كيف تعزز مقاومتك لهجمات التصيُّد الاحتيالي؟

18 دقيقة
التصيُّد الاحتيالي
استمع الى المقالة الآن هذه الخدمة تجريبية
Play Audio Pause Audio
إدخال تغييرات بسيطة على تدريب الموظفين يمكن أن يحسن النتائج ويعزز مقاومتك لهجمات التصيد الاحتيالي.

صيَّد رايان رايت وماثيو جنسن آلاف الأشخاص على مدار العقد الماضي، ولا يخططا للتوقف عن ذلك في القريب العاجل.

كلاهما ليسا مخترقين يحاولان الحصول على بيانات قيّمة أو أموال، ولكنهما باحثان يعملان مع الشركات والحكومات والجامعات حول العالم لفهم السبب الذي يجعلنا غالباً ما نقع ضحية لهجمات التصيُّد الاحتيالي وما الذي يمكن للمؤسسات القيام به للحد من هذا التهديد. تبذل أقسام الأمن في الشركات بعض الجهود لتثقيف الموظفين بشأن هجمات التصيد الاحتيالي، التي تمثل 90% من جميع حالات انتهاك سرية البيانات، وعلى الرغم من ذلك يتم فتح ما يقدر بـ 30% من رسائل البريد الإلكتروني الاحتيالية. ومع وصول تكلفة الهجمة الاحتيالية الناجحة إلى 3.8 مليون دولار في المتوسط، تُعد هذه النسبة عالية بشكل مقلق. ويمكن أن تزداد هذه التكلفة لأن مجرمي الإنترنت يستغلون الزعزعة التي أحدثتها جائحة كورونا والزيادة الكبيرة في عدد الموظفين الذين يعملون من المنزل، حيث إن زيادة المشتتات قد تجعل الموظفين يتخلون عن حذرهم.

زيادة فاعلية التدريب الأمني

حدد رايت (أستاذ كرسي سي كولمان ماك جي في التجارة بجامعة فيرجينيا) وجنسن (أستاذ مشارك في نُظم المعلومات الإدارية ومصنف ضمن الفريق الرئاسي بجامعة أوكلاهوما) عدة طرق لزيادة فاعلية التدريب الأمني استناداً إلى بحوثهما.

اجعل استخدام أساليب اليقظة الذهنية جزءاً من التدريب

تطلب العديد من المؤسسات من الموظفين إكمال برامج تدريب جاهزة بصفة منتظمة، غالباً سنوياً أو على أساس نصف سنوي. يقول الباحثان أن هذا مفيد لتنبيه الموظفين إلى التهديدات الشائعة وإعطائهم توجيهات أساسية لتقييم الرسائل الواردة. ولكن يحذر الباحثان من أن تكرار التدريب القائم على القواعد لن يزيد بالضرورة من مقاومة الهجمات. بل إنه في الواقع بعد مرحلة ما يمكن أن يأتي بنتائج عكسية حيث إنه يجعل الموظفين غير مبالين بالتدريب ويمنحهم شعوراً زائفاً بإجادة الدروس وإتقانها، ما يجعلهم يتجاهلونها بعد ذلك.

يتمثل جزء من المشكلة في أن التدريب القائم على القواعد يعزز ما يطلق عليه عالم النفس الحائز على جائزة نوبل دانيال كانيمان “نظام التفكير الأول السريع”. ويتسم هذا النوع من المعالجة السريعة والتلقائية بأنه فعال ولكنه قد يؤدي إلى اتخاذ قرارات طائشة ويجعل الموظفين عرضة للهجمات التي تحيد عن القواعد. يقول رايت: “بدلاً من أن تطلب المؤسسات من موظفيها حفظ قائمة طويلة من الإشارات المتغيرة باستمرار، يمكنها اتباع أسلوب أكثر شمولاً” بإضافة تعليمات متعلقة باليقظة الذهنية. فالهدف هو التشجيع على نظام التفكير الثاني البطيء، وهو نهج تأملي وتحليلي بشكل أكبر.

في دراسة ميدانية شملت 355 من طلاب الجامعات وأعضاء هيئة التدريس والموظفين، قارن الباحثان وزملاؤهما بين 3 مجموعات من المشاركين خاضوا جميعاً تدريباً أمنياً أساسياً. وقد تلقت المجموعة الأولى تعليمات إضافية تستند إلى قواعد. وتعلمت المجموعة الثانية طريقة استخدام أساليب اليقظة التالية: توقف قليلاً إذا كانت رسالة البريد الإلكتروني تتطلب اتخاذ إجراء، وراعِ طبيعة الإجراء وتوقيته والغرض منه ومدى مناسبته، واستشر طرفاً ثالثاً في حال وجود أي شكوك. ولم تتلق المجموعة الثالثة أي تدريب إضافي. وبعد 10 أيام أطلق الباحثون هجمة تصيُّد احتيالي وهمية. ووجدوا أن 13% من المشاركين الذين تلقوا تدريباً إضافياً قائماً على القواعد قد ابتلعوا الطُعم، والأمر نفسه ينطبق على 23% من الذين لم يتلقوا أي تدريب إضافي، ولكن 7% فقط من المشاركين الذين تدربوا على تطبيق أساليب اليقظة الذهنية وقعوا فريسة لهذه الهجمة. وقد أسفر بحث لاحق أجراه كريستوفر نغوين، وهو زميل للباحثين، عن نتائج مماثلة وأظهر أن هذه المقاومة المتزايدة استمرت لعدة أشهر.

