أسئلة القراء: ماذا أفعل مع الموظف المخادع؟

7 دقائق
كيفية التعامل مع الموظف المخادع
shutterstock.com/Gustavo MS_Photography
استمع الى المقالة الآن هذه الخدمة تجريبية
Play Audio Pause Audio

سؤال من قارئ: أنا مدير لمسؤول عن نظام تقنية المعلومات وموظف في مكتب الدعم الفني، وهو يفتعل الأعطال ثم يحلها ليبرز نفسه أمام كبار المسؤولين التنفيذيين. مثلاً، يقوم بإعداد جهاز كمبيوتر محمول (لاب توب) لنائب رئيس المبيعات الجديد، ويعبث نوعاً ما بإعدادات برنامج الشبكة الافتراضية الخاصة (VPN) ليسبب عطلاً في الجهاز. وعندما يستدعيه نائب الرئيس بسبب هذا العطل، يتصرف وكأنه مشكلة كبيرة ويتظاهر بأنه يعمل ليلاً ونهاراً لحلها، كي يوهم نائب الرئيس أنه متفان وداعم جداً في عمله. لا أعلم كيف أتعامل مع هذا الشخص المخادع، إذ إنه يرسل الرسائل الإلكترونية ليلاً ويقدم رقم هاتفه المحمول الشخصي بدلاً من الرقم العام لمكتب الدعم الفني. لكن عندما يرى أن الموظف الذي يطلبه غير ذي أهمية، يتركه أسابيع قبل أن يعمل على حل مشكلته. هو أحد مسؤولين اثنين عن نظام تقنية المعلومات، وما أن توكل إليهما مشكلة ما يتولاها هذا الشخص بنفسه إلى أن يحلها. عندما وصلتني مراجعات عن حوادث كهذه واكتشفت قيامه بهذا الأمر، وجهت إليه تنبيهاً بضرورة عدم وجود مشكلات بعد عمليات الإعداد القياسية للأجهزة، لكنه يستمر بافتعال أعطال مختلفة. ليس بإمكاني طرده فهو يحظى بدعم كثير من الأشخاص في الإدارة، وهو يعمل في الشركة منذ أكثر من عشرة أعوام واكتسب دعمهم بأسلوب منهجي بهذه الطريقة.

ولهذا فسؤالي هو:

ماذا يجب عليّ أن أفعل؟ كيف اتعامل بطيقة صحيحة مع هذا الموظف المخادع الذي يتظاهر بالعمل ليلاً ونهاراً؟

يجيب عن هذا السؤال كل من:

دان ماغين: مقدم برنامج “ديير آتش بي آر” من هارفارد بزنس ريفيو.

أليسون بيرد: مقدمة برنامج “ديير آتش بي آر” من هارفارد بزنس ريفيو.

آدريان غوستيك (Adrian Gostick): مدرب تنفيذي ومؤلف مشارك لكتاب “القيادة بامتنان: ثماني ممارسات قيادية لنتائج أعمال استثنائية” (Leading with Gratitude: Eight Leadership Practices for Extraordinary Business Results).

آدريان غوستيك: وأنا أستمع إلى هذا السؤال، استرجعت ذكريات الماضي لأني تعاملت مع موظف كهذا من قبل. كان لدي موظف، وسأسميه سام، عينّاه أنا وشريكي في التأليف، تشيستر، منذ سنوات عندما كنا نعمل معاً في شركة كبرى. كانت المشكلة كالتالي: كان العملاء يحبون هذا الموظف، وأيضاً كان كبار القادة يحبونه، لكن زملاءه في الفريق كانوا يرون أنه أسوأ إنسان على الإطلاق. كان يقضي أوقاتاً طويلة على الطريق، وعند وصوله إلى الشركة كان يتجول بين مكاتب المسؤولين التنفيذيين ويمضي معظم يومه في التملق إليهم من دون أن يحصل زملاؤه في الفريق على أي شيء منه، ولم يقدم أي عمل لنا. وعندما اشتكينا منه لمديرنا، الرئيس التنفيذي، قال لنا أن نتدبر أمر العمل ونتفاداه، فالعملاء يحبونه. لم نتمكن من جعل قادتنا يدركون أن هذا الشخص يشكل تحدياً حقيقياً، وأن أفراد الفريق لا يحبونه.

