ما هي الالتزامات القانونية التي يفرضها فيروس كورونا على الشركات؟

6 دقائق
استمع الى المقالة الآن هذه الخدمة تجريبية
Play Audio Pause Audio

مع الانتشار السريع لفيروس كورونا في العالم، يجب أن تركز الشركات على سلامة الموظفين أولاً وقبل كل شيء. وبينما يراجع كثير من القادة الاستراتيجيات والسياسات والإجراءات التي يضعونها، فإنهم يتساءلون بشكل محدد عن المخاطر القانونية التي قد تواجههم. وقد يعرضهم عدم امتلاك سياسات وخطط استجابة كافية للأمراض المعدية إلى قائمة طويلة من المشاكل القانونية المتعلقة بالموارد البشرية. يوجد لدى معظم الدول قوانين مصممة من أجل حماية الموظفين من الأذى الجسدي في العمل. وفي الولايات المتحدة، يخضع الموظفون لحماية قانون الصحة والسلامة المهنية، وإذا تعرض أي موظف لعدوى في العمل، فقد يواجه صاحب العمل عقوبات في حالات معينة. ويمكن أن يواجه صاحب العمل غير المستعد لهذه الحالات دعاوى قضائية فيما يخص تعويض الموظفين وانتهاك الخصوصية والتمييز وممارسات العمل التعسفية والإهمال. ولكن لحسن الحظ، يمكن أن يحد أصحاب العمل من مخاطر انتقال العدوى والمشاكل القانونية عن طريق الانتباه الشديد إلى سلامة الموظفين والاستعداد القانوني. ونقترح فيما يلي ثماني خطوات ينبغي على الشركات اتباعها من أجل تحقيق ذلك، وبالتأكيد، فهذه الجهود ضرورية فيما يتعلق بأي مرض معد مميت، وليس فيروس كورونا فحسب.

ابق على اطلاع بالمعلومات اللازمة

ابدأ بتحديد المصادر الموثوقة لإرشادات الصحة العامة حول الوباء، وتابع التحديثات حول الإجراءات الموصى بها والمفروضة رسمياً في التشريعات القابلة للتطبيق. وتشمل هذه المصادر مراكز مكافحة الأمراض والوقاية منها ومنظمة الصحة العالمية والمركز الأوروبي للسيطرة على الأمراض ومنع انتشارها والتوجيهات الخاصة بالبلاد فيما يتعلق بالصحة العامة، مثل التوجيهات المتبعة في سنغافورة والتوجيهات المتبعة في المملكة المتحدة. يجب أن تشكل هذه التوجيهات الرسمية أساساً للقرارات التنظيمية بشأن الحد من المخاطر الصحية والقانونية. وتتمتع القدرة على إثبات توافق سياسة الشركات مع التوصيات الرسمية بأهمية على اعتبارها درعاً قانونياً في الحالات التي تواجه فيها الشركة صعوبات فيما يتعلق بجهودها لمكافحة العدوى.