اتبع نهجاً على نطاق الفريق

غالباً ما تُحبَط التدابير الأمنية بسبب مشكلة “أضعف الحلقات”؛ ما يعني أنه إذا استجاب شخص واحد لإحدى الهجمات، فإنها قد تنجح. لفهم ما إذا كانت ديناميات الجماعة يمكن أن تخفف حالة الضعف هذه، أجرى رايت وزملاؤه تجربة ميدانية مدتها عامين على وحدة مالية تضم 180 شخصاً في جامعة كبيرة. ومن خلال تحديد مواقع الموظفين في مجموعات عملهم وشبكاتهم الاجتماعية مع محاولة تصيّدهم عدة مرات، اكتشفوا أنه كلما كان الأشخاص لهم أهمية مركزية كبيرة أو أكثر ارتباطاً بأي نوع من المجموعات، قلّت احتمالية استسلامهم للهجمة. على سبيل المثال، الموظفون في الربع الأعلى من الأهمية المركزية في مجموعات عملهم ضغطوا على الروابط الإلكترونية في رسائل التصيد بنسبة 14% فقط، بينما فعل الموظفون في الربع السفلي ذلك بنسبة 35%. وقد جد الباحثون أيضاً أنه كلما زادت كفاءة الفريق في استخدام الكمبيوتر بشكل عام، زادت مقاومة كل عضو في الفريق لهجمات التصيد.

تشير هذه النتائج إلى أنه يمكن للموظفين تعلُّم دروس أمنية قيمة من زملائهم في الفريق بشكل رسمي أو غير رسمي، وهي دينامية يمكن للمدراء الاستفادة منها. يقول رايت: “يمكن للمدراء إجراء دورات تدريبية للفِرق ومحاسبة كل فريق على النتائج، بدلاً من قول ‘لقد حان وقت إكمال تدريبك في مجال تقنية المعلومات لهذا العام’ ثم لا يتم التطرق إلى هذا الأمر مجدداً أبداً”. ويمكن للمؤسسات أيضاً استخدام تحليل الشبكات لمعرفة الموظفين الأكثر عرضة للخطر بوجه خاص، ويمكنها أن تقدم تدريباً إضافياً للموظفين المساعدين أو الجدد في فرقهم.

فاجأت إحدى نتائج الدراسة الباحثين، وهي: كلما زاد تفاعل الموظفين مع مكتب تقديم المساعدة في مجال تقنية المعلومات أو حتى ثقتهم به، زادت احتمالية وقوعهم ضحية لهجمات التصيد. يفترض الباحثون أن الموظفين ربما شعروا أنهم “مؤمَّنون” ضد الهجمات. حيث يقول رايت: “إذا سُرقت بطاقة ائتمان، تغطي شركة بطاقات الائتمان الخسائر، ما يجعل الأشخاص أقل اهتماماً بحماية بطاقاتهم، ونحن نفترض أن شيئاً مماثلاً يحدث هنا”. ويضيف: “إذا كان الموظفون يعتقدون أن مكتب تقديم المساعدة سيحميهم إذا ضغطوا على روابط خاطئة، فإنهم بذلك لا يمكنهم حماية بياناتهم أو التعلم من تفاعلاتهم”. ويمكن للمدراء تحفيز الموظفين بأن يجعلوا الامتثال للتدابير الأمنية جزءاً من مراجعاتهم السنوية، كما يقول رايت. ويمكن لمكتب تقديم المساعدة التأكد من فهم المستخدمين للإشارات التحذيرية التي لم يلاحظوها بدلاً من حل المشكلة ببساطة كما يحدث عادة.

اجعل التدريب على هيئة لعبة

هناك طريقة أخرى للاستفادة من ديناميات المجموعة بإضافة عنصر تنافسي لممارسات الأمن السيبراني. أجرى الباحثان وزملاؤهما 3 تجارب تضم 568 مشاركاً لعبوا دور متدرب تعلَّم اكتشاف الرسائل المريبة والإبلاغ عنها، ثم كُلف بمجموعة متنوعة من المهام تتضمن إدارة رسائل البريد الإلكتروني الواردة إلى المدير. بينما يؤدي المشاركون عملهم، واجهوا 5 رسائل تصيُّد عبر البريد الإلكتروني. في أول تجربتين نُشرت بلاغاتهم على لوائح المتصدرين في اللعبة ذات التصميمات المختلفة. وفي التجربة الثالثة، قورنت لوائح المتصدرين بالعديد من تدابير مكافحة التصيُّد الاحتيالي الأخرى، منفردة ومجتمعة، وهي: مقاطع الفيديو التدريبية ووسوم تصف رسائل البريد الإلكتروني بأنها “خارجية” إذا كانت من خارج المؤسسة ووسوم تحذر من أن رسائل البريد الإلكتروني المريبة على وجه التحديد قد تكون هجمات تصيُّد.

وقد كانت لوائح المتصدرين فعالة للغاية في التشجيع على الإبلاغ عن الرسائل المريبة مع إبقاء الرسائل الإيجابية الزائفة تحت السيطرة، حيث إن الوسوم التي تحذر صراحة من أن رسائل البريد الإلكتروني قد تكون رسائل تصيُّد هي فقط التي حصلت على نتائج أفضل. كما أنها كانت مؤثرة بوجه خاص عندما اقترنت بالتدريب. ولكن تَبين أن بعض التصميمات كانت أفضل من غيرها. والشكل الأمثل هو الذي جعل هويات مقدمي البلاغات ظاهرة للجميع مع منحهم نقاط نظير البلاغات الصحيحة وخصم نقاط عند تقديم إنذارات كاذبة. يقول جنسن: “لقد تَبين أن الحوافز الخارجية أكثر فاعلية بكثير من الحوافز الداخلية أو الذاتية”.

