هل يتعارض التعاطف مع المساءلة؟

7 دقائق
التعاطف مقابل المساءلة
استمع الى المقالة الآن هذه الخدمة تجريبية
Play Audio Pause Audio

ملخص: لنكن صادقين، كان عام 2020 عصيباً على معظم الناس، على الرغم من عدم تأثر الجميع بصدمة الجائحة والافتراضات المستمرة حول عدم المساواة العِرقية والانتخابات الأميركية المثيرة للجدل بالدرجة نفسها. ومنذ أن بدأت الجائحة، كانت هناك دعوة موجهة إلى المدراء ليكونوا متفهمين ومتساهلين مع الموظفين في أثناء تعاملهم مع الضغوط الناجمة عن هذه الأزمة العالمية. والآن، بعد أن تم رفع القيود في أجزاء كثيرة من العالم، يتساءل بعض المدراء عن كيفية الاستمرار في تحقيق التوازن بين التعاطف مع الموظفين في فرقهم والمساءلة عن إنجاز العمل. والخبر السار هو أن الخبراء يقولون إنه من الممكن تحقيق التوازن بينهما. فبدلاً من التفكير في الأمر على أنه مفاضلة بين التعاطف والمساءلة، فكر في كيفية الجمع بينهما. تعرض المؤلفة في هذه المقالة 8 خطوات متعلقة بموضوع التعاطف مقابل المساءلة يمكن للمدراء اتخاذها لتحقيق الأهداف والرأفة بموظفيهم في الوقت ذاته.

 

منذ أن بدأت الجائحة، كانت هناك دعوة موجهة إلى المدراء للموازنة بين موضوع التعاطف مقابل المساءلة ليكونوا متفهمين ومتساهلين مع الموظفين في أثناء تعاملهم مع الضغوط الناجمة عن هذه الأزمة العالمية. والآن، بعد أن تم رفع القيود في أجزاء كثيرة من العالم، يتساءل بعض المدراء عن كيفية الاستمرار في تحقيق التوازن بين التعاطف مع الموظفين في فرقهم والمساءلة عن إنجاز العمل. فهل يجب أن توفر قدراً من المرونة في المواعيد النهائية وتوقعات الأداء حتى إذا كان ذلك يعني عدم تحقيق أهداف الفريق؟ وكيف يمكنك أن تتفهم ما مرّ به الموظفون، وما زالوا يمرون به، بينما تخضعهم للمساءلة؟ وهل يجدر بك القلق من أن يتم استغلالك؟

طرحتُ هذه الأسئلة على الكثير من الخبراء الذين يدرسون التحفيز والتعاطف في العمل لمعرفة النصائح التي يمكنهم تقديمها للمدراء في هذه الفترة وبوجه عام، وقالوا إن الوقت الحالي ليسوقتاً يتوقف فيه المدراء عن إظهار الرعاية والاهتمام لموظفيهم كما كانوا يفعلون خلال العام الماضي. ولا ينبغي لهم أيضاً الضغط على الموظفين دون التفكير فيما يحتاجون إليه عاطفياً. وكما تقول جين داتون، الأستاذة في كلية “روس للأعمال” بجامعة “ميشيغان” والمؤلفة المشاركة لكتاب “إيقاظ التعاطف في العمل” (Awakening Compassion at Work): “أن تكون متعاطفاً ورحيماً لا يعني أنه عليك خفض توقعاتك”. فبدلاً من التفكير في الأمر على أنه مفاضلة بين التعاطف والمساءلة، فكر في كيفية الجمع بينهما.

الموازنة بين التعاطف مقابل المساءلة

فيما يلي بعض النصائح حول كيفية التغلب على التوتر الواضح بين الرأفة بالموظفين ومراعاة مشاعرهم وإلزامهم بمعايير عالية.

