هل تبحث عن أسواق عالمية جديدة؟ تذكر أن السوق الأكبر ليست الأفضل دائماً

5 دقائق
الأسواق العالمية الجديدة
استمع الى المقالة الآن هذه الخدمة تجريبية
Play Audio Pause Audio

ملخص: هل فكّرت في أفضل طريقة لتقييم الفرص العالمية المختلفة وتحديد أكثر تلك الفرص ملاءمة لعملك التجاري في ظل قيام شركتك بتطوير استراتيجية لتوسيع نطاق السوق؟ قد يكون من المغري التركيز على أكبر الأسواق بكل بساطة، لكن قد يفشل هذا النهج في مراعاة العديد من العوامل المهمة. ويعرض المؤلف في هذه المقالة إطار عمل مكوّن من 3 عناصر لمساعدة أي شركة في تطوير استراتيجية توسع مستهدفة. وعلى وجه التحديد، يجب على الشركات تحديد مدى توافر السوق (حجم السوق)، وإجراء التحليلات المحوسبة في الوقت الحقيقي (المنتجات التي تجذب المستهلكين في تلك السوق)، واستقطاب الزبائن (سهولة الدخول إلى تلك السوق بناء على عروض المنتجات الحالية)، ومن الضروري أن تطبّق الشركات تلك الاستراتيجية على كل سوق محتملة.  ومن المهم إدراك أن عملية اتخاذ قرار مستنير يمكّنك من المضي قدماً في تلك الأسواق الجديدة بخطى واثقة يرتبط بقدرتك على تحقيق التوازن بين كل من تلك الاعتبارات الثلاثة ودراسة كل الفرص السوقية بعناية.

وجدت بعد انضمامي إلى شركة “هبسبوت” (HubSpot) في عام 2015 امتلاك الشركة زبائن في أكثر من 100 دولة في جميع أنحاء العالم بالفعل. ومع ذلك، كانت خطط التوسع الدولي في الشركة غير مكتملة بعد. لذلك، قمنا بتطوير إطار عمل مكوّن من 3 عناصر يمكن أن يساعد أي شركة في تطوير استراتيجية توسع أكثر استهدافاً ويمكّنها من تحديد البلدان التي تتطلب استثمارات طويلة الأجل والتي تمتلك القدرة على تحقيق نمو سريع على المدى القريب:

إطار عمل “ماراكا” (MARACA) لتقييم فرص السوق

المقياس الوصف الأمثلة
توافر السوقحجم السوق: ما هو حجم الفرص التي توفرها تلك السوق؟عدد العملاء المحتملين ومقدار الإيرادات المحتملة.
التحليلات المحوسبة في الوقت الحقيقيعامل الجذب: ما هو وضع أدائنا الحالي في تلك السوق؟حركة مرور الزوار المحليين، جذب العملاء المحتملين، معدلات تحويل العملاء، معدلات الاحتفاظ بالعملاء.
استقطاب الزبائنسهولة دخول السوق: ما مدى نجاح منتجاتنا وخدماتنا الحالية في تلبية الطلب في تلك السوق؟تكامل أنظمة الدفع المحلية، توطين المنتجات، قنوات التوزيع المحلية.
المصدر: ناتالي كيلي

يتكوّن إطار العمل الذي ندعوه بنموذج “ماراكا” من 3 مقاييس يجب على الشركات أخذها في الاعتبار عند تقييم السوق المحتملة:

  • توافر السوق: حجم السوق مقارنة بالأسواق الأخرى، أي عدد العملاء المحتملين والإيرادات المقدرة المحتملة.
  • التحليلات المحوسبة في الوقت الحقيقي: كيف تصف أداء شركتك في سوق معينة حالياً مقارنة بأهم أسواقك؟ (إذا كانت شركتك قادرة على جذب الزبائن بالفعل، فقد يكون من المنطقي زيادة استثماراتك في تلك السوق).
  • استقطاب الزبائن: ما مدى صعوبة تلبية الاحتياجات المحددة في تلك السوق؟ قد يساعدك فهم مدى التوافق بين عروضك الحالية والسوق الجديدة المحتملة في تحديد مقدار الاستثمار الذي ستحتاج إليه لتحقيق ملاءمة جيدة للمنتج مع السوق في مواقع مختلفة.

منحنا كل سوق محتملة درجة معينة لكل عنصر من العناصر الثلاثة على مقياس من 1 إلى 10 بهدف تنفيذ إطار العمل هذا. تأمّل درجات الألعاب الأولمبية، قد تعني الدرجة 10-10-10 سوقاً مثالية، إلا أن تلك النتيجة المثالية نادرة للغاية، كما هو الحال في الألعاب الأولمبية.