لا أحد سيقضي وقته في البحث عن محاولات التصيُّد الاحتيالي لمجرد أنه يستمتع بذلك. ولكن يمكن للمؤسسات اتخاذ هذه الخطوات للتأكيد على أهمية الكشف والإبلاغ عنها وجعل هذه الأنشطة أكثر فاعلية مع المكافأة عليها. فعندما يتعلق الأمر بوقوع الموظفين ضحية للرسائل الاحتيالية، “من الصعب للغاية الحيلولة دون وقوع أي حالات احتيال على الإطلاق، لذلك ينبغي اتباع نهج متعدد المستويات”، كما يقول جنسن.

حول البحث: “تجاوُز حدود الأفراد: وجهات نظر جماعية حول الامتثال للتدابير الأمنية في مجال تقنية المعلومات”، رايان رايت (Ryan T. Wright) وستيفن جونسون (Steven L. Johnson) وبرينت كيتشن (Brent Kitchen) (ورقة عمل)؛ و”بناء جدار الحماية البشري: التصدي لهجمات التصيُّد الاحتيالي من خلال العمل الجماعي باستخدام قوائم المتصدرين للعبة”، ماثيو جنسن (Matthew L. Jensen) وآخرون (ورقة عمل)؛ و”التدريب للحد من هجمات التصيُّد الاحتيالي باستخدام أساليب اليقظة الذهنية”، ماثيو جنسن وآخرون، “مجلة نُظم المعلومات الإدارية” (Journal of Management Information Systems)، 2017.
[su_expand more_text=”المزيد” less_text=”الأقل” height=”50″ link_color=”#66abe8″ link_style=”button” link_align=”right”]

على المستوى العملي

“إضفاء الطابع الشخصي للتدريب على التصدي لهجمات التصيُّد الاحتيالي يجعله أكثر تعلقاً بالذاكرة؟

يشرف كريستوفر بورتر، بصفته الرئيس التنفيذي لأمن المعلومات بمؤسسة “فاني ماي” (Fannie Mae)، على التدريب الأمني لما يقرب من 7,500 موظف إلى جانب عدة آلاف من المتعاقدين المستقلين والمستشارين. وقد تحدث مؤخراً مع هارفارد بزنس ريفيو حول ما تفعله المؤسسة لصد هجمات التصيُّد الاحتيالي. وفيما يلي مقتطفات محرّرة من هذا الحوار.

ما هي أنواع التثقيف المتعلق بهجمات التصيُّد الاحتيالي الذي تقدمه المؤسسة؟

هناك التدريب المعتاد واسع النطاق الذي يُعد إلزامياً على نطاق المؤسسة، كما أننا نوجّه جهوداً أخرى نحو وحدات محددة. فالحسابات الدائنة ومجموعات التمويل، على سبيل المثال، تتعرض لهجمات فريدة من نوعها وتحتاج إلى حصانات خاصة. كما أننا نجري كل شهر تدريبات تحاكي هجمات التصيد الاحتيالي حول موضوع معين. وإذا فتح الموظفون أي رسالة من رسائل البريد الإلكتروني المستخدمة للاختبار، سيحصلون على ملاحظات فورية على هيئة فيديو قصير يوضح لهم تحديداً ما الذي جعل هذه الرسالة احتيالية. وإذا أخفقوا في اختبارين أو أكثر خلال عام، فإنهم يشاركون في تدريب جماعي إضافي لمواكبة الأحداث. وأخيراً، لقد أطلقنا حملة توعية أمنية أسبوعية: حيث ننشر كل يوم جمعة موضوعاً يتناول بعض جوانب الكشف عن هجمات التصيد الاحتيالي وما الذي ينبغي فعله عند اكتشاف إحدى الهجمات؛ فمن المهم حث الموظفين على الإبلاغ عن الهجمات. كما أننا نعزز باستمرار الإجراءات التي يتعين على الموظفين اتخاذها.

ما الذي تركزون عليه في التدريبات الشهرية؟

هناك 3 موضوعات أساسية. الموضوع الأول هو الخسارة: حيث إن المهاجم يهدد بأخذ شيء من الأشخاص إذا لم يستجيبوا له. والموضوع الثاني هو الوعود: حيث يتم إخبار الأشخاص بأنهم سيحصلون على شيء إذا ضغطوا على الرابط. والموضوع الثالث يتعلق بالمشاعر؛ أي محاولة استغلال أشياء مثل فضول الأشخاص. من المهم معرفة النهج الذي يتعرض له المستخدمون بشكل أكبر حتى نتمكن من توجيه التدريب وفقاً لذلك. كما أننا ندرس أي نوع من الهجمات يصادفنا على أرض الواقع في وقت محدد. فمثلاً في الوقت الحالي تشكل جائحة “كوفيد-19” إغواءات كبيرة.

توصلت البحوث إلى أن تمارين اليقظة الذهنية البسيطة يمكن أن تعزز مقاومة الموظفين للهجمات، فهل استخدمتم هذا النهج؟

نحاول أن نحث الموظفين على استخدام عملية قائمة على “التريث ثم التفكير ثم التصرف”. على سبيل المثال نشجعهم على التمهل قليلاً إذا رأوا ما يشير إلى أن الرسالة من خارج المؤسسة، وقبل أن يواصلوا قراءتها أو يتخذوا أي إجراء، ينبغي أن يسألوا أنفسهم ما إذا كانوا يتوقعون أن تصلهم هذه الرسالة أو ما إذا كانوا يعرفون المرسِل أو ما إذا كانت تبدو غريبة. وقد حسّن ذلك مقاومتنا للهجمات بمرور الوقت.

