البنوك التي تضم سيدات أكثر في مجالس إدارتها ترتكب قدراً أقل من الاحتيال

4 دقائق
التنوع في صفوف مجلس الإدارة
استمع الى المقالة الآن هذه الخدمة تجريبية
Play Audio Pause Audio

قارنت باربرا كاسو من كلية كاس للأعمال في جامعة سيتي في لندن وأربعة من زميلاتها الباحثات البيانات الخاصة بـ “التنوع في صفوف مجلس الإدارة” والقيادات في بنوك أوروبية كبيرة وسجلات الغرامات التي فرضتها الحكومة الأميركية على هذه البنوك منذ الأزمة المالية العالمية في 2008. وقد توصّلت الباحثات إلى أن البنوك التي تضم عدداً أكبر من السيدات في عضوية مجالس إدارتها واجهت غرامات أقل وبوتير أدنى على خلفية سوء السلوك، ما وفّر على هذه المؤسسات 7.84 مليون دولار سنوياً في المتوسط.

أستاذة كاسو، دافعي عن بحثك العلمي

كاسو: كانت النتيجة واضحة وقوية نسبياً. فالمؤسسات المالية التي تعطي تمثيلاً أكبر للنساء في مجالس إدارتها فُرِضَت عليها غرامات أقل وبوتيرة أدنى. وقد أثبتنا كلاً من الارتباط والسببية من خلال الضبط باستعمال عوامل أخرى عديدة، بما في ذلك عدد الغرامات التي حصلت عليها البنوك في العام السابق وحجمها بالدولار، وحجم مجلس الإدارة، ومدة عضوية مجلس الإدارة، وعمر عضو مجلس الإدارة، ومدة بقاء الرئيس التنفيذي في منصبه، وعمر الرئيس التنفيذي، وحجم تقلّب الرئيس التنفيذي في منصبه، وحجم البنك، والعوائد على حقوق المساهمين التي حصلت عليها البنوك، وتقلبات عوائد أسهم البنوك. حتى أننا مارسنا الضبط بالنسبة للتنوع بحد ذاته. بعبارة أخرى، سألنا ما إذا كان السلوك الأفضل ناجماً عن وجود تنوع أكبر في مجالس الإدارة عموماً – بوجود أعضاء يمثلون مجموعة متنوعة من الأعمار، والجنسيات، وتنفيذيين وغير تنفيذيين على حد سواء – عوضاً عن أن يكون بسبب وجود عدد أكبر من النساء في مجالس الإدارة؟ وقد تبيّن أن التنوع في صفوف مجلس الإدارة المتمثل بوجود الجنسين كان هو العنصر المهم – وإن كان يجب عليّ الإقرار أن الأنماط الأخرى من التنوع تسهم أيضاً في تراجع حجم الغرامات وعددها.

هارفارد بزنس ريفيو: لماذا راجعتم الغرامات التي فرضتها السلطات الأميركية على بنوك أوروبية؟

لسببين. الأول هو أن البيانات جيدة جداً جداً. فأي صفقة بالدولار الأميركي من الممكن مراجعتها، وإذا ما تبيّن وجود أي سلوك غير مشروع، فإنها تخضع لعقوبات من الجهات الناظمة الأميركية، وقد أنشأ الناس قواعد بيانات مذهلة لتتبع المخالفات. ثانياً، هذا الأمر يساعدنا في تجنّب البيانات التي تعرّضت للتحريف جرّاء نشاط مجموعات الضغط والعلاقات التي تجمع بين البنوك والجهات الناظمة المحلية التي تشرف على أعمالها. فهذا الشيء يغيب إلى حد كبير عند النظر إلى إجراءات الجهات الناظمة الأميركية ضد البنوك الأجنبية.

توصّلنا إلى أنك بحاجة إلى ثلاث نساء على الأقل لتغيير الديناميكية السائدة داخل مجلس إدارة.

ما أنواع المخالفات المرتكبة؟

مخالفات للعقوبات المصرفية والاقتصادية، وغسيل أموال، وتلاعبات بالسوق، وممارسات تضليلية أو غير صادقة في المبيعات، واحتيال ضريبي ومحاسبي، وتمييز ضد العاملين، فضلاً عن جملة أخرى من المخالفات. راجعنا جميع الغرامات الصادرة عن جميع الجهات الناظمة الأميركية ولدينا معلومات تخص المبالغ، والتواريخ، والمخالفات، وما إذا كانت العقوبات مدنية أم جنائية، والجهات الناظمة التي فرضت العقوبات.

هل نتحدث هنا عن الكثير من السلوك السيء أم القليل منه فحسب؟

في جميع أنحاء العالم، وبين 2008 و2018، تقاضت حكومة الولايات المتحدة الأميركية غرامات تقرب قيمتها من 500 مليار دولار، أي نصف ترليون دولار.

يا إلهي! هذا يعني أننا بحاجة إلى المزيد من النساء في مجالس الإدارة؟

أظهر بحثنا أننا بحاجة إلى كتلة حرجة. فإذا كانت لديك سيدة واحدة في عضوية مجلس الإدارة، فإن التأثير سيكون ضعيفاً للغاية. فهذا الشيء يُنظرُ إليه على أنه خطوة رمزية، ومن الصعب جداً على شخص واحد تحدي السلوكيات المؤسسية القائمة. لقد توصّلنا إلى أنك بحاجة إلى ثلاث نساء على الأقل لتغيير الديناميكية السائدة داخل مجلس إدارة. كما وجدنا أيضاً أن التأثير يكون أقوى بكثير عندما تكون لديك نساء في عضوية مجلس الإدارة وفي المناصب التنفيذية في البنوك. نعتقد أن التنوع الجندري في هذين المجالين هو أمر أساسي جداً.

