كيف تجعل فريقك يتقبل التغييرات الكبيرة؟

5 دقائق
كلاوس فيدفيلت/غيتي إيميدجز
استمع الى المقالة الآن هذه الخدمة تجريبية
Play Audio Pause Audio

ملخص: عندما حاولت 5 شركات محاماة مرموقة في لندن تقديم دور وظيفي جديد رفيع المستوى هو “المستشار”، اعتقدت أن المحامين المعاونين سينتهزون هذه الفرصة ليصبحوا محامين رفيعي المستوى دون العمل لساعات طويلة بشكل صارم والتفاني الكامل المطلوب من الشركاء. ولكن لم يثق المحامون المعاونون والشركاء في الدور الجديد، ويرجع ذلك جزئياً إلى أنه لم يتلاءم مع معايير شركات الخدمات المهنية. درست الباحثتان على مدار 11 عاماً الكيفية التي حاول بها المدافعون عن التغيير تخفيف اعتراضات الأشخاص بشأن الدور الجديد ومحاولة إجراء التغيير دون إثارة قلق الموظفين. وفي النهاية، أصبح دور المستشار راسخاً ومقبولاً في 4 من الشركات الخمس.

 

إذا سألت المحامين المعاونين في أي شركة محاماة مرموقة عن مدى رضاهم عن عملهم، ستعرف أن لديهم شواغل كثيرة، بغض النظر عن النوع الاجتماعي، بشأن ساعات العمل الطويلة التي تجعل من شبه المستحيل رعاية الأسرة وأخذ إجازة حقيقية أو ممارسة التمارين الرياضية بانتظام. وقد كان هذا هو رأي الأغلبية الساحقة تقريباً، عندما كشفت دراسة استقصائية أجريت على مجال الأعمال القانونية عام 2006 أن 37% فقط من المحامين المعاونين في المملكة المتحدة يعتقدون أن الشراكة هدف منشود في الحياة المهنية، بينما أعرب 75% عن حاجتهم إلى بديل يسمح بتحقيق توازن أفضل بين العمل والحياة الشخصية.

التغيير دون إثارة قلق الموظفين

ولكن حدث شيء مثير للاهتمام عندما حاولت 5 شركات محاماة مرموقة في لندن تقديم مسار مهني بديل يستجيب لتلك الشواغل، في محاولة للاحتفاظ بالموظفين ذوي القيمة العالية. وسيشغل المحامون ذوو المهارات العالية الدور الوظيفي الذي طورته هذه الشركات وأطلقت عليه اسم “مستشار”، مثل الشركاء، ولكن المستشار سيتولى قدراً أقل من المهام المتعلقة بتطوير الأعمال من التي يتولاها الشركاء. وسيكون هذا الدور مرموقاً وسيتطلب عملاً جاداً، ولكنه سيتطلب أيضاً العمل لساعات أقل من ساعات عمل الشركاء المتوقعة.

وعلى الرغم من ذلك استجاب المحامون المعاونون، الذين تحدثوا بصراحة شديدة دون الكشف عن هويتهم عن استيائهم من ساعات العمل الطويلة بشكل لا يُصدق، لهذا الأمر بازدراء. بدأنا في إجراء بحث حول الشركات الخمس في عام 2007، فور تقديمها لدور المستشار. وأجرينا مقابلات مع 67 شخصاً، بما يشمل محامين معاونين ومستشارين قانونيين وشركاء وشركاء إداريين ومدراء للموارد البشرية، في 3 نقاط زمنية على مدار 11 عاماً. بالإضافة إلى ذلك، حللنا وثائق تنظيمية ومقالات في الصحافة القانونية. وفي محادثاتنا مع المحامين المعاونين اندهشنا من مدى القوة التي يرفضون بها وجود صلة بين دور المستشار وحياتهم المهنية، ولكنهم أصروا على أنه سيكون جيداً بالنسبة إلى الزملاء الآخرين الذين لديهم أولويات مختلفة، وخاصة الزميلات اللاتي يرغبن في تكوين أسرة. ولكنه ليس مناسباً لهم. فقد كانوا طموحين ويرغبون في أن يكونوا شركاء.