من خلال التدريب، كيف تمنعون الموظفين من الضغط على الروابط الإلكترونية التي تحتوي على هجمات تصيُّد احتيالي دون أن ينجذبوا إلى فتحها فعلياً؟

أولاً، نحاول أن نجعل التدريب ممتعاً. فمثلاً ندمج مقاطع فيديو تحتوي على رسوم متحركة صُممت بطريقة احترافية وتركز على دروس أمنية محددة، وأحياناً ما تكون بأصوات بعض المشاهير كالنجم الكوميدي جون لوفيت الذي علّق بصوته على أحد الدروس. ثانياً، استندنا إلى بحوث تُظهر أنك إذا درّبت الموظفين على حماية معلوماتهم في المنزل، فإنهم سيستفيدون من هذه الدروس عند عملهم من المكتب ويطبقونها على معلومات الشركة. وتحقيقاً لهذه الغاية، أوضحنا للموظفين كيفية إعداد مصادقة متعددة العوامل للحفاظ على أمان معلوماتهم المالية الشخصية. وأثناء موسم الضرائب نذكّرهم أنهم قد يتلقون رسائل احتيالية يُفترض أنها من مصلحة الضرائب. كما أننا نفعل الكثير لمساعدة الموظفين على حماية عائلاتهم. على سبيل المثال، حدثتنا امرأة عن تجربتها عندما كانت طفلة في التعرض للاحتيال عبر الإنترنت وكيف يمكن للآباء حماية أطفالهم عند استخدام الإنترنت. تُظهر البحوث، ونحن وجدنا أيضاً، أن إضفاء الطابع الشخصي على التدريب يزيد من احتمالية أن تعلق المعلومات في الذاكرة.

[/su_expand]

هل سيقيد التباعد الاجتماعي الابتكار؟

ساعدت الشبكات الاجتماعية غير الرسمية في زيادة نسبة براءات الاختراع في بعض الدول عقب سن قوانين غلق محال تقديم المشروبات وأماكن الترفيه، على الرغم من انخفاض عدد براءات الاختراع في البداية بنسبة 8% إلى 18% سنوياً، نظراً إلى تفكك الشبكات الاجتماعية، إلا أنها ما لبثت أن عادت وتيرة إنتاج براءات الاختراع للارتفاع مرة أخرى. ومع بناء الأشخاص شبكات اجتماعية غير رسمية جديدة تدريجياً، ازدهرت براءات الاختراع. “أحاديث الشبكات الاجتماعية: التفاعلات الاجتماعية غير الرسمية وحظر محال تقديم المشروبات والاختراعات”، مايكل أندروز (Michael Andrews).

التفاوض

كيف تتجاهل عرضاً نهائياً وتواصل التفاوض

في أثناء المفاوضات أحياناً ما يعلن أحد الأطراف أن العرض المقدَّم هو “أفضل ما يمكننا تقديمه”. وعلى الرغم من أن هذا قد لا يكون هو الحال، غالباً ما يتوقف الطرف الآخر عن الضغط ويوافق على الشروط أو يتوقف عن التفاوض وينصرف. تُظهر بحوث جديدة أن الإطار العقلي السليم يمكن أن يحفز الأشخاص على مواصلة التفاوض رغم تقديم عرض نهائي، ونتيجة لذلك يحصلون على صفقات أفضل.

على مدار 6 دراسات، كان الأشخاص المستعدون “للتفكير في الخيارات” (على سبيل المثال، من خلال تذكُّر القرارات التي اتخذوها في اليوم السابق أو التفكير في الخيارات المتاحة أمامهم وأمام نظرائهم في المفاوضات) أكثر ميلاً من الآخرين إلى تجاهل العرض النهائي ومواصلة التفاوض. وقد حدث الأمر نفسه عندما لعب المشاركون دور مرشحين لوظيفة يناقشون الراتب والمزايا مع مدير التوظيف، ودور مشترين محتملين يحاولون الحصول على أفضل سعر وعقد خدمة لهاتف محمول، ودور عملاء يرغبون في شراء سيارة مستعملة. ففي السيناريو الثالث على سبيل المثال، دفع المشاركون الذين طُلب منهم التفكير في الخيارات المتاحة أمام بائع السيارة مبلغاً أقل بمقدار 614 دولاراً من هؤلاء الذين طُلب منهم التفكير في شروط البائع.

يقول الباحثون: “المفاوضون…قد يرغبون في التفكير في خياراتهم وخيارات نظرائهم قبل الجلوس على طاولة المفاوضات”. وأضافوا: “يمكن للمؤسسات أيضاً تحسين أداء الأعمال من خلال التشجيع على تبني نهج التفكير في الخيارات فيما بين المفاوضين بطريقة منهجية”.

حول البحث: “خذه أو اتركه!: التفكير في الخيارات يؤدي إلى إصرار أكبر ونتائج أفضل أثناء المفاوضات”، آني ما (Anyi Ma) ويو يانغ (Yu Yang) وكريشنا سافاني (Krishna Savani)، مجلة “السلوك التنظيمي وعمليات القرار الإنساني” (Organizational Behavior and Human Decision Processes)، 2019.

الروبوتات

ماذا يحدث عندما تخدمنا الروبوتات الشبيهة بالبشر؟

ساعد الإنسان الآلي (أو الروبوت) “بيبر” (Pepper) الزبائن والعملاء في المطاعم والبنوك والمطارات في السنوات الأخيرة، ومن المرجح أن تنضم إليه روبوتات أخرى نظراً إلى بحث الشركات عن طرق للحد من الاتصال الشخصي. غالباً ما يُنظر إلى صنع روبوتات تشبه البشر إلى حد كبير على أنه المعيار الذهبي في هذه المساعي، ولكن وجدت دراسة جديدة أن هذا التشابه أحياناً ما يكون باعثاً على الراحة بشكل كبير، ونتيجة لذلك قد يغير العملاء سلوكياتهم.

