9 أساليب لإجراء مفاوضات أفضل عن بعد

6 دقائق
التفاوض عبر الإنترنت
استمع الى المقالة الآن هذه الخدمة تجريبية
Play Audio Pause Audio

ملخص: غيرت جائحة “كوفيد-19” الطرق التي يجب أن تتبعها الشركات في التفاوض. اليوم، جميع شروط الصفقات التقليدية متاحة، ويتعين على خبراء التفاوض إجراء عملية دقيقة لإعادة تقييم افتراضاتهم وقطاعاتهم، وترتيب مهامهم حسب الأولوية، وإشراك أهم أصحاب المصلحة أكثر من أي وقت مضى. كما يعتمد النجاح على فهم طريقة التفاوض عبر الإنترنت، بما أن كثيراً من عمليات التفاوض عبر الإنترنت ستستمر حتى بعد تخفيف القيود المفروضة نتيجة للجائحة. يشارك قائد برنامج التفاوض في شركة “ماكنزي“، بعض الدروس التي استقاها من عمله في التفاوض عن بعد على مدى أعوام، وتشمل نصائحه الاستفادة من مزايا وضع جدول لعملية التفاوض عن بُعد، ونصائح حول طرق استخدام الأدوات الافتراضية لمحاكاة أساليب التفاوض الشخصية، مثل المحادثات الجانبية والتواصل غير الرسمي، وطرق تجنب المشكلات الحرجة في التعامل مع التكنولوجيا التي يمكن أن تعرقل المحادثة.

غيرت جائحة “كوفيد-19” طرق التفاوض، سواء في مصنع يسعى إلى توقيع اتفاقية توريد أو شركة تكنولوجيا تحاول توقيع عقد تجاري مهم أو متجر تجزئة ينتظر تعديل شروط تخزين بضائعه في المستودعات.

ثمّة سببان لذلك:

الأول، أن كل شيء أصبح متاحاً، بدءاً مما تشتريه، وكميته، وما تبيعه، ولمن تبيعه، وصولاً إلى مدة العقد وشروطه. سيعيد المفاوض الذكي التفكير في افتراضاته ويقيّم التغيرات الحالية والمتوقعة في قطاعه، ويقيم الآثار المترتبة على مؤسسته وأولويات شركائه المتغيرة. قد يبدو عالم العلاقات بين المشتري والمورد الذي سينشأ على مدى الأشهر القليلة المقبلة مختلفاً جداً عما شهدناه قبل الجائحة من استقرار ونمو وقدرة على التنبؤ.

ثانياً، ستبقى بعض المفاوضات افتراضية حتى مع انفتاح العالم من جديد. بناء على خبرتي، ومحادثاتي مع العملاء، والتحليلات التي أجريتها في أثناء قيادتي لبرنامج التفاوض في شركة “ماكنزي”، كانت ما بين 10% و15% من المفاوضات افتراضية أو تُجرى عن بعد من قبل انتشار الجائحة. لذا أتوقع أن تُجرى نسبة لا تقل عن 25% من المفاوضات عبر الإنترنت بعد ذلك، وستكون عمليات الاتفاق هذه أكثر بساطة على الأرجح، إلا أن بعضها قد يكون أكثر تعقيداً.

في هذا المقال، سأناقش ما يعنيه هذان التغييران بالنسبة لطرق التفاوض بشكل عام وطرق التفاوض عبر الإنترنت بشكل خاص والتي يجب أن تتبعها في الأشهر المقبلة.

مشهد جديد

فلنبدأ بما تغير فيما يتعلق بشروط الاتفاق. يتم فسخ كثير من الشروط التقليدية عندما تقوم الشركات بالتفاوض من جديد على العقود التي ستستمر لعدة أعوام أخرى، لذا من الضروري أن يتم الاتفاق على هذه العقود على النحو الصحيح.

ثمة أسباب كثيرة لهذا التقلب، أحدها، أن جميع القطاعات الآن تبدأ من موقع جديد. مثلاً، مرت شركات السيارات والطيران بسنة كان الطلب فيها ضعيفاً، وهي تبدأ العمل من جديد فعلياً في عام 2021، في حين أن قطاع الترفيه يحاول تحقيق توازن في الطلب المتزايد على خدمات البث في وقت يعاني فيه إنتاج محتوى جديد صعوبات بسبب القيود المفروضة نتيجة لانتشار الفيروس. ومن المرجح أن تخضع الشركات المتضررة في قطاعات كثيرة لعمليات اندماج، ومن المحتمل أن يؤدي ذلك إلى تقليل عدد المشترين أو الموردين.