غيّر طريقة تفكيرك في العام الماضي

لنكن صادقين، كان عام 2020 عصيباً على معظم الناس، على الرغم من عدم تأثر الجميع بصدمة الجائحة والافتراضات المستمرة حول عدم المساواة العِرقية والانتخابات الأميركية المثيرة للجدل بالدرجة نفسها. قد يكون من السهل وصف العام الماضي بأنه عام لم يكن فيه أحد منا في أفضل حالاته من حيث الإنتاجية. لكن هذا لن يكون منصفاً تماماً. فبدلاً من التفكير في أنكم “خفضتم توقعاتكم”، ركز على كل ما أنجزته أنت وفريقك، كما تقترح ليندا هيل، الأستاذة في كلية “هارفارد للأعمال” ومؤلفة كتاب “أن تكون المدير” (Being the Boss). فقد تكون أنجزت الكثير في ظروف ليست سهلة للغاية. وبدلاً من النظر إلى الطريقة التي تتفاعل بها مع موظفيك على أنها “تساهل”، تقول هيل إنك يجب أن تفكر في الأمر على أنه “مرونة، وهذا هو التصرف الصائب”.

غيّر طريقة تفكيرك في تحفيز الموظفين

قد تحتاج أيضاً إلى إعادة التفكير في افتراضاتك حول ما يحفز الموظفين. وكما تقول داتون، إذا كنت ترى أن التعاطف والمساءلة على طرفي النقيض، فأنت بذلك تفكر فيهما بطريقة خاطئة. يعتقد الكثير من المدراء أنهم بحاجة إلى أن يكونوا صارمين لإجبار الموظفين على أن يكونوا منتجين، لكن البحوث لا تدعم ذلك. في الواقع، يمكن أن يؤدي الضغط على الموظف في يوم عمله إلى ما يسمى “الجمود الناتج عن التهديد“، حيث يركز الأشخاص الذين يشعرون أنهم تحت تهديد على ما يعرفون كيفية فعله بالفعل ولا يستطيعون الإبداع أو الابتكار.

تقول داتون إنك قد تكون قادراً على جعل الموظفين منتجين على المدى القصير، ولكن على المدى الطويل قد يأتي ذلك بنتائج عكسية. بعبارة أخرى، نادراً ما ينجح التعامل بصرامة مع الموظفين، خاصة إذا كانوا يعانون بالفعل. يقول جاكوب هيرش، وهو أستاذ مشارك في جامعة “تورنتو”: “على المستوى الاستراتيجي، لن تحصل على النتائج التي تريدها إذا زدت من الضغوط في حياة الموظفين”. ويقول إن جزءاً من وظيفة المدير هو بناء مكان عمل آمن نفسياً، وإذا فعلت ذلك لأعضاء فريقك، فسيكون من الأسهل بكثير أن تطلب منهم القيام بدورهم. ووفقاً لبحث داتون “غالباً ما تكون استجابة الموظفين للتعاطف هي زيادة الاستثمار في المؤسسة”. لذا، فإن إبداء التعاطف والاهتمام ليس من الأشياء اللطيفة التي يمكنك فعلها فحسب، فهو أيضاً أمر بالغ الأهمية للأداء.

لا تتجاهل الواقع من أجل الموازنة بين التعاطف والمساءلة

الآن، بعد مرور 18 شهراً على هذه الأزمة، ومحاولة الكثير من الأشخاص العودة إلى بعض مظاهر الحياة الطبيعية، قد تفترض أنه يمكنك العودة إلى مستوى الإنتاجية الذي كنت عليه قبل الجائحة. لكن لا تتجاهل حقيقة أن معظم الناس لا يزالون يشعرون بالإنهاك. تقول داتون: “استُنزفت طاقتنا جميعنا”، ولن تؤدي إعادة فتح المكاتب إلى استعادتها. ويقول هيرش: “لن يكون العالم من دون ضغوط أبداً، “سيكون هناك دائماً شيء ما يحدث في حياة الناس”. كما يحذر من أن “الأسلوب القديم” في التعامل مع مشكلات الصحة النفسية في العمل، أي البقاء عليها مخفية والتظاهر بأنها غير موجودة، لن ينجح. فنحن نعلم الآن أن الموظفين يريدون أن يكونوا قادرين على التحدث بصراحة عن مشكلات الصحة النفسية في أماكن عملهم.