أليسون بيرد: إذن، ماذا فعلت بشأنه؟

آدريان غوستيك: لحسن الحظ، انقلب السحر على الساحر وكشف حقيقته بنفسه، لكن هذا لا يحدث دائماً. ومن المحتمل أن الموظف الذي تحدث عنه صاحب السؤال يعمل على هذا النحو منذ عشرة أعوام، ولن يكتشف أمره أحد، وسيستمر في ذلك. لذا، يجب أن يعمل صاحب السؤال مع القيادة العليا بنفسه، وأن يتعامل معهم بأسلوب دبلوماسي، مع أن كثيراً من القادة يمقتون القيام بذلك.

دان ماغين: أجد أن هذا السؤال مذهل والمشكلة أيضاً مذهلة. أنا ساذج، ولم أفكر قط أنه يمكن أن يقوم أحد بهذه الأمور. ونحن نبث هذا البرنامج منذ عامين ولا أعتقد أننا استخدمنا تعبير “شيطاني”، ولكن هذا الأمر شيطاني بدهاء. ذكرني بالفيلم الكرتوني الذي كان يعرض وأنا طفل، الذي تقول أغنيته “ها أنا ذا، أتيت لأنقذ الموقف”. إذ يقوم بطل الفيلم بافتعال مشكلة ثم يدخل ويعمل جاهداً ويكد العرق ويحلها. أتفهم مدى صعوبة هذا الأمر على مديره، لكنه مستمر بلعبته وقد توصل إلى طريقة ليجعل القيادة إلى جانبه.

أليسون بيرد: هذا مثير للاهتمام. يجب أن يبدأ صاحب السؤال بفكرة توضيح ما يفعله الموظف للقيادة العليا، وأنه في الحقيقة ذو أداء سيئ لأنه لا يؤدي المهمات الأولية على نحو جيد، وإنما هو يحل المشكلات فقط. لكن كيف يفعل ذلك بطريقة لا تجعله يبدو وكأنه يتعمد إيذاء موظفه أو غير قادر على إدارته، أو أنه يغار منه لأنه يتمتع بعلاقات جيدة مع كبار المسؤولين التنفيذيين

أدريان غوستيك: هذا صعب جداً لأنه من السهل أن يبدو في هذا الموقف وكأنه يختلق المشكلات من أمور تافهة في حين يبدو ذاك الموظف بطلاً. لذا، يجب عليه أن يتحدث عن الكفاءة، فيقول إن الفريق لا يعمل بدرجة الكفاءة الممكنة بسبب أسلوب هذا الشخص، وأن عليهم اتخاذ بعض الخطوات لأن الأمر يسبب تشتيتاً لتركيز بعض الموظفين. عليه أن يخبرهم بما يقوم به ذاك الشخص، ويطلب وضع نظام متابعة بالبطاقات، مع الحرص على التزام الموظفين به، وأن يوضح لهم أن 10% فقط من القوة العاملة في المؤسسة، المتمثلين بالمدراء في المراتب العليا، مسرورون من عمل مكتب الدعم الفني، في حين يبقى 90% من الموظفين في حالة إهمال من هذا الموظف. هذه ليست طريقة مناسبة لعمل مكتب الدعم الفني، ويجب أن يعمل كما يجب.

دان ماغين: أنا أيضاً فكرت بنظام المتابعة بالبطاقات، ففي مطاعم الوجبات السريعة، تلاحظ ساعة صغيرة على الشاشة تبدأ بحساب الوقت حالما تقدم طلبك، لأن وقت تقديم الخدمة مهم جداً في هذا القطاع. وبالنسبة لمكتب الدعم الفني، من المنطقي جداً أن تبدأ الساعة بحساب الوقت بدءاً من لحظة تقديم أي موظف بطاقة طلب لمكتب الدعم الفني. لذا لن يكون منصب مقدم الطلب مهماً، بل يجب أن يكون زمن تلبية الطلب وحل المشكلة هو المعيار الذي يجب أن يستخدم في الحكم على مسؤول الدعم الفني. وسواء كان نائب الرئيس أو المشرف، يجب البدء بقياس الوقت الذي يستغرقه مسؤولو الدعم الفني لختم البطاقة، وتحفيزهم بناء على هذا الأساس.