كما يمكن أن يزداد تقلب التسعير أيضاً مع التغيرات السريعة في شروط سلاسل التوريد. ولأنه من المحتمل ألا يتمكن الموردون الآن من تلبية طلبات زبائنهم بأكملها فبإمكان المشترين الاستفادة من ذلك ليتم اعتبارهم زبائن مفضلين يحظون بالأولوية عندما يكون التوريد محدوداً، على الرغم من أن ذلك سيكون مكلفاً. هذا تغيير كبير عما اعتادوا عليه فيما سبق من مساومة على الأسعار أو على حجم مبيعات المدى الطويل. وفي الوقت نفسه، قد يتوفر عدد أكبر من الشركاء للموردين الذين يتيحون مرونة أكبر في شروط الدفع. أما الأسلوب الواعد الآخر للمشترين والموردين على حدّ سواء، فهو الابتكار في الشروط غير المالية، مثل الملكية الفكرية، والتراخيص الحصرية، والوصول إلى الابتكار، ومشاركة المخاطر، والاستثمارات والمساهمات في الموارد، ومرونة العقود.

يمكن أن تتوقع المؤسسات التي تتعامل بكفاءة أكبر مع هذه الفرص الجديدة رؤية هوامش أرباح موسعة، ومرونة أكبر في سلسلة التوريد، ومستويات محسنة من خدمة الموردين، وأولوية الوصول إلى التكنولوجيا والابتكار في ظل ارتفاع الطلب.

ولذلك، سيكون ضرورياً أكثر من أي وقت مضى أن يحدد خبراء التفاوض أولوياتهم عن طريق إجراء المزيد من عمليات تحليل السيناريو لتحديد الشروط التي يجب التركيز عليها. كما يجب عليهم العمل عن قرب أكثر مع كبار القادة. في السنة الماضية شارك الرؤساء التنفيذيون والرؤساء التنفيذيون للشؤون المالية أكثر من أي وقت مضى في أهم عمليات التفاوض مع العملاء والموردين سعياً لكسب النفوذ، ويجب أن يغتنم خبراء التفاوض المصداقية التي يبنونها لدى هؤلاء القادة التنفيذيين لدفعهم باستمرار إلى المشاركة في أهم المفاوضات.

استخدام الأدوات الجديدة في التفاوض عبر الإنترنت

من الضروري أن تُستخدم أدوات الإنترنت بفعالية في المفاوضات كي تتمكن من اغتنام هذه اللحظة. إليك نصيحتي لتعزيز براعتك ضمن المجال الرقمي:

ضَع جدول أعمال مفصّلاً

تعاون مع نظيرك في المفاوضات واحرص على وضع جدول الأعمال بالتشارك معه. امنح كلاً من المشترين والبائعين وقتاً كافياً لتوضيح ما تغير بالنسبة لهم نتيجة للجائحة وتقديم صورة عن الحالة الراهنة في شركاتهم والتحديات التي تواجهها مدعومة ببيانات موثوقة، واترك وقتاً كافياً للاستراحة أيضاً كي تجتمع الفرق وتتناقش بناءً على المعلومات الجديدة التي جمعتها في أثناء التفاوض بالنظر إلى حجم التغييرات الحاصلة. وأخيراً، كما هو الحال دائماً، حدد وقتاً كافياً في نهاية الاجتماع لضمان التوافق التام على الاتفاقيات وتوضيح الخطوات التالية، فالوقت الذي يخصص لهذه الأمور عادة يكون مختصراً.

حدد مواعيد لعدد أكبر من الاجتماعات الأقصر

من الممكن أن يخصص لك أحدهم ساعة من وقته على جدول أعماله، حتى لو اضطر إلى ذلك مرتين أو ثلاث مرات، وهو أسهل بكثير من أن يخصص نصف يوم كامل. ومن دون عامل السفر يمكنك تحديد مواعيد لعدة جلسات قصيرة ضمن إطار زمني قصير بدلاً من إقامة مناسبة ضخمة لعقد الاتفاق.

ادع عدداً من أصحاب المصلحة المعنيين

خذ، مثلاً، شركة خدمات مالية تتفاوض على شراء أداة تكنولوجية جديدة. يمكن للمشتري دعوة عدد من أصحاب المصلحة إلى نفس الاجتماع مثل بعض المستخدمين في مدينة نيويورك والرئيس التنفيذي للمعلومات في مدينة سان فرانسيسكو ومدراء شركة فرعية بعيدة في البرازيل. هذا سيتيح لفريق الشاري معالجة قضايا متعددة التخصصات مباشرة في الاجتماع، مثل متطلبات الرئيس التنفيذي للمعلومات فيما يتعلق بتحقيق مستوى أعلى من الخدمة أو الأمان. وقد يكون هذا الأمر حاسماً، لأن البائع سيحجب امتيازات مهمة على الأرجح إذا اقتصر ما يراه ويسمعه على قسم الشراء في الشركة بعيداً عن مساهميها الأساسيين.

