقوق محفوظة لشركة هارفارد بزنس ببليشنغ، بوسطن، الولايات المتحدة الأميركية 2024 .