كيف ستغير تقنية البلوك تشين قطاع التشييد والبناء؟

5 دقائق
قطاع التشييد والبناء
استمع الى المقالة الآن هذه الخدمة تجريبية
Play Audio Pause Audio

تُعتبر تقنية سلسلة الكتل “البلوك تشين” واحدة من أكثر القوى المزعزعة في العقد الماضي. وتثير قدرة استخدامات البلوك تشين على تسجيل أعداد هائلة من الصفقات بأنواعها، وتمكينها، وتأمينها، سؤالاً مثيراً للاهتمام: هل يمكن لتقنية دفتر الأستاذ الموزع نفسها، والتي تدعم عملات البيتكوين، أن تمكننا أيضاً من تنفيذ المشروعات الاستراتيجية في قطاع مُحافظ، مثل قطاع التشييد والبناء تحديداً، بشكل أفضل، بما في ذلك فرق كبيرة من المقاولين ومقاولي الباطن، ووفرة من قوانين البناء وأنظمة السلامة والمعايير؟

اقرأ أيضاً: 5 أنواع لمشاريع البلوك تشين وأيها يجب الحذر منها

في الواقع “تفكر الشركات اليوم في توقيت المنافسة وفي مجالاتها الواسعة التي ستدخل لب المنافسة، إضافة إلى تفكيرها في مجالات التعاون المشترك”، وجاء ذلك بحسب ديفيد بوكوت، المدير العالمي للنمو والابتكار والرؤى الثاقبة في مجموعة “عون” (Aon) العالمية للبناء والبنية التحتية. إذ يمكن أن يُسفر استخدام تقنية البلوك تشين لإتمام العمليات التعاقدية والورقية التي تقوم عليها هذه المشروعات المعقدة عن توفير الأموال وتحرير موارد قيّمة وتسريع عمليات تسليم المشاريع. (إن مصدر الاقتباسات هو المقابلات الشخصية التي أجريناها كجزء من بحثنا، ما لم يذكر خلاف ذلك).

مشاريع تطوير العقارات التي تدعمها تقنية البلوك تشين

تطبق شركة “هيرين باو” (HerenBouw)، المتخصصة في مجال العقارات التجارية ومقرها مدينة أمستردام، تقنية البلوك تشين على مشروع تطوير واسع النطاق في ميناء أمستردام. ووفقاً لمؤسس شركة “بروبولجن كونسالتينغ” (Propulsion Consulting) مارك ميني، كان هدف شركة “هيرين باو” هو إنشاء نظام لإدارة المشاريع المدعومة بتقنية البلوك تشين، بغرض جعل دورة حياة تطوير المباني أكثر كفاءة. وركّز تطبيق ميني لتقنية البلوك تشين في شركة “هيرين باو” على تسجيل الصفقات في سجلات ملزمة قانوناً، لتكون الدقة وعملية المراجعة مهمات ضرورية. ووفق ما أفاد ميني “تُوفر تقنية البلوك تشين منصة لعرض نواتج العمل المتتالية بوضوح في السلسلة، كما تجعل الجميع مسؤولاً عن إكمال المهمات الرئيسة”.

وتشمل مزايا النظام توفير المعلومات الآنية والتواصل الواضح والأخطاء القليلة. وتابع مارك قوله “لدى أصحاب المصلحة حوافز واضحة وموزعة بشكل متساوٍ لتسجيل هذه الحقائق على السلسلة، خلاف ذلك، قد يخسر أحد أصحاب المصلحة ما قام بطلبه أو أنه لن يتقاضى أي أجر”. كما تُطور مزايا هذا النظام سمة الثقة، وهو ما يقلل من الاحتكاك في أساليب العمل المتبادلة، إذ “يقضي أصحاب المصلحة المزيد من الوقت في مناقشة التصميم الإبداعي وخيارات عملية البناء”.

