كيف تتعامل مع اللحظات غير المنطقية في المفاوضات

4 دقائق
التعامل مع المفاوضات
استمع الى المقالة الآن هذه الخدمة تجريبية
Play Audio Pause Audio

أليسون هي الرئيسة التنفيذية لشركة استشارية، وهي في اجتماع مهم مع تريفور، وهو موظف لامع استقال قبل شهر بهدف إطلاق شركته الاستشارية. يُدير تريفور حساباً يُسهم بأكثر من 20% من إيرادات الشركة، وقد كان العميل واضحاً في أنه يريد من تريفور البقاء مسؤولاً عن الحساب. يرغب تريفور بالاستمرار في قبض العمولة، خصوصاً أثناء أشهر التقشف التي تأتي مع تأسيس كل عمل جديد، وتحتاج شركة أليسون إلى الإيرادات من الحساب الذي كان يديره تريفور. فكيف يمكن التعامل مع المفاوضات هذه؟

بعد ثوانٍ من بدء الاجتماع (الذي كان مؤجلاً لفترة)، مررت أليسون قُصاصة من الورق تحتوي على اقتراح مكتوب بخط اليد عن نسبة العمولة. تمرير الورقة بهذه الطريقة جعل تريفور يشعر بعدم الراحة، فنظر إلى الرقم المكتوب وعبسَ في وجهها بغضب، ثم تناول قلماً من جيب سترته وكتب رقماً على الورقة، ودفعها باتجاهها مع ابتسامة متكلفة. بانت ملامح الغضب على وجهها وقالت: “يبدو أن الاجتماع انتهى، إياك أن تتجاهل بند “عدم المنافسة” وإلا فإننا سنقاضيك في المحكمة”.

تتعامل معنا الكثير من أدبيات التفاوض كما لو أننا مخلوقات عقلانية تتخذ قرارات منطقية عن مصالح محددة وواضحة، ومع أن هذا قد يحمل نوعاً من الصحة، إلا أن المفاوضات غالباً ما تكون “محادثات حاسمة” – تفاعلات ما بين الأفراد مشحونة بالمشاعر، وقد نتخذ قرارات غير منطقية من شأنها تقويض مصالحنا الخاصة بناء على دوافع غير عقلانية، كما فعل أليسون وتريفور.

قضيت وزملائي الآلاف من الساعات في دراسة هذه اللحظات الحاسمة، ووجدنا بعض الممارسات الجيدة للتعامل مع التفاعلات الإنسانية التي غالباً ما تقود المفاوضات.

اقرأ أيضاً:

الممارسات الجيدة للتعامل مع المفاوضات

السرعة في مناقشة المسائل الخلافية

غالباً وبسبب عدم شعورنا بالراحة من النزاع، نماطل في الحديث عن المسائل الخلافية. في غضون ذلك، تتصاعد المشاعر والشكوك والأحكام المسبقة – وتجعل من المحتم أنه حينما نصل إلى المفاوضات، ينحدر الحوار إلى لعبة مفاوضات بدلاً من التعاون بقصد حل المشكلة. يمكننا تقليل التصعيد غير الضروري عن طريق الشروع في المفاوضات في أقرب فرصة ممكنة بدلاً من المماطلة. كانت “المفرقعات النارية” في الحديث بين أليسون وتريفور تتضخم لأسابيع ومنذ إعلان تريفور عن استقالته.

ناقش المشكلة الحقيقية

إذا كان هناك أمر ما يثير إزعاجك، وكان هذا الضيق يوجه سلوكك أثناء المحادثة، توقف للحظة وتبين من مخاوفك، واسأل نفسك، “ما الذي يحدث لي على أرض الواقع؟” ومن ثم، إذا لزم الأمر، اطرح الموضوع على طاولة النقاش حيث ينتمي. على سبيل المثال، إذا شعر تريفور بأن استخدام أليسون لعرض مكتوب بخط اليد ينتهك روح التعاون وحل المشكلات، فيمكنه تحويل الحديث إلى مناقشة الاجراءات: “كما تعرفين، بدلاً من عرض الأرقام على بعضنا البعض في هذه النقطة، أتساءل إن كان بإمكاننا التحدث عن المبادئ والمتطلبات؟ ربما سيكون من الأسهل الوصول إلى حل جيد، إذا فهمنا وجهات نظر إذا فهمنا وجهات نظر بعضنا البعض بشكل أفضل”.