هل هذا دليل على أن النساء أكثر أخلاقية من الرجال فحسب؟

قد يكون ذلك أحد التفسيرات بالتأكيد. فالنساء يتربين منذ نعومة أظفارهن غالباً على إبداء قدر أكبر من العناية واللطف والتساهل، في حين يُكافأ الرجال في معظم الأحيان على اندفاعهم وطموحهم والسعي وراء مكاسبهم الشخصية. كما أن النساء قد يكنّ أكثر عزوفاً عن المجازفة ما يدفعهن إلى الاعتراض عند رؤية شيء قد يبدو خطيراً، كما هو الحال بالنسبة لارتكاب الاحتيال. كما أننا نعلم أن هناك فجوة في العقاب بين الجنسين: فالنساء يُعاقبن بقسوة أكبر من القسوة التي يُعاقب بها الرجال على ارتكاب الفعل ذاته. وقد يجعلهن ذلك أكثر تيقظاً في التصدي للاحتيال، لأن عدم رفع الصوت يرتّب عليهن عواقب أكبر. وهذا هو المستوى التالي الذي نريد أن نأخذ البحث إليه، أي أن نفهم ما إذا كانت النساء يتصرفن بقدر أكبر من الأخلاقية أم ما إذا كنّ يتمتعن بمستوى مشابه من الأخلاقية لكنهن أكثر تحاشياً للمجازفة. لعل الإجابة تكمن في مزيج ما بين الاثنين.

ما هي الأشياء الأخرى التي تبرع فيها النساء اللواتي يشغلن عضوية مجالس الإدارة أكثر من الرجال؟

نحن لا نقول إن النساء أفضل من الرجال، وإنما كل ما نقوله هو أنهن ببساطة يجلبن معهن مجموعة مختلفة من المهارات ولهن إسهامات أفضل في الرصد وإدارة المخاطر. هنّ مفيدات لقطاع الأعمال والشركات.

كيف كانت ردود أفعال الرجال على بحثكم؟ تلقينا بضعة ردود أفعال سخيفة. فقد قال لي أحد الأشخاص: “بوسعكم قول كل هذا الكلام كما تشاؤون، ولكن في نهاية المطاف الأطفال يفضلون أن يكونوا مع أمهاتهم” – مُلمِحاً إلى أن النساء يجب أن يجلسن في المنزل مع الأطفال، وليس في مجالس الإدارة.

لكن ذلك كان القاعدة وليس الاستثناء. أليس كذلك؟

كانت الاستجابة الفورية الأكثر شيوعاً هي: “ليس كل الرجال غير جديرين بالثقة!” وهذا صحيح بطبيعة الحال. لكننا راجعنا غرامات بمليارات الدولارات فُرِضت بسبب خطط شنيعة في قطاع يهيمن عليه الرجال أكثر من أي قطاع آخر، ووجدنا هذا التأثير الإيجابي الناجم عن التنوع بين الجنسين على مستوى مجلس الإدارة. هذا كل ما نقوله.

إذا كان التنوع في صفوف مجلس الإدارة بين الجنسين مفيداً – إذا كان ينقذ الشركة من الاحتيال والغرامات – أليس من الطبيعي أن تسير السوق في ذلك الاتجاه؟

حسناً، هناك تكاليف تترتب جرّاء تنفيذ ذلك، ولاسيما على المدى القصير. هناك بعض الأبحاث المتعلقة بمنح حصص لكلا الجنسين في مجالس الإدارة قد تشبّثت بذلك، وتحديداً أن الانتقال نحو المزيد من التنوع في صفوف مجلس الإدارة يرتّب تكاليف، بما في ذلك تكاليف البحث عن عضوات لمجلس الإدارة، وتعيينهن، وتهيئتهن لمزاولة عملهن، وأشياء أقل وضوحاً مثل بناء العلاقات المطلوبة للعمل ضمن فريق. وأخيراً، عندما تكون لديك مجموعة أكثر تنوعاً، فإن هناك المزيد من الآراء ووجهات النظر، والمزيد من المفاوضات، والمزيد من التسويات، لذلك فإن عملية اتخاذ القرار تستغرق وقتاً أطول. فهل تفوق هذه التكاليفُ المنافعَ؟ لا أعتقد ذلك، لكن هذه ذريعة يستعملها الناس لإعطاء تبرير منطقي للوضع الراهن. فإذا ما انتظرنا السوق حتى تتحرك بصورة طبيعية ومن تلقاء نفسها، وإذا ما انتظرنا الثقافة حتى تتطور، فإننا قد لا نصل إلى غايتنا المنشودة أبداً. هذا ما أؤمن به. نحن بحاجة إلى فرض الأمر قسراً.

تنويه: يمكنكم مشاركة أي مقال من هارفارد بزنس ريفيو من خلال نشر رابط المقال أو الفيديو على أي من شبكات التواصل أو إعادة نشر تغريداتنا، لكن لا يمكن نسخ نص المقال نفسه ونشر النص في مكان آخر نظراً لأنه محمي بحقوق الملكية الدولية. إن نسخ نص المقال بدون إذن مسبق يعرض صاحبه للملاحقة القانونية دولياً.

جميع الحقوق محفوظة لشركة هارفارد بزنس ببليشنغ، بوسطن، الولايات المتحدة الأميركية 2024 .