كيف يمكننا أن نترجم ما سبق بشكل عملي إذاً؟ لنفكّر في شركة وهمية في الولايات المتحدة تعتمد على التعامل التجاري بين الشركات وتعمل على تطوير استراتيجية توسع دولية.

قد تقوم الشركة بتقييم السوق المحلية كنقطة بداية. من المحتمل أن تمثّل الولايات المتحدة إحدى أكبر أسواقها المحتملة نظراً للعدد الهائل للشركات المنتشرة في جميع أنحاء البلاد والتي تُمثّل أهم عملائها المحتملين، لذلك قد تحصل الشركة على درجة 10 من أصل 10 من حيث توافر السوق. وتقدّم الشركة حالياً أفضل أداء في الولايات المتحدة، لذلك، ستحصل أيضاً على درجة 10 من أصل 10 في مقياس التحليلات المحوسبة في الوقت الحقيقي. وتستهدف الشركة الزبائن الأميركيين، فهي تبيع منتجاتها بالدولار الأميركي، وتخاطب عملاءها باللغة الإنجليزية الأميركية، وهي قادرة على فهم احتياجات زبائنها المحليين، وبالتالي، حصلت الشركة على درجة 10 من أصل 10 في مقياس استقطاب الزبائن. بشكل عام، ستحصل سوق الولايات المتحدة على نتيجة 10-10-10، وهي درجة مثالية تعني أن الشركة تمتلك الفرصة وعامل الجذب المناسب وتحقق ملاءمة جيدة للمنتج مع السوق.

قد تُجري الشركة بعد ذلك دراسة تنطوي على وضع خطط لاستهداف العديد من الأسواق المحتملة بهدف التوسع. لنفترض أن إحدى أفضل سوقين من الأسواق المتنافسة هما فنلندا والسويد. كيف يمكننا تطبيق إطار عمل “ماراكا” لإجراء مقارنة بين الفرصتين؟

تُعتبر سوقا فنلندا والسويد سوقين متشابهتين إلى حد ما من حيث الحجم. فإذا كانت شركتنا الوهمية ترغب في بيع منتجاتها للشركات الصغيرة والمتوسطة، سيحرز البلدان نتائج مماثلة من حيث توافر السوق، وذلك لتمتّعهما بعدد مماثل من الشركات المستهدفة (خاصة عند مقارنتهما بالاقتصادات الأوروبية الأكبر، مثل فرنسا أو ألمانيا).

من جهة أخرى، بما أن مقر الشركة يقع في الولايات المتحدة الأميركية ولا تتمتع بقوة جذب عالمية قوية، سيحصل كلا البلدين بالتالي على درجات منخفضة في التحليلات المحوسبة في الوقت الحقيقي؛ نتيجة لذلك، من غير المرجح أن يوفر ذلك المقياس الكثير من الإرشادات والتوجيهات.

أخيراً، يبدو البلدان متشابهين فيما يتعلق بمقياس استقطاب الزبائن، إذ يتمتّع كلاهما باقتصادات قوية، وسهولة عالية في ممارسة الأعمال التجارية، ومستويات مماثلة من إتقان اللغة الإنجليزية. ومع ذلك، ستحصل فنلندا على درجة أعلى في مقياس استقطاب الزبائن لسبب واحد بسيط، ألا وهو قدرة الشركة على التعامل بعملة فنلندا، اليورو، في حين أنها غير مهيأة للتعامل بعملة الكرون السويدي. وعلى الرغم من لجوء العديد من الشركات السويدية إلى دفع فواتيرها بعملات أخرى بالفعل، من المحتمل أن يُقيّد ذلك الإجراء قدرة الشركة على البيع في السوق بسرعة وسهولة.

ويوجد عامل آخر قد يؤثر على نتيجة مقياس استقطاب الزبائن إلى السوق، ألا وهو درجة اعتماد الدولة على التكنولوجيا. وغالباً ما تستهدف شركات التكنولوجيا دولة فنلندا لذلك السبب، حيث تصنفها المفوضية الأوروبية ضمن أكثر الدول تقدماً من الناحية الرقمية في أوروبا. ويسهل على تلك الشركات دخول أسواقها في الواقع استناداً إلى ثقافتها القوية القائمة على التبني المبكّر للتكنولوجيا، وجاء ذلك التبني المبكر للتكنولوجيا نتيجة ارتفاع تكلفة المعيشة وقلة عدد السكان ونقص المنافسين المحليين. وعلى الرغم من صعوبة تحديد تلك العوامل وقياسها، تبقى عوامل مهمة للغاية ولا بدّ من أخذها في الاعتبار.