ما وجدناه عندما درسنا ردود أفعال المحامين المعاونين هو أن المشاركين في الدراسة كان لديهم أكثر من “منطق” حول عملهم وحياتهم الأسرية، ولكنهم يشعرون بالقلق حيال التعبير عنها بحرية. وفي ردودهم الأولية التي قدموها دون الكشف عن هويتهم، كانوا يشعرون بالأمان تجاه التعبير عن “المنطق المتعلق بالأسرة” الذي يرى أن الأسرة والعلاقات الأخرى خارج نطاق العمل مهمة لعيش حياة جيدة. ولكن استجابتهم العامة لدور المستشار كانت قائمة على منطق “مهني” ومنطق متعلق “بالشركة”، وكلاهما يُعد عادياً (ومشروعاً) داخل الشركات. ففي حين أن المحامين أدركوا أن دور المستشار سيساعد الشركة على الاحتفاظ بالموظفين الموهوبين قليلي العدد، إلا أنهم شعروا أن هذا الدور ينتهك “المنطق المهني” الذي ينص على أن العمل بوصفك محامياً جاداً يعني بذل كل ما في وسعك من أجل الشركة، ما يعني التضحية بكل شيء لكي تصبح شريكاً.

وعلى مدار الـ 11 عاماً التالية، لاحظنا ما حدث عندما حاول مسؤولو الموارد البشرية والشركاء الإداريون تحديد الأسباب الرئيسية لاعتراضات المحامين المعاونين والشركاء على الدور الوظيفي الجديد وكيفية استجابتهم لتخفيف حدة الشواغل.

الاعتراض الأول: التناقض

ليس من الممكن اعتبارك مهنياً جاداً في شركة محاماة إلا إذا فعلت كل شيء سعياً إلى الشراكة. قد ترى إن دور المستشار منطقي، ولكنه لا يمكن أن يكون كذلك، لأن تخصيص الوقت للعائلة أو للاهتمامات الأخرى يتنافى مع تحقيق النجاح المهني.

الاستجابة المخففة من حدة الشواغل

أعاد مدراء الموارد البشرية توجيه المحامين المعاونين بعيداً عن المفهوم التقليدي للمكانة المهنية (التي تعتبر أن الوصول إلى منصب الشريك هو أهم غاية) وصوب الشعور بالمكانة من وجهة نظر الشركة بشكل أكبر (ما يعني اعتبار أن المستشار هو منصب رفيع وموقر في التسلسل الهرمي للشركة). وقد حددوا حقوق وامتيازات هذا الدور وأكدوا عليها: يُسمح للمستشار بحضور اجتماعات الشركاء، ويمكنه استخدام استراحة الشركاء. كما أنهم أعادوا صياغة هذا الدور الوظيفي بوصفه بديلاً لمنصب الشريك وليس المسار الموصل إليه، على سبيل المثال “لا يتعين على الجميع شغله ليصبحوا شركاء… ولكن بالنسبة إلى البعض قد يكون نقطة انطلاق جيدة للغاية”. أعاد مدراء الموارد البشرية أيضاً توجيه المحامين المعاونين بعيداً عن النظر إلى الدور على أنه مخصص للمرأة فقط لتتمكن من رعاية الأسرة، وجعلوهم ينظرون إليه بوصفه استقلالية مهنية؛ ما يعني أنه “يقدم خيارات مختلفة لجميع الرجال والنساء” و”يوفر خيارات للأشخاص الموهوبين الذين لديهم رغبات وتفضيلات مختلفة”.

الاعتراض الثاني: الغموض

كان المحامون المعاونون يشعرون بالقلق من أن دور المستشار ليس مختلفاً عن دور الشريك أو دور كبير المحامين المعاونين، ما يعني ضمنيّاً أن التعويضات قد لا تكون منصفة. وكان الشركاء قلقين من أن العملاء قد ينظرون إلى المستشار على أنه أقل جودة من الشركاء، ما يشير إلى تدني مستويات الجودة. “نرقّي بالفعل كبار المعاونين إلى شركاء. ولكن ألن يكون هؤلاء الأشخاص ‘أقل’ من حيث الجودة؟”. يستند كلا الاعتراضين إلى المنطق المهني المعياري للشركات.

الاستجابة المخففة من حدة الشواغل

أوضح مدراء الموارد البشرية دور المستشار وقاموا بحماية الجودة من خلال تعزيز الدور بعمليات بيروقراطية، بما في ذلك تحديد مقاييس واضحة وصارمة للأداء، والتقييم الدقيق لمقدمي الطلبات ورفض عدد لا بأس به لإثبات أن الدور له مكانة مميزة ورفيعة بالفعل في التسلسل الهرمي المهني.

