ما الذي ينبغي لك قوله إن رأيت زميلاً يبكي في العمل؟

3 دقائق
البكاء في العمل
استمع الى المقالة الآن هذه الخدمة تجريبية
Play Audio Pause Audio

ملخص: إن إظهار الاهتمام والتعاطف تجاه شخص يبكي في العمل، حتى إن لم تكن مرتاحاً حيال ذلك، هو أمر أساسي لتكون قائداً ذكياً عاطفياً. إذاً، ما الذي ينبغي لك قوله لشخص يبكي في العمل؟ حاول أن تقول شيئاً من قبيل: “أرى أنك تبكي، لنتوقف عن العمل للحظة. هل ترغب في أخذ قسط من الراحة أم مواصلة العمل؟ القرار في يدك”.  فهذه الصياغة المحايدة تمنح الشخص الفرصة لاختيار ما يريده ويحتاج إليه. أو يمكنك أن تقول: “أريد الاطمئنان على أحوالك، هل يمكن إيقاف محادثتنا لثانية وإخباري عن سبب بكائك؟”. فهذا يبرهن على تعاطفك معه واهتمامك به، دون تهويل أو قلق مبالغ فيه. ويمكنك أن تقول أيضاً: “لاحظت أنك تبكي، فلنتوقف قليلاً عن العمل. أخبرني ما أكثر ما سيساعدك الآن، وسأفعله من أجلك”.  فهذا إقرار بما يحدث، مع مساعدة الشخص على استعادة السيطرة.

 

كنت مؤخراً أقدم تدريباً إرشادياً لقائدة وطرحت عليّ هذا السؤال: “هل يمكنني إخبار عضو في فريقي أنه لا ينبغي البكاء في العمل؟”. كمدربة من المفترض أن أجيب عن سؤالها بسؤال من قبيل:

“ما الذي دفعك إلى طرح هذا السؤال؟”.

“ما الذي يجعل البكاء شيئاً لا ينبغي أن يحدث في العمل؟”.

“ما هو تأثير إخبار عضو في الفريق أنه لا ينبغي له البكاء في العمل؟”.

لكن بدلاً من اتباع نُهج التدريب الإرشادي، أجبت بعفوية وحزم: “لا”.

قال توم هانكس في فيلم “دوري خاص بهم” (A League of Their Own) إنه “لا بكاء في لعبة البيسبول”، ولكن لم يقدم أي فيلم شاهدته إجابة واضحة عما يجب فعله حيال “البكاء في العمل”. وبالطبع هناك بكاء في العمل، شئنا أم أبينا. قد يكون نتيجة لمحادثة تم خلالها تقديم ملاحظات بدت قاسية أو جلسة تخطيط للحياة المهنية مخيبة للآمال أو محادثة صعبة حول توقعات غير واقعية أو دون سبب محدد. وبالنسبة إلى الكثيرين منا، فإن رؤية شخص ما يبكي يمكن أن تجعلنا نشعر بعدم الارتياح والذنب والقلق. إذاً، لماذا نشعر بهذا؟ هناك عدّة أسباب:

  1. لأننا نريد إصلاح الأمر. فعندما نرى شخصاً ما يبكي، يكون لدى معظمنا غريزة طبيعية لحل مشكلته. ولكن لا يكون بالإمكان دائماً معرفة المشكلة التي ينبغي حلها.
  2. لأننا نخشى أن نكون مَن تسببنا في هذا البكاء. فنسأل أنفسنا: “هل السبب هو شيء قلته أو فعلته؟ هل أنا مَن جعلته يبكي؟”.
  3. لأننا لا نعرف سبب بكائهم. أبسط تفسير هو أنهم يشعرون بالحزن من شيء ما. لكن الناس يبكون أيضاً عندما يشعرون بالغضب والسعادة والإحراج والقلق والارتياح والخوف والإحباط والتعب والتقدير والجوع والوحدة وأن هناك مَن يتفهم موقفهم، وما إلى ذلك.
  4. لأننالا نرغب في البكاء؛ فالمشاعر معدية، ما يجعلنا نقلق من أن نتأثر بدموع شخص آخر فنبكي نحن أيضاً، لا سيما إذا كنا مرهفي الحس للغاية.
  5. لأننا نقلق من أن يكون البكاء بسبب مشكلة أكبر لا يمكننا أن نفعل شيئاً حيالها. فنتساءل عما إذا كان البكاء بسبب شيء أكبر من المحادثة التي أجريناها للتو. ماذا لو كان ناتجاً عن مشكلة شخصية أعمق وأكبر من المشكلات التي نعرف كيف يمكننا المساعدة على حلها؟
  6. لأننا نخشى ما سيحدث بعد البكاء. فبمجرد أن نرى تلك الدمعة الأولى أو نسمع الشهقات الأولى، نهمس لأنفسنا: “ماذا لو بدؤوا بالنحيب؟” و”ماذا لو تقيؤوا؟” و”ماذا لو أصبحت أنفاسهم متسارعة؟”.