في إحدى التجارب شاهد المشاركون مقطع فيديو إما لمساعد طبي أو لروبوت مشابه للبشر لمساعدتهم أثناء أحد المواعيد، ثم مُنحوا الفرصة لشراء زجاجة مياه فاخرة أو عادية. وقد تَبين أن هؤلاء الذين شاهدوا مقطع فيديو لروبوت كانوا أكثر ميلاً بأربعة أضعاف من الآخرين إلى اختيار الزجاجة الفاخرة. وفي تجارب أخرى، المشاركون الذين تخيلوا أنهم في أحد مطاعم “البوفيه المفتوح” وشاهدوا صوراً لنادل بشري أو نادل آلي اختاروا طعاماً أكثر عندما كان النادل روبوتاً؛ كما أن المشاركين الذين قُدمت لهم وجبة خفيفة تناولوا كمية أكبر من الطعام عندما رأوا أن الوجبة أعدّها روبوت.

يقول الباحثون أن هذه الأمور حدثت بسبب ظاهرة تسمى “الوادي الغريب” (uncanny valley). ففي حين أننا نرى أن الروبوتات أكثر جاذبية عندما تكون شبيهة بالبشر إلى حد كبير، إلا أن هذا التشابه يصبح مخيفاً ومهدداً لهويتنا في مرحلة ما. وهذا ما يجعلنا نبحث عن طرق للهروب من شعورنا بالانزعاج، من خلال حيازة كل ما يشعرنا بالقوة أو الإفراط في تناول الطعام. وقد أظهرت تجارب لاحقة أن تلك الاستجابات التعويضية كانت ضعيفة في المواقف التي شعر فيها الأشخاص بقدر كبير من الانتماء الاجتماعي، وعندما نظروا إلى الطعام على أنه صحي، وعندما كان الروبوت أقل شبهاً بالبشر؛ على سبيل المثال إذا لم يُمنح اسماً أو يُشار إليه بضمائر شخصية (أنت، أنتِ، هو، هي، إلخ).

يقول الباحثون: “مع دخول خبراء التسويق مجال الروبوتات الخدمية، فإنهم بحاجة إلى…مراعاة الجوانب السياقية التي تحفز استجابات المستهلكين أو تحد منها”. على سبيل المثال، قد تتفوق الروبوتات الشبيهة بالبشر إلى حد كبير في زيادة المبيعات، ولكنها أيضاً يمكن أن تقوض الجهود المبذولة لمساعدة الأشخاص على التحكم في السلوكيات السلبية كإدراج بيانات السعرات الحرارية في قوائم المطاعم لإثناء الأشخاص عن خياراتهم السيئة المتعلقة بالطعام. وبالنظر إلى الشعور بالانزعاج الذي يمكن أن تسببه الروبوتات، “ينبغي للشركات تجنب إجبار المستهلكين على التعامل مع [الروبوتات الشبيهة بالبشر] والسماح لهم باختيار مَن يخدمهم بأنفسهم”، كما يقول الباحثون.

حول البحث: “بزوغ فجر الروبوتات الخدمية: كيف تؤثر الروبوتات الشبيهة بالبشر على التجارب الخدمية وتثير استجابات المستهلكين التعويضية؟”، مارتن ميندي (Martin Mende) وآخرون، “مجلة بحوث التسويق” (Journal of Marketing Research)، 2019.

ميزة (مريبة) للمرأة

تتفاوض الرئيسات التنفيذيات الجديدات على اتفاقيات إنهاء الخدمة أكبر في المتوسط من الاتفاقيات التي يتفاوض عليها نظراؤهن الذكور، ربما لأن لديهن مخاوف أكبر تتعلق بإنهاء خدمتهن من العمل. وهذا التأثير يكون واضحاً بوجه خاص إذا كان أداء المؤسسة يتدهور، أو إذا كان الرئيس التنفيذي السابق قد عُزل من منصبه مؤخراً، أو إذا لم يكن مجلس الإدارة يضم أي امرأة. “مخاوف الرؤساء التنفيذيين القائمة على النوع الاجتماعي والمتعلقة بإنهاء الخدمة: أدلة مستقاة من اتفاقيات أولية لإنهاء الخدمة”، فيليس كلاين (Felice B. Klein) وبيير شينو (Pierre Chaigneau) وسينثيا ديفيرز (Cynthia E. Devers).

ما تتناقله الألسن

كيف تستغل تقييمات الزبائن غير المنصفة لصالحك؟

عندما ينتقد المستهلكون الشركات بطرق من الواضح أنها لا تستحقها (مثلما اشتكى أحد الزوار غير الراضين قائلاً أن منتزه غراند كانيون الوطني (Grand Canyon National Park) “دون المستوى المطلوب”). قد يحاول مدراء العلامات التجارية إزالة التقييم أو توبيخ المُقيِّم علناً أو حتى مقاضاته. وتشير سلسلة من الدراسات الجديدة أنه باتخاذ مسار مختلف، يمكن لهؤلاء المدراء أن يجعلوا مثل هذه الانتقادات في صالحهم.

في إحدى التجارب، كلف الباحثون عشوائياً 223 من طلاب الدراسات العليا بقراءة تقييم من بين 3 تقييمات لشركة زجاجات مياه قابلة لإعادة الاستخدام قبل توضيح نيتهم في الشراء. وقد ذكر العميل في التقييم الإيجابي أنه تلقى إجابة عن استفساره من خدمة العملاء في غضون 24 ساعة. وفي التقييم السلبي المنصف، ذكر العميل أنه اضطر إلى الانتظار لمدة أسبوعين. أما في التقييم السلبي غير المنصف، فقد اشتكى العميل من أنه لم يتمكن من التواصل مع الشركة في ليلة العيد. وقد كان من المرجح أن يقول المشاركون الذين قرؤوا التقييم السلبي غير المنصف أنهم سيشترون من الشركة كالمشاركين الذين قرؤوا التقييم الإيجابي. ووجدت تجارب لاحقة أن التقييمات السلبية أدت فعلياً إلى زيادة في نية الشراء بقدر أكبر مما أدت إليه التقييمات الإيجابية عندما كانت مستويات عدم الإنصاف مرتفعة للغاية.