الاعتراض الثالث: التعارض

اعتقد الشركاء أن الدور الجديد كشف عن وجود تعارض بين الأهداف الاستراتيجية. فقد دعم دور المستشار رغبة الشركات في النمو. إلا أن الشركات أيضاً أرادت الحفاظ على طابعها بوصفها شركات للخدمات المهنية، ما يتطلب اهتماماً خاصاً بالتطوير المهني للمحامين المعاونين لدعم تدرجهم الوظيفي في نظام الشراكة الذي ينص على إما الترقي وإما مغادرة الشركة. فقد كان الشركاء قلقين من احتمالية أن يتسبب دور المستشار في “تحجُّر عقلية مجموعة من الأشخاص” الذين قد يحجبون فرص تنمية المحامين المعاونين ذوي الأداء المتميز. وهذا يمكن أن يحد من تعرض كبار المحامين المعاونين الطموحين لمشكلات العملاء الصعبة، ما سيثبط عزيمتهم ويضعف المنطق المهني.

الاستجابة المخففة من حدة الشواغل

طمأن مدراء الموارد البشرية الشركاء، زاعمين أن الرغبة في نمو الشركة لن تتعارض مع الرغبة في الحفاظ على المعايير المهنية لأنهم سيديرون أعداد المستشارين للتأكد من أن نسبتهم ضئيلة للغاية (وأبقوا النسبة مبهمة) لضمان التطوير المهني لكبار المحامين المعاونين ونمو الشركة.

اقرأ أيضاً: التعامل مع مقاومة التغيير

كانت محاولات التخفيف من حدة الشواغل ناجحة بشكل عام. وفي 4 من الشركات الخمس، أصبح دور المستشار راسخاً ومندمجاً في التسلسل الهرمي المهني على نحو متزايد. وعلى مدار فترة بحثنا أصبح شَغل الجنسين لهذا الدور متساوياً بشكل متزايد. في الشركة الخامسة، زاد الشركاء في قسم الموارد البشرية من الرسائل المتعلقة بالنوع الاجتماعي، ما يعني ضمنيّاً أن هذا الدور كان اقتراحاً مهنياً جيداً للمرأة التي تسعى إلى قضاء المزيد من الوقت مع العائلة. وفي هذه الشركة قوبل دور المستشار بالتشكيك المستمر، ولم يُسمح به في المكتب الرئيسي، على الرغم من اعتماده في المكاتب الدولية لملء الفراغ الناجم عن غياب فرص الشراكة.

ما نستخلصه من البحث هو أنه حتى عندما تتغير قيم المجتمع، ويتقبل الموظفون هذه التغييرات في القيم، فإنهم قد يكونون غير مستعدين للتعبير عنها في العمل بسبب التعارضات بين معايير مكان العمل وأنواع المنطق.

لإجراء تغييرات متسقة مع القيم المجتمعية الجديدة دون إثارة قلق الموظفين، يحتاج المدراء إلى دمج التغييرات في أنواع المنطق والقيم المشروعة للشركة، وليس في القيم المجتمعية التي تهم الموظفين ولكنهم يقلقون من التعبير عن ذلك. ويمكن لدعاة التغيير إعادة توجيه الموظفين بعيداً عن القيم التي يُنظر إليها على أنها متناقضة مع منطق مكان العمل وصوب قيم مكان العمل المشروعة بالفعل، ويمكنهم تعزيز القيم المعرضة للخطر بقيم أو عمليات أخرى مشروعة، ويمكنهم أيضاً طمأنة الموظفين بأن التغيير لن يجبرهم على المفاضلة بين قيمتين يعتزون بهما. أظهر بحثنا أن القيم متجذرة في الاعتراضات وأن تلك القيم التي استعان بها دعاة التغيير للتعامل مع الاعتراضات أصبحت متوائمة مع التغييرات بمرور الوقت، ما جعل التعبير عن القيم المجتمعية الجديدة مع التمسك بقيم مكان العمل في الوقت ذاته أكثر راحة بالنسبة إلى الموظفين.

اقرأ أيضاً في المفاهيم الإدارية: معنى مستشار قانوني

تنويه: يمكنكم مشاركة أي مقال من هارفارد بزنس ريفيو من خلال نشر رابط المقال أو الفيديو على أي من شبكات التواصل أو إعادة نشر تغريداتنا، لكن لا يمكن نسخ نص المقال نفسه ونشر النص في مكان آخر نظراً لأنه محمي بحقوق الملكية الدولية. إن نسخ نص المقال بدون إذن مسبق يعرض صاحبه للملاحقة القانونية دولياً.

جميع الحقوق محفوظة لشركة هارفارد بزنس ببليشنغ، بوسطن، الولايات المتحدة الأميركية 2024 .