كثف جهود التواصل والنظافة

لأسباب قانونية وعملية، يجب على الشركات أن تتمكن من إثبات أنها قدمت لموظفيها معلومات دقيقة حول طرق منع انتشار العدوى، وأنها وفرت لهم السبل اللازمة للتصرف وفق هذه المعلومات. ولذلك، يجب على المؤسسات تثقيف موظفيها قبل وقوع أي إصابة في مكان العمل حول طرق انتقال المرض وأعراضه، وذلك عن طريق توجيهات محددة للصحة العامة وتوجيه الموظفين نحو المصادر الرسمية للمعلومات التي ستعتمد عليها المؤسسة. بالإضافة إلى ضرورة أن يطبق أصحاب العمل معايير للحد من خطورة انتقال العدوى في مكان العمل. على سبيل المثال، تشمل توجيهات الصحة العامة من أجل الحد من انتقال العدوى أن يتمكن الموظفون من الوصول بسهولة إلى المرافق المخصصة لغسل الأيدي أو تعقيمها. وأن يتم تعقيم الأسطح العامة بانتظام، كالطاولات ومقابض الأبواب وأزرار المصاعد. كما يمكن أن يفكر أصحاب العمل بإجراء تغييرات بهدف الحد من الازدحام، مثل تسهيل العمل عن بعد والتناوب وحتى تغيير ترتيب أماكن العمل. إذ يمكن أن تساعد هذه الإجراءات في حماية الموظفين من العدوى وحماية المؤسسة من المساءلة القانونية. كما يجب على أصحاب العمل توجيه موظفيهم لإبلاغ الإدارة عن اختلاطهم بأحد المصابين بالفيروس أو ظهور أعراض الإصابة عليهم، أو إذا كان أحدهم يعاني من مشكلات صحية معينة هو أو أحد المقيمين معه في المنزل، كضعف المناعة الذي قد يتطلب حماية مضاعفة من الإصابة. بالإضافة إلى ضرورة ذهاب الموظف الذي تظهر عليه أعراض الإصابة في منزله أو إصدار تعليمات له بالبقاء في المنزل، كما يجب إخراج الزوار الذين خالطوا أحد المصابين أو تظهر عليهم أعراض الإصابة من مكان العمل. وستتعرض الشركة للمساءلة القانونية في حال لم تقدم هذه التوجيهات وأصيب موظفوها بالمرض في مكان العمل، وأمكن إثبات أن الإدارة لم تصدر أي تعليمات بشأن هذه الإجراءات. (على الرغم من أن قوانين عدم التمييز ضد أصحاب الهمم من ذوي الحالات الخاصة تحمي الموظفين الذين يعانون من مشاكل صحية وتغطيها عقود التأمين، إلا أن هناك بعض القيود التي يمكن فرضها في حال وجود تهديد مباشر لصحة الآخرين أو سلامتهم).

فكر بوضع قيود على العودة إلى العمل

على الرغم من مواجهة صاحب العمل خطورة التعرض لدعاوى التمييز إذا بنى قرارات منع الموظفين من العمل على أساس العرق أو الدين أو المذهب، إلا أنه بإمكانه فرض قيود منطقية مبنية على الأدلة إذا كان هناك تهديد مباشر لصحة الآخرين أو سلامتهم. يمكن لصاحب العمل تحديد إمكانية عودة الموظف الذي أصيب بالمرض أو يحتمل أنه خالط أحد المصابين، وذلك عن طريق تطبيق التوجيهات الرسمية أو المعلومات التي يقدمها المستشار الطبي. لذلك، يجب أن تكون السياسات المكتوبة واضحة بشأن السماح للموظفين الذين يعانون من مشاكل صحية يحتمل انتقالها بالعدوى أو عدم السماح لهم بالعودة إلى العمل، ويجب توثيق المداولات ذات الصلة.

يجب أن تدرك واجب صاحب العمل في الرعاية

يوجد لدى معظم الدول قوانين مصممة من أجل حماية الموظفين من الأذى الجسدي في العمل. وبالنسبة للشركات متعددة الجنسيات والتي تضم موظفين متنقلين، من الضروري أن تحدد قوانين الدولة التي ستطبق على كل منهم (والتي قد تكون أكثر من قوانين سلطة قضائية واحدة في بعض الحالات)، لأنه لا يمكن تطبيق تطبيق قوانين دولة واحدة على الجميع. ولكن في الولايات المتحدة، يخضع الموظفون لحماية قانون الصحة والسلامة المهنية، وتتعلق الفقرة 5 (أ) (1) منه بالواجب العام الذي يطالب أصحاب العمل بتأمين مكان عمل “خال من المخاطر المتعارف عليها… التي يحتمل أن تتسبب بالوفاة أو أذى جسدي خطير” لموظفيهم. ويمكن للإدارة الاتحادية للصحة والسلامة المهنية (Occupational Safety and Health Administration) استدعاء صاحب العمل للمثول أمام القضاء بسبب انتهاك فقرة الواجب العام إذا كانت هناك خطورة متعارف عليها ولم يتخذ إجراءات معقولة لتفاديها أو إزالتها. ولكن لا يمكن للإدارة الاتحادية للصحة والسلامة المهنية بناء استدعاءاتها إلا على المعايير والقوانين أو استناداً إلى الفقرة الخاصة بالواجب العام في القانون. وتقوم برامج الدولة لتعويضات العمال، بالإضافة إلى برنامج منفصل للعمال الاتحاديين، بتقديم إعانات للموظفين المستحقين لها الذين يعانون من إصابات وأمراض مرتبطة بالعمل (تختلف هذه الحالات بين الولايات). وكقاعدة عامة، عندما ينشأ الضرر من العمل وأثناءه، لا يحصل الموظفون إلا على التعويضات الموصوفة، ولا يحصلون على تعويض عن الضرر الناجم عن الألم والمعاناة أو الألم النفسي. تسمح بعض الولايات بمكافآت إضافية، تتعدى مكافآت تعويضات الموظفين العادية، عندما تنتج الإصابة عن اتباع صاحب العمل إجراء “مقصوداً” أو “متعمداً”، بما في ذلك عدم تقديم الحماية الملائمة.

