3 أساليب تساعد القادة على التخطيط الفعلي للمستقبل وتعزيز الأداء

5 دقائق
التخطيط الفعلي للمستقبل
ريتشارد دروري/غيتي إميدجز
استمع الى المقالة الآن هذه الخدمة تجريبية
Play Audio Pause Audio

ملخص: كتب بيل تايلور في هذه المقالة أن القيادة تمثّل تحدياً هائلاً هذه الأيام، سواء كنت تدير شركة كبيرة أو أنك مسؤول عن إدارة فريق صغير. ويقدم 3 مجموعات من الأسئلة لمساعدة القادة في التركيز على التخطيط الفعلي للمستقبل والتركيز على الأمور المهمة اليوم. تتضمن المجموعة الأولى من الأسئلة إدارة الوقت: كيفية التعامل مع فوضى الحاضر مع إتاحة الفرصة للتركيز على المستقبل في الوقت نفسه. وتنطوي المجموعة الثانية على تجاوز مشاعر التوتر الشخصية الناجمة عن القيادة: كيفية حل المشكلات التي لم تواجهها مؤسستك من قبل دون أن تصاب بالاحتراق الوظيفي أو أن تستسلم. وتتضمن المجموعة الثالثة رفع معنويات عامة الموظفين: كيفية تشجيع الموظفين على البقاء متفائلين وحيويين في وقت يسهل علينا الشعور بالقلق والاستسلام. إذا كنت قادراً على التوصل إلى إجابات عن تلك المجموعات الثلاث من الأسئلة، فلديك فرصة لاجتياز اختبار القيادة في عصرنا.

 

يواجه القادة في الوقت الحالي مصدرين من مصادر الضغط المضنية؛ يتضمن المصدر الأول الطلب الشديد على تعزيز الأداء الحالي؛ أي تقديم نتائج ممتازة على المدى القصير على الرغم من التحولات الجذرية في احتياجات الزبائن ورغباتهم، والمكان الذي يختار الموظفون العمل منه وأسلوب عملهم، وحالة سلاسل التوريد. وينطوي المصدر الثاني على الحاجة الملحة للتحول؛ أي إعادة تصور مستقبل السوق ومكان العمل في ضوء تلك التحولات، وإعادة ابتكار استراتيجية شركاتهم وثقافتها لتحقيق النجاح في المستقبل.

ويعتبر التعامل مع أي من مصدري الضغط أمراً صعباً، وذلك هو السبب الذي يجعل الكثير من القادة يشعرون بالقلق والتوتر. في حين قد تكون تلبية كل منهما في الوقت نفسه أمراً مضنياً حقاً. وقد أصبح التحدي المتمثل في تعزيز الأداء الحالي في أثناء التحول بمثابة اختبار للقيادة في عصرنا بالفعل.

كيف يواجه القادة ذلك التحدي إذاً؟ وكيف ينجحون في تعزيز الأداء اليوم وزعزعة الغد في الوقت نفسه؟ تتمثّل الإجابة في التعامل مع 3 مجموعات من الأسئلة التي يصعب الإجابة عنها في أفضل البيئات، والتي تزداد صعوبتها في فترات الاضطراب والغموض بشكل خاص.

تتضمن المجموعة الأولى من الأسئلة إدارة الوقت

كيف يمكنك التعامل مع فوضى الحاضر المتمثّلة في الإجابة عن وابل من الرسائل عبر تطبيق “سلاك”، وإدارة أزمات الزبائن، ومشكلات الموظفين، وتخصيص وقت للتخطيط للمستقبل؟ كيف يمكنك تجنب إحساس أنك تؤدي المهمات اليومية الملحة على حساب التخطيط  الفعلي للمستقبل والتخطيط لمبادرات التغيير المهمة؟

تبدأ الإجابة عن تلك الأسئلة بإيجاد طرق ملموسة لتخصيص الوقت من أجل التخطيط الفعلي للمستقبل، سواء كان ذلك على صعيد المؤسسة أو الفرد. أعرب غاري ريدج، الرئيس التنفيذي لشركة “دبليو دي 40” ( WD-40)، العلامة التجارية الأميركية التقليدية، عن قلقه من تركيز زملائه الصارم على تعزيز الأداء الحالي لدرجة أنهم فوّتوا فرص ابتكارات التغيير التي من شأنها أن ترسم معالم المستقبل. وهو ما دفعه إلى تكوين مجموعة “فريق الغد” (Team Tomorrow)، وهي مجموعة صغيرة تضم كبار المسؤولين التنفيذيين من إدارات البحث والتطوير والتسويق والتمويل، وكلف الفريق بالبحث عن فرص مثيرة حتى 10 إلى 15 عاماً في المستقبل.