أظهر استطلاع رأي المشاركين أن هذه الديناميات يوجهها التعاطف. فوفقاً لنظرية “عدالة العالم” (just world)، غالباً ما يحاول الأشخاص استعادة الإنصاف عندما يلاحظون أن شخصاً ما عومل بطريقة غير منصفة بكل وضوح. ويقول الباحثون إنه نتيجة لذلك “قد ترغب الشركات في تسليط الضوء على التقييمات السلبية غير المنصفة والاستفادة بطريقة استراتيجية من نتائجها النهائية الإيجابية”. في الواقع، استخدمت مؤسسات مثل منتجع “سنوبيرد” (Snowbird) للتزلج و”المجلس السياحي لمدينة فيينا” (Vienna Tourist Board) مثل هذه التقييمات في الحملات الإعلانية. ويمكن لمدراء العلامات التجارية تطبيق هذه النتائج حتى إن كانت التقييمات الانتقادية مبرَّرة، حيث يقول الباحثون: “وضع سيناريوهات تركز على الموظف باعتبارها شكلاً من أشكال التواصل في الشركة…أو حتى الرد على التقييمات بطريقة أكثر اتساماً بالطابع الشخصي…يعزز الاستجابة المتعاطفة من جانب المستهلكين ويحمي الشركة من الآثار السلبية المحتملة للتقييمات السلبية”.

حول البحث: “التقييمات السلبية لها أثر إيجابي: استجابة المستهلكين المتعاطفة مع التقييمات غير المنصفة”، توماس ألارد (Thomas Allard) وليا دن (Lea H. Dunn) وكاثرين وايت (Katherine White)، “مجلة التسويق” (Journal of Marketing)، 2020.

عمليات الاندماج والاستحواذ

الاستحواذ أثناء فترات الركود

إذا أُتيح للشركات عقد صفقات استحواذ، هل ينبغي لها انتهاز الفرصة؟ أظهر تحليل إجمالي عائدات المساهمين في الشركات المدرجة ضمن قائمة “فورتشن 1000” أثناء الأزمة المالية التي وقعت عام 2008 أن الشركات التي أجرت عمليات استحواذ بإجمالي 10% على الأقل من قيمتها السوقية (“المستحوذون النشطون”) تفوقت في الأداء على الشركات التي اتبعت نهج “التريث إلى حين رؤية أي مؤشرات”.

علم النفس

إذا شعرت أنك لا تثق بنفسك،  اقضِ بعض الوقت مع زميل مفرط الثقة بنفسه

غالباً ما تكون مستويات الثقة متسقة داخل المجموعات والفئات السكانية، على سبيل المثال انظر الفرق بين التواضع والبساطة المنتشرين بين الصيادين الذين يصطادون بالطرق البدائية في جزيرة كونغ، وبين “ثقافة الغطرسة” التي أدت إلى إفلاس شركة “إنرون” (Enron) (وذهاب العديد من مسؤوليها التنفيذيين إلى السجن). وقد تساءل فريق بحثي عن سبب ظهور الثقة المفرطة على وجه التحديد في التجمعات الاجتماعية. وتمثل أحد الأسباب، الذي وثِّق في 6 تجارب، في أن الثقة المفرطة تبدو معدية.

في التجربة الأولى، قُسّم 104 طلاب جامعيين إلى شركاء بشكل عشوائي بعد إنجاز مهمة ذات صلة بالكمبيوتر بشكل منفرد وقيّموا ثقتهم بأدائهم. ثم تعاون كل طالبين في إنجاز جزء إضافي من المهمة، وبعدها راجع المشاركون تقييمهم لأدائهم الفردي. وقد وجد الباحثون أن العمل مع شركاء لديهم ثقة مفرطة (أي الذين لم تتسق درجاتهم الفعلية مع تقييماتهم الذاتية) جعل المشاركين هم أيضاً مفرطي الثقة بأنفسهم بدرجة أكبر. وأظهرت تجارب لاحقة أن هذا التأثير استمر مع مرور الوقت وفي مختلف المهام، وقد ظهر أيضاً في الروابط الاجتماعية غير المباشرة وكذلك عندما علم المشاركون أن ثقة شركائهم لا مبرر لها. ولكن كان هناك استثناء: عندما أبدى أعضاء من خارج المجموعة ثقتهم المفرطة (حيث قيل للمشاركين الذين يدرسون في جامعة إلينوي أن شركاءهم من فريق كرة القدم المنافس بجامعة ولاية أوهايو)، فإن هذه الثقة المفرطة لم تنتشر بين الأعضاء.

يقول الباحثون: “يجب أن تستكشف الأعمال المستقبلية الآثار العملية المترتبة على الانتقال الاجتماعي للثقة المفرطة والثقة المنعدمة”. وأضافوا: “الاستراتيجيات والمبادئ المتعلقة بتصميم هياكل المؤسسات وبناء فِرق فاعلة واختيار القادة وصنّاع القرار الطموحين وتنمية مهاراتهم، يجب أن تراعي التأثير الاجتماعي الذي قد يكون عميقاً وواسع النطاق للمجموعة الصغيرة الأولية من الأفراد مفرطي الثقة”.

حول البحث: “الانتقال الاجتماعي للثقة المفرطة”، جوي تشينغ (Joey T. Cheng) وآخرون، سيُنشر قريباً في “مجلة علم النفس التجريبي  العام” (Journal of Experimental Psychology: General).