تتطلب مساعدة شخص يبكي في العمل التحلي بالذكاء العاطفي، لا سيما في شكل الوعي الذاتي وإدارة الذات. يتطلب الوعي الذاتي إدراك أن تعبير شخص آخر عن مشاعره سيؤثر فينا، وأن نكون قادرين على تمييز هذا التأثير (الخوف أو القلق أو الغضب، وما إلى ذلك). وتتطلب إدارة الذات أن نتحكم في مشاعرنا في لحظتها، وأن نتكيف مع ما هو مطلوب منا الآن.

وفي معظم الحالات، ما يكون مطلوباً في لحظتها هو أن تقول شيئاً مفيداً وداعماً ومقتضباً. ما لا يُحبَّذ قوله:

  • تحديد سبب البكاء، مثل “تبدو حزيناً”. تذكر أن الناس يبكون لعدة أسباب، ولا يمكنك معرفة سبب بكائهم ما لم يخبروك به. (من المهم أيضاً أن تضع في اعتبارك أن الأشخاص أنفسهم لا يعون دائماً سبب بكائهم).
  • إخبارهم بما يجب عليهم فعله، مثل “يجب أن تأخذ قسطاً من الراحة”. غالباً ما يشعر الشخص الذي يبكي بفقدان السيطرة، وعندما تخبره بما يجب عليه فعله، حتى إذا كنت تفعل ذلك من منطلق التعاطف، فإنك يمكن أن تزيد من شعوره بفقدان السيطرة.
  • الحكم عليهم، مثل “الأمر لا يستحق البكاء”. فإخبار شخص ما أنه يجب ألا يشعر بما يشعر به يقلل من الثقة المتبادلة بينكما، ما يجعله يشعر بعدم الأمان في علاقته بك.

إذاً، ما الذي يمكنك قوله بدلاً من ذلك؟

  • “أرى أنك تبكي، لنتوقف عن العمل للحظة. هل ترغب في أخذ قسط من الراحة أو مواصلة العمل؟ القرار في يدك”.  هذه الصياغة المحايدة تمنح الشخص الفرصة لاختيار ما يريده ويحتاج إليه.
  • “أريد الاطمئنان على أحوالك، هل يمكن إيقاف محادثتنا لثانية وإخباري عن سبب بكائك؟”. هذا يبرهن على تعاطفك معه واهتمامك به، دون تهويل أو قلق مبالغ فيه.
  • “لاحظت أنك تبكي، فلنتوقف قليلاً عن العمل. أخبرني ما هو أكثر ما سيساعدك الآن، وسأفعله من أجلك”. هذا إقرار بما يحدث، مع تمكين الشخص من استعادة السيطرة.

المشاعر عبارة عن بيانات، ولا ينبغي تجاهل التعبير المرئي (والمسموع) عن المشاعر، مثل البكاء، أو التقليل من شأنه. لذا فإن إظهار الاهتمام والتعاطف، حتى إن لم تكن مرتاحاً تجاه ذلك، هو أمر أساسي لتكون قائداً ذكياً عاطفياً.

تنويه: يمكنكم مشاركة أي مقال من هارفارد بزنس ريفيو من خلال نشر رابط المقال أو الفيديو على أي من شبكات التواصل أو إعادة نشر تغريداتنا، لكن لا يمكن نسخ نص المقال نفسه ونشر النص في مكان آخر نظراً لأنه محمي بحقوق الملكية الدولية. إن نسخ نص المقال بدون إذن مسبق يعرض صاحبه للملاحقة القانونية دولياً.

جميع الحقوق محفوظة لشركة هارفارد بزنس ببليشنغ، بوسطن، الولايات المتحدة الأميركية 2024 .