لم تكن تلك إدارة ابتكار قائمة بذاتها، ولم تتطلب ميزانية كبيرة، بل كانت عبارة عن مجموعة صغيرة من المسؤولين التنفيذيين المتمرسين الذين تم إعفاؤهم من التزاماتهم الحالية مؤقتاً بهدف العثور على أفكار من شأنها أن تغير شركة “دبليو دي 40” لعقود قادمة. كان المسؤولون التنفيذيون يتنقلون عبر الفرق، ويصرفون تركيز أعضائها من الحاضر إلى المستقبل ومن ثم إلى الحاضر مجدداً، وانطوت النتيجة على سلسلة من الابتكارات التي ضمت العديد من المنتجات والتكنولوجيا والعلامات التجارية التي عززت أداء الشركة.

كما ابتكرت شركة “روكيت مورتغيج” (Rocket Mortgage)، وهي شركة الإقراض الضخمة عبر الإنترنت، نهج القيادة الشعبية للتركيز على المستقبل. حيث خُصصت فترة بعد الظهر من كل يوم اثنين من الساعة الواحدة حتى الساعة الرابعة مساءً للحديث بصراحة عن المستقبل. لا يُجيب المبرمجون ومطورو البرمجيات خلال ذلك الوقت على رسائل البريد الإلكتروني أو يحدّثون الشفرات البرمجية أو يجرون مراجعات الأداء، بل يعملون بدلاً من ذلك على تطوير أفكار لا علاقة لها بمسؤولياتهم الحالية وكل ما يتعلق بالزعزعات المستقبلية. وتطلب الشركة من جميع الموظفين في جميع المستويات تخصيص ذلك الوقت في جداول مواعيدهم للتخطيط للمستقبل.

وتنطوي المجموعة الثانية من الأسئلة على تجاوز مشاعر التوتر الشخصية الناجمة عن القيادة

كيف يمكنك حل المشكلات التي لم تواجهها مؤسستك من قبل دون أن تشعر بالاحتراق الوظيفي أو أن تستسلم؟ كيف يمكنك الحفاظ على رباطة جأشك في منصب يبدو أنه أكبر وأكثر تحدياً وتصعب عليك إدارته يوماً بعد يوم؟

تبدأ الإجابة عن تلك الأسئلة بإعادة التفكير في أسلوبك بالقيادة، وفي استلهام بعض حكم القيادة من الماضي. ميّزت ماري باركر فوليت التي حازت لقب “رائدة مجال الإدارة” أوائل القرن العشرين، وتحظى باحترام كبير (رغم تجاهلها غالباً) بين القادة الذين يمارسون السلطة على الموظفين وأولئك الذين يعتمدون على السلطة في إدارة الموظفين. وكتبت العبارة الشهيرة: “مشكلتنا الدائمة ليست كيفية السيطرة على الموظفين، ولكن بالأحرى قدرتنا على مواجهة المواقف التي تعترض طريقنا بشكل جماعي”.

كما حظي ستيف ميلر بمسيرة مهنية متميّزة خلال عمله في شركة “رويال داتش/شل” (Royal Dutch / Shell) بصفته مسؤولاً تنفيذياً رئيسياً اشتهرت وحدات أعماله بأدائها القوي والقدرة على تحقيق الابتكار المستمر. حيث تبنى نموذج “القيادة الشعبية” الذي أكد توظيف القوة في الإدارة بدلاً من ممارسة القوة في الإدارة. وتمثّلت إحدى تقنياته القيادية العديدة في استئجار حافلة وملئها بالزملاء من مختلف المستويات والوظائف، وإجراء زيارات متعمقة لمرافق الزبائن. وكان ميلر وزملاؤه يستقلون الحافلة مجدداً بعد الزيارات ويناقشون ما رأوه. وما رآه الموظفون بطبيعة الحال كان نتاج خدماتهم التي قدموها كشركة. وأوضح قائلاً: “نحن تتعلم بشكل جماعي ونتشارك المسؤولية لإصلاح المشكلات”. وهي فكرة بسيطة لكنها تنطوي على تأثير كبير، إذ أتاح أسلوب ميلر في توظيف القوة في القيادة تعزيز الأداء الحالي والابتكار للغد دون استنفاد نفسه في تلك العملية.