ما الذي ينبغي لك فعله إذا شعرت أنه يتم استغلالك؟

إذا طالب بعض أعضاء فريقك بترتيبات تيسيرية خلال العام الماضي، مثل تمديد المواعيد النهائية أو تقليل حجم العمل أو إجازة للحفاظ على صحتهم النفسية، فقد تشعر أنك يتم استغلالك، خاصة إذا كنت تبذل قصارى جهدك في وظيفتك وتنجز عملك دون مثل هذه الترتيبات. يقول هيرش إن المدراء يميلون إلى التفكير من منطلق “إذا كان بإمكاني تحمل هذا، فلماذا لا تستطيعون تحمله؟”. لكن هذه الطريقة في التفكير، وأي محاولة لعقد مقارنات فيما يتعلق بالمعاناة والقدرة على التحمل، لن تفيد. فلكل شخص وضع فريد بالطبع. لذا، لا تضع نفسك في موقف صعب يجعلك تتساءل عما إذا كان موظفون معينون يستغلون الموقف لصالحهم. وكما تقول هيل: “من الأفضل لك مساعدتهم في التغلب على شعورهم بالإنهاك بدلاً من التركيز على ما إذا كان هذا الشخص يستغل تساهلك على نحو غير مناسب”.

تعامل مع ضعف الأداء بطريقة مباشرة. فإذا كان شخص ما غير قادر على أداء وظيفته وفقاً للتوقعات، فافهم السبب وحاولا معاً معرفة كيفية معالجة الأسباب الجذرية. يقترح هيرش أن تفكر فيما إذا كان الأمر يتعلق: “بدوافع الشخص أو بشعوره بالتوتر أو بطريقة سير العمل أو أنه بسبب نقص التدريب. تساءل عن الجوانب التي يعاني فيها، وركز عليها”. تقترح هيل أن تفكر في الفريق بأكمله. إذا كان الفريق بأكمله يكافح ليكون منتجاً، فعليك معالجة هذه المشكلات على مستوى الفريق، وليس على المستوى الفردي فقط.

ركز على بناء القدرة على التحمل

للقدرة على التحمل دور مهم. يقول هيرش: “سيكون العامل المقيِّد للكثير من الموظفين هو كيفية تعاملهم مع الضغوط وكل ما يحدث في حياتهم. يتعامل بعض الأشخاص مع الضغوط جيداً؛ فهو جزء من استعدادهم لإدارة الضغوط. ولكن سيحتاج آخرون إلى مزيد من الدعم”. وهذا ينطبق بشكل خاص على أي شخص تحمل وطأة الصدمة والحزن على مدى العام الماضي.

يضيف هيرش أنه بدلاً من التساؤل متى يمكنك التوقف عن سؤال الموظفين عن أحوالهم، يجب أن تفكر في “الطريقة التي يمكنك بها مساعدتهم في إدارة حياتهم وتحسين أدائهم”. في حين أن مسؤولية مساعدة الموظف المتعثر على بناء قدرته على التحمل لا تقع عليك وحدك بصفتك مديره، ولكن يمكن أن يكون لك دور في ذلك. وكما تقول داتون: “يتطلب الأمر مزيداً من الإبداع والمثابرة لدعم الموظفين”، ولكنه سيؤتي ثماره من حيث الأداء والالتزام.

تتمثل إحدى طرق تحفيز أعضاء فريقك، خاصة عندما يكونون تحت ضغط مستمر، في إظهار التقدم الذي أحرزوه. تقول داتون: “ساعد الموظفين على معرفة مدى النمو الذي حققوه خلال العام الماضي للحفاظ على الزخم الإيجابي”. ويمكنك أن تطلب منهم مشاركة ما إذا كانوا قد طوروا مهاراتهم أو اكتشفوا مهارات أو قدرات جديدة في أثناء الجائحة (مع توضيح أنه لا بأس إذا كانوا لم يفعلوا ذلك). ينبغي لك أيضاً ربطهم بالغرض من عملهم. تقول داتون: “أظهر للموظفين التأثير الإيجابي لعملهم؛ فهذا يعطيهم دفعة من الناحيتين الفسيولوجية والنفسية”.