المواهب

هل الموظفون ذوو الخبرة العامة أفضل من غيرهم؟

يُعد هذا السؤال أزلياً: هل ينبغي للشركات البحث عن عاملين لديهم معرفة واسعة أم خبرة عميقة لجهودها المتعلقة بالبحث والتطوير؟ وجدت دراسة حديثة أن الباحثين ذوي المعارف المتنوعة يستكشفون معلومات جديدة ويدمجونها من مصادر خارج مجالات خبرتهم بنجاح أكبر من نظرائهم ذوي التركيز الضيق.

درس المؤلفون استخدام التقنية الكامنة وراء ملحقات نظام الألعاب “كنيكت” (Kinect) من مايكروسوفت. أُطلق “كنيكت” عام 2010 وقد فتح آفاقاً جديدة بقدرته على تتبع حركة الجسم بالكامل، وهي قدرة تتعلق بمجالات تشمل الذكاء الاصطناعي والتصوير السينمائي والرعاية الصحية، وغيرها من المجالات. ولمعرفة الباحثين الذين استفادوا على أفضل وجه من هذه القدرة، درس المؤلفون أوراقاً بحثية أكاديمية نشرت على مدار 14 عاماً في مجال الهندسة الكهربائية وهندسة الإلكترونيات، مع استخدام كلمات دلالية مفتاحية لتحديد الباحثين الذين ليس لديهم خبرة سابقة في استشعار الحركة ولقياس مستوى التنوع في البحوث، كما يتضح من مؤلفاتهم قبل إطلاق نظام “كنيكت”. وبعد ذلك، من خلال البحث عن الكلمة الدلالية المفتاحية “كينكت”، حدد المؤلفون الباحثين الذين استفادوا من التقنية الجديدة في السنوات الأربع التي تلت إطلاق نظام “كينكت”.

وقد كان الباحثون المصنفون ضمن الـ 25% من الباحثين الذين يحتلون الصدارة فيما يتعلق بتنوع المعارف أكثر احتمالاً بـ 3.1 مرة أن يستفيدوا من التقنية الجديدة مقارنة بالباحثين ذوي المهارات المصنفين ضمن الـ 25% من الباحثين الذين يقعون في أدنى التصنيف. والأكثر من ذلك أن أوراقهم البحثية كانت تتسم بجودة أعلى: حيث كان من المحتمل بـ 3.8 مرة أن تظهر أوراقهم البحثية ضمن الـ 10% من أكثر الأوراق البحثية التي استشهد بها الآخرون مقارنة بالباحثين ذوي التنوع القليل في المعارف. يقول الباحثون: “على الرغم من أن المعايير المؤسسية في كل من الشركات والمؤسسات البحثية تُظهر تفضيلاً للتخصص في أحيان كثيرة، فإن نتائجنا تشير إلى أن الأفراد ذوي المستويات العالية من التنوع المعرفي يؤدون دوراً مهماً في دفع آفاق المعرفة إلى الأمام”.

حول البحث: “الشخص متعدد المهارات والمواهب والمُتقن للمعارف: دور التنوع في إدماج المعارف الجديدة البعيدة عن مجال التخصص”، فرانك ناغل (Frank Nagle)، وفلورنتا تيودوريديس (Florenta Teodoridis)، “مجلة الإدارة الاستراتيجية” (Strategic Management Journal)، 2019.

التكنولوجيا

نتيجة أخرى من النتائج المترتبة على حبنا لهواتفنا؟

مع تزايد إنشاء المستهلكين للمحتوى عبر هواتفهم الذكية بدلاً من أجهزة الكمبيوتر الشخصية، تساءل فريق من الباحثين: هل سيغير هذا التحول الكيفية التي يشارك بها الأشخاص المحتوى فحسب أم سيغير ما يشاركونه أيضاً؟ الإجابة هي “نعم”، وفقاً لما تشير إليه بحوثهم. 

في الدراسة الأولى ضمن عدة دراسات، فحص الباحثون 293,039 تغريدة أصلية نُشرت من هواتف ذكية أو أجهزة كمبيوتر شخصية. باستخدام تحليل مؤتمت للعلامات اللغوية، وجد الباحثون أن التغريدات التي كُتبت من خلال الهواتف الذكية تحتوي على نسب أعلى من ضمائر المتكلم وإشارات إلى أفراد الأسرة وكلمات عاطفية سلبية (ربطتها بحوث سابقة بوجود مستوى مرتفع من الإفصاح عن الذات)، كما أن أسلوب كتابتها كان تحليلياً بقدر أقل (ما يدل أيضاً على وجود مستوى مرتفع من الإفصاح عن الذات). وقد قيَّم الحُكام تلك التغريدات على أنها تنقل معلومات شخصية للغاية. ووجدت دراسات لاحقة في هذه السلسلة من الدراسات أنه في سياقات أخرى، بما في ذلك الكتابة عن التجارب المزعجة وإجابة أسئلة عن منتجات قد تكون محرجة وتقديم معلومات شخصية حساسة طُلبت من خلال إعلانات عبر الإنترنت، أفصح الأشخاص من خلال هواتفهم الذكية عما يجول بخاطرهم بقدر من الحرية أكبر من ذلك الذي أبدوه من خلال أجهزة الكمبيوتر. كما أن العمق الأكبر للإفصاح في تقييمات المطاعم التي كُتبت من خلال الهواتف الذكية يعني أن القراء الخارجيين رأوا أن التقييمات أكثر إقناعاً من تلك التي كُتبت من خلال الكمبيوتر.