نجاح مشاريع البلوك تشين التجريبية في قطاع التشييد والبناء

تقدّر شركة عون، بوصفها مستشارة للمخاطر العالمية لصناعة البناء والتشييد، أن 95% من بيانات تشييد المباني تضيع عند التسليم إلى المالك الأول. وتُظهر شركة “بريك” (Briq)، وهي إحدى الشركات المتخصصة في قطاع البلوك تشين ومقرها مدينة كاليفورنيا، إمكانية استخلاص وثائق مشروع البناء وتأمينها في دفتر الأستاذ وفق تقنية البلوك تشين الذي يُمكّن جميع الأطراف من تصفح هذه الوثائق ومنحها إلى المالك على شكل منجزات.

وقد طوّرت شركة “بريك” من خلال العمل لصالح شركة “غاردنر بيلدرز” (Gardner Builders) في مدينة مينيابوليس، “توأماً رقمياً” لبناء يضم مكاتب جديدة، مع إمكانية إعداد قائمة جرد بالأصول الموجودة كلها في كل غرفة على حدة. وأعرب الرئيس التنفيذي لشركة “بريك” باسم حمدي عن تفاؤله بقوله “وجدنا أخيراً مكاناً نقصده للبحث عن أي منتج أو مواصفات محددة داخل المباني بكل سهولة”. وتشمل المواصفات المشفرة عبر تقنية البلوك تشين ألوان الطلاءات الحُبيبية، ومصابيح السقف، ومصابيح الليد، ومستلزمات الأبواب، إضافة إلى الكتيبات الإرشادية والضمانات، وعمر الخدمة في مؤقت العد التنازلي الذي يمكن لأصحاب المباني مراقبته.

وأفاد مدير تسويق النمو في شركة “بريك” إليس تالتون أن “بإمكانهم توثيق أي تحسينات وتجديدات طرأت على المبنى، إضافة إلى نقل السجل بالكامل إلى مالكين جدد في حال طُرح الأصل للبيع”. بمعنى آخر، يمكن أن يحصل مالكو المباني على دفتر الأستاذ النشط الذي يضم العمليات التي طرأت على المبنى كلها.

التغلب على العقبات الثقافية

من المرجح أن تسفر الممارسات الراسخة في قطاع البناء عن إطالة وقت تبني تقنية البلوك تشين على نطاق واسع. وقد صرّح تالتون من شركة “بريك” أن “صناعة البناء متطورة تقنياً فيما ما تقوم به في العديد من الجوانب. بيد أن هذه الصناعة تعتمد على العلاقة، ويوجد بالفعل العديد من الشركات العائلية والشركات الخاصة. ويمكن أن يعتمد اختيار المقاولين ومقاولي الباطن على العلاقات القائمة منذ عقود”.

اقرأ أيضاً: آفاق استخدام تقنية البلوك تشين في تنظيم السجلات الصحية الإلكترونية

كما أشار تالتون إلى استثمار مبالغ قليلة جداً من الأموال فقط في التعاقد الأولي والبنية التحتية للتكنولوجيا لإدارة مشاريع البناء المعقدة، إذ تبلغ نسبة الاستثمار هذه أقل من واحد في المائة من الإيرادات، مقابل 3.5 إلى 4.5% في مجال الطيران والسيارات. وأفاد أن “الغالبية العظمى من تكاليف المشاريع تعود إلى عملية البناء، بما في ذلك العمال والمواد”.

ويرى الرئيس التنفيذي لشركة “سويت بريدج” (Sweetbridge)، سكوت نيلسون، أنه من البديهي إدارة مشاريع البناء بالاعتماد على تقنية البلوك تشين بقوله “تكون المشاريع المدارة وفق تقنية البلوك تشين جيدة التنظيم وقائمة على العقود. كما تكون أهداف هذه المشاريع واضحة، من حيث التسليم في الوقت المحدد وتلبية التوقعات المحددة وتجنب إعادة العمل. ولا تزال التقنيات الكلاسيكية لإدارة المشاريع ناجعة، بيد أنه من الممكن أن تستفيد المشاريع من نهج لا مركزي وأكثر رشاقة، يكون مستوى الشفافية فيه مرتفعاً، ويمكّن من تعويض الأطراف عن النتائج، إضافة إلى العمل المنجز”.