تتضمن المجموعة الثالثة من الأسئلة رفع معنويات عامة الموظفين

كيف يمكنك تشجيع الموظفين على البقاء متفائلين وحيويين في وقت يسهل علينا الشعور بالقلق والاستسلام؟ إذا طلبنا من الموظفين استثمار الكثير من وقتهم وبذل الكثير من جهدهم في أعمالهم، ألا ينبغي لنا أن مساعدتهم في الاستمتاع بها أيضاً؟

تعني الإجابة عن تلك المجموعة من الأسئلة مساعدة الموظفين على استعادة أكثر ما يفتقدونه في العديد من المؤسسات، ألا وهو الشعور بالسعادة وحتى الفرح في أداء الأعمال اليومية والإحساس بالإثارة في خلق الابتكار الهادف. على سبيل المثال ، أشار تقرير مؤثر حول المعنويات في مجال الرعاية الصحية كُتب قبل جائحة “كوفيد-19” إلى أن أكثر من نصف جميع الأطباء أبلغوا عن أعراض الاحتراق الوظيفي، في حين سعت ثلث الممرضات الجدد المسجلات رسمياً إلى البحث عن وظائف أخرى بعد عام واحد. وخلصت الدراسة إلى أنه “لو وصفنا الاحتراق الوظيفي في قطاع الرعاية الصحية بمصطلحات سريرية أو صحية عامة، لحظي بلقب الجائحة”. ومن يدري كيف سيكون حجم جائحة الاحتراق الوظيفي في ظل جائحة “كوفيد -19”.

وذلك هو السبب الذي دفع معهد “تحسين الرعاية الصحية” (IHI) الذي يُمثّل ضمير القطاع الطبي، إلى تطوير برنامج شامل يدعى “السعادة في العمل”، الذي كُرّس لتعزيز الشعور بالمتعة والسعادة في العمل. وتقول جيسيكا بيرلو التي تدير البرنامج، تتمثّل إحدى الوظائف الحاسمة للقادة في مساعدة الموظفين على تخطي “الحواجز الصغيرة”؛ أي المنغّصات اليومية والإهانات التي تستنزف طاقاتهم وإحساسهم بالفرح. وتجادل قائلة بأنه لا ينطوي سبب المشكلات في العديد من أماكن العمل في قطاع الرعاية الصحية على وجود “أشخاص مستنزفين”، على الرغم من سهولة العثور عليهم، بل على “الأنظمة المختلة” التي تستنزف الموظفين. وينطبق الأمر نفسه عن أماكن عمل لا حصر لها في مجالات أخرى: إذا كنا أذكياء جداً، فلماذا نحن غير سعداء؟ وإذا كنا غير سعداء على الإطلاق، فكيف يمكننا تحقيق أداء فاعل في أثناء التحول؟

باختصار، تمثّل القيادة تحدياً هائلاً هذه الأيام، سواء كنت تدير شركة كبيرة أو أنك مسؤول عن إدارة فريق صغير. لكن إذا كنت قادراً على التوصل إلى إجابات عن تلك المجموعات الثلاث من الأسئلة، فلديك فرصة لاجتياز اختبار القيادة في عصرنا و”التخطيط الفعلي للمستقبل”.

تنويه: يمكنكم مشاركة أي مقال من هارفارد بزنس ريفيو من خلال نشر رابط المقال أو الفيديو على أي من شبكات التواصل أو إعادة نشر تغريداتنا، لكن لا يمكن نسخ نص المقال نفسه ونشر النص في مكان آخر نظراً لأنه محمي بحقوق الملكية الدولية. إن نسخ نص المقال بدون إذن مسبق يعرض صاحبه للملاحقة القانونية دولياً.

جميع الحقوق محفوظة لشركة هارفارد بزنس ببليشنغ، بوسطن، الولايات المتحدة الأميركية 2024 .