أدت آليتان إلى زيادة مستوى الإفصاح: يربط الأشخاص هواتفهم الذكية بالراحة النفسية، كما أن الصعوبة النسبية للكتابة على الأجهزة تضيق نطاق الاهتمام بمهمة الإفصاح التي بين أيديهم وتصرف انتباههم بعيداً عن الأفكار الهامشية. يقول الباحثون: “قد يقدم المحتوى المكتوب من خلال الهواتف الذكية رؤى تشخيصية ودقيقة بشكل أكبر حول تفضيلات المستهلكين”. وأضافوا أن الشركات إذا كانت ترغب في الحصول على معلومات حساسة، يمكنها أن تسأل المستهلكين عنها من خلال الهواتف الذكية. وأيضاً يمكن لخبراء التسويق تحديد التقييمات التي من المرجح أن تؤثر على المستهلكين الآخرين من خلال التعرف على نوع الجهاز الذي كُتبت منه ببساطة. والمستهلكون الذين يرغبون في تجنب الإفراط في الإفصاح عن ذاتهم عليهم ترك هواتفهم واستخدام أجهزة الكمبيوتر المحمولة بدلاً من ذلك.

حول البحث: “بصراحة تامة: كيف تعزز الهواتف الذكية مستوى إفصاح المستهلكين عن ذواتهم”، شيري ميلوماد (Shiri Melumad) وروبرت ماير (Robert Meyer)، “مجلة التسويق” (Journal of Marketing)، 2020.

ما الذي يدفع العاملين إلى التصرف بطريقة غير أخلاقية في بعض الأحيان؟

يتعرض عامل من كل 4 عاملين تقريباً في الولايات المتحدة ممن شملهم الاستطلاع إلى ضغوط “أحياناً” أو “غالباً” أو “على الدوام تقريباً” لكي يتصرفوا بطريقة غير أخلاقية أثناء العمل. “المشاعر في مكان العمل”، مبادرة “مركز ييل للذكاء العاطفي” (Yale Center for Emotional Intelligence).

إدارة الوقت

هل للتسويف ميزة؟

يُنظر إلى التسويف بشكل عام على أنه سلوك مخل ومضر بالإنتاجية ومرتبط بالشعور بالقلق والذنب والخزي. ولكن كشف بحث جديد جانباً إيجابياً للتسويف: وهو أنه إذا كان يحدث بقدر معتدل، فإنه يمكن أن يدفع الأشخاص إلى تحقيق نتائج أكثر إبداعاً.

في تجربتين أجريتا على طلاب جامعيين وطلاب الدراسات العليا في الولايات المتحدة، أغرى فريق الباحثين المشاركين لتسويف بعض المهام بنسبة ضئيلة أو متوسطة أو عالية من خلال إتاحة أعداد متفاوتة من فيديوهات اليوتيوب المضحكة في الوقت الذي من المفترض أن يحلوا خلاله مشكلة تتعلق بالعمل. المشاركون الذين مارسوا قدراً معتدلاً من التسويف (الذين استطاعوا بسهولة مشاهدة 4 فيديوهات) توصلوا إلى أفكار أكثر إبداعاً بشكل ملحوظ، وفقاً لتقييم مقيِّمين مستقلين، من التي توصّل إليها الذين قاموا بالتسويف بقدر ضئيل (مَن شاهدوا فيديو واحد) أو بقدر كبير (مَن شاهدوا 8 فيديوهات). وقد توصلت دراسة ميدانية لاحقة لشركة أثاث في كوريا الجنوبية إلى نتائج مماثلة. حيث يوضح الباحثون أنه طالما أن الأشخاص لديهم دوافع جوهرية أو يشاركون في مهمة تتطلب إبداعاً، فإن الابتعاد قليلاً عن المشكلة مع قيامهم بأشياء أخرى يساعدهم على رؤيتها على نحو مختلف واستكشاف حلول جديدة لها، ولكن إذا انتظروا وقتاً طويلاً قبل العودة إلى المهمة مرة أخرى فإن اقتراب الموعد المحدد لإنجاز المهمة قد يقيد قدرتهم على الإبداع.

يقول الباحثون: “عندما تكون هناك حاجة إلى الخروج بأفكار جديدة ومفيدة…قد يستفيد الموظفون من التأخير المعتدل لبدء العمل على المهمة، أو مواصلة العمل عليها، أو إكمالها”. وأضافوا: “قد يجد القادة والمدراء طرقاً للتشجيع على التسويف الإبداعي، كبدء عملية الابتكار بوصف المشكلة دون طلب الحصول على حلول أو اقتراحات على الفور. ولكن من المهم التأكد من أن التسويف لا يحول دون إنجاز العمل الفعلي”.

حول البحث: “متى يؤتي تأجيل العمل ثماره؟ العلاقة غير الخطية بين التسويف والإبداع”، جيهي شين (Jihae Shin) وآدم غرانت (Adam M. Grant)، سيُنشر قريباً في “مجلة أكاديمية الإدارة” (Academy of Management Journal).

العمليات

هل يمكن انضمام العمل المعرفي “لاقتصاد العمل الحر”؟

أسفرت زيادة الاعتماد على العمل عن بُعد في أثناء جائحة كورونا عن رؤى جديدة حول الكيفية التي يمكن من خلالها أداء العمل المعرفي خارج مكان العمل، بما في ذلك الأعمال التي يضطلع بها الموظفون المتعاقدون. ولمعرفة أنواع المهام التي يمكن تعهيدها بنجاح، ينبغي طرح 3 أسئلة.

تنويه: يمكنكم مشاركة أي مقال من هارفارد بزنس ريفيو من خلال نشر رابط المقال أو الفيديو على أي من شبكات التواصل أو إعادة نشر تغريداتنا، لكن لا يمكن نسخ نص المقال نفسه ونشر النص في مكان آخر نظراً لأنه محمي بحقوق الملكية الدولية. إن نسخ نص المقال بدون إذن مسبق يعرض صاحبه للملاحقة القانونية دولياً.

جميع الحقوق محفوظة لشركة هارفارد بزنس ببليشنغ، بوسطن، الولايات المتحدة الأميركية 2024 .