التأكيد على السلامة النفسية

نجا جنسنا البشري منذ آلاف السنين لأننا مستمرون في البحث عن السلامة. أدمغتنا مبنية خصيصاً لإعطاء الأولوية المعرفية للتهديدات المتصورة. عندما نتعرض لتهديد، يتوقف التفكير المنطقي ويتولى الدماغ الأولي السيطرة. هذه أخبار سيئة عند النظر إلى التهديدات في المفاوضات الشخصية المعقدة بنفس الأسلوب. قد يتسبب هذا “الضباب المعرفي” في المُغادرة بغضب، أو إصدار التهديدات، أو الانسحاب لحين ظهور خيارات أفضل، وقد تؤدي تصرفاتنا لإثارة استفزاز الآخرين بنفس الطريقة. تُعتبر السلامة النفسية الشرط الأول للنجاح في المفاوضات الصحية. تتحقق النتائج الإيجابية الطويلة المدى عندما يلتزم الجميع بتنفيذ الاتفاقية، لذا تأكد من معرفة الطرف الثاني لما يلي:
1) أنك تهتم بمصالحهم – تماماً كما تهتم بمصالحك.
2) أنك تُكِن لهم الاحترام.

تخيل مدى اختلاف المحادثة مع أليسون لو استجاب تريفور على العرض المقدم على الورقة منها بقوله، “أليسون، أعرف أن مغادرتي في هذا الفترة أمر مربك للجميع. هذا شيء كنت أريد القيام به منذ فترة طويلة ولكنني لا أريد أن أسبب الأذى لهذه الشركة، وأنا على استعداد لمواصلة الحديث حتى نجد حلاً مناسباً للطرفين”.

استخدم الحقائق، لا التهديدات

يأتي كلا الطرفين عادة إلى التفاوض مع تصورات مختلفة حول المصالح والخيارات والعواقب، وفي بعض الأحيان، تشعر بالحاجة إلى تحدي تصورهم للواقع. على سبيل المثال، وقّع تريفور على اتفاقية عدم المنافسة عندما انضم إلى الشركة، وقد ترتب على هذا التزامات قانونية. تعتقد أليسون أن تريفور غير مدرك لعواقب تقديم خدماته الجديدة لأحد عملاء الشركة، وتستطيع توضيح بند عدم المنافسة إما كحقيقة واقعة أو كتهديد، وبما أن السلامة النفسية أمر مهم للغاية، ابذل قصارى جهدك من أجل مشاركة فهمك للموقف دون تحفيز الشعور بالتهديد.

يمكنك القيام بذلك بـ 3 طرق:

قم بصياغة العبارة كنتيجة طبيعية وليس كانتقام محسوب. حاول تجاوز بند عدم المنافسة ولو بقيد أنملة “وسوف نقاضيك في المحكمة”، عبارة عن تهديد. في المقابل، “أريد أن يكون واضحاً أنه من واجبي حماية مصالح الشركة” توحي بنتيجة طبيعية.

عبِّر عن اتخاذك الإجراءات العقابية، ولا تعتذر عن حماية مصالحك الخاصة، ولا تتخلى عن القيام بذلك أيضاً.

اضغط نحو الحوار، لا التسويات، وبينما تقوم بمشاركة الشخص الآخر حول النتائج السيئة للعواقب، من الواجب طمأنته أنك ترغب في تجنب هذه العواقب وأنك ترغب في مواصلة الحوار بحثاً عن نتائج أفضل للطرفين.

كان بإمكان أليسون أن تقول بنبرة هادئة ومحترمة: “في حال لم نتوصل إلى اتفاق، نستطيع أخذ عدة دقائق لمراجعة بند عدم المنافسة الذي وقعت عليه عند التحاقك بالشركة، لنتأكد من أنه لدينا نفس القدر من الفهم للموضوع قبل المضي إلى الأمام؟”، من شأن هذا أن يدفع تريفور للتفكير بالتبعات القانونية دون إثارة أي عدوانية لا لزوم لها.

في النهاية، تخلى تريفور عن الإيرادات التي كانت ستساعده كثيراً في عمله الجديد، بينما احتفظت شركة أليسون بالعميل، ولكن انخفضت الإيرادات بنسبة 50% في السنة الأولى بعد مغادرة تريفور. غالباً ما نركز على محتوى المفاوضات بدلاً من التفاعلات البشرية التي تقودها، ولكن يمكن للتغييرات الصغيرة في النهج الذي تتبعه أن تعمل على تحويل مسار نتائج المفاوضات الحاسمة بالكامل.

لهذا فأنت بحاجة إلى تعلم المزيد عن التعامل مع المفاوضات، ومهارات التفاوض.

اقرأ أيضاً:

تنويه: يمكنكم مشاركة أي مقال من هارفارد بزنس ريفيو من خلال نشر رابط المقال أو الفيديو على أي من شبكات التواصل أو إعادة نشر تغريداتنا، لكن لا يمكن نسخ نص المقال نفسه ونشر النص في مكان آخر نظراً لأنه محمي بحقوق الملكية الدولية. إن نسخ نص المقال بدون إذن مسبق يعرض صاحبه للملاحقة القانونية دولياً.

جميع الحقوق محفوظة لشركة هارفارد بزنس ببليشنغ، بوسطن، الولايات المتحدة الأميركية 2024 .