كما يجب على الشركات التفكير في مسؤوليتها تجاه الأطراف الأخرى، كالزبائن، والتي قد لا تكون محدودة كالموظفين. على سبيل المثال، الموظف الذي يصاب بالمرض في عمله لا يحصل سوى على تعويضات الموظفين. ولكن نظرياً، قد يطالب الزبائن الذين نقل إليهم العدوى بتعويضات أكبر.

أجر تقييماً للإجازات والأجور

ينبغي على صاحب العمل إجراء تحليل لالتزامه القانوني الذي يقضي بمنح موظفيه إجازات في حالة المرض أو الإعاقة، وتقييم ما إذا كانت السياسة المتبعة لديه تحتاج إلى تعديل في الظروف الحالية. في الولايات المتحدة، ينطبق كل من قانون الإجازات العائلية والمرضية، وقانون الأميركيين المعاقين، وقوانين تعويضات الموظفين بالإضافة إلى ما يرد في عقود العمل وسياساته. ويجب تحديد الاستثناءات من عقود التأمين، إذ تستثنى الأوبئة في كثير من عقود تأمين السفر. يجب على الشركات بالاعتماد على هذه التحليلات التفكير بالحالات التي تستوجب توسيع التعويضات وأساليب الحماية، ويجب أن تقيّم مستوى حماية دخلها بالنسبة للموظفين في الإجازات، وربما تعديل خطط التعويضات بالنسبة للموظفين الذين يتجاوزون عدد أيام الإجازات المرضية المخصصة لهم بهدف دعم الموظفين المرضى الذين يجب عليهم البقاء في منازلهم. من الضروري أن ننظر إلى ما يتعدى المتطلبات القانونية الحالية ونفكر بالآثار القانونية والتجارية الأشمل. على سبيل المثال، قد لا تكون الشركة مطالبة قانوناً بدفع راتب الموظف أثناء فترة منعه من الحضور إلى مكان العمل، لأنه أصيب بالعدوى أثناء رحلة شخصية. ولكن عدم دفع الراتب للموظف سيدفعه للاستعجال في العودة إلى العمل وبالتالي سينقل العدوى إلى الموظفين الآخرين، الأمر الذي سيهدد استمرار عمل الشركة ويعرضها للمساءلة فيما يتعلق بالأطراف الخارجية كالزبائن، ويجعلها تساهم في توسيع نطاق انتشار العدوى.