تحديد اتجاه النمو استناداً إلى نتائج التحليل

تتمثّل الأهمية الرئيسة لنموذج “ماراكا” في أنه يجبرك على إجراء دراسة مفصّلة ومتعمّقة حول كيفية أداء شركتك في كل سوق. ويساعدك هذا النموذج في فهم نقاط الضعف والفرص المتاحة أمام شركتك في كل سوق محلية، بدلاً من التفكير في العموميات في مناطق بأكملها أو مجموعة من البلدان. في النهاية، يوفّر لك ذلك التحليل كل ما تحتاج إليه للتحكم في النمو الدولي لشركتك بشكل أفضل؛ بمعنى آخر، يمكنك تقليل الاستثمار في الأسواق ذات الإمكانات المنخفضة والتركيز على الاستثمار في البلدان التي توفر قوة جذب أسرع.

وبالإضافة إلى مساعدتك في اختيار أفضل الأسواق للتوسع، يُعتبر إطار العمل ذلك بمثابة دليل توجيهي يُمكّنك من إدارة جهود تطوير المنتجات. وعلى الرغم من أن درجة توافر السوق ستكون ثابتة نسبياً بالنسبة لسوق معينة، ستحظى بسيطرة كبيرة على عنصر استقطاب الزبائن، الذي قد يعزز بدوره من عنصر التحليلات المحوسبة في الوقت الحقيقي. فإذا كشف نموذج “ماراكا” عن ملاءمة ضعيفة لمنتج ما في سوق قوية، يمكنك تغيير الشريحة المستهدفة للمنتج أو تغيير سعره أو طريقة تغليفه، أو ابتكار منتج جديد تماماً. وقد يتضمن ذلك توطين عروضك أو فتح مكتب داخل الدولة أو التعاون مع شركاء محليين.

وبالطبع، كلما انخفضت درجة استقطاب الزبائن في سوق معينة، ازداد مستوى الجهد الذي يجب عليك بذله؛ وبالتالي، من المهم أن تنظر فيما إذا كانت درجات توافر السوق والتحليلات المحوسبة في الوقت الحقيقي عالية بما يكفي لتبرير التكلفة. قد يكون من الممكن في بعض الحالات تحقيق نسبة الإيرادات نفسها أو تحقيق إيرادات أعلى بجزء بسيط من الاستثمار من خلال التركيز على الفرص المتاحة في الأسواق الأصغر التي يسهل السيطرة عليها.

لا يوجد حل واحد يناسب الجميع عندما يتعلق الأمر بالنمو الدولي. وقد تساعدك الفروق الدقيقة التي تتمتع بها شركتك والقطاع الذي تعمل فيه وتوجهها الاستراتيجي في إعداد خططك التوسعية في أسواق جديدة. من جهة أخرى، قد تتغير تلك العوامل بمرور الوقت، لذلك، يجب أن تتصف أعمالك الدولية والنموذج الاستراتيجي الذي يوجهها بالديناميكية.

تطور توسع شركة “هبسبوت” الدولي على مدار الفترة التي قضيتها فيها، إذ تمكّنا من الحصول على مزيد من البيانات، وتعلّمنا المزيد عن احتياجات زبائننا وعمّقنا فهمنا لكل سوق محلية. وقد يساعدك هذا إطار العمل في التفكير في خياراتك، ومقارنة متطلبات النجاح في مناطق مختلفة من العالم، سواء كنت قد شرعت للتو في استهداف أسواق خارج سوقك المحلية أو كنت تسير بالفعل في درب التوسع الدولي، وهو ما يتيح لك في النهاية اتخاذ قرارات استراتيجية مستندة إلى البيانات تمكّنك من المضي قدماً بخطى ثابتة.

تنويه: يمكنكم مشاركة أي مقال من هارفارد بزنس ريفيو من خلال نشر رابط المقال أو الفيديو على أي من شبكات التواصل أو إعادة نشر تغريداتنا، لكن لا يمكن نسخ نص المقال نفسه ونشر النص في مكان آخر نظراً لأنه محمي بحقوق الملكية الدولية. إن نسخ نص المقال بدون إذن مسبق يعرض صاحبه للملاحقة القانونية دولياً.

جميع الحقوق محفوظة لشركة هارفارد بزنس ببليشنغ، بوسطن، الولايات المتحدة الأميركية 2024 .