أليسون بيرد: أحب هذه الفكرة حول التوجه إلى القيادة العليا وتوضيح العواقب المترتبة على أسلوب ذاك الشخص. يمكن لصاحب السؤال أن يقول مثلاً، إن 90% من الموظفين يقيّمون خدمة مكتب الدعم الفني على أنها رديئة لأنهم لا يحصلون على استجابة بالسرعة المناسبة. كما يمكنه ذكر نسبة الوقت المهدور في التعامل مع المشكلات الفنية لدى كبار القادة بسبب هذا الموظف وحده. فالحقائق المجردة تنجح غالباً.

آدريان غوستيك: يجب أن يحضر ومعه الحجج المنطقية المقنعة. ولأن ذاك الشخص ذكي، يجب على صاحب السؤال الدخول وكأنه محام يناقش القضية قبل دخول هيئة المحلفين، ويجب أن يحمل البيانات والحقائق التي تبين طريقة تحسين كفاءة الفريق. أحب فكرة دان، وقليل من الفرق تتبعها. عملنا مرة مع فرقة الملائكة الزرق في القوات البحرية الأميركية، وهي فرقة طائرات النخبة المقاتلة تؤدي نحو 200 عرض في العام، حيث تقوم الطائرات بتلك الحركات البهلوانية المذهلة في الهواء. وجدنا أن تنظيم هذه العروض يتم لفظياً بصورة كاملة. ظننت أن كل شيء يقوم على أنظمة الكمبيوتر، لكن لم يكن ذلك صحيحاً، فليس بإمكانك توجيه الملاحظات وتعديل الاتجاهات وأنت في الهواء، ويجب التنفيذ بحذر شديد. لكن عندما يهبطون إلى الأرض، يزيل أفراد الفريق جميع شارات الرتب عن أكتافهم، سواء كانوا ملازمين أو جنوداً أو مهما كانت رتبهم، ويجلسون جميعاً ضمن حلقة في غرفة ويراجعون المعلومات عن أدائهم معاً. يمكن أن يقول شخص كان يكنس الأرض لقائد الفرقة: “لقد خرجت عن خط الطيران اليوم” فيرد القائد: “أجل، لقد ابتعدت مسافة 50 قدماً، ولن أسمح بحدوث ذلك ثانية”. يعمل أفراد هذه الفرقة على مبدأ الوضوح الشديد بشأن ما نجح وما لم ينجح، فذلك لن يتيح حدوث مشكلات كبيرة. من النادر أن تعمل الفرق على هذا الأساس، لكنه سيكون مفيداً جداً في حالة صاحب السؤال.

دان ماغين: أعتقد أن جزءاً من المشكلة سيكون من الصعب حله بحسب ما رأيته كثيراً في الشركات. أعتقد أن هذا الأمر شائع. فالجميع يبنون علاقة مع هؤلاء الموظفين، ويشعرون أن بعضهم أكثر تجاوباً من الآخرين، فعمل موظف تقنية المعلومات مثل عمل أي موظف في أي نوع من الخدمات الأخرى. وفكرة أنه من الضروري أن يتساوى الجميع، وأنه ليس بإمكانك اللجوء إلى الموظف المفضل لديك، تخالف الطبيعة البشرية.

أليسون بيرد: لكن إذا علم هؤلاء المسؤولون التنفيذيون أنهم بحاجة إلى العمل معه لأنه هو من يفتعل هذه المشكلات على أجهزة الكمبيوتر الخاصة بهم، فسيخسر ثقتهم به بعد أن بناها. لكن يبدو أننا لم نفكر بالتحدث مع هذا الشخص مباشرة.

آدريان غوستيك: إذا تحدث مديره إليه مباشرة فثمة احتمال كبير أنه لن يصدقه وسيرغب بمعرفة من قال هذا الكلام عنه، وقد يجيبه صاحب السؤال بأنه سمعه من كثير من الموظفين، ولن يصدقه، ومن المحتمل جداً أن يدخل في جدال معه. لكن بالطبع، يمكنه محاولة التحدث إليه أولاً.