خفف التوتر والقلق

يمكن أن يتحول التوتر والقلق الناجمين عن عدوى فيروس كورونا إلى مشكلة قانونية، وتتنوع المعايير القانونية بحسب الدائرة القضائية. على سبيل المثال، يُلزم صاحب العمل في المملكة المتحدة بتقييم خطورة المشاكل الصحية المرتبطة بالتوتر الناجم عن نشاطات العمل، كما أنه مطالب باتخاذ تدابير معقولة للسيطرة على المخاطر من هذا النوع. ويعني ذلك في بعض الحالات اتخاذ خطوات تتعدى الحد الأدنى إذا كانت ستخفف العبء النفسي عن الموظف دون أن تشكل عبئاً لا لزوم له على صاحب العمل. على سبيل المثال، بدلاً من إنهاء عمل الموظف الذي يرفض الحضور إلى العمل خشية الإصابة بالعدوى على الرغم من اتخاذ جميع التدابير الوقائية الموصى بها رسمياً، يمكن أن يتصرف صاحب العمل بمرونة أكبر ويسمح للموظف بأخذ إجازة أو ترتيب عمله عن بعد. يمكن لخطوات من هذا النوع مساعدة المملكة المتحدة في تفادي دعاوى الفصل التعسفي. يجب أن ينتبه أصحاب العمل إلى إمكانية اعتبار بعض حالات الصحة النفسية، كرهاب الجراثيم، عجزاً وإخضاعها لحماية قوانين مثل قانون الأميركيين المعاقين، وبالتالي يمكن أن تتطلب منهم اتباع نهج معدل وفقاً لمتطلبات مكان العمل المعقولة.

احرص على حماية الخصوصية

يجب أن يدرك أصحاب العمل أنواع بيانات الصحة الشخصية التي يُلزم الموظف بالإفصاح عنها في حال إصابته أو تزايد خطورة تعرضه للإصابة بالعدوى. وكذلك الأمر بالنسبة لكل ما يمكن أن يؤثر على قدرة الموظف على أداء الوظائف الأساسية الموكلة إليه أو ما يمكن أن يزيد الخطورة على الزملاء أو الأطراف الخارجية من خلال التواصل في مكان العامل. وعدم القدرة على إدراك الالتزامات القانونية فيما يتعلق بهذه البيانات سيؤدي إلى مواجهة الشركة دعاوى قضائية تتعلق بانتهاك الخصوصية. ولحسن الحظ، حتى أكثر قوانين الخصوصية صرامة تسمح لأصحاب العمل بالإفصاح للسلطات عن معلومات الموظف الصحية المحمية لأسباب تتعلق بالصحة العامة. وعلى ذلك، يجب التعامل مع جميع البيانات من هذا النوع ضمن إطار حماية خصوصية البيانات في المؤسسة، وإذا تم نقل هذا النوع من البيانات من الاتحاد الأوروبي إلى الولايات المتحدة، يجب الحرص على نقلها بما يتوافق مع التشريعات العامة لحماية البيانات (GDPR).

خطّط لأسوأ الحالات

على سبيل المثال، يمكن أن تشمل خطة الطوارئ خطة إحلال وظيفي مؤقتة لأهم صانعي القرار، وفهم المتطلبات القانونية والاستعداد لها مسبقاً في حالات الإجازات وتسريح العمال. تطلب سلطات قضائية كثيرة مزيداً من الإجراءات الرسمية والإشعارات فيما يخص تسريح العمال بأعداد تتخطى حداً معيناً. وقد يؤدي عدم القدرة على الالتزام بها إلى إنزال عقوبات صارمة على أصحاب العمل وربما إلى تحميل القادة مسؤولية شخصية في بعض الحالات. ولذلك، فالتخطيط المسبق من أجل الالتزام بالقوانين هو جزء هام من برنامج المرونة في المؤسسة.

تنويه: يمكنكم مشاركة أي مقال من هارفارد بزنس ريفيو من خلال نشر رابط المقال أو الفيديو على أي من شبكات التواصل أو إعادة نشر تغريداتنا، لكن لا يمكن نسخ نص المقال نفسه ونشر النص في مكان آخر نظراً لأنه محمي بحقوق الملكية الدولية. إن نسخ نص المقال بدون إذن مسبق يعرض صاحبه للملاحقة القانونية دولياً.

جميع الحقوق محفوظة لشركة هارفارد بزنس ببليشنغ، بوسطن، الولايات المتحدة الأميركية 2024 .