تحديد تطبيقات البلوك تشين المستخدمة في إدارة المشاريع

سيكون لدى تقنية البلوك تشين تطبيقات رائعة لإدارة المشاريع بمرور الوقت، ونحن نشجع المؤسسات على استكشاف هذه الإمكانات والاستفادة منها. ونورد فيما يلي بعض الخطوات المهمة.

اقرأ أيضاً: أهمية البلوك تشين للاقتصاد التشاركي

تحديد حالات الاستخدام لتبني تقنية البلوك تشين

وينطوي ذلك على تحديد المجالات التي يعتمد النجاح فيها على حشد موارد المؤسسة، والمجالات التي تستلزم إجراء مراجعة للهويات والعقود والمدفوعات وحمايتها، والمجالات التي تستوجب تتبع مصدر الأصول وملكيتها. ونورد فيما يلي بعض الأفكار:

  • يمكن لدفتر الأستاذ المشهور الذي يتعقب منجزات المتعاقدين من الباطن أن يساعد في تحديد متعاقدي الباطن الموثوقين للمشروع.
  • ويمكن الاستفادة من العقود الذكية التي تُحدد المسؤوليات وتخصص مدفوعات تستند إلى الإنجازات في أتمتة الاتفاقيات.
  • ويمكن للتطبيقات التي تدعمها تقنية البلوك تشين، والتي تجميع البيانات في لوحة متابعة مشتركة لإدارة المشروع، أن تساعد في إدارة سير العمل.
  • ويمكن لدفتر الأستاذ الموزع، الذي وثّق عملية البناء من البداية إلى النهاية، أن يسجل جميع مدخلات المبنى والأصول، بما في ذلك الضمانات وأوقات الصيانة.
  • يمكن للتطبيقات التي تدعمها تقنية البلوك تشين، والتي تتعقب المواد والاختبارات والنتائج والتزامها بقوانين البناء والمعايير، أن تبسط عمليات فحص المباني.

تطوير النماذج والمشاريع التجريبية

قم بإجراء تحليل أولي من خلال مراجعة الأنظمة المستخدمة والتشاور مع مستخدميها، وفكر في هوية المشاركين في تحديد الخيارات القابلة للتطبيق، واختر إحدى هذه الخيارات لتحديد النموذج الأولي، وتصميم المشروع التجريبي، والمشاركة في الاختبار.

ضع الجدوى التجارية للاستثمار في تقنية البلوك تشين وتحديداً في قطاع التشييد والبناء

حدد الطرق التي يمكن لتقنية البلوك تشين أن تزيد عبرها من نجاح المشروع، مثل تحسين العمليات، والقدرة التنظيمية لتحديد كميات كبيرة من البيانات ومشاركتها مع أفراد وكيانات محددة.

وفي نهاية الحديث عن قطاع التشييد والبناء تحديداً، وكما أفاد بوكوت من شركة عون “قد يكون من الأفضل لنا جميعاً تشجيع التعاون في جمع البيانات واستخدام البلوك تشين وتعلم الآلة، لمساعدتنا في وضع خرائط طريق الصناعة طويلة الأجل بغية تحقيق الاستثمارات والتقنيات التي يمكن أن تعزز الإنتاجية والكفاءة وتقلل من المخاطر”. رغم أن أساسيات إدارة المشروع ستظل مهمة، سيمكّن البلوك تشين المدراء من تركيز مواهبهم على حل المشكلات وتحقيق نتائج أفضل للمشاريع.

اقرأ أيضاً: “بلوك تشين” ستغير شكل برنامج ولاء العملاء

تنويه: يمكنكم مشاركة أي مقال من هارفارد بزنس ريفيو من خلال نشر رابط المقال أو الفيديو على أي من شبكات التواصل أو إعادة نشر تغريداتنا، لكن لا يمكن نسخ نص المقال نفسه ونشر النص في مكان آخر نظراً لأنه محمي بحقوق الملكية الدولية. إن نسخ نص المقال بدون إذن مسبق يعرض صاحبه للملاحقة القانونية دولياً.

جميع الحقوق محفوظة لشركة هارفارد بزنس ببليشنغ، بوسطن، الولايات المتحدة الأميركية 2024 .