أليسون بيرد: أجل، وعندما يجري المحادثة المباشرة مع الموظف، أرى أنه من الضروري أن يتحدث معه بأسلوب قائم على الحقائق وأن يقدم المعلومات الداعمة، لا أن يهاجمه شخصياً، بل أن يتحدث عن الأمر على أنه متعلق بأهداف الفريق وأن يحدد أثر ما يحدث على الموظف نفسه من الناحية المهنية، وأنه سيتوجه إلى كبار القادة إذا لم يتغير الوضع وأن ذلك سيغير من مكانته.

دان ماغين: بدلاً من نظام المتابعة العشوائي القائم على البطاقات، حيث تذهب المشكلة إلى أي موظف متاح في قسم تقنية المعلومات، هل يجب على صاحب السؤال توزيع المهام على الموظفين بنفسه كي لا يتمكن ذاك الموظف من استلام جميع مشكلات كبار الإداريين؟

آدريان غوستيك: أعتقد أن هذه آخر فكرة يمكننا طرحها بخصوص هذه المشكلة، وهي ضرورة أن يتعامل المدير بقوة أكبر. يجب أن يتحكم بأمور معينة، يمكنه أن يقول مثلاً: “سأوكل المهمات إليكم بنفسي من الآن فصاعداً”، وعندئذ، إذا جرب صاحب السؤال جميع الطرق وفشل، فيمكنه التحكم بأمور أخرى أيضاً. حتى أنه من الممكن أن يتحكم بإمكانية حصول ذاك الموظف على زيادة في الراتب، أو قدرته على العمل من المنزل، أو حصوله على أي امتياز يفضله. في بعض الأحيان يضطر المدراء لاستخدام نفوذهم من أجل محاولة جعل العمل يفي بمعايير الأداء التي يسعون للارتقاء إليها.

أليسون بيرد: نملك اقتراحين، الأول هو أنه من المجدي دوماً إجراء محادثة مباشرة مع الموظف الصعب أو الموظف المخادع، ويجب أن يتسلح صاحب السؤال بالحقائق حول الأداء الضعيف لذاك الموظف، ومدى أهمية أن يمارس الجميع أدوارهم في خدمة المؤسسة بأكملها. وبإمكانه أيضاً توضيح العواقب المترتبة على سلوكه، وأنه إذا لم يغير هذا السلوك فسيضطر صاحب السؤال إلى تغيير المهام الموكلة إليه. ربما كانت هذه المشكلة بسبب اتباع ذاك الموظف أسلوباً شيطانياً في التعامل مع الموظفين في المكتب، وقد يضطر صاحب السؤال للتوجه إلى كبار القادة بنفسه.

ونرى أن عليه التحدث عن العواقب التي تنشأ عن سلوك هذا الموظف على المؤسسة، وربما نسبة الموظفين الذين لا يشعرون بالرضا عن خدماته، ونسبة الوقت الذي يهدره على عمليات إصلاح غير ضرورية، ونرى أيضاً أن عليه اقتراح الحلول لهذه المشكلة، سواء كان الحل هو أن يوزع المهام على أفراد فريق الدعم الفني بطريقة مختلفة، أو أن يطبق نظام متابعة بالبطاقات كي يلغي الخيارات في عملية تلبية طلبات معالجة المشكلات التقنية وإجراء عملية مراجعة لدفع الجميع للعمل بكفاءة أكبر، وبهذه الطريقة سيتمكن صاحب السؤال من معرفة الطريقة الصحيحة للتعامل مع الموظف المخادع.

تنويه: يمكنكم مشاركة أي مقال من هارفارد بزنس ريفيو من خلال نشر رابط المقال أو الفيديو على أي من شبكات التواصل أو إعادة نشر تغريداتنا، لكن لا يمكن نسخ نص المقال نفسه ونشر النص في مكان آخر نظراً لأنه محمي بحقوق الملكية الدولية. إن نسخ نص المقال بدون إذن مسبق يعرض صاحبه للملاحقة القانونية دولياً.

جميع الحقوق محفوظة لشركة هارفارد بزنس ببليشنغ، بوسطن، الولايات المتحدة الأميركية 2024 .