اختبر تكنولوجيا الاتصال عبر الفيديو

نوصي بشدة باستخدام الاتصال عبر الفيديو من أجل ملاحظة الإشارات غير اللفظية أو خلق الثقة. لكن إذا كانت التكنولوجيا المستخدمة في التفاوض غريبة عما تألفه، سواء كان “مايكروسوفت تيمز” أو “زووم” أو “سيسكو ويبيكس” أو “جوجل ميت”، فاستفهم عن الموافقات اللازمة من قسم تكنولوجيا المعلومات وتعلم بنفسك طريقة تشغيل الكاميرا والمايكروفون وإيقافهما ومشاركة الوثائق أو شرائح العرض واستخدام ميزة الدردشة. فالعبث بالتكنولوجيا في أثناء الاجتماع يستهلك الوقت على حساب النقاشات المهمة ويشتت انتباه المفاوض ويسيء لسمعته المهنية.

جهز للتواصل غير الرسمي

نسّق مع فريقك مسبقاً لاستخدام نظام مراسلة، مثل “سلاك” أو الرسائل النصية كي تتمكن أنت وزملاؤك في الفريق من مقارنة ملاحظاتكم في أثناء سير الاجتماع، فهذا سيمنحك القدرة على تحويل المحادثة أو التحقق من نقاط معينة بدقة أو الاتفاق على أخذ استراحة كي يجتمع الفريق للنقاش. لكن احذر من استخدام نظام المراسلة المدمج في برنامج اتصال الفيديو المستخدم في الاجتماع، لأنه من السهل جداً إرسال رسائلك السرية للطرف المفاوض الآخر بالخطأ.

ابدأ بالاطمئنان عن الجميع شخصياً

لا يمكنك افتراض أن الجميع بخير، فقد يتعامل البعض مع مشكلة ما، بدءاً من مرض أحد أفراد العائلة وصولاً إلى توقف مصنعه عن العمل. خصص بعض الوقت للتحقق من حالة الطرف الآخر العامة، كي تتمكن من بدء المفاوضات ضمن جو من الاهتمام والثقة المتبادلين، وهذا مهم جداً خاصة عندما لا يمكنك التعامل مع الطرف الآخر وجهاً لوجه فتصافحه بقوة أو تنظر إليه مباشرة.

فكر بالخصوصية

انتبه إلى إمكانية تسجيل كل ما تقوله، خذ هذه النقطة في حسبانك قبل أن تشارك معلومات أكثر مما ينبغي أو استخدام تعابير سوقية يمكن إساءة فهمها أو قطع وعود غير منطقية. وعند مشاركة الشاشة احرص على مشاركة نوافذ محددة بدلاً من مشاركة سطح المكتب بأكمله تفادياً لإظهار معلومات خاصة.

أنشئ غرف اجتماعات جانبية مستقلة في أثناء الاستراحات

على غرار الأحاديث الجانبية في الردهة التي تجري عند عقد الاجتماعات الشخصية، تسمح غرف الاجتماعات الجانبية المستقلة لأفراد فريقك بالتحدث فيما بينهم على انفراد للتنفيس عن التوتر أو مقارنة الملاحظات قبل العودة إلى الاجتماع الرئيسي. ضع خطة مسبقة حتى لا يتشوش أفراد فريقك في أثناء محاولة إنشاء قناة بديلة فيهدر الوقت الثمين قبل العودة إلى اجتماع المفاوضات.

أرسل ملخصاً عن الاجتماع

من السهل نسيان أمر ما أو إساءة تفسيره في الاجتماعات الافتراضية. لذلك بعد انتهاء الاجتماع، احرص على إرسال ملخص عما تمت مناقشته فيه للطرف الآخر ولأفراد فريقك على حدّ سواء من أجل توثيق الاتفاق والأسئلة المفتوحة والإجراءات التي سيتم اتخاذها.

سيكون العام المقبل بداية جديدة للأعمال بعد السنة الصعبة التي عشناها مع جائحة “كوفيد-19”. وهذا يعني احتمال أن تكون الاتفاقيات التي ستعقدها مفصلية في اغتنام فرص النمو وبناء علاقات جديدة، وإلا ستطيح بك سرعة التغيير الكبيرة. استخدم طرق التفاوض عبر الإنترنت وأساليب التفاوض الجديدة كي تعقد الصفقات التي ستخلق لك قيمة مالية وغير مالية وتؤسس مستقبلك المزدهر في عالم ما بعد الجائحة.

تنويه: يمكنكم مشاركة أي مقال من هارفارد بزنس ريفيو من خلال نشر رابط المقال أو الفيديو على أي من شبكات التواصل أو إعادة نشر تغريداتنا، لكن لا يمكن نسخ نص المقال نفسه ونشر النص في مكان آخر نظراً لأنه محمي بحقوق الملكية الدولية. إن نسخ نص المقال بدون إذن مسبق يعرض صاحبه للملاحقة القانونية دولياً.

جميع الحقوق محفوظة لشركة هارفارد بزنس ببليشنغ، بوسطن، الولايات المتحدة الأميركية 2024 .