أجرِ محادثات فردية وضع خططاً

كل هذا يتطلب أن تتحدث مع كل عضو من أعضاء فريقك بمفرده حتى تفهم ظروفه الفريدة. ولا تفترض أنك تعرفها، حتى إذا كنت على اتصال وثيق به، فالظروف تتغير. تقول هيل: “اجعلهم يشعرون بالأمان والارتياح حيال إخبارك بما يحدث في حياتهم وكيف يؤثر ذلك في عملهم حتى تتمكن من اكتشاف أفضل طريقة للمضي قدماً”. وفي الوقت نفسه، تقترح هيل أن توضح ما تتطلبه الوظيفة. يمكنك أن تقول: “هذا هو العمل الذي تحتاجون إلى إنجازه. فهل يمكنكم ذلك؟”. ثم استمع إلى ما يعتقدون أن بإمكانهم فعله. ومع أخذ الظروف في الاعتبار، يمكنكم أن تحددوا معاً ما الذي يبدو منطقياً للمضي قدماً. ومع ذلك، لا تشعر أنك بحاجة إلى تحمل القصور المستمر في الأداء. توضح هيل: “إذا لم يكونوا منتجين وكنت قد أوضحت سابقاً ما هو مطلوب للوظيفة، ولكنهم لم يتمكنوا من القيام به، فحينها سيكون عليك اتخاذ قرار بشأن ذلك”. فأنت في النهاية بحاجة إلى شخص ما للقيام بهذا العمل.

اجعل المساءلة هدفاً جماعياً

من أفضل الطرق للتشجيع على الموازنة بين التعاطف مقابل المساءلة هي القيام بذلك على مستوى الفريق. بدلاً من الضغط على أعضاء الفريق، ابحث عن طرق لجعلهم يُخضعون بعضهم للمساءلة. وكما يقول هيرش: “المساءلة هدف جماعي، وهي تعمل بشكل أفضل إذا تمكن الفريق من إيجاد طريقة لتحقيقها على نحو جماعي”. لذا، اجتمعوا كفريق وحلوا المشكلات معاً. تقترح هيل أن تقول شيئاً مثل “حسناً، لنفترض أن هذه هي الظروف التي يتعين علينا العمل في ظلها لمدة 6 أشهر أخرى. كيف يمكننا أداء عملنا على أفضل وجه؟ وكيف يمكننا تحسين عملنا معاً؟”.

اعتنِ بنفسك

في أثناء الاعتناء بموظفيك، لا تغفل الاعتناء بنفسك. تشعر على الأرجح بالتوتر نفسه الذي يشعر به أعضاء فريقك، إضافة إلى الضغوط الواقعة عليك لتحقيق النتائج. يقول هيرش: “المدراء عالقون في الوسط، كما هو الحال في أغلب الأحيان”. ويضيف أنه من الصعب “تحقيق الأهداف التي حددتها الإدارة العليا والاهتمام برفاهية الموظفين في الوقت ذاته. وهناك ضغط إضافي متمثل في محاولة تجاوز حالة عدم التيقن والصراعات المتزايدة”. لذا، احرص على تخصيص ما يكفي من الوقت للاعتناء بنفسك. ويتضمن ذلك الحصول على قسطٍ كافٍ من النوم ليلاً، وتناول الطعام الصحي، وممارسة التمارين الرياضية، والتأكد من حصولك على الدعم الذي تحتاج إليه.

نظراً إلى مدى صعوبة الشعور المستمر بالقلق بشأن فريقك مع محاولة تحقيق الأهداف في الوقت نفسه، قد يكون من المغري محاولة التراجع عن إبداء التعاطف، إلا أنه من المهم التمسك به. بالطبع عليك أن تكون واقعياً حيال موضوع التعاطف مقابل المساءلة وما يمكنك وما لا يمكنك فعله للموظفين، لكن داتون تحث المدراء على التفكير في التعاطف باعتباره “استثماراً في موظفيك”. وتضيف: “وهو استثمار له مردود كبير”.

تنويه: يمكنكم مشاركة أي مقال من هارفارد بزنس ريفيو من خلال نشر رابط المقال أو الفيديو على أي من شبكات التواصل أو إعادة نشر تغريداتنا، لكن لا يمكن نسخ نص المقال نفسه ونشر النص في مكان آخر نظراً لأنه محمي بحقوق الملكية الدولية. إن نسخ نص المقال بدون إذن مسبق يعرض صاحبه للملاحقة القانونية دولياً.

جميع الحقوق محفوظة لشركة هارفارد بزنس ببليشنغ، بوسطن، الولايات المتحدة الأميركية 2024 .